التفويض لغة واصطلاحا :_
فوض إليه الأمر صيره إليه وجعله الحاكم فيه ، قال الله جل وعز : { فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ } (1) ، أي أتكل عليه ،
وفي حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ : ( ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ) (2) ، أي رددته إليك ، والتفويض في النكاح التزويج بلا مهر ، وقوم فوضى مختلطون ، وقيل : هم الذين لا أمير لهم ، ولا من يجمعهم ، وصار الناس فوضى : أي متفرقين ، وقوم فوضى : أي متساوون لا رئيس لهم ، ونعام فوضى : أي مختلط بعضه ببعض (3) .
أما التفويض في الاصطلاح ، فهو زعم وادعاء من قبل الخلف الأشعرية بأن عقيدة السلف في نصوص الصفات ، هو تفويض العلم بالمعنى لا الكيفية ، فبعد موت أبى الحسن الأشعري الذي أعلن اتباعه للمنهج السلفي ، ظن علماء الخلف من الأشعرية كالقاضي أبى بكر الباقلاني : (402هـ) ، وأبى إسحاق الإسفراييني : ( ت418هـ) ، وأبى إسحاق الشيرازي : (476هـ ) ، وإمام الحرمين أبو المعالي الجويني : (478هـ ) ، وفخر الدين الرازي ( 606هـ) ، وكأبى حامد الغزالي الصوفي : (505هـ) ، والآمدي والإيجى وابن فورك والشهرستانى ، وغيرهم من علماء الخلف الأشعرية ، ظن هؤلاء أن مذهب السلف الصالح هو التفويض .
والتفويض عندهم هو القول بأن معنى النص مجهول ولا يعلمه أحد من السلف ، وأنهم فوضوا العلم به إلى الله ، أو ردوا العلم بالمعنى إلى الله لعدم علمهم به ، كالأعجمي حين ينظر إلى القرآن ، والأمر ليس كذلك كما سنرى ، فالسلف فوضوا العلم بالكيفية الغيبية إلى الله ، أو ردوا العلم بكيفية الصفات إلى الله ، أما المعنى فهو معلوم واضح من دلالة اللغة العربية التي نزل بها القرآن(4).
________
(1) غافر:44 .
(2) اخرجه البخاري في كتاب الوضوء ، باب فضل من بات علي الوضوء ، رقم (244) 1/97 .
(3) الفراهيدي : كتاب العين 7/64 ، وابن منظور : لسان العرب 7/210 .
(4)د/ محمود بن عبد الرازق:الكتاب : قضية المحكم والمتشابه ص18.
|