منتديات الحور العين - أعترف أحسنلك

[center][size=5][color=purple]الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير .
[/color]
[color=seagreen]كم بين آدم وإبليس ؟
لا أقصد كم بينهما من مـدّة زمنية .
لكني أقصد كم بينهما من فرق أمام الذّنب ؟[/color]
[color=purple]آدمُ عصى ربه فتاب وأناب واعترف بالذّنب فقال وزوجه :[/color] ( [color=darkorange]ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين [/color]) .
[color=purple]فكانت النتيجة : [/color]( [color=darkorange]ثم اجتباه ربّـه فتاب عليه وهدى[/color] ) .
[color=seagreen]قال ابن القيم – رحمه الله – : فكم بين حالِـه ( يعني آدم ) وقد قيل له :[/color] ( [color=darkorange]إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى [/color]) [color=seagreen]، وبين قوله : [/color]( [color=darkorange]ثم اجتباه ربّـه فتاب عليه وهدى[/color] ) .
[color=seagreen]فالحال الأولى حال أكل وشرب وتمتع ، والحال الأخرى حال اجتباء واصطفاء وهداية ، فيا بعد ما بينهما . انتهى كلامه – رحمه الله – .[/color]
[color=purple]كم بين آدم حال اعترافه بالذّنب وانكسار قلبه وانطراحه بين يدي مولاه ، وبين إبليس الذي عصى ربّه واستكبر وأبى .
هذا حال الناس على مـرّ الأيام .
فريق إذا وقع في المعصية أقـرّ بالذّنب واعترف بالخطيئة وسأل ربه العفو والمغفرة .
وفريق إذا وقع في السيئات وهلك في الموبقات عاند وكابر ، أو احتقر الذّنب وجاهر بالمعصية .[/color]
[color=seagreen]والاعتراف بالذنب من سمات الأنبياء والصالحين .
فهذا نبيُّ الله نوح يقول بلسان العبد الفقير :[/color] ( [color=darkorange]رب إني أعوذ بك أن أسألك ماليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين [/color]) .
[color=seagreen]وذاك نبيُّ الله يونس يخرج غاضبا فيجد نفسه في ظلمات بعضها فوق بعض ، فـيُـناجي ربّه بلسان المعترفِ بِذَنبِه المقـرّ بخطيئته :[/color] ( [color=darkorange]لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين[/color] ) .
[color=seagreen]فاستجاب اللهُ له ، وجاء الجواب :[/color] ([color=darkorange] فاستجبنا له[/color] ) [color=seagreen]وزيادة [/color]( [color=darkorange]ونجيناه من الغم [/color])
[color=seagreen]وكانت دعوته نبراسا للمؤمنين ، يدعون ربهم مقرِّين بالخطيئة معترفين بالذنب منكسري القلوب بين يدي علام الغيوب .[/color]
[color=purple]ولذا قال عليه الصلاة والسلام : دَعْوَةُ ذِي النّونِ - إذْ دَعَا وَهُوَ في بَطْنِ الحُوتِ - : لا إلَهَ إلاّ أنْتَ سُبْحَانَكَ إنّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ ، فَإِنّهُ لَمْ يَدْعُ بـها رَجُلٌ مُسْلِمٌ في شَيْءٍ قَطّ إلاّ اسْتَجَابَ الله لَهُ . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
[/color][color=seagreen]قال الألبيري :[/color]
[color=royalblue]ونادِ إذا سجدتَّ له اعترافـاً ****** بما ناداه ذا النونِ بن متّى[/color]
[color=purple]وذاك نبيُّ الله القويُّ الأمين ( موسى ) يقول بعد أن وقع في الخطيئة [/color]:
( [color=darkorange]ربّ إني ظلمت نفسي فاغفر لي[/color] ) .
[color=purple]فكان الجواب :[/color] ( [color=darkorange]فغفر له إنه هو الغفور الرحيم [/color]) .
[color=purple]وذاك نبي الله داود الذي استغفر[/color] ( [color=darkorange]ربه وخرّ راكعا وأناب [/color]) [color=purple]قال الله جل جلاله :[/color] ( [color=darkorange]فغفرنا له ذلك[/color] ) [color=purple]وزيادة[/color] ( [color=darkorange]وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب [/color]) .
[color=seagreen]وذاك ابنه سليمان الذي تاب وأناب [/color]( [color=darkorange]قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي[/color] )
[color=seagreen]فوهب له ربُّـه ملكا عظيما وسخّر له الريح والجن والطير .
إذا تأملتم هذا[/color]
[color=seagreen]فتأملوا مناجاةَ النبيِّ عليه الصلاة والسلام ، وهو يُناجي ربّه في دُجى الليل الساكن .
فقد كان من دعائه عليه الصلاة والسلام إذا قام يتهجّد من الليل أن يقول – بعد أن يُثني على الله عز وجلّ بما هو أهلُه – :[/color]
[color=red]اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت [/color]. [color=seagreen]رواه البخاري ومسلم .[/color]
[color=seagreen]ثم تأملوا هذا الدعاء من أدعيته عليه الصلاة والسلام ، وهو يقول :
[color=red]ال[/color][/color][color=red]لهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي . [color=seagreen]رواه [/color][/color][color=seagreen]البخاري ومسلم .[/color]
[color=seagreen]وكان صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده :[/color]
[color=red]اللهم اغفر لي ذنبي كلَّه ، دِقَّـه وجِلَّه ، وأولَه وآخرَه ، وعلانيتَه وسرَّه [/color][color=seagreen]. رواه مسلم .[/color]

[color=purple]ولما سأل أبو بكر الصديق رضي الله عنه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسولَ اللّه علمني دُعاءً أَدعو به في صلاتي قال : قل :[/color]
[color=dimgray]اللهمّ إني ظلمتُ نفسي ظلماً كثيراً ، ولا يَغفرُ الذّنوبَ إلا أنتَ ، فاغفِرْ لي مغفرةً من عندَك ، وارحمني إنكَ أنتَ الغفور الرّحيم . [/color][color=purple]رواه البخاري ومسلم
فإذا كان هذا القول يُقال لخير الأمة بعد نبيِّها فماذا يُقال لنا ؟؟
والاعتراف بالذنب من صفات المتقين .[/color]
[color=seagreen]قال الله عز وجل عن المـتّـقين :[/color] ( [color=darkorange]والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يُصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون [/color]) .
[color=seagreen]وقال سبحانه :[/color] ( [color=darkorange]والله بصير بالعباد * الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار [/color]) [color=seagreen]أولئك هم [/color]( [color=darkorange]الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار[/color] ) .
[color=seagreen]فهذا توسّـلٌ بالإيمان ، واعتراف بالذنب ، وختمـه بالدعاء بالنجاة من عذاب النار .
وإنما كان سيدُ الإستغفار سيداً لتضمُّنه الإقرار بالذنب والاعتراف بالخطيئة مع العلم يقينا بأنه لا يغفر الذّنوب إلا الله .[/color]
[color=purple]قال عليه الصلاة والسلام : سيد الاستغفار أن تقول :[/color] [color=darkslategray]اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليّ ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت[/color] [color=purple]قال : من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة . رواه البخاري .[/color]
[color=purple]قال ابن القيم : فلا يرى نفسه ( يعني العبد ) إلا مقصرا مذنبا ، ولا يرى ربه إلا محسنا .
( أي فلا يرى العبد نفسه إلا مُقصِّرا في حق ربّه وسيده ومولاه جل جلاله )
وكلّما وقعت في الذّنب فتـُب واستغفر الرحمن غفـّـار الذنوب .
[/color][color=seagreen]وإلى متى ؟
حتى يكون الشيطان هو المحسور الذي يُهلكه الاستغفار .
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال :[/color][color=red] أذنب عبدٌ ذنبا ، فقال : اللهم اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له رَبّـاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، ثم عاد فأذنب ، فقال : أي رب اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له رَبّـاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، ثم عاد فأذنب ، فقال : أي رب اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له رَبّـاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، اعمل ما شئت فقد غفرت لك .[/color]
[color=seagreen]فقولُه : اعمل ما شئت فقد غفرت لك .
يدلّ على أن اللهَ لا يزال يغفر لعبده كلما استغفر مالم يُصرّ على معصيته أو يموت على الشرك طالما أنه موقنٌ أن له ربّاً يأخذ بالذنب ويغفره[/color]
[color=seagreen]كما في قوله عليه الصلاة والسلام :[/color] [color=red]إن الشيطان قال : وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني [/color].[color=seagreen] رواه الحاكم وغيره وهو حديث صحيح .[/color]
[color=seagreen]ولا يعني هذا أن يتمادى العبد في المعاصي ، فإن الله قال في كتابه العزيز :[/color] ([color=darkorange] فليحذر الذين يُخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة[/color] ) [color=seagreen]في الدنيا[/color] ( [color=darkorange]أو يصيبهم عذاب أليم [/color]) [color=seagreen]في الآخرة .[/color]
[color=seagreen]قال أبو عبد الله الإمام أحمد بن حنبل : أتدري ما الفتنة ؟ الفتنة الشرك ، لعله إذا ردّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك .[/color]
[color=seagreen]( يعني إذا ردّ بعض قول النبي صلى الله عليه وسلم ) .[/color]
[color=purple]وقال الله في الحديث القدسي :[/color][color=darkorange] يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفـر الذنوب جميعا فاستغفرونى أغفر لكم .[/color] [color=purple]رواه مسلم .
قال عليه الصلاة والسلام :[/color] [color=darkslategray]إن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه .[/color] [color=purple]متفق عليه .[/color]

[color=purple]والاعتراف بالذّنب إنما يُفيدُ صاحبَه إذا دَفَـعَه وحَمَلَه على الاستغفار وطلب عفو ربِّه ومرضاتِه .

وحذار من التمادي والإصرار على الذنب فيكون الاعتراف بالذّنب ساعة لا ينفع الندم ولا تُجدي الحسرات .
استمـع إلى مـا حكاه الله عن أهل النار :[/color] ([color=darkorange] وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير[/color] )
[color=purple]واستمع إلى اعترافِهم بعد فوات الأوان : [/color]( [color=darkorange]قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عُدنا فإنا ظالمون[/color] )[color=purple] فيأتيهم الجواب[/color] ( [color=darkorange]اخسئوا فيها ولا تُكلّمون[/color] ) .
[color=purple]واستمع إلى جواب أهل النار وقد سُئلوا :[/color] ([color=darkorange] ما سلككم في سقر[/color] )[color=purple] ؟[/color]
([color=darkorange] قالوا لم نكُ من المصلين * ولم نكُ نُطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نُكذّب بيوم الدّين [/color])[color=purple] فما تُجدي الحسرات ، ولا تنفع العَـبَرات ، ولا الشفاعات[/color] ( [color=darkorange]فما تنفعهم شفاعة الشافعين[/color] )
[color=purple]وهاهم يقولون بألمٍ وحسرة :[/color] ([color=darkorange] تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسوّيكم بربّ العالمين [/color])[color=purple] ثم يُلقون باللائمة والتّبعة على غيرهم[/color] ( [color=darkorange]وما أضلّنا إلا المجرمون [/color]) [color=purple]وقد أيقنوا أنه لا نجاة ولا مفـرّ ، وقد تصرّمت الأواصر ، وتقطّعت الأنساب[/color] ( [color=darkorange]فمالنا من شافعين * ولا صديق حميم [/color]) .
[color=purple]فما يُجدي البكاء ولا العويل ، ولا ينفع الاعتراف بالذّنب فقد مضى زمـنُ الإمهال ، وقبول التوبة .
لاتنفعهم المعذرة ولا تُقبل المعاذير :[/color] ( [color=darkorange]فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يُستعتبون [/color])
[color=purple]يا ويلَهم مالَهم ؟
يأتيهم الجواب :[/color]
( [color=darkorange]ذلك بأنكم اتّخذتم آيات الله هزوا [/color]) [color=purple]وليس هذا فحسب بل[/color] ( [color=darkorange]وغرّتكم الحياة الدنيا [/color])
[color=purple]فما جزاؤهم ؟[/color]
([color=darkorange] فاليوم لا يُخرجون منها ولا هم يُستعتبون[/color] )
----
[color=purple]فالبدار البدار بالاعتراف والإعتذار .
فإن كرام الرجال إذا أساء إليهم مسيء ثم اعتذر قبلوا عذره وصفحوا عنه[/color]
[color=seagreen]كما قال الإمام الشافعي – رحمه الله – :[/color]
[color=red]قيل لي قـد أسـا إليك فلان ***** ومقام الفتى على الذل عار
قلت قد جاءني وأحدث عذرا ***** دية الذنب عندنـا الاعتذار[/color]
[color=seagreen]والله عز وجلّ هو أكرم الأكرمين وأجود الأجودين
فانطرحوا بين يدي مولاكم واعترفوا بذنوبكم واطلبوه المغفرة .
نادِ مولاك معترفـاً :[/color]
[color=red]يارب إن عظمت ذنوني كثرة ***** فلقد علمت بأن عفوك أعظـم
إن كان لا يرجوك إلا محسن ***** فمن ذا الذي يدعو ويرجو المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجـا ****** وجميل عـفـوك ثم إني مسلم
[/color]
[color=seagreen]وناجوه مناجاة المعترف ، ونداء المقترف :[/color]
[color=red]يارب عفوَك لا تأخذ بزلّتنا **** واغفر أيا رب ذنبا قد جنيناه
[/color]
[color=seagreen]ولا يأتيك اليائس فـيُـعظّم لك الذّنب فتيأس من روح الله ، فالله القائل عن نفسه :[/color]
([color=darkorange] وإني لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى [/color]) .
[color=seagreen]وهو سبحانه الذي ناداك – كما في الحديث القدسي – :[/color]
[color=darkorange]يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي . يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي . [/color][color=seagreen]رواه الترمذي [/color].
( [color=darkorange]رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين[/color] )
[color=seagreen]اللهم اغفر لنا وارحمنا .[/color]
[color=red]إن تغفر اللهم تغفر جمـّـا ***** وأي عبد لك مـا ألمـا
[/color]
[color=purple]كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم[/color][/size][/center]