عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 01-11-2009, 03:54 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ(197)}
اختلف أهل العربية في قوله: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) فقال بعضهم: [تقديره] الحج حَجُّ أشهر معلومات، فعلى هذا التقدير يكون الإحرام بالحج فيها أكمل من الإحرام به فيما عداها، وإن كان ذاك صحيحا، والقول بصحة الإحرام بالحج في جميع السّنَةِ مذهبُ مالك، وأبي حنيفة، وأحمد بن حنبل، وغيرهم
واحْتَجّ لهم بقوله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّوبأنه أحد النسكين. فصح الإحرام به في جميع السَّنَةِ كالعمرة.
وذهب الشافعي، رحمه الله، إلى أنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره فلو أحرم به قبلها لم ينعقد إحرامه به،والدليل عليه قوله تعالى: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ )
وظاهره التقدير الآخر الذي ذهب إليه النحاة، وهو أن: وقت الحج أشهر مَعْلُومات، فخصصه بها من بين سائر شهور السنة، فدلّ على أنه لا يصح قبلها، كميقات الصلاة.
فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ: أي: أوجب بإحرامه حَجًّـا. فيه دلالة على لزوم الإحرام بالحج والمضي فيه. قال ابن جرير: أجمعوا على أن المراد من الفَرْض هاهنا الإيجاب والإلزام
فَلا رَفَثَ: أي: من أحرم بالحج أو العمرة، فليجتنب الرفث، وهو الجماع،
وَلا فُسُوقَ: الفسوقُ هاهنا السباب بما ثبت في الصحيح "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر"
والذين قالوا: الفسوق هاهنا هو جميع المعاصي، معهم الصواب، كما نهى تعالى عن الظلم في الأشهر الحرم، وإن كان في جميع السنة منهيًا عنه، إلا أنه في الأشهر الحرم آكَدُ؛ ولهذا قال: مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة: 36]، وقال في الحرم: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج: 25]
وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ: فيه قولان : احدهما : ولا مجادلة في وقت الحج وفي مناسكه، وقد بينه الله أتَمّ بيان ووضحه أكمل إيضاح
والقول الثانى : ان المراد بالجدال هاهنا المخاصمة
وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ: لما نهاهم عن إتيان القبيح قولا وفعْلا حَثَّهم على فعل الجميل، وأخبرهم أنه عالم به، وسيجزيهم عليه أوفرَ الجزاء يوم القيامة.

وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى : عن بن عباس قال : كان اهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلونفأنزل الله وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى
لما أمرهم بالزاد للسفر في الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة، وهو استصحاب التقوى إليها،

وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ: واتقوا عقابي، ونكالي، وعذابي، لمن خالفني ولم يأتمر بأمري، يا ذوي العقول والأفهام

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ(198)
عن ابن عباس، قال: كانت عكاظ ومَجَنَّة ، وذو المجاز أسواقا فى الجاهلية، فتأثَّموا أن يتجروا في المواسم فنـزلت: ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ ) في مواسم الحج.
فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ: إنما صَرَفَ "عرفات" وإن كان علما على مؤنث؛ لأنه في الأصل جَمْع كمسلمات ومؤمنات، سمي به بقعة معينة، فروعي فيه الأصل، فصرف. اختاره ابن جرير
وعرفة: موضع الموقف في الحج، وهي عمدة أفعال الحج؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحج عرفات -ثلاثا -فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر، فقد أدرك. وأيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه".
ووقت الوقوف من الزوال يومَ عرفة إلى طُلُوع الفجر الثاني من يوم النحر؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع، بعد أن صلى الظهر إلى أن غربت الشمس، وقال: "لتأخُذوا عني مناسككم"
الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ: المشاعر هى المعالم الظاهرة وانما سميت المزدلفة المشعر الحرام لانها داخل الحرم
وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ: تنبيه لهم على ما أنْعَم به عليهم، من الهداية والبيان والإرشاد إلى مشاعر الحج، على ما كان عليه إبراهيم الخليل، عليه السلام؛ ولهذا قال (وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) قيل: من قبل هذا الهدي، وقبل القرآن، وقبل الرسول، والكل متقارب، ومتلازم، وصحيح

ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(199)
"ثم" هاهنا لعطف خبر على خبر وترتيبه عليه، كأنه تعالى أمر الواقف بعرفات أن يَدْفَع إلى المزدلفة، ليذكر الله عند المشعر الحرام، وأمره أن يكون وقوفه مع جمهور الناس بعرفات، كما كان جمهور الناس يصنعون، يقفون بها إلا قريشًا، فإنهم لم يكونوا يخرجون من الحرم، فيقفون في طرف الحرم عند أدنى الحِل ، ويقولون: نحن أهل الله في بلدته، وقُطَّان بيته.
وقوله: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) كثيرًا ما يأمر الله بذكره بعد قضاء العبادات؛ ولهذا ثبت في صحيح مسلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة يستغفر ثلاثًا. وفي الصحيحين أنَّه ندب إلى التسبيح والتحميد والتكبير، ثلاثًا وثلاثين، ثلاثًا وثلاثين.
رد مع اقتباس