منتديات الحور العين - القيودُ الثِّقال

[size=5][/size][center][color=red][font=pt bold heading][size=7]القُيودُ الثِّقالُ[/size][/font][/color][/center]
[size=5][/size]

[size=5][/size][center][color=black][font=traditional arabic][size=5]شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى[/size][/font][/color][/center]
[size=5][/size]
[size=5][color=black][font=traditional arabic]روى البخاري ومسلم من حديث عِتبان -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : « [/font][/color][b][color=blue][font=traditional arabic]إن الله قد حرَّم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله [/font][/color][/b][color=black][font=traditional arabic]».[/font][/color][/size]
[size=5][color=black][font=traditional arabic]قال شيخ الإسلام وغيره : في هذا الحديث ونحوه أنها فيمن قالها ومات عليها، كما جاءت مقيدةً بقوله : [/font][/color][color=blue][font=traditional arabic]خالصاً من قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين[/font][/color][color=black][font=traditional arabic]. [/font][/color][/size]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]فإن حقيقة التوحيد انجذابُ الروح إلى الله تعالى جملةً، فمن شهد أن لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة؛ لأنَّ الإخلاص هو انجذابُ القلب إلى الله تعالى بأن يتوبَ من الذنوب توبة نصوحا. [/size][/font][/color]
[size=5][color=black][font=traditional arabic]فإذا مات على تلك الحال نال ذلك؛ فإنه قد تواترت الأحاديثُ بأنه « [/font][/color][color=blue][font=traditional arabic]يخرجُ من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، وما يزن خردلة، وما يزن ذرة [/font][/color][color=black][font=traditional arabic]».[/font][/color][/size]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]وتواترت بأنَّ كثيراً ممن يقول : لا إله إلا الله يدخل النار ثم يخرج منها. [/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]وتواترت بأن الله حرَّم على النار أن تأكل أثرَ السجود من ابن آدم؛ فهؤلاء كانوا يُصلون ويسجدون لله. [/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]وتواترت بأنه يُحرِّمُ على النار من قال: لا إله إلا الله، ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، [b]ولكن جاءت مقيّدةً بالقيود الثِّقال[/b]. [/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]وأكثرُ من يقولها لا يعرف الإخلاص!، وأكثر من يقولها إنِّما يقولها تقليداً أو عادةً، ولم تخالط حلاوة الإيمان بشاشة قلبه. [/size][/font][/color]
[size=5][color=black][font=traditional arabic]وغالبُ من يُفتنُ عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء؛ كما في الحديث: «[/font][/color][color=blue][font=traditional arabic]سمعت الناس يقولون شيئا فقلته[/font][/color][color=black][font=traditional arabic]» وغالب أعمال هؤلاء إنما هي تقليد واقتداء بأمثالهم، وهم من أقرب الناس من قوله تعالى: {[/font][/color][color=red][font=traditional arabic]إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ[/font][/color][color=black][font=traditional arabic]} [/font][/color][color=black][font=traditional arabic][الزخرف 23][/font][/color][color=black][font=traditional arabic] .[/font][/color][/size]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث، [b]فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحال مُصرَّاً على ذنب أصلا[/b]؛ [u]فإنَّ كمالَ إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، فلا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما أمر الله[/u]. [/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]وهذا هو الذي يَحرُم على النار وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإنَّ هذا الإيمان وهذا الإخلاص، وهذه التوبة وهذه المحبة وهذا اليقين، لا تترك له ذنباً إلاّ محي عنه كما يمحو الليل النهار. [/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]فإذا قالها على وجه الكمال المانعِ من الشرك الأكبر والأصغر، فهذا غيرُ مصرٍّ على ذنب أصلا، فيُغفر له ويُحرَّم على النار.[/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]وإن قالها على وجه خلُص به من الشرك الأكبر دون الأصغر، ولم يأت بعدها بما يناقض ذلك، فهذه الحسنةُ لا يقاومها شيءٌ من السيئات فيرجح بها ميزان الحسنات، كما في حديث البطاقة فيحرم على النار، ولكن تنقص درجته في الجنة بقدر ذنوبه.[/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]وهذا بخلاف من رجحت سيئاتُه بحسناته، ومات مُصراً على ذلك، فإنه يستوجب النار وإن قال لا إله إلا الله وخلص بها من الشرك الأكبر لكنه لم يمت على ذلك، بل أتى بعدها بسيئات رجحت على حسنة توحيده، فإنه في حال قولها كان مخلصا لكنه أتى بذنوب أوهنت ذلك التوحيد والإخلاص فأضعفته، وقويت نار الذنوب حتى أحرقت ذلك. بخلاف المخلص المستيقن؛ فإن حسناته لا تكون إلا راجحة على سيئاته ولا يكون مصرّاً على سيئات، فإن مات على ذلك دخل الجنة .[/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]وإنما يُخاف على المخلص أن يأتي بسيئة راجحة فيضعُف إيمانه فلا يقولها بإخلاص ويقين مانعٍ من جميع السيئات، ويُخشى عليه من الشرك الأكبر والأصغر، فإن سَلِم من الأكبر بقي معه من الأصغر، فيُضيف إلى ذلك سيئاتٍ تنضمُّ إلى هذا الشرك فيرجح جانب السيئات، فإن السيئات تُضْعِفُ الإيمان واليقين، فيضعف قول: لا إله إلا الله، فيمتنع الإخلاص بالقلب، فيصير المتكلم بها كالهاذي أو النائم، أو من يُحسِّن صوته بآية من القرآن من غير ذوقِ طعمٍ وحلاوة. فهؤلاء لم يقولوها بكمال الصدق واليقين، بل يأتون بعدها بسيئات تنقُضُ ذلك، بل يقولونها من غير يقين وصدق ويموتون على ذلك، ولهم سيئاتٌ كثيرة تمنعهم من دخول الجنة.[/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]فإذا كثُرت الذنوب ثقُل على اللسان قولهُا، وقسا القلب عن قولها، وكره العمل الصالح، وثقُل عليه سماع القرآن، واستبشر بذكر غير الله، واطمأنَّ إلى الباطل، واستحلى الرَّفث، ومخالطةَ أهل الغفلة، وكره مخالطة أهل الحق، فمثلُ هذا إذا قالها، قال بلسانه ما ليس في قلبه، وبفيه ما لا يصدقه عمله.[/size][/font][/color]
[size=5][color=black][font=traditional arabic]قال الحسن: "[/font][/color][color=#3366ff][font=traditional arabic]ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال. فمن قال خيراً وعمل خيراً قُبل منه، ومن قال خيراً وعمل شراً لم يُقبل منه[/font][/color][color=black][font=traditional arabic]".[/font][/color][/size]
[size=5][color=black][font=traditional arabic]وقال بكر بن عبد الله المزني: "[/font][/color][color=#3366ff][font=traditional arabic]ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيامٍ ولا صلاة ولكن بشيء وقر في قلبه[/font][/color][color=black][font=traditional arabic]".[/font][/color][/size]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]فمن قال: لا إله إلا الله، ولم يقم بموجبها، بل اكتسب مع ذلك ذنوبا، وكان صادقا في قولها موقنا بها - لكن له ذنوب أضعفت صدقه ويقينه - وانضاف إلى ذلك الشرك الأصغر العملي، فرجحت هذه السيئاتُ على هذه الحسنة، ومات مصرّاً على الذنوب، بخلاف من يقولها بيقين وصدق، فإنه إمّا أن لا يكون مصرّاً على سيئة أصلا، ويكون توحيده المتضمن لصدقه ويقينه رجَّح حسناته. [/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]والذين يدخلون النار ممن يقولها: إمّا أنهم لم يقولوها بالصدق واليقين التامِّين المنافيين للسيئات، أو لرُجحانها، أو قالوها واكتسبوا بعد ذلك سيئاتٍ رجحت على حسناتهم، ثم ضعُف لذلك صدقهم ويقينهم، ثم لم يقولوها بعد ذلك بصدق ويقين تام؛ لأن الذنوب قد أضعفت ذلك الصدق واليقين من قلوبهم، فقولها من مثل هؤلاء لا يقوى على محو السيئات فترجح سيئاتهم على حسناتهم. انتهى ملخصا.[/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]وقد ذكر هذا كثير من العلماء كابن القيم وابن رجب وغيرهم.[/size][/font][/color]
[color=black][font=traditional arabic][size=5]قلت [ أي: الشيخ عبد الرحمن بن حسن ]: وبما قرَّره شيخ الإسلام تجتمع الأحاديث .[/size][/font][/color]
[font=traditional arabic][size=5][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=4][color=blue]من كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل شيخ .[/color][/size][/font]
[size=5][/size]