الحمد لله ثم أما بعد ...
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره :
( قال ابن عطية رحمه الله :
والإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض لمنأطاقه وأمن الضرر على نفسه وعلى المسلمين ،
فإن خاف فينكر بقلبه ويهجر ذا المنكرولا يخالطه ) اهـ
وعليه فمن ترك إنكار المنكر مع القدرة وأمن المفسدة فهو آثم ،
وعلى كل من يفتقد للأسلوب الحسن في الإنكار أن يرجع إلى أهل العلم في ذلك ،
فيسمع لكلامهم ، وينظر في نصائحهم وكتبهم ،
بعد نظره في سير الأنبياء ، والسلف الصالح من العلماء والاولياء ،
في طريقة إنكارهم على أصحاب المعاصي وأهل الأهواء ،
وكون المرء لا يجد ما يقول في موقف معين فهذا لا يرفع عنه الحرج ،
فأضعف الإيمان في مرتبة الإنكار باللسان أن يقول الناهي لصاحب المنكر :
" أما آن لك أن تترك كذا يا فلان " أو " لو عملت بطاعة الله وتركت هذا لكان خيرا لك " أو " إن هذا الفعل لا يليق بمن هو في نبلك وأخلاقك يا فلان " أو
" لو انتهيتَ عن هذا لبارك الله لك في أهلك ومالك وولدك " ،
ونحو ذلك من العبارات اللينة ، والكلمات الرقيقة الهينة ،
التي ترفع الحرج عن الناهي ، وتحث صاحب المنكر على ترك ما وقع فيه من المناهي ،
وقد سبق هذا المعنى في كلام ابن رجب رحمه الله حيث قال :
( وبكلحال يتعين الرفق في الإنكار ،
قال سفيان الثوري : لا يأمربالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فيه خصال ثلاث :
رفيق بما يأمر ، رفيق بما ينهى ، عدل بما يأمر ، عدل بما ينهى ، عالمبما يأمر ، عالم بما ينهى .
وقال أحمد : الناس محتاجون إلىمداراة ورفق الأمر بالمعروف بلا غلظة ،
إلا رجل معلن بالفسق ، فلا حرمة له،
قال : وكان أصحاب ابن مسعود إذا مروا بقوم يرون منهم ما يكرهون،
يقولون : مهلا رحمكم الله ، مهلا رحمكم الله .
وقال أحمد : يأمر بالرفق والخضوع ، فإن أسمعوه ما يكره لا يغضب ،فيكون يريد ينتصر لنفسه .)
والله يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى سبحانه .
التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحارث الشافعي ; 09-08-2008 الساعة 08:03 PM
|