عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-16-2009, 10:00 PM
نسيم الفجر نسيم الفجر غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي



المحاضرة رقم ( 8 )




أول جزء من المحاضرة إلى حدود الدقيقة : 17:11:01


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا . من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،

ثم أما بعد ،

هذه آخر محاضرة اليوم في كتاب الحج بإذن الله تعالى .
اليوم إن شاء الله نتحدث في مبحث الفدية والفوات والإحصار . قال المصنف ـ رحمه الله ـ
( وطبعا نحن قدمنا بعدد من الأحاديث في المرة السابقة تمهيدا لهذا الفصل ) .
باب الفدية وهي ما يجب سبب الإحرام او الحرم . يعني سواء كان الإنسان محرما أو في الحرم . مجرد وجوده في مكة أو في حرم المدينة ، يجب عليه هذا الحكم .
وهي قسمان : قسم على التخيير . يعني : إن فعل كذا فعليه كذا أو كذا أو كذا ... أي واحد من هذه الفدية .
وقسم على الترتيب . إن فعل كذا فعليه كذا .. فإن لم يستطع فعليه كذا . فإن لم يستطع فعليه كذا .. بالترتيب وليس بالتخيير .

فقسم التخيير كفدية اللبس والطيب وتغطية الرأس وإزالة أكثر من شعرتين أو ظفرين والإمناء بنظرة والمباشرة بغير إنزال مني ، يُخير بين ذبح شاة . أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين ، لكل مسكين مد بُر أو نصف صاع من غيره .

طبعا هذا المتن على مذهب الحنابلة . ونحن ذكرنا جملة من هذه المسائل في باب محذورات الإحرام . وذكرنا الراجح في تلك المسائل . وأن الحج لا يفسد إلا بالوطء . وأن الذين ذهبوا إلى أن الحج يفسد بالمعصية أو بتعمد المعصية مذهب مردود . وذكرنا فيه حديث نظر الفضل ـ رضي الله عنه ـ إلى المرأة .
لقوله تعالى :
فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}البقرة196
وذكرنا أن الآية نزلت في كعب ابن عجرة ـ رضي الله عنه ـ وأن الذين ذهبوا إلى القياس ، ألحقوا بها ما شابهها .

وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكعب : لعلك آذاك هوام رأسك ؟.. قال : نعم
يا رسول الله . قال : إحلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو أنسك بشاة . ولفظة " أو " للتخيير .
هوام : قمْل .حشرة تكون في الرأس .

.. وأُلحق الباقي بالحلق لأنه حرِّم ـ محظورات الإحرام ـ حرِّم للترفُّق . فقيس عليه . أو لأنه حرُم ـ أي الحلق ـ فقيس عليه غيره ... إلخ .

ثم قال : ومن التخيير ( يعني القسم الذي فيه الفدية على التخيير) ذكر بعض الأنواع منه ما وافقناه ومنه ما خالفناه فيه .

والقسم الثاني : جزاء الصيد .
والأصل في هذه الفدية المتعلقة بالجزاء قول الله عز وجل :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ }المائدة95
هذه الآية يُأخذ منها جملة من الأحكام . أولا قول الله عز وجل :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ } فتشمل من كان محرما أو من كان مقيما في الحرم .
{وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً } أي ذاكرا لإحرامه . متعمدا لقتل الصيد .

{فَجَزَاء} أي فعليه فدية . هذه الفدية إن كان الصيد مما له مثل فالفدية مثل ما قتل من النعم .
الصيد لا يخلو إما أن يكون له مثل في الجنس أو في الوصف أو في القدرة . أو لا مثل له ، كما حكم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الضبع بكبش . من اصطاد أو قتل ضبعا حكم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيه بكبش . لأن هذا يشبهه بغض النظر على مسألة المماثلة في أي شيء تكون ، أولا الكلام فيه مباحث . لعل الصيد الآن لا يوجد . قلما تجد الآن رجلا محرما يصطاد صيدا . لكن ما دام هذا الأمر موجودا في الكتاب فنحن نتعرض له على سبيل الإيجاز . لكن قل أن تجد محرما اليوم يصيب صيدا. أولا طبيعة المكان ، وطبيعة الوضع إختلفت كثيرا عما كان عليه الوضع من قبل . لكنا نحن نريد أن نفهم مراد الله عز وجل من تلك الآية .

{فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} .. سواء كان الضأن أو الماعز أو البقر أو الإبل . من النعم . إن كان له مثل أخذنا بمثله . إن لم يكن له مثل فالحكم حينئذ أن يتولى الحكم رجلان من العدول . ينظران إلى ذلك الشيء الذي قتله المُحْرم فيقولان له : يجب عليك كذا وكذا ..

ولا يخلو الأمر إما أن يكون ذاك الذي صاده المحرم قد سبق الحكم فيه من قبل من قِبَل صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو من قبل التابعين أو تابعي التابعين أو لا يكون الأمر كذلك. فإذا كان سبق فيه الحكم من قبل فحينئذ الواجب الأخذ برأيهم . رأي الصحابة أو التابعين أو تابعي التابعين . لأنهم يصدق عليهم .

{ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ }.. وهم من العدول . وقد حكموا بهذا الحكم . فإن لم يسبق لهم الحكم في مثل هذه الواقعة ، فحينئذ يُنصب رجلان فيحكمان بما يروه في هذه المسألة . وقد حدث ذلك في عهد عمر ـ رضي الله عنه ـ حينما جاءه أعرابي وأخبره بأنه قد اصطاد صيدا . فقال له عمر ـ رضي الله عنه ـ : إنتظر حتى آتي بعبد الرحمن ابن عوف . فقال الرجل : سبحان الله ، يعجز أمير المؤمنين أن يحكم في مسألة حتى يأتي برجل . فهم عمر بضربه . وانتظر وقال له : أما تقرأ سورة المائدة ؟ .. حتى أتى بعبد الرحمن ابن عوف وتشاور معه ونادى الرجل وقال له : عليك أن تفعل كذا وكذا ... أرأيت ؟ .. قال : هذا عبد الرحمن ابن عوف . وهذا قول الله تعالى :
{ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ } .. ( وليس المسألة فيها أن أمير المؤمنين لا يعرف كيف يحكم ! . لا .. المسألة هي أن ربنا عز وجل هو الذي أمرنا بذلك .

{ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ } هذه الفدية تكون لأهل الحرم . وتذبح في حرم مكة .إذا لم يستطع :

{أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ}
واختلفت هنا أنظرا أهل العلم . فبعض العلماء يرى أن الكفارة في ستة مساكين . والبعض يرى أنها في عشرة مساكين . والبعض يرى في كل ما يصدق عليه مساكين . ولا شك أن لفظة مساكين هي لفظ من ألفاظ الجمع وقد تقرر لدينا أن أقل الجمع ثلاثة ، فحينئذ ، بثلاثة فصاعدا يصدق عليه أنه أطعم مساكين .
وهذا القول الأخير هو الذي يظهر في هذه الآية ، وإن كان أوثر عن بعض السلف خلاف ذلك .
لكن الذي يظهر أن هذا القول هو الأقرب لقواعد الصِّنعة نفسها للمساكين . لفظ من ألفاظ الجموع ويصدق على ثلاثة فصاعدا .
أو كفارة طعام مساكين .. الجمهور يرون أنه يُنظر إلى المثل . إن لم تستطيع أن تأتي بالمثل ـ مثل ما قتلت ـ فحينئذ يُقوَّم هذا المثل . ( يقوَّم المثل وليس الصيد ) . ثم يُنظر إلى هذه القيمة . كم نستطيع أن نشتري بها من الطعام ؟ . نشتري مثلا بها مائة مد . طيب ، الفقير يأخذ نصف صاع.
والصاع أربعة أمداد . نفترض أننا سنشتري بها مائتين مد . المد أربعة أمداد . فسيكون معنا خمسين فقير . كل واحد فيهم يأخذ نصف صاع . فيُنظر للعدد عند الجمهور ويقول لك الواجب إطعامه كذا ..
إذن هم نظروا للمثل. لمَّا يُقوَّم ننظر إلى القيمة كم يُشترى بها من الطعام . ثم يقسَّم على الفقراء حسب ما لهم من مد أو من صاع . هذه طريقة .
الآخر يقول لا . إن لم يستطع المثل فعليه أن يطعم المساكين . وليس المعتبر فيه التقويم بالقيمة إنما مجرد الإطعام فقط يكفيه . هذا الحكم الثاني .
الحكم الثالث أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما .
(وقلنا بأن القول الثاني هو الأقرب أنه يطعم ما يستطيع من المساكين المهم أن لا يقل عن ثلاثة ) ... أو عدل ذلك صياما .. لو أننا قلنا أن الواجب في عدد الفقراء هو ثلاثة . إذن فعلى كل فقير يوم . إذا لم تستطع إطعام ثلاثة مساكين ، إذن عليك صيام ثلاثة أيام ، يوم على كل مسكين .
ولو قلنا ستة مساكين ، عليك ستة أيام . ولو قلنا عشرة مساكين يكون عليك عشرة أيام . هذا قول .
القول الثاني ، أنه يُنظر في هذا الصيد . كم كان يأكل منه لو اجتمع عليه الناس ؟ ... يأكل منه عشرة مساكين ؟ .. إذن يجب صيام عشرة أيام .
التوقيع

كروت أمنا هجرة تغمدها الله برحمته