منتديات الحور العين - تلقّى لسعة العقرب

[center][b][font=traditional arabic][size=5][color=#ffc437]بسم الله الرحمن الرحيم[/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]لماذا أدخل أصبعه في جحر العقرب ؟![/color][/size][/font][/b][/center][indent][center][b][font=traditional arabic][color=#000080][size=5]هذا أحد العلماء ، وهو كَهْمَس بن الحسن الحنفي البصري .[/size][/color]
[size=5][color=#000080]قال عنه الذهبي : من كبار الثقات[/color][/size]
[size=5][color=#000080]وكان رحمه الله بـرّاً بأمه ، فلما ماتت حج ، وأقام بمكة حتى مات .[/color][/size]
[size=5][color=#000080]فماذا بلغ من بِـرِّه ؟[/color][/size]
[size=5][color=#000080]قيل : إنه أراد قتل عقرب فدخلت في جحر ، فأدخل أصابعه خلفها فضربته ، فقيل له . قال : خفت أن تخرج فتجيء إلى أمي تلدغها ![/color][/size]

[size=5][color=#000080]تلقّى لسعة العقرب بدلاً من أمـه ![/color][/size]

[size=5][color=#0000ff]إن بر الوالدين من الأعمال الصالحة التي يُتقرّب بها إلى الله[/color][/size][size=5][color=#000080] كما في قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار ، والقصة في الصحيحين ، وفيها :[/color][/size]
[size=5][color=#000080]فقال واحد منهم : اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت آتيهما كل ليلة بلبنِ غنم لي فأبطأت عليهما ليلة فجئت وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع ، فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي ، فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنَّا لشربتهما - أي يضعفا - فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء .[/color][/size]

[size=5][color=#800000]وإن بر الوالدين مما يبلغ معه العبد المنزلة العالية عند الله [/color][/size]
[size=5][color=#800000]بل يبلغ منزلة عند الله بحيث لو أقسم على الله لأبرّ الله قسمه [/color][/size]

[size=5][color=#0000ff]كما في قصة أويس القرني ، حيث قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : [/color][/size]
[size=5][color=#000080]يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبَرَأ منه إلا موضعَ درهم له والدةٌ هو بـها بـرٌّ ، لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل . رواه مسلم . [/color][/size]
[size=5][color=#000080]وكان قال ذلك لعمر رضي الله عنه .[/color][/size]
[size=5][color=#000080]وفي رواية لمسلم : إن خير التابعين رجل يقال لـه أويس ، وله والدة ، وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم .[/color][/size]

[size=5][color=#800000]وإن بـرّ الأمهات يبلغ بصاحبه الدرجات العُلى [/color][/size]

[color=#000080][size=5]روى البخاري من حديث أنس بن مالك أن الرُّبيِّع بنت النضر - عمة أنس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة ؟ - وكان قتل يوم بدر أصابه سهم - فإن كان في الجنة صبرتُ ، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء قال : يا أم حارثة إنـها جنان في الجنة ، وإن ابنك أصاب الفـردوس الأعلى . [/size][/color]
[size=5][color=#000080]هو حارثة بن النعمان – رضي الله عنه – ويُقال حارثة بن سراقة ، وترجم الحافظ ابن حجر في الإصابة لاثنين ، بينما رجّح في الفتح أنه واحد . [/color][/size]
[size=5][color=#000080]هذا الرجل أوصلَه بـرُّه إلى الجنة . [/color][/size]
[size=5][color=#000080]فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينا أنا أدور في الجنة سمعت صوت قارئ فقلت من هذا ؟ فقالوا : حارثة بن النعمان . قال : كذلكم البر . كذلكم البر . قال : وكان أبـرَّ الناس بأمِّـه . رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين . وهو كما قال .[/color][/size]

[size=5][color=#800000]فما هو البر ؟ [/color][/size]

[size=5][color=#0000ff]سُئل الحسن ما برّ الوالدين ؟ [/color][/size]
[size=5][color=#000080]قال : أن تبذل لهما ما ملكت ، وأن تطيعهما في ما أمراك به إلا أن تكون معصية . رواه عبد الرزاق في المصنف .[/color][/size]

[size=5][color=#000080]من أجل هذه الفضائل المجتمعة في بر الوالدين حرص السلف على البر بآبائهم [/color][/size]

[size=5][color=#000080]فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يبـرّ ابن صاحب أبيه بعد موت أبيه .[/color][/size]
[size=5][color=#000080]فعن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروّح عليه إذا مـلّ ركوب الراحلة وعمامةٌ يشد بـها رأسه ، فبينا هو يوما على ذلك الحمار إذ مرّ به أعرابي ، فقال : ألست ابن فلان بن فلان قال : بلى فأعطاه الحمار وقال : اركب هذا ،والعمامة أُشدد بـها رأسك ، فقال له بعض أصحابه : غفر الله لك أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروّح عليه ، وعمامةً كنت تشدُّ بـها رأسك ، فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولِّي ، وإن أباه كان صديقا لعمر رضي الله عنه . رواه مسلم .[/color][/size]

[size=5][color=#000080]وكان أبو هريرة رضي الله عنه من أبـرّ الناس بأمه[/color][/size]

[size=5][color=#000080]ومن أجل ذلك بكى الشعراء أمهاتهم [/color][/size]

[size=5][color=#000080]بكى الشعراء آبائهم لِمَا كانوا يرجون من بِرِّهم والإحسانِ إليهم ، ومن أجمل من رثى وبكى والديه الشاعر عمر بـهاء الدين الأميري ، وما قالَه في والدَيْه :[/color][/size]
[/center]
[/font][/b][center][b][font=traditional arabic][size=5][color=#0000ff]أبتي وأمي موئلي ومَنـاري= بكما اعتزازي في الورى وفَخَاري[/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]يا شعلتين منيرتين أضـاءتا = قلبي الفَتِيَّ بأبـهجِ الأنــوارِ[/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]يا مقلتينِ من الكرى قد فَرّتا = سهراً عليّ مخافـةَ الأكــدار[/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]ما كنت أحسَبُ قبل تـركِ = حِماكُما أني أحبُّكما بذا المقـدار[/color][/size][/font][/b]
[b][font=traditional arabic][size=5][color=#000080]وقال في شأن أمِّه :[/color][/size]
[/center]
[/font][/b][center][b][font=traditional arabic][size=5][color=#0000ff]أنتِ التي داريتِني فَنَمَوتُ في = أحضان عطفِكِ خاليَ الأكدار[/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]أنتِ التي أنشدتِني لحنَ الوفا = وسهرتِ من أجلي إلى الأسحار[/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]أنتِ التي قبّلتِني وبَسَمتِ لي = وضممتِني وأنا الصغير العاري[/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]أنت التي لقَّنتِني آي الهدى = والحبَّ والإحسانِ واسمَ الباري[/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]أرشدتِنِي ونصحتِني ومنعتِني = وعدلتِ بي عن منهج الأشرار [/color][/size][/font][/b]
[b][font=traditional arabic][size=5][color=#000080]ولما ماتتْ أمُّه بكاها ورثاها ، فلامُه بعضُ أصحابه ، فقال : [/color][/size]
[/center]
[/font][/b][center][b][font=traditional arabic][size=5][color=#0000ff]يا صحبُ لا تعذلوني في البكاء وقدْ = فقدتُ أمي ، فقلبي ليس من حجرِ[/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]قلبي قـد انتزعت منه حشاشتُـه = في فجأةٍ ، والردى لونٌ من القدرِ[/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]ودّعتُها قبل شهـرٍ في ارتقابِ غدِ = اللقيا وعِشنا معاً بالروحِ في سفري[/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]وعدتُ في لهفةٍ حرّى لأصحبَهـا = فما لها لا تُناديني : هلا عُمـري [/color][/size]
[size=5][color=#0000ff]ولا تمـدُّ يـداً نحـوي تُعانِقني = ولا تُساءل عما جـدَّ من خَبري[/color][/size][/font][/b]
[b][font=traditional arabic][size=5][color=#000080]وقد حرّم الله أقل ما يكون من العقوق ، وهو كلمة " أف " الموحية بالتّضجّر ، المشعرة بالتذمّر [/color][/size]

[size=5][color=#000080]قال سبحانه وتعالى : [/color][color=#339966](وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا )[/color][/size]
[color=#000080][size=5]ثم أمر ببرهما والإحسان إليهما فقال : [/size][/color][size=5][color=#339966]( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )[/color][/size]
[color=#000080][size=5]قال مجاهد في قوله تعالى : [/size][/color][size=5][color=#339966]( فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ )[/color][/size][size=5][color=#000080] قال : إذا بلغا من الكبر ما كان يليان منك في الصغر فلا تقل لهما أف . رواه ابن أبي شيبة .[/color][/size]
[size=5][color=#000080]وقال : حين ترى الأذى وتميط عنهما الخلاء والبول كما كانا يميطانه عنك صغيرا ولا تؤذهما .[/color][/size]

[size=5][color=#000080]وقال ابن كثير - رحمه الله - : يقول تعالى آمرا عباده بالإحسان إلى الوالدين بعد الحث على التمسك بتوحيده ، فإن الوالدين هما سبب وجود الإنسان ، ولهما عليه غاية الإحسان ، فالوالد بالإنفاق والوالدة بالإشفاق . انتهى .[/color][/size]

[size=5][color=#000080]وأمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان إلى الوالدين ولو كانا مشركين[/color][/size]
[size=5][color=#000080]قال تبارك وتعالى : [/color][color=#339966]( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا )[/color][/size]
[color=#000080][size=5]قال القرطبي في التفسير : نزلت في سعد بن أبي وقاص فيما روى الترمذي قال : أنزلت فيّ أربعُ آيات فذكر قصة ، فقالت أم سعد : أليس قد أمر الله بالبر ؟ والله لا أطعم طعاما ، ولا أشرب شرابا حتى أموت أو تكفر . قال فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها .[/size][/color]
[size=5][color=#000080]وروي عن سعد أنه قال : كنت بارّاً بأمي فأسْلَمْتُ ، فقالت : لتدعنّ دينك أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي ، ويقال يا قاتل أمه ! وبَقِيَتْ يوما ويوما ، فقلت : يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفساً ما تركت ديني هذا فإن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي ، فلما رأت ذلك أكلت .[/color][/size]

[size=5][color=#000080]فلا طاعة للوالدين في المعصية .[/color][/size]
[size=5][color=#000080]قال الحسن إن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقة لم يطعها . علّقه البخاري .[/color][/size]

[size=5][color=#000080]وقال سبحانه وبحمده : [/color][/size][size=5][color=#339966]( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )[/color][/size]

[color=#000080][size=5]فتأمل الأمر بالإحسان إلى الوالدين ، وإن كانا على الشرك بل وإن كانا يدعوان ابنهما إلى الشّرك [/size][/color]
[size=5][color=#000080]فالإحسان مطلوب وإن كانا على الشرك[/color][/size]
[size=5][color=#000080]قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما : قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : إن أمي قدمت وهي راغبة ، أفأصِل أمي ؟ قال : نعم ، صِلي أمك . رواه البخاري ومسلم .[/color][/size]

[size=5][color=#ff0000]ومن هنا ينبغي التنبّه إلى أمر يقع فيه بعض الصالحين أو الصالحات [/color][/size]
[size=5][color=#000080]وهو الغلظة والجفاء في حق الوالدين أو أحدهما إذا كان لديه منكرات أو مُخالفات [/color][/size]
[size=5][color=#000080]وحُجّتهم في ذلك أنه يُنكر المنكر ، وأنه يُغلظ عليه لأجل ما وقع في من مُنكر [/color][/size]
[size=5][color=#000080]فأقول : [/color][/size]
[size=5][color=#000080]إيهما أعظم المنكرات والمخالفات والمعاصي أو الشرك بالله عز وجل ؟[/color][/size]

[size=5][color=#000080]ونحن أُمِرنا أن نُحسن إلى والدينا وإن كان منهما ما كان[/color][/size]

[size=5][color=#000080]ماذا لو تالفت قلب والدك ببرِّه والإحسان إليه ؟[/color][/size]
[size=5][color=#000080]ماذا لو تالّفت قلبه بهدية ؟[/color][/size]
[size=5][color=#000080]ماذا لو تألفت قلب والدتك بعمرة ؟[/color][/size]
[size=5][color=#000080]أو بهدية[/color][/size]
[size=5][color=#000080]أو بزيارة[/color][/size]

[size=5][color=#000080]أليس أولى ؟[/color][/size]
[size=5][color=#000080]أليس أسرع الطرق إلى القلوب هو الإحسان ؟[/color][/size]

[size=5][color=#000080]هل أنت تُريد أن تنتصر لنفسك ؟[/color][/size]
[size=5][color=#000080]أم أنك تُريد الهداية لهما وزوال المنكر ؟[/color][/size]

[size=5][color=#000080]إن أولى الناس بحسن الصحبة وطيب المعاشرة هي الأم لما لها من حق عظيم ، ثم الأب [/color][/size]
[size=5][color=#000080]جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ [/color][/size]
[size=5][color=#000080]قال : أمك .[/color][/size]
[size=5][color=#000080]قال : ثم من ؟[/color][/size]
[size=5][color=#000080]قال : ثم أمك .[/color][/size]
[size=5][color=#000080]قال : ثم من ؟ [/color][/size]
[size=5][color=#000080]قال : ثم أمك ؟ [/color][/size]
[size=5][color=#000080]قال : ثم من ؟ [/color][/size]
[size=5][color=#000080]قال : ثم أبوك .[/color][/size]

[size=5][color=#000080]كما في الصحيحين .[/color][/size]
[/center]
[/font][/b][/indent][center][size=5][font=traditional arabic][color=#0000ff][b]عبد الرحمن بن عبد الله السحيم[/b][/color][/font][/size]

[/center]