عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-29-2010, 10:12 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي فالعبد سائر لا واقف ، فإما إلى فوق ، وإما إلى أسفل ، إما إلى أمام ، وإما إلى وراء ولي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :


" إضاعة الوقت الصحيح يدعو إلى درك النقيصة ، إذ صاحب حفظه مترق على درجات الكمال
فإذا أضاعه لم يقف موضعه ، بل ينزل إلى درجات من النقص
فإن لم يكن في تقدم فهو متأخر ولا بد ،
فالعبد سائر لا واقف
فإما إلى فوق ،
وإما إلى أسفل ، إما إلى أمام ، وإما إلى وراء

وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف ألبتة ،
ما هو إلا

مراحل تطوى أسرع طي ، إلى الجنة أو إلى النار ،
فمسرع
ومبطئ ، ومتقدم ومتأخر ،
وليس في الطريق واقف ألبتة ،
وإنما
يتخالفون في جهة المسير وفي السرعة والبطء ،
قال تعالى :

( إنها لإحدى الكبر . نذيرا للبشر . لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ) ،
ولم يذكر واقفا ، إذ لا منزل بين الجنة والنار ، ولا طريق لسالك إلى غير الدارين ألبتة ،
فمن لم يتقدم إلى هذه الأعمال الصالحة
فهو متأخر إلى تلك بالأعمال السيئة .
فإن قلت :
كل مُجِدٍّ في طلب شيء لا بد أن يعرض له وقفة وفتور

ثم ينهض إلى طلبه ؟
قلت : لا بد من ذلك ، ولكن صاحب الوقفة له حالان :
إما أن يقف ليجم نفسه ، ويعدها للسير :
فهذا وقفته سير ،
ولا
تضره الوقفة ، فإن لكل عمل شرَّة ، ولكل شرَّة فترة .
وإما أن يقف لداع دعاه من ورائه ، وجاذب جذبه من خلفه ، فإن أجابه أخره ولا بد ،
فإن تداركه الله برحمته ، وأطلعه على سبق
الركب له وعلى تأخره :
نهض نهضة الغضبان الآسف على
الانقطاع ، ووثب ، وجمز – أي : [ قفز ] ، واشتد سعيا ليلحق الركب .
وإن استمر مع داعي التأخر ،
وأصغى إليه ، لم يُرض برده إلى
حالته الأولى من الغفلة وإجابة داعي الهوى ، حتى يرده إلى
أسوأ منها ، وأنزل دركا ، وهو بمنزلة النكسة الشديدة عقيب الإبلال من المرض ،
فإنها أخطر منه وأصعب .

وبالجملة :
فإن تدارك الله سبحانه وتعالى هذا العبد بجذبة منه
مِن يَدِ عدوِّه وتخليصه ،
وإلا فهو في تأخر إلى الممات ، راجع
القهقرى ،
ناكص على عقيبه ، أو مُوَلٍّ ظهره ، ولا قوة إلا بالله

، والمعصوم من عصمه الله " انتهى .

"مدارج السالكين" (1/267-26 .)
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس