عرض مشاركة واحدة
  #55  
قديم 08-12-2008, 12:52 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


القاعدة الرابعة : ليس كل مجتهد مصيب

عن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلميقول : (( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد )) .
أخرجه البخاري ( 7352 ) ومسلم ( 1716 ) .
هذا الحديث يدل على أنه ليس كل مجتهد مصيب وأن الحق واحد لا يتعدد ، قال الشوكاني في إرشاد الفحول ( 386 ) : فهذا الحديث يفيدك أن الحق واحد وأن بعض المجتهدين يوافقه فيقال له مصيب ويستحق أجرين ، وبعض المجتهدين يخالفه ويقال له مخطيء واستحقاقه الأجر لا يستلزم كونه مصيبا ، واسم الخطأ لا يستلزم كونه مصيبا واسم الخطأ عليه لا يستلزم أن لا يكون له أجر ، فمن قال كل مجتهد مصيب وجعل الحق متعدداً بتعدد المجتهدين فقد أخطأ وخالف الصواب مخالفة ظاهرة فإن النبي صلى الله عليه وسلمجعل المجتهدين قسمين قسماً مصيباً وقسماً مخطئاً ، ولو كان كل واحد مصباً ولم يكن لهذا التقسيم معنى . انتهى .
وقد استدل من ذهب أن كل مجتهد مصيب بحديث ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلميوم الأحزاب : (( لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة )) فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم ، لا نصلي حتى نأتيهم ، وقال بعضهم : بل نصلي لم يرد منا ذلك ، فذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلمفلم يعنف واحداً منهم . أخرجه البخاري ( 4119 ) ومسلم ( 1707 ) .
قال الحافظ في الفتح الباري ( 7/409 ) : الاستدلال بهذه القصة على أن كل مجتهد مصيب على الإطلاق ليس بواضح ، وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد فيستفاد منه عدم تأثيمه .. وقد استدل به الجمهور على عدم تأثيم من اجتهد لأنه صلى الله عليه وسلملم يعنف أحداً من الطائفتين ، فلو كان هناك إثم لعنف من أتم . انتهى .

القاعدة الخامسة : ينكر على من خالف الدليل في أي مسألة من المسائل

قال ابن تيمية : قولهم ( ومسائل الخلاف لا إنكار فيها ) ليس بصحيح ، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل . أما الأول : فإن كان القول يخالف سنة أو إجماع قديماً وجب إنكاره وفاقاً ، وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول : المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء . وأما العمل : إذا كان على خلاف سنة أو إجماع ، وجب إنكاره أيضا بحسب درجات الإنكار .. كما ينقض حكم الحاكم إذا خالف سنة وإن كان قد اتبع بعض العلماء ، وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع ، وللإجتهاد فيها مساغ ، فلا ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً ، وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الإجتهاد ، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس ، والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الإجتهاد مالم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ له الإجتهاد لتعارض الأدلة المقاربة ، أو لخفاء الأدلة فيها . انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ( 30/80 ) : إن مثل هذه المسائل الإجتهادية لا تنكر باليد ، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها ، ولكن يتكلم بالحجج العلمية ، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه ، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه . انتهى .

القاعدة السادسة : الخروج من الخلاف مستحب

الأدلة متكاثرة في الإعتصام وعدم التفرق والاتفاق على كلمة واحدة فهي دالة على استحباب الخروج من الخلاف، لكن ذلك مشروط بشرطين :
الشرط الأول : أن لا يكون في ذلك طرح لدليل من الأدلة .
الشرط الثاني : أن لا يوقع الخروج من ذلك الخلاف في الوقوع في خلاف آخر .
قال النووي في شرح مسلم ( 2/23 ) : فإن العلماء متفقون على الحث على الخروج من الخلاف ، إذا لم يلزم منه إخلال بسنة ، أو أوقع في خلاف آخر . انتهى .


القاعدة السابعة : عدم التكلم في مسألة لم يسبق إلى القول بها إمام من الأئمة

هذه القاعدة إنما هي في المسائل التي لا نص فيها ، وأما المسائل التي فيها نص من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلمفيعمل بها وإن لم يعرف أن أحداً من الأئمة السابقين قال بها ، لأن الحديث حجة بنفسه ، وأما المسائل التي لا نص فيها ، ولم يتكلم فيها السلف مع وجودها في زمنهم فلا يشرع أن يأتي المسلم فيها بقول محدث لم يسبق إليه ، قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 21/291 ) : كل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين ، ولم يسبقه إليه أحد منهم ، فإنه يكون خطأ ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل : إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام . انتهى .


يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس