عرض مشاركة واحدة
  #54  
قديم 12-18-2008, 03:30 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي


{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ(180)فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(181)فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(182)}.
اشتملت هذه الاية الكريمة على الامر بالوصية للوالدين والاقربين
إِنْ تَرَكَ خَيْرًا: اى مالا
ِبالْمَعْرُوفِ: اى بالرفق والاحسان والمراد بالمعروف ان يوى لاقربيه وصية لا تجحف بورثته من غير اسراف ولا تقتير
فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ : فمن بدل الوصية وحرفها فغير حكمها وزاد فيها او نقص ، ويدخل فى ذلك الكتمان لها بطريق الاولى فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ اى وقع اجر الميت على الله وتعلق الاثم بالذين بدلوا ذلك ِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ: : اى قد اطلع على ما اوصى به الميت وهو عليم بذلك وبما بدله الموصى اليهم
فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا - الاية : الجنف : الخطأ وهذا يشمل انواع الخطأ كلها ، بأن زادوا وارثا بواسطة او وسيلة ، كما اذا اوصى ببيعة الشىء الفلانى محاباة او اوصى لابن ابنته ليزيد او نحو ذلك من الوسائل ، إما مخطئا غير عامد بل بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر او متعمدا اثما فى ذلك فللوصىِّ – والحاله هذه- ان يصلح القضية ويعدل فى الوصية على الوجه الشرعى وهذا الاصلاح والتوفيق ليس من التبديل فى شىء

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(183)أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(184)
يقول تعالى مخاطبا للمؤمنين من هذه الامة وامرا لهم بالصيام وهو الامساك عن الطعام والشراب والوِقاع بنية خالصة لله وذكر انه كما اوجبه عليهم فقد اوجبه على من كان قبلهم ولهذا قال : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ لان الصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان
ثم بين حكم الصيام على ما كان عليه الامر فى ابتداء الاسلام فقال فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ: اى المريض والمسافر لا يصومان فى حال المرض والسفر لما فى ذلك من المشقة عليهما بل يفطران ويقضيان بعدة ذلك من ايام اخر
واما الصحيح المقيم الذى يطيق الصيام فقد كان مخيرا بين الصيام وبين الاطعام فان افطر اطعم عن كل يوم مسكينا فإن اطعم اكثر كان خيرا وان صام فهو افضل من الطعام ، قاله عدد من السلف : ولهذا قال تعالى : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
ثم ان الله انزل الايه الاخرى شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ الى قولهفَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الاطعام للكبير الذى لا يستطيع الصيام

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(185)}
يمدح الله تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لانزال القرأن العظيم فيه وقد ورد الحديث بأنه الشهر الذى تنزلت فيه الكتب الالهيه على الانبياء
هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ: هذا مدح للقرأن الذى انزله الله هدى لقلوب ممن امن به وصدقه واتبعه وَبَيِّنَاتٍ اى ودلائل وحجج بينة واضحة
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ: هذا ايجاب حتم على من شهد استهلال الشهر اى كان مقيما فى البلد حين دخل شهر رمضانوهو صحيح فى بدنه ان يصوم لا محاله ونسخت هذه الايه الاباحة المتقدمة لمن كان صحيحا مقيما ان يفطر ويفدىولما خُتم الصيام اعاد ذكر الرخصة للمريض وللمسلفر فى الافطار بشرط القضاء فقال : وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر
ومعناه : ومن كان به مرض فى بدنه يشق عليه الصيام معه او يؤذيه او كان على سفر فله ان يفطر فإذا افطر فعليه عدة ما افطره من الايام ولهذا قال : َ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ: اى انما رخص لكم فى الفطر فى حال المرض والسفر مع تحتمه فى حق المقيم الصحيح تيسيرا عليكم ورحمة بكم
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ: وانما امركم بالقضاء لتكملوا عدة شهركم
وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ: اى ولتذكروا الله عند انقضاء عبادتكم ولهذا جاءت السنة باستحباب التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات المكتوبات
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: اى اذا قمتم بما امركم الله من طاعته بأداء فرائضه وترك محارمه وحفظ حدوده فلعلكم ان تكونوا من الشاكرين بذلك

{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ(186)
ان الله تعالى لا يخيب دعاء داعٍ ولا يشغله عنه شىء بل هو سميع الدعاء وفى ذكره تعالى هذه الايه الباعثة على الدعاء متخللة بين احكام الصيام ارشاد الى الاجتهاد فى الدعاء عند اكمال العدة بل وعند كل فطر

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(187)}
هذه رخصة من الله تعالى للمسلمين ورفع لما كان عليه الامر فى ابتداء الاسلام فأنه كان اذا افطر احدهم انما يحب له الاكل والشرب والجماع الى صلاة العشاء او ينام قبل ذلك فمتى نام او صلى العشاء حُرم عليه الاكل والشراب والجماع الى الليلة القابلة فوجدوا من ذلك مشقة كبيرة والرفث هنا هو الجماع
هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ: يعنى هن سكن لكم وانتم سكن لهن اى رخص لهم فى المجامعة فى ليل رمضان لئلا يشق ذلك عليهم
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ: اباح تعالى الاكل والشرب مع ما تقدم من اباحة الجماع فى اى الليل شاء الصائم الى ان يتبين ضياء الصباح من سواد الليل ورفع اللبس بقوله مِنَ الْفَجْرِ
ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ: يقتضى الافطار عند غروب الشمس حكما شرعيا ونهى عن الوصال بأن يصل يوما بيوم اخر ولا يأكل بينهما شيئا
وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ: لا يقربها وهو معتكف ولو ذهب الى منزلة لحاجة لابد له منها وليس له ان يقبل امرأته ولا ان يضمها اليه ولا يشتغل بشىء سوى اعتكافه
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ: اى هذا الذى بيناه وفرضناه من الصيام واحكامه وما ابحنا فيه وما حرمنا وذكرنا غاياته ورخصة وعزائمة حُدُودُ اللَّهِ : اى شرعها الله وبينها بنفسه
فَلا تَقْرَبُوهَا: اى لا تُجاوزوها وتتعدوها
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ : اى كما بين الصيام واحكامه وشرائعه وتفاصيله كذلك يبين سائر الاحكام على لسان عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم
لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ: اى يعرفون كيف يهتدون وكيف يطيعون
رد مع اقتباس