ثلاث وصايا نبويَّة عظيمة
 

[size=6][b]ثلاث وصايا نبويَّة عظيمة[/b][/size]

[color=black][font=traditional arabic]لقد جمع الله ـ جلَّ وعلا ـ لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم بديعَ الكلِم، وجوامع الوصايا، وأكمل القول وأتمَّه وأحسنَه، ومن كان ذا صلةٍ وثيقةٍ بالسُّنة وهديِ خير العباد ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فاز في دنياه وأخراه.
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]وهذه وقفةٌ مع وصيَّةٍ وجيزةٍ وموعظةٍ بليغةٍ مأثورةٍ عن نبيِّنا الكريم ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ جمعت الخير كلَّه ووفَّته؛ ففي «مسند الإمام أحمد»، و«سنن ابن ماجه» وغيرهما من حديث أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: عِظْنِي وَأَوْجِزْ، وفي رواية عَلِّمْنِي وَأَوْجِزْ، فَقَالَ ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ: [/font][/color][color=#0066ff][font=traditional arabic]«[b]إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَأَجْمِعِ اليَأسَ مِمَّا فِي يَدَيِ النَّاسِ[/b]»[/font][/color][color=black][font=traditional arabic](1)[/font][/color][color=black][font=traditional arabic] وهو حديثٌ حسنٌ بما له من شواهد؛ وقد جمع هذا الحديث العظيم ثلاثة وصايا عظيمةً جمعت الخير كلَّه، مَن فهمها وعملَ بها حازَ الخير كلَّه في دنياه وأخراه.[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]الوصيَّة الأولى: وصيَّةٌ بالصَّلاة والعناية بها وحسن أدائها.
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]والوصيَّة الثَّانية: وصيَّةٌ بحفظ اللِّسان وصيانته.
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]والوصيَّة الثَّالثة: دعوةٌ إلى القناعة وتعلُّق القلب بالله وحده.[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]في الوصيَّة الأولى: دعا نبيُّنا ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ من قام في صلاته ـ أي شرع فيها ـ أن يصلِّي صلاةَ مودِّعٍ، ومن المعلوم لدى الجميع أنَّ المودِّع يستَقصي في الأقوال والأفعال ما لا يستَقصي غيرُه، وهذا معروفٌ في أسفار النَّاس وتنقُّلاتهم؛ فمن ينتقل من بلدٍ على أمل العودة له ليس شأنه كشأن من ينتقل منه على أمل عدم العودة إليه، فالمودِّع يستقصي ما لا يستقصي غيره، فإذا صلَّى العبد صلاته مستحضرًا أنَّها صلاته الأخيرة، وأنَّه لن يصلِّيَ غيرها جَدَّ واجتهد فيها، وأحسنَ في أدائها، وأتقنَ ركوعَها وسجودَها وواجباتِها ومستحبَّاتِها.[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]ولهذا ينبغي على عبد الله المؤمن أن يستَحضر هذه الوصيَّة في كلِّ صلاةٍ يصلِّيها؛ يصلِّي صلاته صلاةَ مودِّع، يستَشعر من خلال ذلك أنَّها الصَّلاة الأخيرة، وأنَّه لن يصلِّيَ بعدها، فإذا استشعر ذلك دعاه هذا الاستشعار إلى حسن الأداء، وتمام الإتقان.[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]ومن أحسنَ في صلاته ساقته إلى كلِّ خيرٍ وفضيلة، ونهته عن كلِّ شرٍّ ورذيلةٍ، وعُمِر قلبُه بالإيمان، وذاق بذلك طعمَ الإيمان وحلاوته، وكانت صلاتُه قرَّةَ عينٍ له، وراحةً وأُنسًا وسعادةً.[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]والوصيَّة الثَّانية: وصيَّةٌ بحفظ اللِّسان، وأنَّ اللِّسانَ أخطر ما يكونُ على الإنسان، وأنَّ الكلمةَ إذا لم تخرُج فإنَّ صاحبَها يملكها، أمَّا إذا خرجَت من لسانه ملكَتْه وتحمَّل تَبِعاتِها، ولهذا قال ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ: [/font][/color][color=#0066ff][font=traditional arabic]«[b]لَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا[/b]»[/font][/color][color=black][font=traditional arabic]؛ أي جاهِد نفسَك على منع لسانك من كلِّ كلمةٍ تخشى أن تعتذر منها، وكلِّ كلمةٍ تتطلَّب منك اعتذرًا؛ فإنَّك ما لم تتكلَّم بها فإنَّك تملكها، وأمَّا إذا تكلَّمتَ بها ملكَتكَ.[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]وفي وصيَّة النَّبيِّ ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ لمعاذٍ رضي الله عنه قَالَ: [/font][/color][color=#0066ff][font=traditional arabic]«[b]أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ: بَلَى، يَا نَبِيَّ الله! فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، قَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله! وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ! وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ـ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ ـ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ[/b]»[/font][/color][color=black][font=traditional arabic](2)[/font][/color][color=black][font=traditional arabic].[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]فاللِّسان له خطورةٌ بالغةٌ، وقد جاء في حديثٍ ثابتٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : [/font][/color][color=#0066ff][font=traditional arabic]«[b]إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ، فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا، فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ؛ فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا[/b]»([/font][/color][color=black][font=traditional arabic]3)[/font][/color][color=black][font=traditional arabic].[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]وقول نبيِّنا ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ في هذه الوصيَّة الجامعة: [/font][/color][color=#0066ff][font=traditional arabic]«[b]لَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا[/b]»[/font][/color][color=black][font=traditional arabic] فيه دعوةٌ إلى محاسبة النَّفس فيما يقوله الإنسانُ، بأن يتأمَّل فيه؛ فإن وجده خيرًا تكلَّم به، وإن وجده شرًّا امتنَع من قوله، وإن كانَ الَّذي سيقوله مشتَبهٌ عليه لا يدري أشرٌّ هو أم خيرٌ؛ يكفُّ عنه اتِّقاءً للشُّبهات، حتَّى يستبينَ له أمرُه، ولهذا قال ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ: [/font][/color][color=#0066ff][font=traditional arabic]«[b]مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله واليَوْمِ الآخِرِ؛ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ[/b]»[/font][/color][color=black][font=traditional arabic](4)[/font][/color][color=black][font=traditional arabic] ، وكثيرٌ منَ النَّاس يورِّطون أنفسَهم ورطاتٍ عظيمةً بكلمةٍ يقولونها بألسنَتهم لا يُلقُون لها بالًا، ثمَّ يترتَّب عليها من التَّبِعات في الدُّنيا والآخرة ما لا يحمَدون عاقبتَه، والعاقل منَ النَّاس من يزِن كلامَه، ويصونُ حديثَه، ولا يتكلَّم إلَّا كما قال نبيُّنا ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ بكلامٍ لا يحتاج معه إلى اعتذارٍ.[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]وقوله: «بكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا» يحتَمل: أي عندما تقِف بين يدَي الله، أو تعتذر منه غدًا: أي من النَّاس حينما يطالبونك بتَبِعات كلامك وأقوالك.[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]وعلى المعنى الأوَّل؛ فله تعلُّقٌ عظيمٌ بالصَّلاة، إذ بأيِّ عذرٍ يلقى المضيِّعُ للصَّلاة ربَّه غدًا، وهي أوَّل ما سيُسأل عنه.[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]والوصيَّة الثَّالثة؛ فيها دعوةٌ إلى القناعة، وتعليق القلب بالله وحده، واليأس تمامًا ممَّا في أيدي النَّاس، قال: [/font][/color][color=#0066ff][font=traditional arabic]«[b]وَأَجْمِعِ اليَأسَ مِمَّا فِي يَدَيِ النَّاس[/b]»[/font][/color][color=black][font=traditional arabic]؛ أي أجمِع قلبَك، واعزِم وصمِّم في فؤادك على اليأس من كلِّ شيءٍ في يد النَّاس؛ فلا تَرْجُه من جهتهم، وليكن رجاؤُك كلُّه بالله وحده ـ جلَّ وعلا ـ، وكما أنَّك بلسان مقالك لا تسأل إلَّا الله، ولا تطلب إلَّا من الله؛ فعليك كذلك بلسانِ حالك أن لا ترجو إلَّا الله، وأن تيأس من كلِّ أحدٍ إلَّا من الله، فتقطع الرَّجاءَ من كلِّ النَّاس، ويكون رجاؤك بالله وحدَه، والصَّلاة صلةٌ بينك وبين ربِّك؛ ففيها أكبرُ عونٍ لك على تحقيق هذا المطلب.[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]
[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic]ومَن كان يائسًا ممَّا في أيدي النَّاس عاش حياتَه مهيبًا عزيزًا، ومَن كان قلبه معلَّقًا بما في أيدي النَّاس عاش حياته مهينًا ذليلًا، ومَن كان قلبه معلَّقًا بالله لا يرجو إلَّا الله، ولا يطلب حاجته إلَّا من الله، ولا يتوكَّل إلَّا على الله كفاه اللهُ عز وجل في دنياه وأخراه، والله جلَّ وعلا يقول: [/font][/color][color=red][font=traditional arabic]([/font][/color][b][color=red][font=traditional arabic]أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ[/font][/color][/b][color=red][font=traditional arabic])[/font][/color][color=black][font=traditional arabic][سورة الزمر : 36][/font][/color][color=black][font=traditional arabic]، ويقول ـ جلَّ وعلا ـ: [/font][/color][color=red][font=traditional arabic]([/font][/color][b][color=red][font=traditional arabic]وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ[/font][/color][/b][color=red][font=traditional arabic])[/font][/color][color=black][font=traditional arabic][سورة الطلاق : 3][/font][/color][color=black][font=traditional arabic]، والتَّوفيق بيد الله وحده لا شريك له.[/font][/color]
[center][center][color=black][font=traditional arabic]***[/font][/color][/center]
[center][color=black][font=traditional arabic]الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن
[/font][/color][/center][/center]
[color=black][font=traditional arabic]--------------[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic](1) رواه أحمد (23498)، وابن ماجه (4171)، انظر: «الصَّحيحة» (401).[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic](2) رواه أحمد (22016)، والترمذي (2616)، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (5136).[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic](3) رواه أحمد (11908)، والترمذي (2407) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، وحسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (351).[/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic](4) رواه البخاري (6018)، ومسلم (47) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.[/font][/color]

تقبل الله منكم صالح الاعمال
وصايا من خير البشر

اللهم آمين
وبارك الله فيكِ

من هي امنا هجرة رحمها لله رحمة واسعة افيدوني رجوكم انا عضوة جديدة معكم ،ليتني كنت معكم عندما كانت حية ترزق كنت محتاجة لنصائحها رحمة الله عليها

[quote=ام عبد المالك;515902]من هي امنا هجرة رحمها لله رحمة واسعة افيدوني رجوكم انا عضوة جديدة معكم ،ليتني كنت معكم عندما كانت حية ترزق كنت محتاجة لنصائحها رحمة الله عليها[/quote]

اللهم آمين
بارك الله فيكِ أختنا ،ممكن تتعرفي على أمنا هجرة من خلال مواضيعها ومشاركتها في المنتدى خاصة قسم عقيدة أهل السنة اضغطي على الرابط الموجود في توقيعي
وبارك الله فيكِ ونفع بكِ