عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 03-03-2011, 03:06 PM
أم حُذيفة السلفية أم حُذيفة السلفية غير متواجد حالياً
اللهم إليكَ المُشتكى ,وأنتَ المُستعان , وبكَ المُستغاث , وعليكَ التُكلان
 




افتراضي

المرتبة الثانية :

دعينا من المرتبة الأولى وهي " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " فهي عـالـيـة
- -
هل نَسْتَشْعِر حقيقة أننا ونحن نفعل الطاعة ( أنها ليست كما ينبغي ) أي أن فيها شيء من التقصِير ،و ليسَت على الوجهِ المأمُور به ؟ ..هذه واحدة
أو أنا أَجْتَرِئ على المعصية وأفْعَلها ، هل أنا حقيقة أسْتشْعِر أنّ اللهَ يرانـي ؟ فيقع في قلبي الخوف فأَكُفّ كَما كَفَّ ذلك الرَّجُل الذي ذَكَرَهُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الثلاثة الذين أُطْبِقَت عليهم الصخرة من بني إسرائيل ولعلنا نذكر هذه القصة .

هل اسْتَشْعَرْت حقيقة مثل ما اسْتَشْعَر ذلِك الرَّجُل لَمّا جلس بين شعبها الأربع ( لما جلس بين رجليها ) كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأرادَ منها ما يريد الرجُل من المرأة ، وكان مُحِبّاً لها وقد مَكَّنته مِن نفسِها رَجَاء ماذا ؟ بعض الدراهم ، لأنها كانت تَعُول صِبْيَة صِغار مسؤولة عنهم ، ومكنته من نفسها وهي تخاف الله فلما اقتربَ منها فقالت : اتقِ الله ولا تَفُضَّ الخاتِم إلا بحقِّهِ

هي امرأة تخاف الله فوَعَظَتْهُ هذه الموْعِظَة
هل تعجبين من حالها أم من حال هذا الرجل ؟ بالله عليكِ هل تعجبين من حالها أم من حاله ؟
خوفها مِن الله في آخِر لحظة رغم أن هناك ضغوطات كثيرة عليها ، وهي محتاجة للمال لفقرها ألَمَّت بها سنة من السنوات ومحتاجة أن تَرعى أولئك الصبية حتى لا يموتون أمامها ، وقالت له: اتقِ الله ولا تَفُضَّ الخاتِم إلا بحقِّهِ

أم تعجبين من صَنيِع ذلك الرجُل الذي تمكَّن مِنها ما إن تمكَّن منه أي رجُل لا يستطيع أن يَتَراجَع سبحان الله العظيم!

ولكنَّهُ الخوف مِن الله .. رقابة الله عز وجل

من كان معهما ؟ لا أحد ..
فقام عنها وترك المال لها ، اللهمَّ إن كُنْت تعلم أنني فعلتُ هذا مِن أجلِك أو خوفاً مِنك أو ابتِغَاء مَرْضاتِك أو ابتغاء وجْهِك ( أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ) اللهم فافرج عنّا ما نحنُ فيه .

هذه الحالة ،من الرقابة في هذه اللحظة: كأنه يراه

لاحظي – سبحان الله العظيم – انظري الرقابة ماذا صنعت ؟ الرقابة التي نحتاجها .. نحتاجها جداً ، وكل ما غفِلنا عنها أو - - حدث منّا شيء من التراجُع أو النقْص أو القصُور.
نحن نحتاج إلى أن نُنَشِّط الرقابة في نفوسنا لأنها غير كونها عبادة نتقرب بها إلى الله عز وجل ؛ إلا أنها تُعيننا على أشياء كثيرة نحن نحتاجها .


تُعيننا على أن نعبد الله عز وجل على الوجه المأمور به ، فعلاً للطاعة وتركاً للمعصية ، تعيننا على تقوى الله عز وجل ، تعيننا على إتقان العمل وإحسان العمل سبحان الله العظيم ..

ولذلك مَنْـزِلة المراقبة جمعها حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرتُه لكم " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ "

بعض أهل العلم قالوا هذا الحديث مرتبة واحدة ، أي المرتبة " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " هذه مرتبة واحدة
هذا الحديث مرتبة واحدة كأنه تفسير واحد ، وهي الخوف من الله سبحانه وتعالى

لكن بعض العلماء – وهذا القول يرجحه بن القيم – يقول أنها مرتبتين :
المرتبة الأولى : " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ "وهي الأعلى ، فإذا لم يستطع العبد أن يُحَصِّل ذلك فإنه ينْحَطّ إلى المرتبة التي بعدها
وهو أن يستشعر أن الله يراه وهذا هو اختيار الحافظ بن القيم رحمه الله

تقولوا لي ما معنى هذا الكلام ؟
أقول هم قسموه إلى قسمين :
- أن تعبد الله كأنك تراه فهذه عبادة ، هذه مراقبة الله عز وجل ، المرتبة هذه مراقبة الله أو الإحسان مع الله أو إتقان العمل
كأنك تراه : عبده بماذا ؟ أي كان مبدأ المراقبة قائم ومبنيٌ على المحبة ,فالمحبة عنده أعلى فلذلك هو مُستشعِر أن الله معه
ما يغيب عنه الله عز وجل ، عالم الغيب والشهادة ، فهو يستشعر أن الله معه ، إن كان يقارف المعصية ، كان محيط به ، شهيد ، حفيظ .. فهو كأنه يراه
هنا هذه المرتبة الأعلى أن تعبد الله كأنك تراه وهي الأعلى ..هذه بالمحبة

فإذا لم يستطع العبد أن يُحَصٍّل ذلك فإنه ينحَطّ إلى المرتبة التي بعدها وهو :
أن يستشعر أن الله يراه .. وهذه بالخوف ( يكون الخوف عند أأعلى )

ولا تظنين من هذا الكلام أننا نقول اعبدي الله بالمحبة ، أوالذين يعبدون الله بالمحبة أعلى ، والذين يعبدون بالخوف أقل .... لا
أصلاً أي عبادة من العبادات لا تقوم إلا على ثلاث ركَائِز ( ركائز العبودية ) :
أي عبادة سواء كانت عبادة قلبية أو عبادة جوارح ، لابد أن يتوفر فيها ثلاث شروط أو ثلاثة ركائز
- عبادة الله بالمحبة ........ والخوف ............والرجاء

هذه الثلاثة لا تنفك عن بعضها ، لابدمنها في أي عبادة .. والله ما يقبل منا عبادة بدون محبة وبدون تعظيم
والمحبة داخل فيها الرجاء.
والتعظيم هو الخوف


إذن هنا ثلاث ركائز في أي عبادة أنتِ تفعلينها وإلاكانت مردودة عليك غير مقبولة منك
لكن هنا لما يقسم هذا الحديث المرتبتين يقول محبة وخوف

بمعنى أن استحضارك لعبادة الخوف وشعور الخوف من الله عز وجل " فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " أو استشعارك المحبة وكأن الله قريب منكِ جداً شهيد على عملك حفيظ ، هذا يجعلك - - في حالة من الحياء والأدب مع الله
فأنتِ دائماً مستشعرة أن الله قريب منك محيط بك أنتِ تستحين أن تفعلين مثل هذا الأمر ، أنت تستحين أنك تقصرين ، من الذي ولَّد هذا الحياء ؟ من السبب في توليد هذا الحياء ؟ إنها الرقابة وتحقيق المرتبة الأولى التي هي بالمحبة ..عبادة الله عز وجل هنا للمحبة
وإذا تحققت هذه - - يقول وإذا تحققت للعبد لم يكن التِفاتُه للمخلوقين فيتزيَّن لهم ويتصَنَّع ويكون مُحاسِباً على حدودِ الله عز وجل في الجَلْوة ويكون مُنْتَهِكاً لحرماته في الخلوة فإن هذا لم يُراقِبُه

انظري للفائدة العظيمة التي استخرجها من هذا الكلام
إذا تحققت للعبد الإحسان ، المرتبة التي هي المراقبة " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " لو حققها العبد لن يكن منه الْتِفات للمخلوقين
لأن الإنسان لو التفت لله عز وجل لن يهمه المخلوقين ، لكن لو التفت للمخلوقين لأنه يعنيه فقط أن يرضى الله عز وجل عليه ، يخاف أن الله عز وجل يراه على عمل سيء ، فلذلك هو دائماً قلبه مُلتفت ينظر إلى الله عز وجل ، يرى الله عز وجل
أنا فعلت المعصية قلت هذه الكلمة الله سيغضب عليّ الله سيسخط عليّ ، أن فعلت هذا الشيء أو قصَّرت فيه سينقص من محبة الله عز وجل لي ، الله عز وجل لن يحبني كما يحب مثلاً رجُل من المؤمنين أكْمَلَ هذا العمل ، فتجدينه مُلْتفِت قلبه تماماً إلى من ؟ إلى الله ، مُبتعِداً عن المخلوقين لا يلتفت إلى المخلوقين .

بينما لو فقد الرقابة - سيلتفت إلى المخلوقين ويبدأ يتزين لهم لأنه يريد مدحَهم وثَنائَهم ويتصنَّع لهم
، فإذا تحققت للعبد هذه المرتبة ( مرتبة المراقبة ) لن يكن التفاته للمخلوقين فيتزين لهم ويتصنع ، ويكون محافظاً على حدود الله عز وجل في الجلْوة ، يمثل أمامهم أنه رجُل صالح أو امرأة صالحة ظاهرها الاستقامة ومُتحَجِّبة أوتقرأ القرآن وحافظة .. وإذا خَلَتْ - - بمحارم الله ماذا ؟ انتهتكتها ..

وهذا حال كثير ،و هذا شيء نراه ، تجدين أن المرأة ( ولا نشكك في إخواننا ولا أخواتنا ) تجدين كثيراً منا ، تجدين الهيئة والمظهر - ما شاء الله - وربما تجدين يهذ القرآن هذاً كما يقولون ، حافظ لكلام الله عز وجل - ما شاء الله - لا يُخطِئ في حرف، ولكن هذه أمور سهلة ما تُكلِّفه شيء ، الجلْوة أمام الناس يتصنَّع ويتزين فيها ، ما تكلفه أي شيء ..

لكن الحقيقة والعمدَ ةعلى ما يكون في الخلوات ، إذا خَلوْا بمحارم الله انتهكوها
فإذاً هنا .. من يكون منتهكاً لحرمات الله في الخلوة فإن هذا لم يراقبه في الحقيقة .

الأشياء العجيبة التي يراها الواحد منا كثيرة
يقول أحد المشايخ - تجد الرجل يكتب السؤال يريد أن يستفتي الشيخ ويسْتحي من هذا الشيخ أن يعرف من هو ؟
أي يكتب السؤال فيه مشكلة .. أنا زنيت أو أنا وقعت في محرم أو فعلت شيء من المحرمات ، يكتب السؤال تجدينه يبدأ يلم الورقة ويحاول ما يظهر أبداً ولا يكتب اسمه أو حتى لو سأل عنه صاحب هذا السؤال ما يرد ، يخاف أن أحداً يعرف شخصه أنه فعل هذا ..

تجدين هذا التردد وهذا الخوف منه ممن من الناس - وهذا نجده في أنفسنا - ولكننا نفعل هذا أمام الله ، نفعله وهو يرانا سبحانه وتعالى ، يرانا لا نغيب عن عينه سبحانه وتعالى ، هذا من البشر لا يملك أن ينفعني أو يضرني وإذا سقطت من عينه ماذا يصنع لي ؟ ولا شيء ..
ولكن تجديننا خوفنا وحيائنا من مخلوق أكثر من خوفنا وحيائنا من الله عز وجل ..

فإذاً نحن نحتاج للـمـراقـبـة كـثـيـراً

التوقيع

اللهم أرحم أمي هجرة وأرزقها الفردوس الأعلى
إلى كَم أَنتَ في بَحرِ الخَطايا... تُبارِزُ مَن يَراكَ وَلا تَراهُ ؟
وَسَمتُكَ سمَتُ ذي وَرَعٍ وَدينٍ ... وَفِعلُكَ فِعلُ مُتَّبَعٍ هَواهُ
فَيا مَن باتَ يَخلو بِالمَعاصي ... وَعَينُ اللَهِ شاهِدَةٌ تَراهُ
أَتَطمَعُ أَن تـنالَ العَفوَ مِمَّن ... عَصَيتَ وَأَنتَ لم تَطلُب رِضاهُ ؟!
أَتـَفرَحُ بِـالذُنـوبِ وبالخطايا ... وَتَنساهُ وَلا أَحَدٌ سِواهُ !
فَتُب قَـبلَ المَماتِ وَقــَبلَ يَومٍ ... يُلاقي العَبدُ ما كَسَبَت يَداهُ !

رد مع اقتباس