عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-13-2008, 03:54 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

 

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(168)إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ(169)
لما بين تعالى انه لا اله الا هو وانه المستقل بالخلق شرع يبين انه الرزاق لجميع خلقه فذكر فى مقا الامتنان : انه اباح ان يأكلوا مما فى الارض فى حال كونه حلالا من الله طيبا اى : مستطاب فى نفسه غير ضار للابدان والعقول ونهاهم عن اتباع خطوات الشيطان وهى طرائقه ومسالكه فيما اضل اتباعه فيه
وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ : قيل : كل معصية لله فهى من خطوات الشيطان وقيل هى نزغات الشيطان وقيل خطاه
وقوله تعالى : إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ " تنفير عنه وتحذير منه
إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ: اى انما يأمركم عدوكم الشيطان بالافعال السيئة وأغلظ منها الفاحشة كالزنا ونحوه وأغلظ من ذلك وهو القول على الله بلا علم فيدخل فى هذا كل كافر وكل مبتدع ايضا

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ(170)وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ(171)}.
يقول تعالى : واذا قيل لهؤلاء الكفرة من المشركين اتبعوا ما انزل الله على رسوله واتركوا ما انتم عليه من الكفر والضلال قالوا فى جواب ذلك : بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا اى ما وجدنا عليه اباءنا من عبادة الاصنام والانداد
قال تعالى منكرا عليهم " أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ الذين يقتدون بهم ويقتفون اثرهم لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ اى ليس لهم فهم ولا هداية
وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا :اى فيما هم فيه من الغى والضلال والجهل كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَ دُعَاءً وَنِدَاءً" كالدواب السارحة التى لا تفقه ما يقال لها بل اذا نعق بها راعيها اى دعاها الى ما يرشدها لا تفقه ما يقول ولا تفهمه بل انما تسمع صوته فقط
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ : اى صم عن سماع الحق بكم لا يتفوهون به عمى عن رؤية طريقة ومسلكه
فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ: اى لا يعقلون شيئا ولا يفهمونه


{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(172)إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(173)}.
يقول تعالى امرا عباده المؤمنين بالاكل من طيبات ما رزقهم وان يشكروه سبحانه على ذلك ان كانوا عبيده
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُإِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَالْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُكُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌوَقَالَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِإِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌوَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ
ولما امتن تعالى عليهم برزقه وارشدهم الى الاكل من طيبه ذكر انه لم يحرم عليهم من ذلك الا الميتة وهى التى تموت حتف انفها من غير تذكية وسواء كانت منخنقة او موقوذة او متردية او نطيحة او عدا عليها السبع
ثم اباح تعالى تناول ذلك عند الضرورة والاحتياج اليها عند فقد غيرها من الاطعمة فقال : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغ : اى فى غير بغى ولا عدوان وهو مجاوزة الحد فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ اى فى اكل ذلك إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(174)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ(175)ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ(176)}
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ: اى اليهود الذين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم فى كتبهم التى بأيديهم وكتموا ذلك لئلا تذهب رياستهم وما كانوا يأخذونه من العرب من الهدايا والتحف على تعظيمهم اباءهم
وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً : وهو عرض الحياة الدنيا
أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَ النَّار: اى انما يأكلون ما يأكلونه فى مقابلة كتمان الحق نارا تأجج فى بطونهم يوم القيامة
وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : وذلك لانه تعالى غضبان عليهم لانهم كتموا وقد علموا فاستحقوا الغضب فلا ينظر اليهم ولا يزكيهم اى يثنى عليهم ويمدحهم بل يعذبهم عذابا اليما
قال تعالى مخبرا عنهم : أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى اى اعتاضوا عن الهدى وهو نشر ما فى كتبهم من صفة الرسول ، استبدلو عن ذلك واعتاضوا عنه الضلالة وهو تكذيبه والكفر به وكتمان صفاتهم فى كتبهم
وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ: اى اعتاضوا عن المغفرة بالعذاب
فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ : يخبر تعالى انهم فى عذاب شديد عظيم هائل يتعجب من رأهم فيها من صبرهم على ذلك مع شدة ما هم فيه من العذاب والنكال والاغلال : ويعنى ايضا فما ادومهم لعمل المعاصى التى تفضى بهم الى النار
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ: اى انما استحقوا هذا العذاب الشديد لان الله تعالى انزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى الانبياء قبله كتبه بتحقيق الحق وابطال الباطل وهؤلاء اتخذوا ايات الله هزوا فكتابهم يأمرهم بإظهار العلم ونشره فخالفوه وكذبوه ولها استحقوا العذاب والنكال : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ

{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ(177)}.
لما امر الله تعالى المؤمنين اولا بالتوجه الى بيت المقدس ثم حولهم الى الكعبة شق ذلك على نفوس طائفة من اهل الكتاب وبعض المسلمين فأنزل الله بيان حكمته فى ذلك وهو ان المراد امتثال اوامره وطاعته سبحانه والتوجه حيثما وجهفهذا هو البر وليس فى لزوم التوجه الى جهة من المشرق او المغرب بِر ولا طاعة ان لم يكن عن امر الله وشرعه ولهذا قال لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
والايه جامعة لجميع انواع البر وهو الايمان بالله وانه لا اله الا هو والتصديق بوجود الملائكة والكتب المنزلة من السماء على الانبياء والايمان بأنبياء الله كلهم
وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ: اى اخرجه وهو محب له راغب فيه
ذَوِي الْقُرْبَى : وهم قرابات الرجل وهم اولى من اعطى من الصدقة
وَالْيَتَامَى : هم الذين لا كاسب لهم وقد مات اباؤهم وهم ضعفاء صغار دون البلوغ والقدرة على التكسب
وَالْمَسَاكِينَ: وهم الذين لا يجدون ما يكفيهم فى قوتهم وكسوتهم وسكناهم
وَابْنَ السَّبِيلِ : وهو المسافر المجتاز الذى قد فرغت نفقته فيعطى ما يوصله لبلده وكذا الذى يريد سفرا فى طاعة فيعطى ما يكفيه فى ذهابه وايابه
وَالسَّائِلِينَ: وهم الذين يتعرضون للطلب فيعطون من الزكوات والصدقات
وَفِي الرِّقَابِ : وهم المكاتبون الذين لا يجدون ما يؤدونه فى كتابتهم
وَأَقَامَ الصَّلاةَ :اى واتم افعال الصلاة فى اوقاتها بركوعها وسجودها وخشوعها
وَآتَى الزَّكَاةَ : يحتمل ان يكون المراد به زكاة النفس وتخليصها من الرذائل ويحتمل ان يكون المراد زكاة المال
وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا : كقوله تعالى " الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق"
وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ: اى فى حال الفقر وهو البأساء وفى حال المرض والاسقام وهو الضراء وَحِينَ الْبَأْسِ: اى فى حال القتال والتقاء الاعداء
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا : اى هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات هم الذين صدقوا فى ايمانهم لانهم حققوا الايمان القلبى بالاقوال والافعال فهؤلاء الذين صدقوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ، لانهم اتقوا المحارم وفعلوا الطاعات

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(178)وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179)}.
يقول تعالى كتب عليكم العدل فى القصاص ايها المؤمنون حركم بحركم وعبدكم بعبدكم وانثاكم بأنثاكم ولا تتجاوزوا و تعتدوا كما اعتدى من كان قبلكم وسبب ذلك قريظة والنضير فكانو بنو نضير قد غزت قريظة فى الجاهلية وقهروهم فكان اذا قتل النضرى القرظى لا يقتل به بل يفادى بمائة وسقِِ ِِ من التمر واذا قتل القرظى النضرى قُتل وان فادوه فدوه بمائتى وسق من التمر ، فأمر الله بالعدل فى القصاص
بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ: فالعفو ان يقبل الدية فى العمد او اخذ الدية بعد استحقاق الدم وذلك العفو : فعل الطالب اتباع بالمعروف اذا قبل الدية
وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ: يعنى : من القاتل من غير ضرر ولا معْك يعنى المدافعة
ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ : انما شرع لكم اخذ الدية فى العمد تخفيفا من الله عليكم ورحمة بكم مما كان محتوما على الامم قبلكم من القتل او العفو
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ: وفى شرع القصاص لكم وهو قتل القاتل حكمة عظيمة لانه اذا علم القاتل انه يُقتل انكف عن صنيعه فكان فى ذلك حياة للنفوس
يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ: يا اولى العقول والافهام والنهى لعلكم تنزجرونوتتركون محارم الله ومأثمه والتقوى اسم جامع لفعل الطاعات وترك المنكرات
رد مع اقتباس