عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 05-10-2010, 11:48 AM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي

الدليل السابع : روى أبو داوود في سننه عن نافع أنه قال: "سمع ابن عمر مزماراً، قال: فوضع أصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئاً؟ قال: فقلت: لا! قال: فرفع أصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع مثل هذا! فصنع مثل هذا" .
شبهة (1) حول صحة الحديث .

سرد صاحبنا – هداه الله – هذا الحديث بالعامية ! أي نعم ، قال الحديث باللهجة العامية ، ليس يفسر بعض عباراته بالعامية ، لكن قاله كله بالعامية ! وهذا ليس من تعظيم الأحاديث ، ولا من توقير لغة القرآن ، ولا مصلحة فيه ، بل هو من زيادة إبعاد الناس عن لغتهم ، وهو أمر مطرد في كل برنامجه ، فما اقل كلامه بالفصحى ، وإذا تكلم بها يلحن .

ثم قال : ( قال أبو داود – أبو داود الإمام الذي روى الحديث - ، قال: هذا حديث منكر ، استنكره أبو داود ن وطبعا كلمة منكر عند أهل العلم يعني راو ضعيف قام طالع بالحديث لواحده كده ، تفرد ضعيف ، حاجه بس مش عايز أطول فيها عشان هي في مصطلح الحديث ، لكن حاجه من أشد انواع ضعف الأحاديث ) .

أقول كما قال له الشيخ عبد الله بن عبد العزيز : يابن الايه يا صاروخ !

لسان حاله المتعالم : هو شيء في المصطلح ، وأنا أعلم المصطلح ، ولكن لن أطيل فيها عليكم .. ثم فضح جهله بقوله : ( لكن حاجه من أشد انواع ضعف الأحاديث ) ! وهذه " الفزلكة " يضحك منها طلبة العلم المبتدئين ، فنكارة السند ليست من أشد أنواع الضعف ، فالمنفرد ليس رجلا كذابا ولا وضاعا ، بل حاله أخف من ذلك بكثير . ويكفي أن تعلم أن الحديث يُقبل إن توبع ذاك الراوي الضعيف .

والرواي المتفرد هو " سليمان بن موسى " عن " نافع " ، وسليمان شامي فقيه، تكلم بعض العلماء في حديثه، فقال البخاري: " عنده مناكير "، وقال أبو حاتم: " في حديثه بعض الاضطراب "، وقال النسائي: " ليس بالقوي في الحديث "، وقال في موضع: " في حديثه شيءٌ "، وقال ابن عدي: " سليمان بن موسى فقيهٌ راوٍ، حدث عنه الثقات من الناس، وهو أحد علماء أهل الشام، وقد روى أحاديث ينفرد بها يرويها ولا يرويها غيره، و هو عندي ثبت صدوق ".

فال الشيخ " الطريفي " : وإسناده قد تكلم فيه، وصححه ابن رجب -رحمه الله- في رسالته " السماع". ا.هـ

قال ابن رجب : فإن قيل : قد قال أبو داود : هذا حديث منكر .
قيل :هذا يوجد في بعض نسخ السنن مع الاقتصار على رواية سليمان بن موسى، ولا يوجد في بعضها، وكأنه قاله قبل أن يتبين له أن سليمان بن موسى توبع عليه، فلما تبين له أنه توبع رجع عنه . ا.هـ

وحسنه الشيخ الألباني ، وانظر تحريم آلات الطرب صـ 116 .

لكن قال الشيخ الطريفي : وإنكار أبي داود له وجيه، فأين أصحاب نافع من الثقات ؛ كمالك بن أنس، وأيوب بن أبي تميمة السختياني ، وابن جريج، وعبيد الله بن عمر، وأيوب بن موسى، والليث، وغيرهم، أين هم عن رواية نافع لذلك الخبر؟! فلم يروه إلا سليمان وميمون ، مما يدل على نكارته . ا.هـ

والله أعلم .

شبهة (2) حول دلالة الحديث .

قال صاحبنا هداه الله : (قاموا جايين أهل العلم اللي قالوا إن المعازف حلال ، قالوا: طب بلاش يللا يا عم صحيح ، بس استنى ،) ، وتأملوا مدى التهريج في عرض الكلام ، إن كان أهل العلم يتكلمون بهذه الطريقة !

تابع قائلا : (ازاي يبقى الزمارة بتاعة الراعي حرام وابن عمر يقول لنافع اسمع كده وقولي انت سامع ولا لأه؟؟؟؟ ، بأى هو يغطي ودنه ويخلي صاحبه يسمع المعازف؟؟!!!!!!!!!!! ، بأى هو يغطي ودنه ويحمي قلبه من الحرام ويقول لصاحبه: طب اسمعها لما المعازف تبطل ابقى قولي!! ) ..

قال ابن عمر لنافع : هل تسمع شيئاً ؟
وزعم صاحبنا أنه قال : لنافع اسمع كده وقولي انت سامع ولا لأه؟
وزعم ايضا أنه قال : طب اسمعها لما المعازف تبطل ابقى قولي!!
وزعم من قبل أنه قال : : انت لسه سامع اسمع كويس انت لسه سامع؟؟

الآن : قارنوا بين مقال ابن عمر ، وتحريف " مصطفى حسني " !

هل قال ابن عمر : اسمعها ؟!
أو قال : اسمع كويس ؟!

عبارة ابن عمر في الحديث : هل تسمع شيئا ؟ ( ثلاث كلمات فقط ) !

نتجاوز هذه النقطة إلى زعمه أن المعازف لو كانت محرمة ، لما ترك ابن عمر صاحبه – أو ترك النبي ابن عمر – يسمع . أو بتحريف صاحبنا : لما ( أمر ) صاحبه أن يسمع ! وعساكم فهمتم الآن سبب تحريفه ، وهو عبارة عن " تحبيشات على عبارة ابن عمر ؛ لتنطلي الشبهة .

والجواب أنه ( غاب عنه الفرق بين السماع والاستماع ففسر الأول بالثاني وهو خطأ ظاهر لغة وقرآنا وسنة ، ولذلك قال ابن تيمية عقب حديث عائشة المذكور آنفا : وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه و سلم استمع إلى ذلك والأمر والنهى إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع كما في الرؤية فانه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا ما يحصل منها بغير الاختيار وكذلك في اشتمام الطيب إنما ينهى المحرم عن قصد الشم فأما إذا شم ما لم يقصده فإنه لا شيء عليه وكذلك في مباشرة المحرمات كالحواس الخمس من السمع والبصر والشم والذوق واللمس إنما يتعلق الأمر والنهى في ذلك بما للعبد فيه قصد وعمل وأما ما يحصل بغير اختياره فلا أمر فيه ولا نهي
وهذا مما وجه به حديث ابن عمر . . . ( فذكره ) فإن من الناس من يقول - بتقدير صحة الحديث - لم يأمر ابن عمر بسد أذنيه فيجاب بأن ابن عمر لم يكن يستمع وإنما كان يسمع وهذا لا إثم فيه وإنما النبي عدل طلبا للأكمل والأفضل كمن اجتاز بطريقه فسمع قوما يتكلمون بكلام محرم فسد أذنيه كيلا يسمعه فهذا أحسن ولو لم يسد أذنيه لم يأثم بذلك اللهم إلا أن يكون في سماعه ضرر ديني لا يندفع إلا بالسد ) . نقلا عن تحريم آلات الطرب .
وقال الشيخ الطريفي : فيقال: إن ذلك سماعاً وليس استماعاً، وفرقٌ بينهما. ا.هـ

قال الشيخ الألباني : وعلى الافتراض المذكور فهي إباحة خاصة بمزمار الراعي وهو آلة بدائية ساذجة سخيفة من حيث إثارتها للنفوس وتحريك الطباع وإخراجها عن حد الاعتدال فأين هي من الآلات الأخرى كالعود والقانون وغيرهما من الآلات التي تنوعت مع مرور الزمن وبخاصة في العصر الحاضر وابتلي بعض المغنين باستعمالها والجمهور بالاستماع إليها والالتهاء بها ؟
إن مما لا شك فيه أن الدليل في هذا الحديث - وعلى الافتراض المذكور - أخص من الدعوى كما يقول الفقهاء وإلا فالحقيقة أن لا دليل فيه البتة بل أن فيه دليلا على كراهة النبي صلى الله عليه و سلم لصوت مزمار الراعي وهي بلا ريب كراهة شرعية بدخل في عموم قوله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) ولذلك اتبعه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فوضع إصبعيه في أذنيه مع عدم وجود القصد كما شرحنا فهو مع وجود القصد أشد كراهة كما لا يخفى ولهذا قال ابن الجوزي رحمه الله ( ص 247 ) :
إذا كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال فكيف بغناء أهل الزمان وزمورهم ؟
قلت : فماذا يقال في أهل زماننا وموسيقاهم ؟
فهل من معتبر ؟ا.هـ


وعلق على هذا الحديث الإمام القرطبي في تفسيره قائلاً: "قال علماؤنا: إذا كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل هذا الزمان وزمرهم؟!"



ونأتي في المشاركة القادمة _ إن شاء الله _ إلى الآيات والأحاديث الصحيحة - غير ما ذكره صاحبنا - التي لم يذكرها ، والتي فيها دلالة على تحريم المعازف .



التعديل الأخير تم بواسطة أبو مصعب السلفي ; 05-10-2010 الساعة 12:30 PM سبب آخر: حذف حرف زائد, وزيادة حرف ناقص, بارك الله فيك.
رد مع اقتباس