عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 04-26-2009, 09:38 PM
أبو أنس الأنصاري أبو أنس الأنصاري غير متواجد حالياً
II كَانَ اللهُ لَهُ II
 




افتراضي



محمد بن أبي عامر ت 392 هـ = 1002 م
كان محمد بن أبي عامر يملك طموحات ضخمة وآمال كبيرة أطمعته في أن يكون واليًا على هذه البلاد ، ولتحقيق هذا الحلم قام بعدة أمورٍ غاية في الظلم والقسوة ؛ فعمل على الآتي :

أولًا :

فكر في التخلص من الوصيين اللّذَيْن كانا معه على هشام بن الحكم ، فدبر مكيدة سجن فيها الحاجب ( جعفر بن عثمان المصحفي ) ثم قتله بعد ذلك، ثم نظر إلى أمر أم هشام بن الحكم فوجد أن موقفها ضعيف بالنسبة له كقائد شرطة فتركها في قصرها، ثم تقلّد هو الأمور وحده، وبدأ يحكم بلاد الأندلس باسم الخليفة الصغير هشام بن الحكم .

ثانيًا:

أراد محمد بن أبي عامر بعد ذلك أن يقوّي جانبه أكثر مما كان عليه، فتزوج من ابنة أمير الجيش غالب بن عبد الرحمن ، وبذلك يكون قد حيّد جانب أمير الجيش، وضمن ولاء الجيش الأندلسي له، وحين انتبه غالب بن عبد الرحمن (أمير الجيش ووالد زوجته) له وعلم نيّاته وخطته وأفصح له عن ذلك، دبّر محمد بن أبي عامر له مكيدة أيضًا ثم قتله.

ثالثًا:
لم يكتف محمد بن أبي عامر بذلك، فقد قام باستدعاء جعفر بن علي بن حمدون قائد الجيش الأندلسي في المغرب ، (كانت المغرب قد ضمت إلى بلاد الأندلس في عهد الحكم بن عَبْد الرَّحْمَن النَّاصِر كما ذكرنا ) استدعاه إليه وقربه منه ، واستفاد كثيرًا من قوته، ثم دبّر له مكيدة أيضا وقتله ، وكان كلما قتل شخصا عيّن مكانه مَن يعمل برأيه وبوصاية منه، وبذلك يكون قد تملّك من كل الأمور في الأندلس .

رابعًا:

وبنظرة طويلة إلى الأمام بدأ محمد بن أبي عامر يقنع الخليفة الصغير هشام بن الحكم بالاختفاء في قصره بعيدًا عن العيون؛ وذلك - كما يزعم - خوفاً عليه من المؤامرات، وأن على الخلفاء أن يتفرغوا للعبادة ويتركوا أمور الناس لرئاسة الوزراء أو لقوة الشرطة أو غيرهما، وهكذا أقنعه، وقام هو بإدارة دفّة البلاد، ورُبّي ونشأ هشام بن الحكم الطفل الصغير على هذا الفهم.

بروز نجم محمد بن أبي عامر ( الحاجب المنصور )

مرت السنوات ومحمد بن أبي عامر يتولى كل شيء في بلاد الأندلس ، وهشام بن الحكم يكبر في السن لكنه لم يكن يعرف شيئًا عن الحكم وتحمُّل المسئولية ، وفي 371 هـ= 982 م وبعد حوالي خمس سنوات من تولي هشام بن الحكم الأمور ووصاية محمد بن أبي عامر عليه، كان الأمر قد استَتَبَّ لمحمد بن أبي عامر ولقّب نفسه بالحاجب المنصور .

وكان من عادة الخلفاء قبل ذلك أن يطلقوا على أنفسهم ألقابًا تميزهم ويُعرفون بها وعليها كانوا يؤملون، وذلك مثل: الناصر بالله، الحاكم بأمر الله، المؤيد بالله، لكن هذه هي أول مرة يقوم فيها الوصي أو رئيس الوزراء أو الحاجب بأخذ لقب لنفسه وهو المنصور ، الأمر الذي تطور كثيرًا حتى أصبح يُدعى له على المنابر مع الخليفة هشام بن الحكم ، ثم نقش اسمه على النقود وعلى الكتب والرسائل .

وإتمامًا لذلك وكما أنشأ عَبْد الرَّحْمَن النَّاصِر رحمه الله مدينة الزهراء في الشمال الغربي من مدينة قرطبة لتكون مركزًا لخلافته، قام محمد بن أبي عامر بإنشاء مدينة جديدة في شرق قرطبة سمّاها مدينة الزاهرة أو مدينة العامرية .

وبدأ محمد بن أبي عامر ينقل الوزارات ودواوين الحكم إلى مدينة الزاهرة ، وأنشأ له قصرًا كبيرًا هناك، وبدأ يجمّل فيها كثيرًا، حتى أصبحت مدينة الزاهرة أو مدينة العامرية هي المدينة الأساسية في الأندلس وبها قصر الحكم.


بعد التمهيدات السابقة وفي الطريق نحو عهد جديد من تاريخ الأندلس قام محمد بن أبي عامر بعمل الآتي:

أولًا: في سنة 381 هـ= 991 م قام بأمر لم يعهد من قبل في تاريخ الأندلس ، بل في تاريخ المسلمين، حيث عهد بالحجابة من بعده لابنه عبد الملك بن المنصور ، وكان المشهور والمتعارف عليه أن الخليفة وحده هو الذي يعهد بالخلافة من بعده.

ثانيًا: وتمهيدًا لإقامة مُلْك على أنقاض بني أمية ، قام في سنة 386 هـ= 996 م بتلقيب نفسه بلقب الملك الكريم ، كل هذا وهشام بن الحكم الخليفة يكبر في السن، لكن ليس له من الأمر شيء.

ثالثًا: قام محمد بن أبي عامر بعد ذلك بعمل خطير أدى - فيما بعد وعلى ما سنرى - إلى انقساماتٍ كثيرة في بلاد الأندلس ، فقد كان محمد بن أبي عامر يمنيًا، واليمنيون في الأندلس ليسوا بكثرة، ولخشيته من الاستعانه بالقبائل المضرية وقبائل بني أمية معه في الجيش وبقية الأمور فكّر أن يستعين بعنصر آخر وهم البربر، فبدأ يعظّم من أمرهم ويرفع من شأنهم؛ حتى يضمن ولاءهم.

بدأ العامريون يكثرون في أماكن الحكم في بلاد الأندلس ، وبدأ التاريخ يسجل لهم عهدًا جديدًا سماه : الدولة العامرية ، وقد بدأت فترة هذه الدولة فعليًا منذ سنة 366 هـ= 976 م، ومنذ أن تولى محمد بن أبي عامر أمر الوصاية على هشام بن الحكم ، وظلت حتى سنة 399 هـ= 1009 م أي أنها استمرت ثلاثًا وثلاثين سنة متصلة ، لكنها تعتبر داخلة في فترة الخلافة الأموية ؛ لأن هشام بن الحكم الأموي لا زال هو الخليفة حتى وإن كان رمزًا أو بعيدًا عن مجريات الأمور .

جوانب مضيئة في حياة محمد بن أبي عامر

كما رأينا فقد تولّى محمد بن أبي عامر الحكم منذ سنة سنة 366 هـ= 976 م وحتى وفاته رحمه الله في سنة 392 هـ= 1002 م وقد بدأ عهده كما رأينا بمكائد ومؤامرات وقتلٍ - على الأقل - لثلاثة أنفس حتى وصل إلى تولّي كافة الأمور في الأندلس .

ومن العجيب حقًا أنه - بالرغم من أفعال محمد بن أبي عامر هذه - إلا أنه كانت له محامد وجوانب مضيئة في حياته، جعلت جميع المؤرخين يتعجبون من سيرته ويقفون في حيرة من أمره، ومن هذه الجوانب ما يلي:

أولًا: كان مجاهدًا...


كان غريبا حقا أن يغزو محمد بن أبي عامر في حياته أربعًا وخمسين غزوة لم يُهزم أبدًا في واحدة منها ، بل كان الأغرب من ذلك هو أن يصل ( الحاجب المنصور أو محمد بن أبي عامر ) في فتوحاته إلى أماكن في مملكة ليون وفي بلاد النصارى لم يصل إليها أحد من قبل ، بل لم يصل إليها الفاتحون الأوائل مثل موسى بن نصير وطارق بن زياد ، فقد وصل الحاجب المنصور إلى منطقة الصخرة ، تلك المنطقة التي لم تُفتح من قِبَل المسلمين من قبل ، واستطاع رحمه الله أن يغزو النصارى في عقر دارهم ، وها هو قد وصل إلى خليج بسكاي والمحيط الأطلسي في الشمال .

وكان من المتعارف عليه قبل ذلك أن الجهاد في الصوائف فقط ، إلا إن الحاجب المنصور كان له في كل عام مرتان يخرج فيهما للجهاد في سبيل الله ، عُرفت هاتان المرتان باسم الصوائف والشواتي .

وهذه صور مشرقة من حياته الجهادية :


1- يُسيّر جيشًا جرارًا لإنقاذ نسوة ثلاث

جاء عن الحاجب المنصور في سيرة حروبه أنه سيّر جيشا كاملًا لإنقاذ ثلاث من نساء المسلمين كن أسيرات لدى مملكة نافار ، ذلك أنه كان بينه وبين مملكة نافار عهد، وكانوا يدفعون له الجزية ، وكان من شروط هذا العهد ألا يأسروا أحدًا من المسلمين أو يستبقوهم في بلادهم ، فحدث ذات مرة أن ذهب رسول من رسل الحاجب المنصور إلى مملكة نافار ، وهناك وبعد أن أدّى الرسالة إلى ملك نافار أقاموا له جولة، وفي أثناء هذه الجولة وجد ثلاثا من نساء المسلمين في إحدى كنائسهم فتعجب لوجودهن ، وحين سألهن عن ذلك قلن له إنهن أسيرات في ذلك المكان .

وهنا غضب رسول المنصور غضبًا شديدا وعاد إلى الحاجب المنصور وأبلغه الأمر ، فما كان من المنصور إلا أن سيّر جيشا جرارًا لإنقاذ النسوة ، وحين وصل الجيش إلى بلاد نافار دُهش ملك نافار وقال: نحن لا نعلم لماذا جئتم ، وقد كانت بيننا وبينكم معاهدة على ألا نتقاتل ، ونحن ندفع لكم الجزية . وبعزة نفس في غير كبر ردّوا عليه بأنكم خالفتم عهدكم ، واحتجزتم عندكم أسيرات مسلمات ، فقالوا: لا نعلم بهن ، فذهب الرسول إلى الكنيسة وأخرج النسوة الثلاث ، فقال ملك نافار : إن هؤلاء النسوة لا نعرف بهن ؛ فقد أسرهن جندي من الجنود وقد تم عقاب هذا الجندي ، ثم أرسل برسالة إلى الحاجب المنصور يعتذر فيها اعتذارًا كبيرًا، فعاد الحاجب المنصور إلى بلده ومعه الثلاث نساء .

2- يقطع النصارى عليه الطريق ، فيُملي شروطه عليهم

مما ذُكر عن الحاجب المنصور أيضًا أنه - رحمه الله - وهو في جهاده لفتح بلاد النصارى كان قد عبر مضيقًا في الشمال بين جبلين ، ونكاية فيه فقد نصب له النصارى كمينًا كبيرًا ، فتركوه حتى عبر بكل جيشه وحين همّ بالرجوع وجد طريق العودة قد قطع عليه ، ووجد المضيق وقد أغلق تمامًا بالجنود .

فما كان من أمر الحاجب المنصور إلا أن عاد مرة أخرى إلى الشمال واحتلّ مدينة من مدن النصارى هناك، ثم أخرج أهلها منها وعسكر هو فيها ، ووزّع ديارها على جنده ، وتحصّن وعاش فيها فترة ، ثم اتخذها مركزًا له يقود منه سير العمليات العسكرية ، فأخذ يرسل منها السرايا إلى أطراف ممالك النصارى ، ويأخذ الغنائم ويقتل المقاتلين من الرجال ، ثم يأتي بهؤلاء المقاتلين ويرمي بجثثهم على المضيق الذي احتلّه النصارى ومنعوه من العودة منه .

وهنا ضج النصارى وذهبوا مغاضبين إلى قوادهم يعرضون عليهم أن يفتحوا له الباب حتى يعود إلى بلده مرة أخرى أو يجدوا حلًا لهم في هذا الرجل، فاستجابوا لهم وعرضوا على الحاجب المنصور أن يخلوا بينه وبين طريق العودة ويعود من حيث أتى، فما كان من المنصور إلا أن رفض هذا العرض ، وردّ عليهم متهكمًا أنه كان يأتي إليهم كل عام مرتين ، صيفًا وشتاءً ، وأنه يريد هذه المرة أن يمكث بقية العام حتى يأتي موعد المرة الثانية ، فيقوم بالصوائف والشواتي من مركزه في هذه البلاد بدلا من الذهاب إلى قرطبة ثم العودة منها ثانية .

لم يكن مفر أمام النصارى سوى أن يطلبوا منه الرجوع إلى بلده وله ما يريد ، فاشترط عليهم الحاجب المنصور في سبيل موافقته على عرضهم ما يلي :

أولا: أن تفتحوا المضيق ولا تبقوا فيه نصرانيا واحدًا، فوافقوه على ذلك.
ثانيا: أن ترفعوا جثثكم التي ألقيناها من أمام المضيق، فبدأوا يرفعون جثث الجنود الذين قتلوا من أمام المضيق وأبعدوها عنه.

ثالثا: أن تحملوا لي جميع الغنائم من هنا إلى مقري في قرطبة ، وبالفعل أجابوا إلى ذلك، وحملوا الغنائم التي حصّلها من بلادهم من ليون في الشمال حتى أوصلوها إلى قرطبة في الجنوب.

3- يجمع ما علق على ثيابه من غبار ليدفن معه في قبره

مقتديًا بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : لَا يَجْتَمِعُ عَلَى عَبْدٍ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ . (رواه الترمذي وهو حديث حسن صحيح). كان من عادة الحاجب المنصور رحمه الله في جهاده وبعد كل معركة أن ينفض ثوبه ويأخذ ما يخرج منه من غبار ويضعه في قارورة ، ثم أمر في نهاية حياته أن تدفن معه هذه القارورة ؛ وذلك حتى تشهد له يوم القيامة بجهاده ضد النصارى .


إلا أنه ومع كل هذه الحروب ومع كل هذا الجهاد ، ورغم أنه غزا أربعًا وخمسين غزوة ولم يهزم في واحدة منها قط، فلم يكن سمت حروب الحاجب المنصور سمتًا إسلاميًا مثل التي كانت في زمن عَبْد الرَّحْمَن النَّاصِر أو الحكم بن عَبْد الرَّحْمَن النَّاصِر ، فقد كان الحاجب المنصور يخترق بلاد النصارى ويصل إلى عمقها، ويقتل منهم ثم يعود فقط محملًا بالغنائم ، ولم يكن من همه أبدًا أن يضم هذه البلاد إلى بلاد المسلمين ، أو أن يُعلّم أهلها الإسلام ، أو أن ينشر الدعوة في هذه البلاد ، فبقي الحال كما هو عليه ، بل إن الحمية زادت في قلوب النصارى وزاد حقدهم على المسلمين.

ثانيًا: اهتمامه بالجوانب الحضارية في البلاد


من الجوانب الوضّاءة في حياة محمد بن أبي عامر أو الحاجب المنصور أيضًا اهتمامه الكبير بالجانب المادي والحضاري في البلاد ، فقد أسسّ مدينة الزاهرة على أحسن ما يكون - كما ذكرنا - وزاد كثيرًا في مساحة مسجد قرطبة ، حتى أضاف إليه ضعف مساحته الأصلية ، وكان يشتري هذه المساحات ممن يقطنون حول المسجد وذلك بالمبلغ الذي يرضونه .

وقد ذُكر في ذلك أنه كانت هناك سيدة وحيدة تسكن في بيت فيه نخلة بجوار المسجد ، وقد أبت هذه السيدة أن تبيع بيتها هذا إلا إذا أَتى لها الحاجب المنصور بمنزل فيه نخلة كالذي تملكه ، فأمر الحاجب المنصور بشراء بيت لها فيه نخله كما أرادت حتى ولو أتى ذلك على بيت المال ، ثم أضاف بيتها إلى حدود المسجد .

زاد الحاجب المنصور كثيرًا في المسجد بعد ذلك ، حتى أصبح ولفترة طويلة من الزمان أكبر من أي مسجد أو كنيسة في العالم ، وهو لا يزال إلى الآن موجودًا في إسبانيا ، ولكنه - وللأسف - قد حُوّل إلى كنيسة بعد سقوط الأندلس ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وكذلك كانت العلوم والتجارة والصناعة وغيرها من الأمور قد ازدهرت كثيرًا في حياة الحاجب المنصور ، وقد عمّ الرخاء وامتلأت خزانة الدولة بالمال ، ولم يعد هناك فقراء تمامًا كما كان الحال أيام الحكم بن عَبْد الرَّحْمَن النَّاصِر أو أيام عَبْد الرَّحْمَن النَّاصِر نفسه .

ثالثًا: عدم وجود ثورات أو خروج عليه طيلة عهده


كان الأمر اللافت للنظر أيضًا في حياة الحاجب المنصور أنه ورغم طول فترة حكمه التي امتدت من سنة 366 هـ= 976 م وحتى سنة 392 هـ= 1002 م لم توجد أي ثورات مطلقا ، فلم تقم أي ثورة أو تمرّد في عهده على طول البلاد واتساعها واختلاف أمزجتها .


فقد كان الحاجب المنصور رجلًا قويًا ، محكِمًا للأمن والأمان في البلاد ، كما كان عادلًا مع الرعية ، ومما جاء في ذلك ما ترويه بعض الروايات من أنه جاءه يومًا رجل بسيط من عامة الشعب ، يبغي مظلمة عنده ، وقال له: إن لي مظلمة وإن القاضي لم ينصفني فيها ، وحين سمع منه مظلمته أتى بالقاضي مستوضحًا منه الأمر، وكيف أنه لم ينصف الرجل في مظلمته، فقال له القاضي : إن مظلمته ليست عندي وإنما هي عند الوسيط ( بمكانة نائب رئيس الوزراء في زمننا ) ، فأحضر الحاجب المنصور الوسيطَ وقال له: اخلع ما عليك من الثياب ( يقصد ثياب التميز والحكم ) واخلع سيفك ثم اجلس هكذا كالرجل البسيط أمام القاضي ، ثم قال للقاضي : الآن انظر في أمرهما ، فنظر القاضي في أمرهما وقال : إن الحق مع هذا الرجل البسيط ، وإن العقاب الذي أقضيه هو كذا وكذا على الوسيط ، فما كان من الحاجب المنصور إلا أن قام بإنفاذ مظلمة الرجل ، ثم قام إلى الوسيط فأقام عليه أضعاف الحد الذي كان قد أوقعه عليه القاضي ، فتعجب القاضي وقال للمنصور : يا سيدي ، إنني لم آمر بكل هذه العقوبة ، فقال الحاجب المنصور : إنه ما فعل هذا إلا لقربه منا ، ولذلك زدنا عليه الحد ؛ ليعلم أن قربه منا لن يمكّنه من ظلم الرعيّة .



التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس الأنصاري ; 06-11-2009 الساعة 12:42 PM
رد مع اقتباس