عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 08-02-2010, 03:34 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي

متابعة للهمسة الثانية
** حُسْنُ اخْتِيَارِ الاسْمِ!!
مِنَ الظَّوَاهِرِ العَجِيبَةِ حَقًّا التِّي نَصْطَدِمُ بِهَا كُلَّ حِينٍ هِيَ تلكَ المُعَرِّفَاتُ الغَرِيبَةُ التي يَخْتَارُها بَعضُ الأعضَاءِ للتَّسجِيلِ بها، سَواءً كانُوا ذُكورًا أوْ إنَاثًا!!
فَلا يُعْقَلُ أنْ تَدْخُلَ مُنتدًى كَمُنتَدَى الحُورِ العِينِ تَبْدُو عليْهِ الصِّبغةُ الإسْلامِيَّةُ والوِجْهَةُ السَّلَفِيَّةُ ثُمَّ فِي الوقتِ نفسِهِ تتخَيَّر لِنفسِكَ اسْمًا مُخالِفًا للضَّوابِطِ الشَّرعِيَّةِ كُلَّ المُخالَفَةِ!!
الاسْمُ يَا عِبادَ اللهِ عُنوانٌ للمُسَمَّى وَدَليلٌ عليه، وهوَ ضَرُورَةٌ للتَّفَاهُمِ مَعَ صَاحِبِ الاسْمِ، وَعلَيْهِ فَكَيْفَ السَّبِيلُ إلَى التَّوَاصُلِ مَعَ عُضْوٍ كَتَبَ مُعَرِّفَهُ بِاسْمِ: (رسول الله)؟؟ هَلْ أسْتَطِيعُ أنْ أنَادِيَهُ بِهَذَا الاسْمِ فأقُول: (يا أخ رسول الله)؟!! معاذَ اللهِ مِنْ هذا!!
وهذه التي تُسَمِّي نفسها (مَلاك) أو (حبيبة الملائكة) كيفَ أناديها؟!! وهل في الأصل هذه التسمية جائزة؟!!
وإذا سَمَّى أحدُ الأعضاءِ نفسَه باسمِ (العفريت) مَثَلاً، فَمَعْذِرَةً: هَل هذا أناديه أم أصْرِفُه!!
ما هذه الأسماء؟!!
لِمَ نَهْجُرُ الصَّوابَ؟ ولماذا؟
قديمًا قالوا: [لِكُلِّ امْرِيءٍ مِن اسْمِهِ نَصِيبٌ].
وصَدَقَ مَنْ قَالَ:
وَقَلَّ إنْ أبْصَرَتْ عَيْنَاكَ ذَا لَقَبٍ .:. إلا وَمَعْنَاهُ فِي اسْمٍ مِنْهُ أوْ لَقَبِ.
فالأسْماءُ قَوَالِبُ للمَعَانِي وأوْعِيَةٌ لَهَا، ولِذَلِكَ قالَ ابنُ القَيِّمِ (رحمه الله): [أكثَرُ السَّفَلَةِ أسْمَاؤُهُمْ تُنَاسِبُهُمْ، وأكْثَرُ الشُّرَفَاءِ وَالعِليَةِ أسْمَاؤُهُمْ تُنَاسِبُهُمْ](1).



وإذا عَرَفْتَ هَذَا، فإلَيْكَ بعض النقاط الفاصلة في اختيار المُعَرِّفَاتِ، وأسأل الله أن تنتفعَ بها:

(_) اجْعَلْ مُعَرِّفَكَ باللغةِ العرَبِيَّةِ، لا بالرُّمُوزِ أو الأرْقامِ أو الحُروفِ الأجنبيةِ الدَّخيلةِ.
(_) حَبَّذَا لو جعلتَ اسمَكَ عِبَارة عَن كُنيَةٍ تَكْتَنِي بها = (أبو فلان) أو (أم فلان).
(_) تَخَيَّر اسمًا ذَا معنًى جَميلٍ في نفسِهِ، لا هذه الأسماء التي تَدُلُّ على سفاهةِ صاحبِها وخِفَّةِ عقلِهِ، فلا يُعْقَلُ أنْ تَدْخُلَ مُنتدًى إسلامِيًّا وتُسَمِّي نفسَكَ فيه (باتمان) مثلا، ولا الأسماء التي تَصطَدِمُ بِالعقيدةِ الصَّحِيحَةِ.
(_) احذَرْ مِنَ التسَمِّي بأسماءِ الكُفَّار، أو أسْماءِ السَّاقِطِينَ الفَسَقَةِ كالمُطْرِبِينَ وَالمُمَثِّلِينَ وغيرهم.
(_) إذَا أرَدْتَ التَّسْجِيلَ بِاسْمِكَ الحَقِيقِيِّ فلا ضَيْرَ، وَلَكِنْ حَاوِلْ ألا تُسْقِطَ مِنْهُ وَصْلَةَ النَّسَبِ المعْرُوفَةَ عِنْدَ العَرَبِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ (فلان بن فلان)، واعلَمْ _وَفَّقَكَ اللهُ_ أنَّ وَصْلَةَ النَّسَبِ هَذِهِ كَانَتْ هِيَ الأصلُ سواءً عِندَ العرَبِ أوْ عِندَ غيرِهم مِنْ سَائِرِ الأمَمِ (2)، ثُمَّ لَمَّا بَدَأتْ ظاهرةُ التَّبَنِّي في أوربَّا صارَ المُتَبَنِّي يُسْقِطُها كَيْ يُفَرِّقَ بَينَ ابنِه الذي مِنْ صُلْبِهِ والآخرِ الذي تَبَنَّاهُ؛ فيقول (فلان بن فلان) لابنه الذي من صُلبِهِ، و(فلان فلان) للطِّفلِ الذي تبنَّاه ولم يكن مِن صُلبِهِ، ثمَّ بالتدريجِ أسقطوها مِنَ الكُلِّ وصاروا لا يذكرون وَصلةَ النَّسَبِ في كلِّ الحالاتِ، إلى أنْ قَلَّدَهم المسلمون في هذا فأسقطوها مثلهم!!

يقول الشيخ بكر عبد الله أبو زيد (رحمه الله): [وهذا أسلوبٌ مُوَلَّدٌ، دَخِيلٌ، لا تعرفُه العرَبُ، ولا يُقِرُّهُ لِسانُها، فلا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ عندها، وهل سمعَتِ الدنيا فيمَنْ يَذكرُ نَسَبَ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) فيقول: (محمد عبدالله)!! ولو قالَها قائِلٌ لَهُجِنَ وأدِّبَ، فلماذا نَعْدِلُ عَنِ الاقتدَاءِ وهو أهْدَى طَريقًا وأعْدَلُ سَبيلاً وأقْوَم ُقِيلاً ؟! وانظُرْ إلى هذا الإسقاطِ كيف كانَ دَاعِيةَ الاشْتباهِ عندَ اشتراكِ الاسمِ بينَ الذكورِ والإناثِ، مثل: (أسماء) و(خارجة) ، فلا يتبين على الورقِ إلا بِذِكرِ وَصْلةِ النَّسَبِ: (ابن) فلان أو (بنت) فلان] (3).

هَـــذَا، وَالْـهَـمْـسَـةُ الثَّانِيَةُ لَمْ تَنْتَهِ!!

(1) [تسمية المولود] للعلامة بكر عبد الله أبي زيد (رحمه الله)، ص9.
(2) [المصدر السابق] ص5.
(3) [المصدر السابق] ص6
رد مع اقتباس