الموضوع
:
" فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّه "
عرض مشاركة واحدة
#
1
12-18-2008, 10:38 PM
أم عبد الرحمن السلفية
قـــلم نــابض
" فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّه "
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قوله (
فإن تولوا
) :أي : أعرضوا مع هذا البيان الواضح بوصف الرسول صلى الله عليه
وسلم ، وهذا التفات من الخطاب الى الغيبة ، لأن التولي مع هذا البيان مكروه ، ولهذا لم
يخاطبوا به ، فلم يقل : فإن توليتم .
والبلاغيون يسمونه التفاتا ، ولو قيل : انه انتقال ، لكان أحسن .
قوله
:
(
فقل حسبي الله
)
: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي : قل
ذلك معتمدا على الله ، متوكلا عليه ، معتصما به : حسبي الله ، وارتباط
الجواب بالشرط واضح ، أي : فإن أعرضوا ، فلا يهمنك اعراضهم ، بل قل
بلسانك وقلبك : حسبي الله ، و (
حسبي
)
خبر مقدم ، ولفظ الجلالة مبتدأ مؤخر ويجوز العكس بأن نجعل :(
حسبي
) مبتدأ ولفظ الجلالة خبر
، لكن
لما كانت حسب نكرة لاتتعرف بالاضافة ، كان الأولى أن نجعلها هي الخبر .
قوله (
لا إله الا هو
) : أي : لا معبود حق حقيق بالعبادة سوى الله -عز وجل -.
قوله (
عليه توكلت
) : عليه : جار ومجرور متعلق بتوكلت ، وقدم للحصر .
والتوكل : هو الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به وفعل الأسباب
النافعة ..
وقوله (
عليه توكلت
) مع قوله : (
لا إله الا هو
) فيها جمع بين توحيدي الربوبية والعبودية
، والله تعالى يجمع بين هذين الأمرين كثيرا ، (
اياك نعبد واياك نستعين
) وقوله : (
فاعبده
وتوكل عليه
) ..
قوله : (
وهو رب العرش العظيم
) الضمير يعود على الله - سبحانه -..
و (
رب العرش
) ، أي : خالقه ، واضافة الربوبية الى العرش وإن كانت ربوبية الله عامة
تشريفا للعرش وتعظيما له . ومناسبة التوكل لقوله : (
رب العرش العظيم
) لأن من كان
فوق كل شيء ولا شيء فوقه ، فإنه لا أحد يغلبه ، فهو جدير بأن يٌتوكل عليه وحده .
وقوله : (
العرش
) فسره بعض الناس بالكرسي ، ثم فسروا الكرسي بالعلم ، وحينئذ لا
يكون هناك كرسي ولاعرش ، وهذا التفسير باطل ، والصحيح أن العرش غير الكرسي ،
وأن الكرسي غير العلم ، ولا يصح تفسيره بالعلم ، بل الكرسي من مخلوقات الله العظيمة
الذي وسع السماوات والأرض ، والعرش أعظم وأعظم ، ولهذا وصفه بأنه عظيم بقوله
تعالى : (
وهو رب العرش العظيم
) وبأنه مجيد بقوله : (
ذو العرش المجيد
) على قراءة
كسر الدال ، وبأنه كريم في قوله : (
لا إله إلا هو رب العرش الكريم
) ، لأنه أعظم
المخلوقات التي بلغنا علمها وأعلاها لأن الله استوى عليه ، .
وفيه دليل على أن كلمة العظيم يوصف بها المخلوق ، لأن العرش مخلوق ، وكذلك الرحيم
، والرؤوف ، والحكيم ..
ولايلزم من اتفاق الاسمين اتفاق المسميين ، فإذا كان الانسان رؤوفا ، فلا يلزم أن يكون مثل
الخالق ، فلا تقل : اذا كان الانسان سميعا بصيرا عليما لزم أن يكون مثل الخالق ، لأن الله
سميع بصير عليم ، كما أن وجود الباري سبحانه لا يستلزم أن تكون ذاته كذوات الخلق ،
فإن أسماءه كذلك لايستلزم أن تكون كأسماء الخلق ، وهناك فرق عظيم بين هذا وهذا ..
وقوله :(
فقل حسبي الله
) ، أي : كافيني ، وهكذا يجب أن يعلن المؤمن اعتماده على ربه ،
ولا سيما في مثل هذا المقام الذي يتخلى الناس عنه ، لأنه قال : (
فإن تولوا
) وهذا الكلمة -
كلمة الحسب - تُقال في الشدائد ، قالها ابراهيم حين ألقي في النار ، والنبي صلى الله عليه
وسلم وأصحابه حين قيل لهم : (
إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا
حسبنا الله ونعم الوكيل
) ...
****
المصدر:
منقول من كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد ج1 ص(441-444 )،لفضيلة الشيخ : محمد بن صالح بن عثيمين غفر الله له ولوالديه وللمسلمين ...
أم عبد الرحمن السلفية
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها أم عبد الرحمن السلفية