عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-08-2011, 04:07 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

وواقعنا اليوم مثل رجل قال لسلمان الفارسي: أوصني قال: لا تتكلم، قال: ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يتكلم، قال: فإن تكلمت فتكلم بحق أو أسكت

وهذه النصيحة تصلح لكل زمان ولزماننا خاصة ولكن يبقى فقط أن نطبقها في واقع حياتنا وفي مجالسنا، ومكالمتنا الهاتفية

عن عبد الله بن مسعود قال: والله الذي لا إله إلا هو ما علىوجه الأرض شيء أحوج إلى سجن من لسان

فإن لم يسجن وأطلق له العنان فإنه كما وصف طاوس: لساني سبع إن أرسلته أكلني
وهو والله أشد يأكل الحسنات ويجلب السيئات، تفاجأ يوم القيامة بذنوب كالجبال، من آفات وسقطات اللسان.
يتعلق بك من بهته ويمسك بك من اغتبته. . ويقبض على رقبتك من استهزأت به قال تعالى: }أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ{ حديثك تنساه بمجرد إطلاق الكلمة وانتهاء المجلس.. ولكنه محصى عليك.. موقوف أنت حتى يقتص منك.. يؤخذ من حسناتك لهم فإن فنيت حسناتك أخذ من سيئاتك فحطت عليك...!
مصيبة أن تفجع في ذلك اليوم بمثل هذا وأنت أحوج ما تكون للحسنة الواحدة.
لنرى تحفظ من سبقنا.. وكيف كانوا يملئون صحائفهم؟
قيل للمعافي بن عمران: ما ترى في الرجل يقرض الشعر ويقوله؟ قال: هو عمرك فأفنه بما شئت.
وسئل مسروق عن بيت من شعر فكرهه، فقيل له؟ فقال: إني أكره أن يوجد في صحيفتي شعر
هذا الشعر ضرب من ضروب الكلام حسنه حسن ورديئه رديء، ولكن أصحاب الهمم ومن يرى أن تسبيحه وتحميده خير له، حفظ سطور صحائفه إلا في رفع درجة وحط خطيئة.
وقد قال رجل للربيع بن خثيم ما يمنعك أن تمثل بيتا من الشعر فإن أصحابك قد كانوا يفعلون ذلك؟ قال: إنه ليس أحد يتكلم بكلام إلا كتب، ثم يعرض عليه يوم القيامة، فإني أكره أن أقرأ في كتابي يوم القيامة بيت شعر
ويا أخي الكريم: هو لسانك، وهذه صحيفتك.. فأمل ما شئت، وقل ما شئت.
اجتمع قس بن ساعدة وأكثم بن صيفي، فقال أحدهما لصاحبه: كم وجدت في ابن آدم من العيوب؟ فقال: هي أكثر من أن تحصى، والذي أحصيته ثمانية آلاف عيب، ووجدت خصلة إن استعملها سترت العيوب كلها، قال : وما هي؟ قال: حفظ اللسان
أخي الحبيب:
للسان آفات كثيرة، ومزالق خطيرة وسأقتصر على أربع آفات فقط.
الآفة الأولى: الغيبة.
الآفة الثانية: النميمة.
الآفة الثالثة: الكذب.
الآفة الرابعة: الاستهزاء

وقد أبان r الغيبة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول
الله
r قال: "أتدرون ما الغيبة؟" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال"ذكرك أخاك بما يكره" قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته" رواه مسلم.


وبهذا يبين r الفرق بين الغيبة والبهتان وأن الكذب عليه بهتًا له، فالكذب على الشخص حرام كله سواء كان الرجل مسلمًا أو كافرًا، برًّا أو فاجرًا، لكن الافتراء على المؤمن أشد. بل الكذب كله حرام والغيبة تعد على أعراض المسلمين والنبي r قال في خطبته يوم النحر بمنى في حجة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم، وأعراضكم، حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت" متفق عليه. وفي الحديث الآخر
قال
r: "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه" رواه مسلم.


قال الحسن: والله للغيبة أسرع في دين المؤمن من الآكلة في جسده(
.
وقال سفيان بن عيينة: الغيبة أشد من الدين، الدين يقضى والغيبة لا تقضي


واعلم أخي: أن مجالس الغيبة ليست بمجالس خير وهي مجالس تؤكل فيها لحوم المسلمين.
روي عن حاتم الزاهد رحمه الله تعالى أنه قال: ثلاثة إذا كن في مجلس فالرحمة عنهم مصروفة: ذكر الدنيا، والضحك، والوقيعة في الناس

وقال بكر بن عبد الله: إذا رأيتم الرجل موكلاً بعيوب الناس، ناسيًا لعيبه، فأعلموا أنه قد مكر به

أخي: اعلم أن أحسن أحوالك أن تحفظ ألفاظك من جميع الآفات وتتكلم فيما هو مباح لا ضرر عليك فيه ولا على مسلم أصلاً، إلا أنك تتكلم بما أنت مستغن عنه ولا حاجة لك إليه فإنك تضيع به زمانك، وتحاسب على عمل لسانك وتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.. ولو هللت الله سبحانه وسبحته لكان خير لك، فكم من كلمة يبني بها قصرًا في الجنة، ومن قدر على أن يأخذ كنزا من الكنوز، فأخذ مكانه قذرة لا ينتفع بها كان خاسرًا خسرانًا مبينًا،

قال يحيى بن معين: إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة من أكثر من مائتي سنة

دع عنك ذكر فلانة وفلان



واجنب لما يلهي عن الرحمن


واعلم بأن الموت يأتي بغتة



وجميع ما فوق البسيطة فان


فإلى متى تلهو وقلبك غافل



عن ذكر يوم الحشر والميزان(1])








ذكر عن إبراهيم بن أدهم.. أنه دعي إلى طعام فلما جلس قالوا: إن فلانا لم يجئ فقال رجل منهم: إن فلانا رجل ثقيل، فقال إبراهيم: إنما فعل هذا بي بطني حين شهدت طعامًا، اغتبت فيه

مسلما، فخرج ولم يأكل ثلاثة أيام
أخي: والحال هذه، أعمارنا تجري، وألسنتنا تنطق وصحائفنا تسجل، كيف الخلاص من تلك الآفة التي تفتك بالحسنات وتأتي بالحسرات، هذا أحد من حرص على مجاهدة لسانه ومحاسبته، يروي لنا كيف تخلص من هذه الآفة.
قال ابن وهب: نذرت إني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما، فأجهدني فكنت أصوم وأغتاب، فنويت إني كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم، فمن حب الدراهم، تركت الغيبة
أخي المسلم:
لو هللت الله وذكرته وسبحته لكان خيرا لك فكم من كلمة يبني بها قصرًا في الجنة، ومن قدر أن يأخذ كنزًا من الكنوز فأخذ مكانه مدرة لا ينتفع بها كان خاسرًا خسرانًا مبينًا، وهذا مثال من ترك ذكر الله تعالى واشتغل بمباح لا يعنيه، فإنه وإن لم يأثم فقد خسر حيث فاته الربح العظيم بذكر الله تعالى، فإن المؤمن لا يكون صمته إلا فكرا ونظره إلا عبرة ونطقه إلا ذكرا

وعن الأحنف قال: قال لي عمر بن الخطاب: يا أحنف من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه

اغتاب رجل عند معروف الكرخي فقال: اذكر القطن إذا وضع على عينيك

هذا عبد الله بن أبي زكريا: يقول: مكثت اثنتي عشرة سنة أتحفظ من لساني
فمثل نفسك يا مغرور وقد حلت بك السكرات، ونزل بك الأنين والغمرات، فمن قائل يقول: إن فلانا قد أوصى وماله قد أحصى، ومن قائل يقول: إن فلانًا ثقل لسانه، فلا يعرف جيرانه ولا يكلم إخوانه، فكأني أنظر إليك تسمع الخطاب ولا تقدم على رد الجواب، ثم تبكي ابنتك وهي كالأسيرة وتتضرع وتقول: حبيبي أبي، من ليتمي بعدك؟ من لحاجتي؟ وأنت والله تسمع الكلام ولا تقدر على رد الجواب:
وأقبلت الصغرى تمرع خدها



على وجنتي حينًا وحينًا على صدري


وتمسك خديها وتبكي بحرقة



تنادي: أبي إني غلبت على الصبر


حبيبي أبي من لليتامى تركتهم



كأفراخ زغب في بعيد من الوكر([



ورحل بك من هذه الدنيا إلى الدار الآخرة.. حملت أوزارك معك .. ورحلت وحيدًا حيث الحساب والجزاء، فرحم الله من حفظ لسانه ليوم فقره.. ورحم الله من استبدل مكان الشر خيرا فسرته صحيفته إذا رآها غدا.
قال سفيان الثوري: أقل من معرفة الناس تقل غيبتك


قال رجل للفضيل بن عياض: إن فلانًا يغتابني قال: قد جلب لك الخير جلبا

وقال: عبد الرحمن بن مهدي: لو لا أني أكره أن يعصى الله تمنيت أن لا يبقى في هذا العصر أحد وإلا وقع في واغتابني فأي شيء أهنأ من حسنة يجدها الرجل في صحيفته يوم القيامة لم يعملها ولم يعلم بها
ويظن البعض أن الغيبة تقتصر على أناس دون آخرين وعلى مجتمع دون آخر بل هي تشمل الجميع وإنها لعمري في العلماء أعظم وأشنع كما أنها في غيرهم سواء.. يتساوى في ذلك من ارتفعت به درجات الدنيا ومن قصرت ممن ولاهم الله أمور المسلمين.
قال سفيان: لو كان معكم من يرفع الحديث إلى السلطان،
أكنتم تتكلمون بشيء؟ قلنا: لا، قال: فإن معكم من يرفع الحديث..
يعني الملكان الموكلان: }مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ{.
أخي الحبيب: إن من تغتابه غالبا تكرهه وتحمل عليه، ولكن انظر ماذا يصنع معك.. إنه يأخذ منك أكثر مما تأخذ منه. وأين؟ إنه في وقت الشدة وزمن الحاجة:
يشاركك المغتاب في حسناته



ويعطيك أجري صومه وصلاته


ويحمل وزرا عنك ضن بحمله



عن النجب من أبنائه وبناته


فلا تعجبوا من جاهل ضر نفسه



بإمعانه فينفع بعض عداته


ويحمل من أوزاره وذنوبه



ويهلك في تخليصه ونجاته([1])



من تريد تحقيره في هذه الدنيا.. ها هو الفوز اليوم .. أخذ من حسناتك.
فهلا ضننت بحسناتك لنفسك.
قال ابن مسعود: أنذرتكم فضول كلامكم، حسب امرئ من الكلام ما بلغ به حاجته


وقال الحسن: يا ابن آدم بسطت لك صحيفة ووكل بها ملكان كريمان يكتبان أعمالك فاعمل ما شئت وأكثر أو أقل

منقول بتصرف من كتاب احصاه الله ونسوه للشيخ عبد الملك القاسم

ارجو ان اكون افدت على هذة العجالة وارجو ان يتقبلها الله

اللهم اجعل لى فى قلوب عبادك ودا

اللهم لا تعذب احد دل عليك

اللهم لا تعذب عبدا خافك

اللهم اغفر لى مالا يعلمون واجعلنى خيرا مما يظنون ولا تخزنى يوم يجمعون يوم لا ينفع مالا ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم
رد مع اقتباس