منتديات الحور العين

منتديات الحور العين (http://www.hor3en.com/vb/index.php)
-   ملتقى اللغة العربية (http://www.hor3en.com/vb/forumdisplay.php?f=66)
-   -   أهمية اللغة العربية / الشيخ السُّديس. (http://www.hor3en.com/vb/showthread.php?t=116159)

نصرة مسلمة 11-24-2012 10:36 PM

أهمية اللغة العربية / الشيخ السُّديس.
 
[CENTER][FONT="Traditional Arabic"][SIZE="5"][COLOR="DarkOrchid"]

[IMG]http://files.myopera.com/Khaldoon/files/%D8%A8%D8%B3%D9%85%D9%84%D8%A9%20%D9%88%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%20%D8%A8%D9%86%D9%8A.gif[/IMG]


[IMG]http://myschool.co.il/alnjah/files/2012/04/arbia-AR.jpg[/IMG]

أما بعد: فيا أيها المسلمون، أطيعُوا ربَّكم واتقوه، وراقِبوه ولا تعصُوه؛ فإن التقوى خيرُ الزاد في المعاش والمعاد، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ [البقرة: 197].
[COLOR="Blue"]ألا إن تقـــــــوى الله خيـــــــرُ مغَبَّةٍ وأفضلُ زاد الظاعِنِ المُتحمِّلِ
ولا خيرَ في طولِ الحياةِ وعيشِها إذا أنت منها بالتُّقَى لم ترحَلِ[/COLOR]

أيها المؤمنون، المُتأمِّل في تأريخ الأمم والمُجتمعات وتعاقُب الأمجاد والحضارات يُلفِي فيها رُكنًا ركينًا، وقُطبًا من أقطابها متينًا، يُعدُّ من أهم ثوابتها وأُصولها، وسببَ نشأتها وقيامها، ذلكم هو لسانُها ولُغتُها.
فاللغةُ تُعلِي الرفيعَ عن الوضيع، وأنَّى يُدرِكُ الضالِعُ شأوَ الضَّليع؟! وإننا -أبناءَ هذه الأمة الإسلامية- قد منَّ الله علينا بأفصَحِ لسانٍ، وأبلغ بيانٍ، وأفضلِ لُغةٍ لغةِ القرآن الكريم: اللغة العربية.
[COLOR="Blue"]وإذا طلبتَ من العلومِ أجلَّها فأجلُّها منها مُقيمُ الألسُنِ[/COLOR]

اللغةُ العربيةُ زهرةُ التأريخ العابِقة، ومُزنةُ النور الوادِقة، وإشراقةُ الدنيا الصادقة، وشهادةُ الأجيال الناطقة، إنها المنهلُ الدَّفوقُ للعلاء والتَّمكين، والبيانُ والتبيينُ للنورِ والحقِّ المُبين، والينبوعُ الثَّرُّ الذي ترتوِي منه العقولُ الصادِية، والسِّراجُ الوهَّاجُ الذي يُضِيءُ المُجتمعات العاشِية.

[COLOR="Blue"]لغةٌ إذا وقعَت على أسماعنا كانت لنا بردًا على الأكبادِ
ستظـــــــلُّ رابطةً تُؤلِّفُ بيننا فهي الرجاءُ لناطقٍ بالضـــادِ[/COLOR]

لقد كان العربُ قبل الإسلام أمَّةً مُمزَّقةَ الإهاب، مُفترسَة الجَناب، تعيشُ في يَبابٍ وتَبابٍ، ولكن جمعَتهم أواصِرُ الفصاحةِ الهُمامة، وألبَسَتهم أثوابَ المُروءةِ والشهامة، فعلى بِساط اللغةِ يجتمعون، وفي وَريفِ ظلِّها يُبدِعون، ويُبدِي كلٌّ ما في وِطابِه، ويكشِفُ عما حوَى في جِرابه؛ من نثرشها وشِعرها، ونحوِها وصَرفِها، وبلاغتها واشتِقاقِها؛ فبَين فخرٍ وهِجاءٍ، ومدحٍ ووصفٍ ورِثاءٍ، يُمتِعون أسماعَ الزمان، ويُبهِجون مُقَل الأكوان، بسَلسَالٍ من بديع الألحان، وعَذبِ الكلماتِ الحِسان. فاللغةُ كانت نبعًا ثَرًّا يُؤلِّفُ بين قبائل العربِ في مجالسِهم ومُنتدياتهم.

[COLOR="Blue"]سرَت كالمُزنِ يُحيِي كلَّ أرضٍ ويُبهِجُها سُهولاً أو وِهادًا
وما للهجةِ الفُصحَى فَخارٌ إذا لـم تملأِ الدُّنيا رشــــادًا[/COLOR]

إخوة الإيمان، إن اللغةَ العربيةَ الشريفةَ لها حقٌّ علينا حقيقٌ؛ فمن بعضِ حقِّها أن نبُلَّها ببِلالِها، وأن نرعَى قدرَها في كلِّ منسوبٍ إليها، وأن نسعَى لنجدَتها كلَّما مسَّها ضُرٌّ، أو حَزَبَها أمرٌ؛ فلُغتُنا العربيةُ اليوم وفي عصر أنماط العَولَمة، وغلبَة عامِّيِّ اللهَجات، وثورة التِّقَنات، وانفجار المعلومات، وفضائيِّ القنوات والشبكات رِباعُها مجفُوَّة، وقِصاعُها مكفُوَّة، ورِقاعُها غيرُ مُلتامةٍ ولا مرفُوَّة، بعدما كانت عذبَة التغاريد، حسنةَ الألفاظِ والمفاريد، رضِيَ بها الأسلافُ في المفاخِر والمنافِحِ، وصَقَلُوا بها الأذهانَ والقرائحَ، وكانت تُرجمانًا صادقًا لكثيرٍ من الحضارات المُتعاقِبة، وكانت سببًا لتقارُب الأمم التي دخلَت في دين الله أفواجًا، فتمازَجَت أذواقُهم، وتوحَّدت مشارِبُهم، وأعلَى الدينُ شأوَها ورفعَ شأنَها.

[COLOR="Blue"]فما أهوَى سِوَى لغةٍ سَقَتْها قريشٌ من براعتِها شِهَادًا
وطوَّقَها كتــــابُ الله مجــــــــــدًا وزادَ سَنَا بلاغتها اتِّقــــادًا[/COLOR]

أمةَ الإسلام، لقد أضحَت اللغةُ العربيةُ لدى كثيرٍ من المُسلمين اليوم في خُفُوت، ورياحُها الشذِيَّةُ العبِقةُ في هُفُوت، بما يُلِحُّ أن نُدندِنَ حول ذَيَّاك المَعينِ السَّلسَال، ونلِجَ هذا النَّميرَ المِنهالَ، لنُحيِيَ شقاشِقَ اللغةِ الهادِرة، ونعبُر دياجيرَ العُجمةِ الغامِرة، فلقد حرَبْنا العربيةَ معانِيَها اللِّطافَ، وألبسناها ثوبَ السنينَ العِجاف.
ولقد كان سلفُنا الصالحُ -رحمهم الله- يُعنَون بالعربية، ويُعاقِبون صِبيانَهم على اللَّحنِ، ويُثِيبونَهم على الفصاحَة والبيان.[U] يقول الفاروقُ عمرُ بن الخطاب : (تعلَّموا العربيةَ؛ فإنها تُنبِتُ العقلَ وتزيدُ المُروءةَ)، [/U]وكبَ كاتبٌ لأبي موسى الأشعريِّ خطابًا لعُمر فبدأَه بقوله: (من أبو موسى)، فكتبَ إليه عُمرُ أن اضرِبه سَوطًا، واستبدِله بغيره. الله أكبر! ويا لله! ما أعظمَ غيرتهم على لُغة القرآن! فلله درُّهُم!

سمِعَ الأعمشُ رجلاً يلحَنُ في كلامِه فقال: من الذي يتكلَّم وقلبي منه يتألَّم؟ وكان الحسنُ البصريُّ رحمه الله يقول: "ربما دعوتُ فلَحَنتُ فأخافُ أن لا يُستجابَ لي". وكان أيوبُ السِّختيانيُّ رحمه الله إذا لحَنَ استغفرَ اللهَ. وسِعَ الخليفةُ المأمونُ بعضَ ولده يلحَنُ، فقال: "ما على أحدِكم أن يتعلَّم العربيةَ؟ يُصلِحُ بها لسانَه، ويفُوقُ أقرانَه، ويُقيمُ أوَدَه، ويُزيِّنُ مشهَدَه، ويُقِلُّ حُجَجَ خصمِه بمُسكِتات حِكَمه".

الله أكبر! إن اللغةَ العربيةَ -يا رعاكم الله- هي كما قالَ الإمام الشافعيُّ رحمه الله : "أوسعُ الألسِنة مذهبًا، وأكثرُها ألفاظًا، ولها مكانتُها العُظمى في هذا الدين".
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "اللغةُ العربيةُ من الدين، ومعرفتُها فرضٌ واجبٌ؛ فإنّ فهمَ الكتاب والسنة فرضٌ، ولا يُفهمُ إلا بفهم اللغةِ العربية، وما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ". ويقول أيضًا رحمه الله: "ومعلومٌ أن تعلُّمَ العربية وتعليمَها فرضٌ على الكفاية".
فنحنُ مأمورون أمرَ إيجابٍ أو أمرَ استِحبابٍ أن نحفظَ القانونَ العربيَّ، ونُصلِح الألسِنةَ المائلَةَ عنه.

[U]وقد عبَّر الشاطبيُّ -رحمه الله- عن هذا المعنى بقوله: "إن الشريعةَ عربيةٌّ، وإذا كانت عربيَّةً فلا يفهمُها حقَّ الفهمِ إلا من فهِمَ اللغةَ العربيَّةَ حقَّ الفهمِ، فإذا فرضنا مُبتدِئًا في فهم العربية فهو مُبتدِئٌ في فهم الشريعة، أو متوسِّطًا فهو متوسِّطٌ في فهم الشريعة، فإن انتهى إلى درجة الغايةِ في العربية كان كذلك في الشريعة".[/U]

أمة الإسلام، لقد زادَت الشريعةُ اللغةَ العربيةَ مكانةً وأهميَّةً؛ حيث أصبَحت ثانِيَ اثنين لأقوى هُوِيَّة: الهوِيَّة الإسلامية؛ لأنها كما قال الإمامُ ابنُ كثيرٍ رحمه الله: "أفصحُ اللُّغات، وأجلاها، وأحلاها، وأعلاها، وأبينُها، وأوسعُها، وأكثرُها تأدِيةً للمعاني التي تقومُ بالنفوس، فلهذا أُنزِل أشرفُ الكتبِ بأشرفِ اللُّغات".

وهي من أهمِّ الوشائِجِ لرَفوِ الرَّتقِ وإحكامِ الآصِرة في وجه الفتنِ العواصِف، والمِحَن المُتراكبةِ القواصِف، لذا تنمَّرَ لها الأعداءُ، وكشَفُوا عن مِرَّتهم السوداء، وقال قائلُهم: "إننا لن ننتصِرَ على المُسلمين ما دامُوا يقرؤون القرآنَ ويتكلَّمون العربيةَ، فيجبُ أن نُزيلَ القرآنَ من وجوهِهم، ونقتلِعَ العربيةَ من ألسِنَتهم". وأعلَنوا عليها حربًا ضَروسًا، وأظهَروا لها وجهًا عَبوسًا، وأنفَقوا الغالِيَ والنَّفيس لتغريبِ اللسانِ العربيِّ وقطعِه عن منابِعِ البلاغة، واللَّجاجة به في العُجمة والمَغاغة. وأثارَ هؤلاء الجَعاظِرةُ العَكُوبُ، وصَعفَقُوا في الآفاقِ والضُّروب، ولكن انعكَسَ عليهم الأملُ، واستنوَقَ فيهم الجملُ، وصارَت فِعالُهم ضِغثًا على إبالَة، وسقطَت أحلامُهم في سِفالة، وارتدَّت أعمالُهم على وجوهِهم خاسِئة، واشتدَّت لُغتُنا فكأنما هي ناشِئة.
[COLOR="Blue"]وما على العنبَر الفوَّاحِ من حرجٍ أن ماتَ من شمِّه المأفونُ والنَّتِنُ[/COLOR]

معاشر المسلمين، ومع كلِّ التحديات والمُتغيِّرات فإن اللغةَ العربيةَ محفوظةٌ بحفظِ الله تعالى لكتابه العزيز:[COLOR="Green"]{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }[الحجر: 9]،[/COLOR] وإن تراكَمَت عليها العُكابات، وتكاثَرَت عليها السِّهامُ الحاسِرات، وظنُّوها عِظامًا نخِرات، وأيقَنوا فيها البِلَى والممات، وظلَّت طويلاً غريبةَ النفس واليدِ واللسانِ في مرابِعها؛ فإنها قامَت وستقومُ فتِيَّةً قويَّة، شامِخةً عفِيَّة، مُشمَخِرَّةً حفِيَّة، وشمَّرت عن ساقِها، وجلَّلَت نورًا على أرواقِها، وألجَمَت أفواهَ عِداتها. ولله درُّ القائل على لِسانها:

[COLOR="Blue"]وسِعـــتُ كتــــــــــــابَ الله لفظًا وغايــــــةً وما ضِقتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيـــفَ أضيقُ اليوم عن وصفِ آلةٍ وتنسيـــــــــقِ أسمـــــــــــــــاءٍ لمُخترعاتِ[/COLOR]

وبعدُ: أمة اللغة والضاد، إنها ذِكرى للذاكرين، وهَتفةٌ لتنبيه الغافلين؛ فتمسَّكوا بلُغتكم، وربُّوا عليها أبناءَكم؛ لتظفَروا بالغُنم والكرامة في الدنيا ودار الخُلد والمُقامة.

[COLOR="Blue"]أئمةَ اللغة الفُصحى وقادتَها ألا بِدارًا فإن الوقـــــــــتَ كالذَّهَبِ
ردُّوا إلى لُغةِ القرآن رونَقها هيَّا إلى نصرِها في جحفَلِ اللَّجِبِ[/COLOR]

حفِظَ الله لغتَنا من كل مكروه، وحيَّا اللهُ أهلَها وذوِيها، وأبقاهم لها ذُخرًا يصُونون عِرضَها، ويحفَظون أرضَها، ويسترِدُّون قرضَها، ويجمَعون شتاتَها، ويُحيُون مواتَها، إنه جوادٌ كريمٌ.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [إبراهيم: 4].
بارك الله ولي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافة المسلمين من كل خطيئةٍ وإثمٍ؛ فاستغفِروه وتوبوا إليه، إنه كان حليمًا غفورًا.[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]


الساعة الآن 11:21 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.