عرض مشاركة واحدة
  #33  
قديم 03-16-2013, 01:09 AM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

أنبياء الله في القرآن العظيم
(إبراهيم عليه السلام)
وبعض آيات من سورة الأنبياء
(13)

المواجهة الفعالة
والمحاكمة العلنية لخليل الله (إبراهيم)


عشنا في اللقاء السابق مع نبي الله إبراهيم عليه السلام وهو يحاول أن يقنع قومه بعقيدة التوحيد والتوجه الصحيح للعبادة وأن لا تكون إلا لخالق هذا الكون ( الله سبحانه وتعالى ) ولكن كان من قومه العناد والتمسك بعبادة الأصنام...
واليوم بعون من الله تعالى نعاين موقف إبراهيم عليه السلام من عناد قومه ومن الأصنام التي تعبد من دون الله تعالى..


قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ – 55 قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ – 56

وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ – 57 فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ – 58

قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ – 59 قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ – 60 قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ – 61 قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ – 62


يعلن إبراهيم لمن كان يواجههم من قومه بهذا الحوار . أنه قد اعتزم في شأن آلهتهم أمرا لا رجعة فيه :

وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ..

ويترك ما اعتزمه من الكيد للأصنام مبهما لا يفصح عنه . . ولا يذكر السياق كيف ردوا عليه . ولعلهم كانوا مطمئنين إلى أنه لن يستطيع لآلهتهم كيدا . فتركوه !
ولكنه كان صادق القول .. فها هو يذهب إلى معبدهم حيث الأصنام التي لا تضر ولا تنفع..

فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ..

وتحولت الآلهة المعبودة إلى قطع صغيرة من الحجارة والأخشاب المهشمة . . إلا كبير الأصنام فقد تركه إبراهيم ( لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ) فيسألونه كيف وقعت الواقعة وهو حاضر فلم يدفع عن صغار الآلهة ! ولعلهم حينئذ يراجعون القضية كلها , فيرجعون إلى صوابهم , ويدركون منه ما في عبادة هذه الأصنام من سخف وتهافت .


وعاد القوم ليروا آلهتهم جذاذا إلا ذلك الكبير ! ولكنهم لم يرجعوا إليه يسألونه ولا إلى أنفسهم يسألونها : إن كانت هذه آلهة فكيف وقع لها ما وقع دون أن تدفع عن أنفسها شيئا . وهذا كبيرها كيف لم يدفع عنها ?

لم يسألوا أنفسهم هذا السؤال , لأن الخرافة قد عطلت عقولهم عن التفكير , ولأن التقليد قد غل أفكارهم عن التأمل والتدبر .

فإذا هم يدعون هذا السؤال الطبيعي لينقموا على من حطم آلهتهم , وصنع بها هذا الصنيع :
قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ..

عندئذ تذكر الذين سمعوا إبراهيم ينكر على أبيه ومن معه عبادة هذه التماثيل , ويتوعدهم أن يكيد لآلهتهم بعد انصرافهم عنها !

قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ..


وهناك احتمال أن يكون قولهم: ( قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ )
يقصد به إلى تصغير شأنه بدليل تجهيلهم لأمره في قولهم : ( يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ) للتقليل من أهميته , وإفادة أنه مجهول لا خطر له...

قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ..

وقد قصدوا إلى التشهير به , وإعلان فعلته على رؤوس الأشهاد !

بدء المحاكمة

قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ.. ؟

فهم ما يزالون يصرون على أنها آلهة وهي جذاذ مهشمة . فأما إبراهيم فهو يتهكم بهم ويسخر منهم , وهو فرد وحده وهم كثير . ذلك أنه ينظر بعقله المفتوح وقلبه الواصل فلا يملك إلا أن يهزأ بهم ويسخر , وأن يجيبهم إجابة تناسب هذا المستوى العقلي الدون :

********
كانت مصادر تفسير هذا اللقاء ( في ظلال القرأن )

وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس