منتديات الحور العين - وبكيت عند اللقاء

[center][size=5]بسم الله الرحمن الرحيم[/size]
[size=5]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/size][/center]

[center][size=5]كان لقائي به العام الماضي .. زارني كما يزور غيري ،من الناس ،[/size]
[size=5]وعاش معي في نفس البيت [/size]
[size=5]كما هي عادته أن يعيش مع كل إنسان في نفس بيته ! [/size]
[size=5]ولقيته تلك الأيام في كل مساحة من الأرض يملؤها حباً وجمالاً كما يملؤها زهاءً وتألقاً ! [/size]
[size=5]أعجب شيء فيه أنه يكتب الفرحة على كل وجه ، ويأخذ القلب من الأرض ليعانق به السماء ،[/size]
[size=5]ويجمع شمل الفُرقاء من أزمان ليجمعهم في بساط حبه في أيام .. [/size]
[size=5]كان ضيفي كما هو ضيف كل إنسان ، وكان روحي كما هو روح كل إنسان ،[/size]
[size=5]وكان أيامي وحياتي وقلبي وآمالي كما هو مع كل إنسان ! [/size]
[size=5]ثم افترقنا ...!![/size]
[size=5]وفي ليلة الفراق بكيت بكاء الثكالى ، بكيت أن كان الوداع على غفلة ، والرحلة دون استئذان .. [/size]
[size=5]وتمنيت تلك اللحظة أن يأخذ مني كل شيء ويعود .. لكنها الأيام .. ! [/size]
[size=5]وذهبت بي الدنيا في لهوها ، ونسيته ، وضاع دمع الحب في أحداث الحياة ،[/size]
[size=5]ولم يكن له في قلبي حنيناً كما هي تلك الأيام لحظة فراق كل حبيب .. [/size]
[size=5]وفجأة ، وفي يوم من الأيام نمت من الضحى فاستيقظت على طارق يطرق الباب برفق ،[/size]
[size=5]يحدثني من وراء الباب أنا ضيفك الراحل عدت ..! [/size]
[size=5]استذكرت أيامي ، وجمعت أفكاري ، واستعدت ذاكرتي فلم أكن على ميعاد ضيف منتظر ،[/size]
[size=5]ولا محبوب مؤمل ، فعدت إلى فراشي فإذا هو يطرق مرة أخرى .. فتحت الباب فإذا بالمفاجأة الكبرى في حياتي .. [/size]
[size=5]صديقي الراحل من عمري .. صديقي الذي بكيت في فراقه من عام .. حبيبي الذي ما استجمع قلبي فرحاً لمثله ،[/size]
[size=5]ولا دمعت عيني للقاء حبيب كدمعها في فراقه ولقائه .. صديقي الغائب ماثل أمامي بعد فرقة عام ، [/size]
[size=5]ماثل أمامي و في يده سراج يضيء به ليله ، ويحمل في قلبه روحاً تملأ لياليه فرحاً وحبوراً .. رأيته هو بذاته فتعانقنا عناق المحبين ..[/size]
[size=5]بكيت ولي زمن من البكاء .. بكيت وأنا أشعر أنا قلبي يكاد يطير من السرور ، وروحي تكاد تفارق جسدي من الأفراح .. [/size][/center]

[center][size=5]وطال عناقنا كثيراً ... ثم سآلته : ما هذا السراج في يدك ولا تحتاج إلى ضوء ؟! فحدثني حديث المحبين قائلاً : [/size]
[size=5]هذه ذكرياتي .. ! هذه أيامي حين لم تكن بعد ! أو أيام كنت صغيراً .. لم تكن صحبتي لك فحسب ، [/size]
[size=5]بل كنت أعرف والديك وأجدادك وكنت آتيهم بمثل ما أتيتك به الآن .. جئت هذا العام أذكرك أهلك الراحلين من الأرض ، [/size]
[size=5]أهلك الذين أضاؤوا بهذا السراج بعض ليلي ! وأهلك الذين عاشوا بهذا السراج ردحاً من الزمن في غابر الأيام ! [/size]
[size=5]إن كنت لا تدري فأنا ذكريات عريضة في زمن الدنيا .. أنا لا أغيب .. هذا موعدي بك وهو موعدي بكل صديق ..[/size]
[size=5]لو تعلم من كان في الأرض قبلك ؟! ومن سهر معي قبلك ؟! ومن عاش ليلي قبلك؟! ومن ذاق بعض أيامي قبلك ؟! [/size]
[size=5]رحلوا ياصاحبي كلهم من الأرض ولقائي بهم هناك في عرصات القيامة .. [/size]
[size=5]توقف عن الحديث فبكيت ثانية وثالثة ورابعة ... واهتز مني كل شيء .. وتذكرت ليالي عشت بعض دقائقها مع كبارنا ،[/size]
[size=5]وكأن ضيفي يقص لي حديثهم وضحكهم وفرحهم من جديد ! كنت أزورهم لأسمع ذكرياتهم تلك الليالي ..[/size]
[size=5]وأزورهم لأجد بعض حياتهم في عنائهم وجهدهم .. فمن أزور الأيام وقد رحلوا ؟ ومن أزور اليوم وقد ذهبوا ؟[/size]
[size=5]هاهي بيوتهم كما كانت ! وآثارهم لازالت .. فمن لي بمن أحب في ليل صديقي ؟! [/size]
[size=5]ذكرني صاحبي حديث قوم ، وذكريات آخرين ، وأعادني إلى الوراء لحظة الإفطار مع من أحب ، ولحظة اجتماع السحور مع من أحب ،[/size]
[size=5]ولحظات تلك الليالي التي كنا نجتمع فيها مع الراحلين بالأمس ... فيا لله ما أعظم الفرقة ! وما أشق الذكريات على أصحابها ! [/size]
[size=5]بكيت أن عاد صاحبي هذه الوهلة وأنا حي وغير رحل ، عاد وأنا صحيح وغيري معتل ، عاد وأنا في أجمع شمل وغيري في أرض غربة عن أهله ،[/size]
[size=5]أو في غياهب السجون عن أصحابه ! عاد وأنا ألبس ثوب الهداية نعمة الله تعالى وغيري يحترق قلبه ألماً ،[/size]
[size=5]ويعيش أقسى لحظات عمره بعيداً عن الهداية ! فكيف لي بشكر هذه النعمة ؟! لله ياصاحبي ما أروعك ![/size]
[size=5]ما أجملك في حياة من تلقاه وهو بهذه النعمة على ظهر الأرض . [/size]
[size=5]عدت لأعانق صاحبي شكراً لله تعالى على لقائه ! وعرفاناً لله تعالى بجميل صنيعه ! وغبطة أن جمعني بصاحبي ولم يحرمنِ لقاءه ...! [/size]
[size=5]وما إن أقبلت على صاحبي إلا وجموع غفيرة تعانق صاحبي ، المكان مزدحم ، والرؤية تكاد تنحجب ، وذهب صاحبي في اجتماع القوم .. [/size]
[size=5]كل الناس يعلوهم البشر ، وكل الناس يضحكون فرحاً .. وكل الناس يشعرون بهذه النعمة .. ! [/size]
[size=5]تُرى هل هذا هو صاحبي أم أنني واهم .. أقبلت إليه .. فرقت جموع الناس حوله .. [/size]
[size=5]أدرت عيني في ملامح صاحبي فإذا به الحقيقية التي لم أرها في بداية اللقاء .. [/size]
[size=5]حبيبي أمنية كل إنسان ، وصاحب كل إنسان ، وحبيب كل إنسان .. صاحبي رمضان فمن لا يحب صاحب كرمضان .. ؟! [/size]
[size=5]وهذه اللحظة التي اكتشفت فيها هذه الحقيقية هي ذاتها اللحظة التي اكتشف فيها كل الناس الحقيقة ذاتها .. [/size]
[size=5]إن رمضان أكبر من أن يبين عن لحظته قلم ! وأعظم من أن يفسح لأفراحه بيان ! [/size]
[size=5]إنه الفرصة التي إذا لقيها إنسان في حياته وهو حي صحيح البدن فقد لقي كل شيء في حياته ..[/size]
[size=5]وما غبط إنسان مثل ما غبط من شهد ليلة هلال رمضان . ! فيارب أنت المؤمل أن تحي قلوبنا لشهود الشهر ،[/size]
[size=5]وأنت المؤمل أن تسقينا أفراحه ألذ ما تكون ، وأنت المؤمل أن تعيننا على إحياء دقائقه بأكبر ما نريد .[/size]
[size=5]ولا حول ولا قوة إلا بك ، وأنت المستعان ، وعليك التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بك . والحمد لله رب العالمين . [/size][/center]