منتديات الحور العين

منتديات الحور العين (http://www.hor3en.com/vb/index.php)
-   القرآن الكريم (http://www.hor3en.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   ملامح بلاغية _من سورة الفاتحة_ (http://www.hor3en.com/vb/showthread.php?t=63243)

*زهرة الفردوس* 03-02-2010 03:48 AM

ملامح بلاغية _من سورة الفاتحة_
 
[CENTER][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=#191970][B]ملامح بلاغية من سورة الفاتحة[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT]

[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, أما بعد؛[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[COLOR=blue][FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]تسميتها:[/B][/FONT][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]فأما تسميتها فاتحة الكتاب, فقد ثبت في السنة في أحاديث كثيرة منها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] ([COLOR=red]لاَ[/COLOR] [COLOR=red]صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] (متفق عليه).[/B][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]وفاتحة مشتقة من الفتح, وهو إزالة حاجز عن مكان مقصود, وتستعمل في معنى أول الشيء تشبيهًا للأول بالفاتح؛ لأن الفاتح للباب هو أول من يدخل.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]ومعنى فتحها الكتاب أنها جُعلت أول القرآن لمن أراد أن يقرأ القرآن من أوله, فتكون فاتحة بالجعل النبوي في ترتيب السور.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- وأما تسميتها "أم القرآن" و"أم الكتاب" فقد ثبت في السنة: كما في صحيح البخاري أن أبا سعيد الخدري رقى ملدوغـًا, فجعل يقرأ عليه أم القرآن.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]ووجه التسمية بـ"أم القرآن" أن الأم يطلق على أصل الشيء ومنشئه, وفي الحديث: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]مَنْ صَلَّى صَلاَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهْي خِدَاجٌ[/COLOR]) [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](رواه مسلم),[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] وذكروا أوجهًا لذلك فقالوا:[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]1- إنها مبدؤه ومفتتحه, فكأنها أصله ومنشؤه, يعني أن افتتاحه هو وجود أول أجزاء القرآن قد ظهر فيها, فجعلت كالأم للولد في أنها الأصل والمنشأ.[/B][/FONT][/SIZE]
[COLOR=blue][FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]2- أنها تحتوي على أنواع مقاصد القرآن, وهي ثلاثة أنواع:[/B][/FONT][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- الثناء على الله لوصفه بجميع المحامد, وتنزيهه عن جميع النقائص, ولإثبات تفرده بالإلهية, وإثبات البعث والجزاء, وذلك من قوله: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] إلى قوله: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] (الفاتحة:2-4).[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- الأوامر والنواهي من قوله: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[/COLOR]) [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](الفاتحة:5).[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- الوعد والوعيد من قوله: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ[/COLOR]) [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](الفاتحة:7).[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]3- أنها تشتمل على جملة معاني القرآن من الحِكَم النظرية, والأحكام العملية؛ فإن معاني القرآن إما علوم تقصد معرفتها, وإما أحكام يقصد منها العمل بها.[/B][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- فالعلوم كالتوحيد, والصفات, والنبوات, والمواعظ, والأمثال, والحكم, والقصص.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- والأحكام إما عمل الجوارح, وهو العبادات والمعاملات, وإما عمل القلوب, أو العقول, وهو تهذيب الأخلاق وآداب الشريعة, وكلها تشتمل عليها معاني الفاتحة.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- وأما تسميتها السبع المثاني فهي ثابتة في السنة: ففي البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِي السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ[/COLOR]).[/B][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]ووجه التسمية أنها سبع آيات باتفاق القراء والمفسرين، وأما وصفها بـ"المثاني", فهو جمع مثنى, أي أنها تثنى في كل ركعة, أي: تضم إليها السورة في كل ركعة.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- وقيل: لعل التسمية بذلك كانت في أول فرض الصلاة, فإن الصلوات فرضت ركعتين, ثم أقرت صلاة السفر, وأطيلت صلاة الحضر كما ثبت في حديث عائشة -رضي الله عنها- في الصحيح.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- وقيل: لأنها تـُثنى في الصلاة أي: تكرر, فتكون التثنية بمعنى التكرير, وذلك كقوله:[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] ([COLOR=red]كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ[/COLOR]) [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](الزمر:23),[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] أي: مكرر القصص والأغراض.[/B][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]هذه السورة وضعت في أول السور؛ لأنها تنزل منزلة ديباجة الخطبة, أو الكتاب مع ما تضمنته من أصول مقاصد القرآن كما سبق, وفيها براعة استهلال لبيان ما يتضمنه القرآن.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[COLOR=blue][FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]البسملة:[/B][/FONT][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]اسم لكلمة "باسم الله" وصيغ هذا الاسم من حروف الكلمتين "باسم" و"الله" على طريقة تسمى النحت, وهو صوغ فعل ماضٍ على زنة "فعلل" مكونة من حروف جملة, أو مركب إضافي اختصارًا عن ذكر الجملة كلها لقصد التخفيف, وذلك مثل "عبشمس" من عبد شمس, و"عبدري" من عبد الدار, و"حضرمي" من حضر موت, ومنها "سبحل" من سبحان الله, و"هيعل" من حي على الصلاة, و"حوقل" من لا حول ولا قوة إلا بالله.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]البسملة سُنت عند ابتداء الأعمال الصالحة: وقد حكى القرآن قول سحرة فرعون عند شروعهم في السحر بقوله: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] (الشعراء:44)،[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] وذكر صاحب الكشاف أن أهل الجاهلية كانوا يقولون في ابتداء أعمالهم باسم اللات والعزى.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]وقال الأستاذ محمد عبده: "إن النصارى كانوا يبتدئون أدعيتهم ونحوها باسم الأب والابن والروح القدس إشارة إلى الأقانيم الثلاثة عندهم, فجاءت فاتحة كتاب الإسلام بالرد عليهم بأن الإله واحد, وإن تعددت أسماؤه, فإنما هو تعدد الأوصاف دون تعدد المسميات".[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]"باسم الله": الاسم لفظ يدل على ذات أو معنى, وهو مشتق من السمو, وهو العلو والرفعة.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]"الله": لفظ الجلالة علم على ذات الخالق تفرد به –سبحانه-, ولا يطلق على غيره, ولا يشاركه فيه أحد.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]قال القرطبي -رحمه الله-: "هذا الاسم أكبر أسمائه -سبحانه- وأجمعها, حتى قال بعض العلماء إنه اسم الله الأعظم, ولم يتسم به غيره, ولذلك لم يُثن ولم يجمع".[/B][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]فهو الاسم الجامع لصفات الإلهية, المنعوت بنعوت الربوبية, وفي الكلام حذف تقديره باسم الله أتلو أو أقرأ, وهذا الحذف له فائدة, وهي صلوحية البسملة ليبتدئ بها كل شارع في فعل.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]والباء في باسم للملابسة, وهي المصاحبة, وهي الإلصاق, وهي تعني زيادة التبرك بملابسة جميع أجزاء الفعل لاسمه -تعالى-.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): صفتان مشتقتان من الرحمة, والرحمة في أصل اللغة: رقة في القلب تقتضي الإحسان, وهذا المعنى غير لائق بالله -عز وجل-, ومذهب السلف أنها صفة قائمة بذات الله -تعالى-, لا نعرف حقيقتها, وإنما نعرف أثرها الذي هو الإحسان.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- و(الرَّحْمَنِ): بمعنى عظيم الرحمة؛ لأن "فعلان" صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمته, ويلزم منه الدوام.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- (الرَّحِيمِ): بمعنى دائم الرحمة؛ لأن صيغة "فعيل" تستعمل في الصفات الدائمة ككريم وظريف.[/B][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]فكأنه قيل: العظيم الرحمة الدائمة, أو أن الرحمن صفة ذاتية هي مبدأ الرحمة والإحسان, والرحيم صفة فعل تدل على وصول الرحمة والإحسان, وتعديهما إلى المنعم عليه.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- فلفظ الرحمن لم يذكر في القرآن إلا مجرى عليه الصفات, كما هو الشأن في أسماء الذات. قال -تعالى-: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[/COLOR]) [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](طه:5).[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- أما وصف الرحيم فقد كثر استعماله وصفـًا فعليًا, وجاء في الغالب بأسلوب التعدية والتعلق بالمنعم عليه. قال -تعالى-:[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] ([COLOR=red]إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] (البقرة:143) [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] (الأحزاب:43).[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ): [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]الْحَمْدُ[/COLOR]) [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]هو: الثناء باللسان على الجميل الصادر عن اختيار من نعمة أو غيرها.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](رَبِّ الْعَالَمِينَ): أي مالكهم؛ إذ الرب مصدر "ربه يربه" إذا تعاهده بالتربية حتى يبلغ به شيئًا فشيئًا درجة الكمال, وهو اسم من أسماء الله -تعالى-, لا يطلق على غيره إلا مقيدًا, فيقال: "رب الدار" أي: صاحبها، والرب في كلام العرب له معانٍ ثلاثة: السيد, المطاع, والرجل المصلح للشيء, والمالك للشيء, فربنا -جل ثناؤه- السيد, المطاع في خلقه, والمصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه, والمالك الذي له الخلق والأمر.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- و(الْعَالَمِينَ): جمع عَالَم وهو كل موجود سوى الله, قال القرطبي: "وهو مأخوذ من العلم والعلامة؛ لأنه يدل على موجده". [/B][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- وافتتحت السورة بهذه الجملة: [/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[/COLOR])؛ [/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]لأنه -سبحانه- أول كل شيء, وآخر كل شيء, ولكي يعلمنا أن نبدأ كتبنا, وخطبنا بالحمد والثناء عليه, فالآية قررت ثبوت الثناء المطلق لله -تعالى-, وأنه ليس لأحد أن ينازعه إياه, وجملة الحمد لله مفيدة لقصر الحمد عليه نحو قولهم: الكرم في العرب.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- و"ال" في الحمد للاستغراق, أي: أن جميع أجناس الحمد ثابتة لله رب العالمين, وإنما كان الحمد مقصورًا في الحقيقة على الله؛ لأن كل ما يستحق أن يقابل بالثناء فهو صادر عنه, ومرجعه إليه, فهو الخالق لكل شيء, وما يقدم إلى بعض الناس من حمد جزاء إحسانهم فهو في الحقيقة حمد لله؛ لأنه -سبحانه- هو الذي وفقهم لذلك, وأعانهم عليه.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- ولم تفتتح السورة بصيغ الأمر بأن يقال: "احمدوا الله"؛ لأن الأمر يقتضي التكليف, والتكليف قد تنفر منه النفوس أحيانًا, فأراد -سبحانه- وهو يبادئهم بشرعة جديدة أن يؤنسهم, ويؤلف قلوبهم ترفقـًا بهم, حتى يديموا الإصغاء لما سيلقيه عليهم من التكليف.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ): أجرى على لفظ الجلالة نعت الربوبية للعالمين؛ ليكون كالاستدلال على استحقاقه -تعالى- للحمد وحده, وفي ذلك إشعار لعباده بأنهم مكرمون من ربهم, فكأنه يقول لهم: اجعلوا حمدكم وثناءكم لي وحدي؛ لأني أنا رب العالمين, وأنا الذي تعهدتكم برعايتي وتربيتي منذ تكوينكم من الطين, حتى استويتم عقلاء مفكرين.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](رَبِّ الْعَالَمِينَ . الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): أتبع هذا الوصف رب العالمين بوصف آخر وهو الرحمن الرحيم؛ لحكم سامية, منها أنه وصفه -تعالى- برب العالمين أي: مالكهم قد يثير في النفوس شيئًا من الخوف والرهبة, فإن المربي قد يكون خشنًا جبارًا, وذلك مما يخدش من جميل التربية, وينقص من فضل التعهد؛ لذا قرن كونه مربيًا بكونه الرحمن الرحيم؛ لينفي بذلك هذا الاحتمال, وليحرضهم على حمده وعبادته بقلوب مطمئنة, ونفوس مبتهجة, ودعوة لهم إلى أن يقيموا حياتهم على الرحمة والإحسان, لا على الجبروت والطغيان, فالراحمون يرحمهم الله.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ): والمالك وصف من المِلك بكسر الميم, بمعنى حيازة الشيء مع القدرة على التصرف فيه, واليوم المراد به يوم القيامة, والدين الجزاء والحساب، يقال: دنته بما صنع أي: جازيته على صنيعه, ومنه قولهم: "كما تدين تدان", أي: كما تفعل تجازى.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]والمعنى أنه -تعالى- يتصرف في أمور يوم الدين من حساب, وثواب, وعقاب تصرف المالك فيما يملك, فكل شيء في ذلك اليوم يجري بأمره كما قال: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] (غافر:16),[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] وتخصيص المُلك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه؛ لأنه تقدم الإخبار بأنه رب العالمين, وذلك عام في الدنيا والآخرة, وإنما أضيف إلى يوم الدين؛ لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئًا, وتسمية غيره في الدنيا بملِك فعلى سبيل المجاز؛ كما قال -تعالى-: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] (البقرة:247).[/B][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- المتدبر لهذه الآية الكريمة يراها خير وسيلة لتربية الإنسان, وغرس الإيمان العميق في قلبه؛ لأنه إذا آمن بأن هناك يومًا يظهر فيه إحسان المحسن, وإساءة المسيء, وأن زمام الحكم في ذلك اليوم لله الواحد القهار, فإنه في هذه الحالة سيقوى عنده خلق المراقبة لخالقه, ويجتهد في السير على الطريق المستقيم.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ): الذي يجدر بنا أن نعبده, وأن نستعين به هو الله الذي تجلت أوصافه, ووضحت عظمته, وثبتت هيمنته على هذا الكون, وهذه العبادة الصحيحة تكون بتحقيق أمرين: إخلاصها لله, وموافقتها لما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم-.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]قال ابن جرير -رحمه الله-: "لأن العبودية عند جميع العرب أصلها الذلة, والاستعانة: طلب المعونة من أجل الاقتدار على الشيء, والتمكن من فعله, والمعنى لك يا ربنا وحدك نخشع ونذل ونستكين, فقد توليتنا برعايتك, وغمرتنا برحمتك, فنحن نخصك بطلب الاستعانة على طاعتك, وعلى أمورنا كلها".[/B][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]وقدم المعبود على العبادة فقال: [/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]إِيَّاكَ نَعْبُدُ[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]؛ لإفادة قصر العبادة عليه, وهو ما يقتضيه التوحيد الخالص.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]وقال: ([COLOR=red]نَعْبُدُ[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] بنون الجماعة, ولم يقل: "أعبد"؛ ليدل على أن العبادة أحسن ما تكون في جماعة المؤمنين, وللإشعار بأن المؤمنين المخلصين يكونون في اتحادهم وإخائهم بحيث يقوم كل واحد منهم في الحديث عن شئونهم الظاهرة, وغير الظاهرة مقام جميعهم.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]- وقدمت العبادة على الاستعانة؛ لكون الأولى وسيلة للثانية, وتقديم الوسائل سبب في تحصيل المطالب؛ وليدل على أنهم لا يستقلون بإقامة العبادات, بل إن عون الله هو الذي ييسر لهم أداءهم, ولم يذكر المستعان عليه من الأعمال؛ ليشمل كل ما تتجه إليه النفس من الأعمال الصالحة, وجاءت الآية بأسلوب الخطاب على طريقة الالتفات؛ تلوينًا لنظم الكلام من أسلوب إلى أسلوب؛ قال الزمخشري: "فإن قلتَ: لما عدل عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب؟ قلتُ: هذا يسمى الالتفات في علم البيان, وقد يكون من الغيبة إلى الخطاب, ومن الخطاب إلى الغيبة, ومن الغيبة إلى التكلم, وذلك على عادة العرب في افتنانهم في الكلام, وتصرفهم فيه, وذلك لتنشيط السامع, وإيقاظـًا للإصغاء".[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]قال بعض العلماء: الفاتحة سر القرآن, وسرها هذه الكلمات: [/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[/COLOR]),[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] ففيها التبرؤ من الشرك, والتبرؤ من الحول والقوة, والتفويض إلى الله.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ): بيَّن -عز وجل- أن أفضل شيء يطلبه العبد من ربه إنما هو هدايته إلى الطريق الذي يوصل إلى أسمى الغايات, وأعظم المقاصد.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](اهْدِنَا): الهداية هي الإرشاد والدلالة في لطف على ما يوصل إلى البغية, وتسند إلى الله, وإلى النبي -صلى الله عليه وسلم-, وإلى القرآن: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ[/COLOR]) [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](فصلت:17) أي بيَّنا لهم طريق الخير. [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]وتأتي بمعنى الإلهام: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى . قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى[/COLOR]) (طه:49-50).[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]وتأتي بمعنى الدعاء:[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] ([COLOR=red]وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] (الرعد:7)، [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]أي: داعٍ.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] ([COLOR=red]وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] (الشورى:52).[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](الصِّرَاطَ): الجادة والطريق من سرط الشيء إذا ابتلعه, وسمي الطريق بذلك؛ لأنه يبتلع المارين فيه. [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](الْمُسْتَقِيمَ): المعتدل الذي لا اعوجاج فيه.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ): النعمة لين العيش, ونعم الله كثيرة لا تحصى.[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B](غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ): الغضب هيجان النفس وثورتها عند الميل للانتقام, وهذا لا يليق بالله، فهو -الغضب- صفة لائقة بجلاله, لا نعلم حقيقتها, وإنما نعرف أثرها.[/B][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]والمعنى: اهدنا يا رب إلى طريقك المستقيم الذي يوصلنا إلى سعادة الدنيا والآخرة, ويجعلنا مع الذين أنعمت عليهم من خلقك, وجنبنا طريق الذين غضبت عليهم من الأمم السابقة, أو الأجيال اللاحقة؛ بسبب سوء أعمالهم, وفي هذا الدعاء أسمى أنواع الأدب؛ لأن هذا الدعاء قد تضرع به المؤمنون إلى خالقهم بعد أن اعترفوا له -سبحانه- قبل ذلك بأنه هو المستحق لجميع المحامد, وأنه رب العالمين, والمتصرف في أحوالهم يوم الدين.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]قال ابن كثير -رحمه الله-: "وهذا أكمل أحوال السائلين أن يمدح مسئوله, ثم يسأل حاجته, وحاجة إخوانه المؤمنين بقوله:[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] ([COLOR=red]اهْدِنَا[/COLOR] [COLOR=red]الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ[/COLOR]),[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] لأنه أنجح للحاجة, وأنجع للإجابة, ولهذا أرشدنا الله إليه؛ لأنه الأكمل".[/B][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]ولم يقل: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم مستغنيًا عن ذكر الصراط؛ ليدل على أن صراط هؤلاء المنعم عليهم هو الصراط المستقيم.[/B][/FONT][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]وقوله: (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ): أتى في وصف الإنعام بالفعل المسند إلى الله, وفي وصف الغضب باسم المفعول: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ[/COLOR]), [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]وفي ذلك تعليم لأدب جميل, وهو أن يسند أفعال الإحسان إلى الله, ويتحاشى أن يسند إليه أفعال العقاب والابتلاء, وإن كان كل من الإحسان والعقاب صادرًا منه, ومن شواهد ذلك: [/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B]([COLOR=red]وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا[/COLOR])[/B][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Traditional Arabic][B] (الجن:10).[/B][/FONT][/SIZE]
[B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][/SIZE][/FONT][/B]
[URL="http://www.salafvoice.com/"][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=#000000][B]www.salafvoice.com[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/URL]
[URL="http://www.salafvoice.com/"][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=#000000][B]موقع صوت السلف[/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/URL]
[/CENTER]


الساعة الآن 05:07 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.