الموضوع: و كسرت الصليب
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 03-11-2008, 10:39 AM
البتار البتار غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي



الحلقة الرابعة

قضيت شهرا كاملا تصفحت فيه مواقع إسلامية عديدة على الإنترنت وخاصة تلك التي تخاطب المسيحيين وقرأت أحاديث كثيرة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وتعمقت في مواضيع إسلامية عديدة وتناقشت مع أصدقاء مسلمين لي في الأمور التي أبهمت على وقرأت ردود علماء المسلمين على الشبهات التي كنا نسمعها في الكنيسة عن الإسلام واستمعت لعدة مناظرات كذلك بين شيوخ مسلمين وقساوسة وخرجت بنتيجة واحدة هي أن هذا الدين هو الدين الكامل الذي أنزله الله من السماء و هو من القوة والعظمة بحيث لا تجد به ثغرة واحدة، وأنه هو الدين الوحيد القادر على ملىء الخواء الروحي الذي كنت أعيش فيه. لقد خرجت من رحلتي هذه بفوائد كثيرة لم أكن أتوقعها ..

فقد عرفت أشياء عن المسيحية لم أكن أعرفها من قبل مثل التشابه الكبير بين العبادات والعقائد المسيحية وعقائد الأمم الوثنية التي كانت موجودة قبل ظهور المسيح وكذلك ما أحدثه بولس في المسيحية بعد صعود المسيح إلى السماء ..

لقد زادت معرفة هذه الأمور من حنقي على هذا الدين !!

كثيرا ما ضايقني لجوء المسيحيين إلى الكذب و بتر الكلام عن سياقه في مناقشاتهم مع المسلمين .. لا ريب أن هذه حيلة الضعيف.

إن مفهوم الألوهية كما جاء في القرآن يتوافق مع المنطق والفطرة، ويتميز ببساطة شديدة ولم أجد أي صعوبة في تقبله..

أكثر ما بهرني في الإسلام هو موافقته للعقل والفطرة وواقعيته وعدم فصله بين الروح والجسد واكتمال شريعته وتغلغلها في جميع مناحي الحياة فهو بحق منهج للحياة..

لقد وجدت أشياء كثيرة جدا ما كنت أعتقد أن دينا يحويها ووجدت النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتحدث عنها.

لقد أعجبت جدا بسيرته وإصراره طوال ثلاثة وعشرين سنة على نشر دعوته وتحمل الأذى في سبيلها.

شخصية بهذه الأخلاق وهذه العظمة وهذا الإصرار لا يمكن أبدا أن يكون مخادعا أو مخدوعا..

لقد كان يتصرف و كأن روح القدس الذي كان مع المسيح معه أيضا يؤيده وينصره.

أشعر أنني قد توصلت لاكتشاف عظيم بمعرفتي بهذا الدين الرائع..

لقد وجدت الدين الذي جاء به المسيح عليه السلام..

وماذا بعد يا نفس؟

أما زال فيك شك أن الإسلام هو الدين الحق وأن محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الله حقا وأن المسيح هو عبد الله ورسوله ؟

عجبا لك ماذا تنتظر ؟

ألم يكن هدفك الوصول إلى الحق ؟

فها قد عرفت الحق فماذا يحول بينك وبين الاستسلام لله ؟

إلى متى تسوّف وتؤجل ؟!

هل تطيق أن تظل على دين كهذا لا يمت بصلة للمسيح لحظة واحدة بعد الآن؟

أجابتني نفسي: لكن أبي وأمي ماذا سيفعلان إن علما بإسلامي ؟

- رضا الله أهم أم رضا أبيك وأمك؟

- رضا الله بالطبع.. ولكن ألا أنتظر حتى أنتهي من الدراسة، إني أخاف أن يطردني أبي من المنزل إن علم بإسلامي !

- يا أخي هل تتوقع أن يضيعك الله وأنت تسعى للوصول إليه؟

إن الله أرحم من أن يحفظك يوم أن كنت على الباطل ويهملك حين تتبع الهدى.

وهب أن هذا حدث في أسوأ الظروف أليست الحقيقة أولى من الراحة ومن متاع الدنيا؟

أليس هذا هو ما كنت تؤمن به طوال حياتك؟

هل تضمن أن يمهلك الله حتى تكمل تعليمك وأنت على الكفر؟

هب أنك مت الآن قبل أن تسلم لله هل سيحاسب أبوك بدلا منك يوم القيامة؟

ثم من قال لك أنه يجب أن تعلن الإسلام بمجرد النطق بالشهادة؟

لقد ظل الصحابة يكتمون إسلامهم في مكة ثلاث سنوات أفلا تستطيع كتم إسلامك عامين فقط حتى تنتهي من الكلية ؟!

ألم يأن الأوان لكي تقول" لا إله إلا الله محمد رسول الله" ؟

هل بقي في نفسك ذرة شك بعد كل ما قرأت ؟

- لا والله ما بقي في نفسي شيء ولكن هذه ليست مجرد كلمة ولكنها تحمل وراءها تبعات كثيرة وأنا تعودت أن أكون عند كلمتي.

- يا أخي ربك هو الذي يعين. ثم إن هذا الدين يدخله الناس من جميع أقطار الأرض بالمئات يوميا فهل كل هؤلاء أفضل منك؟

ألم يأن لك بعد أن تقولها ؟؟

- بلى والله قد آن سوف أقولها..

سوف أنطقها..

سوف أعترف.. أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله...

أخيرًا قلتها من أعماق قلبي، أخيرًا نطقتها بكل اقتناع، أخيرًا أخرجتها، الحمد لله رب العالمين.

خررت ساجدا لله بمجرد أن نطقت الشهادتين أبكي بحرارة شديدة ..

أشعر كأن جبلا كان على قلبي وأزاحه الله عنه ..

أو كأني طير محبوس في قفصه قد فتح له باب القفص أخيرا لينطلق في السماء بحرية..

شعرت بأن كل خلية في جسمي تنفست الصعداء بمجرد أن نطقت بالشهادتين..

لقد ألقيتُ عن كاهلي الآن عبئاً ثقيلاً من الهموم والقلق والشكوك والشقاء ..

لا أدري أأبكي من الفرحة أم أبكي حزنا على ما ضاع من عمري في الكفر ..

يا رب لك الحمد أن هديتني للإسلام ..

يا رب أسألك الثبات على الحق حتى ألقاك ..

ما أروعها هذه السجدة..

لو وزنت بها كل الصلوات التي أديتها في الكنيسة لرجحت بهن ..

كيف لا ولم أكن أعرف من قبل من الذي أصلي له ألله أم للمسيح أم للروح القدس؟!

لم أكن أشعر مطلقاً بأني أصلي لإله واحد. ولكني الآن أعرف جيدا..

إنه الله الذي لا إله إلا هو ..الذي خلق المسيح وأمه ومن في الأرض جميعا.. الذي هو على ما يشاء قدير.. كم أتمنى لو ظللت ساجدا هكذا حتى أموت !!

انتابتني رغبة عارمة كي أقوم وأخبر جميع أصدقائي بنبأ إسلامي ..

رفعت رأسي من السجود ومسحت وجهي من الدموع. نظرت في الساعة ففوجئت بأني قد قضيت ثلاثين دقيقة كاملة وأنا ساجد بدون أن أشعر بمرور الوقت..

قررت أن أذهب لأحد أفضل أصدقائي من المسلمين لكي أخبره بإسلامي..

أكاد أطير من الفرح وأنا أمشي في الشارع أود لو أخبرت كل من أقابله بنبأ إسلامي ..

أشعر بأن روحا جديدة بدأت تسري في عروقي ملأت قلبي بصفاء ونقاء لم أشعر بهما من قبل..

لم أجد صديقي في منزله فقفلت عائدا إلى البيت وقد دخل وقت صلاة العصر. بدأ المؤذن ينادي للصلاة ..

الآن أحس أن هذا النداء موجه لي شخصيا..

إن الله يدعوني الآن لكي أعبده ..

يا له من شرف.. أخيرا سوف أعبد الله بالطريقة التي يحبها والتي خلقني من أجلها.

كدت أنسى نفسي وهممت بدخول المسجد بدون أن أشعر لكني تذكرت أنني لم أقم بالاغتسال بعد.

حمدت الله أن أحدا لم يرني وأنا أقترب من المسجد لإني أحب أن أخفي نبأ إسلامي عن أهلي حتى أنتهي من الدراسة على الأقل.

أخذت طريقي متوجها إلى البيت مرة أخرى و عندما وصلت لباب المنزل رأتني أمي ولاحظت السعادة التي على وجهي وأنا أفتح الباب..

لكنها لم تتوقع أبدا أنني كنت أفتح أيضا صفحة جديدة من حياتي في ذات الوقت!
رد مع اقتباس