عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 01-10-2013, 04:20 PM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم


أنبياء الله في القرآن العظيم
(إبراهيم عليه السلام)
وبعض آيات من سورة البقرة
(9)

إبراهيم ومعاينة إحياء الموتى


وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى,
قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ؟
قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي,
قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ – 260



نعيش اليوم مع أعظم دلالة حسية على قدرة الله تعالى وإحيائه الموتى للبعث والجزاء،

أخبر تعالى عن خليله إبراهيم أنه سأله أن يريه ببصره كيف يحيي الموتى، لأنه قد تيقن ذلك بخبر الله تعالى،

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى,

إنه تشوف لا يتعلق بوجود الإيمان وثباته وكماله واستقراره ; وليس طلبا للبرهان أو تقوية للإيمان .
إنما هو أمر آخر , له مذاق آخر . . إنه أمر الشوق الروحي , إلى ملابسة السر الإلهي , في أثناء وقوعه العملي .
ومذاق هذه التجربة في الكيان البشري مذاق آخر غير مذاق الإيمان بالغيب ولو كان هو إيمان إبراهيم الخليل , الذي يقول لربه , ويقول له ربه . وليس وراء هذا إيمان , ولا برهان للإيمان .

ولكنه أراد أن يرى يد القدرة وهي تعمل ; ليحصل على مذاق هذه الملابسة فيستروح بها , ويتنفس في جوها , ويعيش معها . . وهي أمر آخر غير الإيمان الذي ليس بعده إيمان..


فلهذا قال الله له : ﴿
أولم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ﴾ وذلك أنه بتوارد الأدلة اليقينية مما يزداد به الإيمان ويكمل به الإيقان ويسعى في نيله أولو العرفان،

ولقد استجاب الله لهذ الشوق والتطلع في قلب إبراهيم , ومنحه التجربة الذاتية المباشرة:

فقال له ربه ﴿
فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ﴾ أي : ضمهن ليكون ذلك بمرأى منك ومشاهدة وعلى يديك.

﴿
ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ﴾ أي : مزقهن، اخلط أجزاءهن بعضها ببعض، واجعل على كل جبل، أي : من الجبال التي في القرب منه، جزء من تلك الأجزاء ﴿ ثم ادعهن يأتينك سعيا ﴾ أي : تحصل لهن حياة كاملة بأمر الله، ويأتينك في هذه القوة وسرعة الطيران،

ورأى إبراهيم السر الإلهي يقع بين يديه . وهو السر الذي يقع في كل لحظة . ولا يرى الناس إلا آثاره بعد تمامه . إنه سر هبة الحياة . الحياة التي جاءت أول مرة بعد أن لم تكن ; والتي تنشأ مرات لا حصر لها في كل حي جديد .

فنرى الأطفال يخرجون إلى الحياة بعد أن كانوا لا شئ..
وترى الفرخ يخرج من البيض حيا ولم يكن شئ..
وها نرى مع نبي الله إبراهيم الطيور تعود للحياة بعد ذبحها وتقطيعها..

رأى إبراهيم هذا السر يقع بين يديه . . طيور فارقتها الحياة , وتفرقت مزقها في أماكن متباعدة . تدب فيها الحياة مرة أخرى , وتعود إليه سعيا !
كيف ؟؟
هذا هو السر الذي يعلو على التكوين البشري إدراكه .

﴿
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين -75 الأنعام

فالإنسان قد يراه كما رآه إبراهيم . وقد يصدق به كما يصدق به كل مؤمن . ولكنه لا يدرك طبيعته ولا يعرف طريقته...

إنه من أمر الله . والناس لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء . وهو لم يشأ أن يحيطوا بهذا الطرف من علمه , لأنه أكبر منهم ..ولا حاجة لهم به في خلافتهم على الأرض.

ثم قال تعالى : ﴿
واعلم أن الله عزيز حكيم ﴾ أي : ذو قوة عظيمة سخر بها المخلوقات، فلم يستعص عليه شيء منها، بل هي منقادة لعزته خاضعة لجلاله..

وهكذا ندرك اليقين وعين اليقين مع نبي الله إبراهيم , فهي صورة حية نعيش معها وتعيش معها الأجيال إلى يوم القيامة.

*********

وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى

رد مع اقتباس