عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 05-19-2008, 03:00 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

11 محرم 1423 هـ الاثنين 25 مارس 2002 م

الدرس رقم (3)


لازال الكلام متعلق بالمقدمات وكان آخر ما وقفنا عليه فى الدرس السابق هو مذاهب الناس فى حد الإيمان ، واجتمع عندنا جملة فى مذاهب الناس فى حد الإيمان خمسة : -
• الجهمية : وقالوا: إن الإيمان هو التصديق

• الكرامية : وقالوا: أن الإيمان هو الإقرار فحسب

• عموم المرجئة وقول أبو حنيفة والأشاعرة منهم فريق وافق الجهمية ومنهم فريق وافق

• الكرامية: وقالوا: أن الإيمان هو التصديق والإقرار 0

• ثم أهل السنة الذين قالوا: إن الإيمان إعتقاد وقول وعمل ، والأعمال شرط كمال إلا ما دل

الدليل على أنه شرط صحة 0
• الخوارج والمعتزلة والشيعة : قالوا : أن الإيمان إعتقاد وقول وعمل إلا أنهم جعلوا الأعمال شرط فى صحة الإيمان ، ومعنى ذلك أن مرتكب الكبيرة كافر 0

• وذكرنا الفارق بين الخوارج والمعتزلة والشيعة ، وبين أهل السنة فى حد الإيمان : وهو أن
أهل السنة يجعلون مرتكب الكبيرة فى المشيئة وهذا الفارق بينهم وبين المرجئة لأن المرجئة
يقولون : لا يضر مع الإيمان ذنب ومرتكب الكبيرة عندهم هو كامل الإيمان وهم فى الجنة0
فأهل السنة لا يُكفرون أصحاب الكبائر كما قالت الخوارج ، ولا يقولون كما قالت المرجئة أنهم
فى الجنة وأنه لا يضرهم معصيتهم 00 لا 00 لأنهم كما قلنا أن الأعمال مؤثرة فى الإيمان 0
قال بن تيمية : اعلم يرحمنا الله وإياك أن الإيمان تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح وذلك أنه ليس بين العلم خلاف فى رجل قال : أشهد أن لا إله إلا الله عز وجل واحد وأن ما جاءت به الرسل حق وأقر بجميع الشرائع ثم قال : ما عقد قلبى على شيء من هذا ولا أصدق به - أنه ليس بمسلم ، ولو قال : المسيح هو الله وجحد أمر الإسلام ثم قال : لم يعقد قلبى على شيء من هذا - أنه كافر بإظهار ذلك وليس بمؤمن 00

ما معنى ذلك ؟ وما معنى الحد ؟
• قلنا الحد هو الكنه والماهية المكون للشيء ، فلما نقول حد الإنسان نقول رأس وذراعان وقدمان وصدر وجذع الذى هو الماهية المكونة للإنسان 0
ما هى الماهية المكونة للإيمان شرعاً ؟

• اختلف الناس فى ذلك : منهم من قال التصديق ، طبعاً أنت عرفت قصة الإيمان وعرفت أن خبر ـــــ يتبعه قبول ــــ هذا القبول يتبعه انفعال قلبى الذى هو التصديق الإيمانى ، وهذا الانفعال القلبى والتصديق الإيمانى الذى هو عمل القلب يتبعه عمل جارحى من كلام وعمل وبالتالى يكون الإيمان التصديق ( الاعتقاد ) والقول والعمل 0
لما نتكلم عن الإيمان الشرعى نتكلم عنه من ثلاث زوايا :
الزاوية الأولى : ما يتكون منه الإيمان كله أى المكون الكلى للإيمان : بمعنى سبحان الله تدخل فى الإيمان ، الصلاة تدخل فى الإيمان ، الصيام يدخل فى الإيمان ، النظر والفكر يدخل فى الإيمان ، الشهادتين تدخل فى الإيمان 000 كل ما هو شرعى من اعتقاد أو كلام أو أفعال يدخل فى الإيمان ، ولذلك لما نقول حد الإيمان : اعتقاد وقول وعمل يكون الكلام على الإيمان من الجهة الأولى وهى الكلام على كل ما يتكون منه الإيمان 00

الزاوية الثانية : الكلام على أصل الإيمان الذى خرمُه ( هدمه ) كفر : أى الجزء الضرورى الذى يتكون منه الأصل الذى يجعل العبد مسلم لا كافر 0 لا شك أن هذا الجزء الضرورى هذا أنقص من المكون الكلى للإيمان 0 بمعنى لو قلت المكون الكلى للمبنى يدخل فيه النافذة والحنفية ، ولكن لما أتكلم عن أصل المبنى يكون القواعد والأعمدة والجدر الأساسية وهذه الكمليات كلها لا تدخل لأنها ممكن أن تخرج ويصبح المبنى بدون نافذة أو صنبور أو باب والمبنى موجود : فالخرسانة والأعمدة والجدار هى أصل المبنى ، فلما نتكلم عن المبنى وندخل فيه كل حاجة حتى المصباح نكون نتكلم عن المكون الكلى أى كل جزئية فيه ، لما نتكلم عن الحد الضرورى الذى هو الفرق بين وجود المبنى وعدمه ، الذى هو الفرق بين المؤمن والكافر يبقى الكلام على الخرسانة والقواعد والأعمدة فقط ، هذا يسمونه " أصل الإيمان " الذى خرمه معناه هدمه لو نزعت الأعمدة والقواعد موجودة والســــــقف موجود المبنى ينهدم ، ولو نزعت القواعد وتركت الأعمدة صحيحة والأسقف موجودة ينهدم لماذا ؟ لأن هذه أصول 0

الزاوية الثالثة : الجزء الذى يحكم به فى الدنيا 0 مثلا ً ممكن يكون هذا المبنى آيل للسقوط ولو حدث هزة يكون كوم تراب لكن الذى يمر عليه يراه ماذا ؟ مبنى 0 يقول عارف هذا المبنى بجوار هذا المبنى 000 الخ وهذا المبنى لو أحد دفعه دفعة يسقط 0 مثل إيمان المنافق شكلاً مؤمن 00 مبنى قائم وحوائط وخرسانة لكن القواعد لا هو ؟ الفرعى الذى هو الحد الأصلى له بينما هو بعضه الذى يترتب عليه الحكم الدنيوى 0

وكل جهة من هذه الجهات الثلاثة فى الكلام على الإيمان لها موضوع فى الدراسة لكن إفهم:- لما نقول اختلف الناس فى حد الإيمان قال بعضهم أنه تصديق فقط وهذا مردود عليهم كما قلنا وشرحنا أنهم يلزمهم أن يكون فرعون مؤمن 00 وإبليس مؤمن 00

- وناس قالت : أنه مجرد كلمة يتكلم بهم ، وهذا أيضا مردود عليهم وستأتى الإجابة فى حينها إن شاء الله، ويلزمهم أن يقولوا أن المنافقين كاملى الإيمان لأنهم يأتوا بالكلمة ،
- وناس قالت : هو التصديق والكلمة ولم يدخلوا الأعمال وانقسموا قسمين : فريق أدخل الأعمال وقالوا أى شخص يترك أى عمل يكون كافر ، والثانى قال : لا هذه الأعمال منها ما يكفر ومنها ما يكمل بحيث لو تركها ينقص كأنه نزع نافذة من المبنى أو باب لكن لم ينزع أعمدة 0
يبقى لما نتكلم عن الإيمان على كل ما فيه أكون أتكلم على أى جهة من الثلاثة ؟
الجهة الأولى التى هى الكلام على الإيمان بكل ما فيه ، هنا لما قال بن تيمية أن الإيمان تصديقاً بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان ، هنا الإيمان من أى جهة ؟
من حيث التكوين الكلى فكأنه يريد أن يقول : اعلم يرحمنا الله وإياك أن الإيمان من حيث التكوين الكلى من حيث كل شيء داخل فيه :

- اعتقاد : أى كل الاعتقادات من خوف ورجاء ، من محبة ، من حسن ظن بالله ، من يقين ، من توكل ، من فرحه بالخير ، من استبشار بما عند الله ، من عدم قنوط من رحمة الله 000 الخ سواء كان الاعتقاد شيء كبير أو بسيط ،

- وقول : أى الشهادتين ، وذكر وتلاوة القرآن ، وشهادة الحق ، والصدق فى القول ،،
- وعمل : أى سجود لله سبحانه وتعالى والصيام والجهاد والصلاة والبر والإحسان والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر 00 هذا معناه اعتقاد وقول وعمل كأنه أدخل كل ما يمكن أن يدخل فى الإيمان 0 حسن الظن بالمؤمن مثلاً يكون ماذا ؟ اعتقاد ، سبحان الله : قول ،
إماطة الأذى فى الطريق : عمل ، مع أن هذه كلها فروع أى لو واحد أساء الظن بمسلم لا يكفر مع أنها من الاعتقاد ، ولو واحد لم يقل سبحان الله لا يكفر ، ولو واحد لم يمط الأذى لا يكفر لكنه يتكلم عن مكون الإيمان الكلى لا يتكلم عن أصله أو ما يحكم به فى الدنيا 0 لكن يتكلم عن المكون الكلى الذى شرعه ربنا ، لذلك يقولوا أن الكلام على الإيمان - الذى هو الجهة الأولى - أصلاً وكمالاً - مادام أدخل فيه كل شىء - إذن المبنى بقواعده وأعمدته ونوافذه وأبوابه وكل حاجة الأصل والكمال لذلك يريد أن يوضح لك هذا المبنى فيقول لو أن واحد قال أشهد أن الله واحد وأن ما جاء به الرسل حق وأقر بجميع الشرائع : فيه صلاة؟ نعم 0 فيه صيام وحج وبر الوالدين ؟ نعم 0 ثم قال : أنا معترف بهذا وأقول به لكنى غير معتقد هذا فى قلبى 0 فيقول لا يوجد خلاف بين المسلمين ، إن مثل هذا ليس بمسلم لأنه أزال من المبنى جزء داخل فيه كثير جداً من الأصول حتى وإن كان معه من الفروع . أى كأنه أزال من المبنى الأساسات وكأنه وضع فى الأساسات ديناميت وأزالها حتى وإن ترك الجدار والنوافذ ، فيقول أن مثل هذا الذى أقر أن الله حق وأن الرسول حق وأن الشرائع حق ثم قال لا صدق بشيء ولا عقد قلبى على شيء من هذا ، فمثل هذا ليس بمسلم لأنه نزع جزء أساسى من مكون الإيمان ، وفى المقابل لو واحد تكلم بالكفر وقال : لا يوجد شيء أسمه دين وأن الله هو المسيح أو زيد أو عبيد - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - وقال أنا لا أعتقد هذا أنا أقوله فقط ، فمعناه أنه أفسد ماذا هنا ؟ افسد القول ، وفى المثال الأول أفسد ماذا ؟ العقيدة ، فهو فى المثال الثانى معتقد أن الله واحد ولا يعتقد جحود الأوامر لكن قالها ،فكونه أنكرها هذا معناه أنه هدم ركن الإقرار فيقول بن تيمية أن أهل العلم لم يختلفوا فى أنه كافر بإظهار ذلك وليس بمؤمن 0 فلما لم يكن بالإقرار إذا لم يكن معه التصديق مؤمنا ، ولا بالتصديق إذا لم يكن معه الإقرار مؤمنا حتى يكون مصدقاً بقلبه مُـقر بلسانه ، فإذا كان تصديقاً بالقلب وإقرار باللسان كان عندهم مؤمناً ( المرجئة ) وعند بعضهم ( أهل السنة ) لا يكون مؤمناً حتى يكون مع التصديق عمل فيكون بهذه الأشياء إذا اجتمعت مؤمناً (الفتاوى ج 7 صـ 388) والمقصود من هذا الكلام هو تقرير أن الإيمان مبنى يتركب من الاعتقاد والقول والعمل ، وكل جزء من هذا المبنى منه ما هو أصل للإيمان ومنه ما هو كمال للإيمان ، فالاعتقاد مثلاً منه ما هو أصل فى الإيمان من ذلك الحب ( حب الله تعالى ورسوله ) والخوف والرجاء واعتماد القلب على الله وحسن الظن بالله واليقين 000 الخ ومنه ما هو كمال للإيمان كانعدام الغل على المؤمنين وانعدام الحسد وحسن الظن بالمؤمن والتفاؤل وعدم التطيـّـر 0

* ما الفرق بين الأصل والكمال ؟
الأصل : هو المسئول عن الدخول فى الإيمان وعدمه أى الجزء المسئول عن أن تكون مؤمن أو كافر يسمى أصل 0 الجزء المسئول عن زيادة الإيمان ونقصانه ، أن تكون رجل بر تقى أو فاجر ، فاسق هذا يسمى كمــال 000 هذا باختصار شديد الفرق بين الأصل والكمال ، لو شخص ليس عنده يقين ولا خوف من الله أو رجاء فى الله أو محبة لله يكون أنخرم دينه ، لكن لو شخص عنده حسد وعنده غل لا يكون كافر ولكن على نقص فى الدين لأن هذه أحوال للفاسقين الفاجرين لكن ليست كفر 0 إذن الاعتقاد جزء من مركب الإيمان لكن منه ما هو أصل ومنه ما هو كمال ، وكذلك العمل فإن منه القول باللسان والقول باللسان منه ما هو أصل كالنطق بالشهادتين ومنع اللسان من الاستهزاء والتنقيص فى شأن الله والرسول صلى الله عليه وسلم ومنه ما هو كمال كقول الصدق والعدل فى الحكم وشهادة الحق وعدم الغيبة والنميمة 000 الخ 0
طبعاً لو واحد آمن وتيقن ولم ينطق بالشهادتين مع القدرة ليس بمسلم لأن هناك جزء أصلى أنخرم، لكن ممكن إنسان يكون عنده الأصل فى الاعتقاد وينطق الشهادتين لكنه كذاب مغتاب نمام يكون حدث ماذا ؟ لم يحقق بلسانه الكمال 0

ومنه أيضاً عمل الجوارح ( أى أن العمل ينقسم إلى قول باللسان وعمل بالجوارح ) : وعمل الجوارح غالبه ومعظمه مكمل للإيمان لكن هناك أمور من الأصل وإن قلـّــت كإقامة الصلاة مع الخلاف فى ذلك ، تعرفون أن الفقهاء اختلفوا فى إقام الصلاة : منهم من جعل إقام الصلاة شرط فى صحة الإيمان وبالتالى تركها كفر ، ومنهم من جعل إقام الصلاة مكمل للإيمان وتركها ليس كفر على الخلاف المشهور فى تارك الصلاة ، ومنها ما هو متفق عليه ومجمع عليه كالكف عن السجود لغير الله والكف عن السحر الذى فيه عبادة الجن (لأن السحر أنواع ) والكف عن امتهان المقدسات المعظمة كالمصحف وغيره والكعبة000
إنى أبســّــط المسائل وأقربها حتى لا تكون العبارات مغلقة بالنسبة لك وتكون فاهم أنه اعتقاد وقول وعمل ، جمل محفوظة ، وأخطر ما فى العقيدة أننا تعودنا من صغرنا أن من يعلمنا إياها يعلمنا عبارات محفوظة وتكون كالعلب المغلقة التى لا نستطيع أن نفهم لها معنى وطيلة عمرنا يُقال لنا التوحيد هو العقيدة ، والتوحيد ينقسم إلى ربوبية وإلهية 000 الخ وتشعر أنك تحفظها جيداً لكن لا تعرف لها معنى وهذا خطير جداً لأنك تظن أنك عرفت شيء فى العقيدة أو قرأت أو أخذت منهج لكن فى الحقيقة أنت أخذت علب مغلقة لا تنسجم معها عقدياً وبحيث أنها تكون قد شكلت تصوراتك ومنظورك العقدى كمحقق أو قائم بمقتضى العقيدة الإسلامية 0 فلابد أن تكون كل عبارة تقرأها أو تكتبها ولو بمفهوم بسيط تفهم معناها 0 ونحن عرفنا الإيمان لغة ً وشرعـاً ، وحــدّه واختلاف الناس فيه 0 ما معنى حدّه ؟ المكون 0 وما هو المكون ؟ أى كل ما يدخل فيه 0

ماذا يدخل فيه ؟ أمور عقدية وقوليه وعملية ، فأنت كإنسان ليس لك تفاعلات غير هذا إما اعتقاد وظنون ، والظنون عقائد قال الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم ، وإما أقوال وحديث ، وإما بطش وأفعال فإن كان على وفق الحق كان إيمان وإن كان على وفق الباطل كان كفران 0 ومثل الإيمان له أصل وكمال ، الكفران أيضاً له أصل وكمال فى المخالف سنعرف أن الكفر كفرين والشرك شريكين أى هناك أكبر وأصغر : -
* الكفر الأكبر الذى هو ضد أصل الإيمان
* الكفر الأصغر الذى هو ضد الكمال



تنبيـــه :
• المقصود بكمال الإيمان هو الكمال الواجب الذى يأثم تاركه ويُثاب فاعله ، وليس الكمال المستحب الذى يُثاب فاعله ولا يأثم تاركه ، لما نقول أصل وكمال : كلمة كمال الإيمان عرفنا أنها الأعمال التى من تركها لا يكفر ، وأصل الإيمان الأمور ( عقائدية - قوليه - عملية ) من تركها كفر 00 كلمة كمال دائماً نسمع أنها شيء كامل أى تحسينى 00 لا 00 لابد أن تعرف أن الكمال نوعين 0 لكن كلام العلماء الذى تقرأه فى أى مكان ويقول هذا من أصل الإيمان وهذا من كمال الإيمان 0 المقصود بكمال الإيمان ( الأصل فى كلامهم ) هو ما يُثاب فاعله ويأثم تاركه لأنه واجبات ، لو قلنا أن الزكاة والصيام من كمال الإيمان ومعروف أن ترك الزكاة مهلك ومتوعد عليها بأن يُحمى - والعياذ بالله - على الأموال والكنوز التى إكتنزوها فى نار جهنم وتكوى بها جباههم وجينوبهم والعياذ بالله 0 وهذا ليس معناه أن ترك الزكاة شيء تكميلى أو تحسينى لأننا التحسين والتكميل لا يُعاقب عليه 0 مثل المستوى الرفيع تأخذ عليه درجات ولو سقطت لا يُخصم منك لكن هناك سقوط ونجاح هذه أصل المادة ، وفيه أشياء ترفدك تُخرجك نهائياً 00 والإيمان كذلك ولله المثل الأعلى 00

هناك أمور تُخرج الإنسان وهناك أمور تـُرسبه وإن كان لم يخرج ومازال أسمه فلان لكنه بليد لكن لم يخرج وهناك أشياء عبارة عن درجات تجعله يعلو ويكون من الأوائل الســابقين ولذلك يقول ربنا " ثم أورثنا الكتاب الذين إصطفينا من عبادنا " ( منهم صاحب ملاحق سماه ظالم لنفسه مع أنه سماه من عبادنا أى لم يكفر مازال موجود فى حظيرة الإيمان ، ومنهم من أخذ جيد لا هُم ضعاف ولا هُم أوائل ( منهم مقتصد ) ومنهم الأوائل ( ومنهم سابق بالخيرات ) هذا التقسيم قائم على الأصل أم على الكمال؟ على الكمال ، لأنه لو كان قائم على الأصل كان سيكون فمنهم كافر ومنهم مؤمن ، كما قال فى آية أخرى ، هذا على الأصل ، أما على الكمال : فمنهم بالملاحق ومنهم من ليس بالأوائل لكن مضبط نفسه مقتصد ، وهناك الأوائل اللهم يعلينا عنده ويرفعنا فى الإيمان خير ما يرفع فيه العبد الإيمان
" يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات " أرفع مرتبتين يرتفع فيهما العبد الإيمان والعلم هما هذان الوظيفتان الذان من رضا الله عز وجل على عبده يرفعه فيهما إن كان صاحب علم يزيده ، وإن كان صاحب إيمان يزيده ، قد يكون أمى وليس بصاحب علوم ولا قراءة وفهوم ولكن صاحب إيمان وتقوى فتجده مرفوع الذكر فى الإيمان ويعلو وإن كان ليس عنده علوم ، وتد آخر عنده العلم وعنده الفهم فيفتح الله عليه ويرفع ذكره ويندى أسمه فى الخلق بالعلم ، هذه مسائل ينبغى أن تفهمها وتعرف ما معنى كمال لأننا دائماً نسمع : أصل وكمال .. كمال مين ؟ كمال إبراهيم ؟ لا كمال واجب.

خلاصـــة : مذاهب الناس فى الإيمان تتلخص فى ما يلى : -
1) الجهمية ـــــــــ التصديق فحسب
2) الكرامية ــــــــ الإقرار فحســـب
3) عموم المرجئة ـــــ تصديق وإقرار
4) أهل السُــــــنة ــــــ اعتقاد وقول وعمل ( العمل شرط كمال على الغالب )
5) الخوارج والمعتزلة والشيعة ــــ اعتقاد وقول وعمل ( العمل شرط صحة )
ملحوظة :
• الجهمية والكرامية والمرجئة : هؤلاء كلهم مرجئة ولكن يسمونهم مرجئة وغلاة المرجئة لم يقولوا المرجئة يقصدون بها عموم المرجئة وغلاة المرجئة يقصدوا بهم الكرامية ، أما الجهمية وإن كانوا من المرجئة ولكن لأنهم أفحش مذهب وأشنع من تكلم فى مسائل الإيمان فدائماً يُقال عليهم الجهمية لكن الثلاثة أصولهم ترجع إلى المرجئة 0

• لا تتعجب عندما يقال مثل ابن تيمية وابن حزم من الذين يفصلون يقولون المرجئة ثلاث أقسام ويذكر ما عند الجهمية والكرامية والمرجئة 0 ولذلك بعض الناس لما يتكلموا فى الإيمان يقول اختلف الناس فى الإيمان على ثلاث مذاهب( المرجئة -أهل السنة - الخوارج) التفصيل فى الكلام العلمى والمناظرات فى إثبات أن الأعمال من الإيمان دائماً يتكلموا عن الثلاث مذاهب 0
ما معنى الأعمال شرط كمال ، وما معنى الأعمال شرط صحة ؟

• معنى الأعمال شرط صحة : أى يُشترط لكى يكون إيمانه صحيح أن يأتى بالأعمال 0

• ومعنى الأعمال شرط كمال : أى يُشترط لكى يكمل إيمانه أن يأتى بالأعمال 0

ما هى الأعمال ؟
الأعمال هى : العمل منه قول اللسان وفعل الجارحة ، العمل ( قول اللسان - فعل الجارحة) .
• الخوارج والمعتزلة والشيعة قالوا أن أى أمر يأمر به ربنا - ما معنى أمر ؟ يعنى أقيموا الصلاة ، أتوا الزكاة، كتب عليكم الصيام ، قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ، لا تقربوا الزنا ، إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه 000 الخ سواء التى جاءت فى الكتاب أو السنة، قالوا : إن الأعمال التى جاءت كلها يشترط أدائها لصحة الإيمان فجعلوا الباب مثل العمود مثل القاعدة الخرسانية مثل النافذة كله مثل بعضه لو نزعت نافذة كأنك نزعت عمود فيكفروا بالمعصية فلو واحد فعل معصية بمعنى ترك أمر بمعنى ترك عمل يكفر هذا معنى شرط صحة 0

• أهل السنة يقولوا : لا العمل الذى لم يقل الشرع أنه كفر ويبين أنه عمود مثل الشهادتين مثلا ً يصير أبواب ونوافذ وإن كانت فى المبنى مهمة لكن لو خُـلعت لا ينهدم المبنى لكن المبنى يخرب ، ينقص ، فنقول فلان دينه خرب عنده دين لكن خربان ، عنده دين ناقص كأن يكون زانى ، سارق ، مرتشى ، كذاب ، عاقا لوالديه ، متطلع للعورات ، مرابى ، يأكل حرام ، كل هذا نقص يقول لك هذا مبنى خربان لاباب ولا نافذة والبلاط مخلوع لكن المبنى موجود فدين العبد منا يأخذ هذه الصور 0 مثلا ً شخص يأخذك لتسكن فى بيت فتجده بدون أبواب ولا نوافذ ولا بلاط ولا صنبور 00 تجد نفسك تجرى ، خربان هكذا بعض الدين منا خربان بنفس الصورة لكن المبنى نفسه موجود لكن المكملات مفقودة طبعاً فقد المكونات أو خراب المبنى ليس على صورة واحدة هناك شخص كل الأمر أن باب الشقة منزوع والبلاط موجود وكله ، وشخص آخر الباب والنوافذ و الباقى موجود ، وشخص ثالث الباب والشباك والبلاط ، إذن خراب الدين ونقصه على درجات لا يحصيها إلا الله وجود هذه الأعمال الأبواب والنوافذ والبلاط 000 الخ التى هى الصيام والزكاة والحج وبر الوالدين والإحسان إلى الجيران هذه هى الأبواب والنوافذ والبلاط التى تكمل المبنى ، إذن وجودها شرط لكمال المبنى إلا بعضها مثلها مثل الأعمدة : مثل الصلاة والشهادتين لو لم يقل شخص الشهادتين كان البيت منهدم لكن غالبها أبواب ونوافذ وبلاط 00 الخ أى أن غالبها مكمل ، وهذا الذى جعل أهل السُـنة يقولون أن الأعمال شرط كمال 0
هل فهمت ما معنى شرط كمال ؟

• أى أن الإنسان لديه خراب فى دينه بقدر ما يترك من الأعمال ، ولديه زيادة وتكميل فى دينه بقدر ما يعمل من أعمال ، فلو شبهت دينك بالمبنى تستطيع أن تعرف مدى الخراب الـــذى فيه لماذا ؟ بحيث إذا جعلت كل عمل بمثابة جزء مكمل من المبنى وليس من الأساسات فتقول : أولا ً لا أدفع زكاة - أى أن الباب منزوع ، ثانيا : لايوجد صيام - أى هذا الباب الثانى ، ثالثا ً : ليس عندى بر والدين : إذن النافذة الأساسية منزوعة ، رابعاً :ليس عندى إحسان إلى الجيران : فالباب الثالث مخلوع ، خامسا ً : ليس عندى مال حلال إنما آكل ربا هذا البلاط منزوع 000 وهكذا ، وهو فى النهاية أسمه مسلم لم يكفر لكن هناك نقص شديد شديد والمبنى إذا نُزعت أبوابه وشبابيكه إذن الهدم له قريب لأنك تفك فيه جزء ، ولذلك المعاصى بريد الكفر 0 أصحاب الكبائر قريبين من الكفر : البيت ممكن يقع بسهولة لأن حياتهم خربانة ، أصحاب الطاعات مثل الذين يرمموا كلما سقطت جزئية يرمّـها حتى لو كان باب مخلـّـع أو نافذة مكسورة لكن هو يرمم 0 وأصحاب الإحسان والبر بيوتهم حسنة تشعر أنه منور ويشرح الصدر من كثرة الطاعات ، لكن فى الغالب أن كل بيوتنا تحتاج الى أن تذهب البلدية - نسأل الله العافية والسلامة ونسأل الله أن يُصلحنا 0

المهم أن تعرف أن هذا التركيب مهم جداً 00
1) الجهمية 2) الكرامية 3) عموم المرجئة : لا يدخلون الأعمال فى الإيمان لأن آخر ما عندهم الذين هم عموم المرجئة هو تصديق وإقرار0
4) أهل السـُنة 5) والخوارج والمعتزلة والشيعة : يدخلون الأعمال فى الإيمان 0
4) أهل السنة يدخلون الأعمال فى الإيمان على وجه الكمال إلا ما دل الدليل أنه شرط صحة
5) الخوارج والمعتزلة والشيعة : يدخلون الأعمال فى الإيمان على أنها شرط فى صحة الإيمان 0
[ اعلم أن للعلم مرارة لأتذوق حلاوته إلا إذا ذقته ، تصبر على مرارته ثم تجنى بعد ذلك منه حلاوة شديد أسأل الله أن يعلمنى وإياك فأصبر ولا تيأس فنحن نحاول أن نُـبسـّـط لتفهم فنحن لا نكتب إحصاء بحيث تكتب دون أن تفهم أو تقول معادلات لا أفهمها ، لا ذها كلام سهل وبسيط وكلما وجدت أنك لا تفهم لا ترمى الكراسة لكن شـغّـل الفهامة ولا تيأس 00 ]
الفارق بين ( أهل السـنة ) و ( الخوارج والمعتزلة والشيعة ) : -

• لما يسأل شخص ويقول : الخوارج يقولون الإيمان اعتقاد وقول وعمل ، وأهل السنة يقولون الإيمان اعتقاد وقول وعمل فما الفارق ؟
• لابد أن تفهم هذا الفارق أن الخوارج يعتبرون الأعمال شرط صحة ، لذلك يروا أن تارك أى عمل أى أمر قد كفر ولذلك أصحاب الكبائر عندهم كفار 0
• أهل السنة يقولون : أصحاب الكبائر دينهم ناقص وليسوا كفار ، لو زنى لا يكون كافر ، لو سرق لا يكون كافر ، لو أخذ شوة لم يكن كافرا وإن كان خلع من المبنى أشياء وخرّب المبنى وإن كان المبنى مازال موجود فإذن الفارق بينهما هو : -
1) أن الإيمان عند أهل السنة يزيد وينقص ، بينما الخوارج والمعتزلة والشيعة عندهم الإيمان كلُُ لا يتجزأ.. ماذا يعنى هذا ؟ الخوارج يقولون الإنسان إما مؤمن وإما كافر أهل السنة يقولوا : إما مؤمن ، إما ناقص الإيمان ، إما كافر 0
2) الناس عند (1) و (2) و (3) و (5) إما مؤمن كامل الإيمان وإما كافر ، بينما الناس عند أهل السنة عند (4) مؤمن كامل الإيمان ، مؤمن ناقص الإيمان ، كافر . إذن أهل السنة فقط هم الذين جعلوا الناس ثلاث مراحل لكن الجهمية والكرامية وعموم المرجئة ، الخوارج والمعتزلة والشيعة جعلوا الناس إما مؤمن كامل أو كافر على تفصيل فيما بينهم فى أشياء تفريقية لا تسعنا كمبتدئين 0 كالتفريق بين الكبيرة واعتقادها ، وعدمها والصغيرة وهل هذا فى الصغائر فقط أم الصغائر والكبائر أم الكبائر فقط ، وهل يسمى صاحب الكبيرة كافر أم لا والمعتزلة يسمونه فاسق لكنهم يروا له الوعد والوعيد ، موضوعات نظرية بسطوها فى مواطن بحثها لكن لا تهمنا نحن كمبتدئين 0 لكن إحتياجنا لمعرفة أصول المخالفين هى أحد أسباب تأصيل مذهب الحق ، نحن لا ندرس دراسة متخصصة فى معرفة مذاهب المخالفين إنما يهمنى أن يتأصل عندى مذهب الحق ، وفى كثير من الأحيان تحتاج لمعرفة مذهب الحق أن تتعرض للمذهب المخالف حتى يتأصل عندك المذهب الحق0

الرد على الكــــرّاميــــة
• تعرضنا للرد على الجهمية عندما تكلمنا عن الإيمان وقلنا : خبر ـ ثم قبول ـ ثم تصديق وأن القبول نوع من التصديق لكن لو لم يكن معه انفعال قلب لا يصلح ، وقلنا أن لفظ الإيمان أكبر من لفظ التصديق وأنه يتعدى آمنا له وآمنا به 0 المهم أن هذه الجزئية تعتبر رد على الجهمية لكن الذين قالوا أن الإيمان هو القول وهم الكرامية والحقيقة أنهم مشكلتهم إفهم أنهم وقفوا عند بعض العمومات التى يمكن أن يعترض بها البعض قالوا إن الله سبحانه وتعالى قال : " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً 00 " وبالتالى فالإيمان هو الكلمة لأنه قال لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ، والسلام كلام سواء أنهم تأولوا السلام على أنه الاستسلام أو بمعنى التحية ، والصحيح أنه بمعنى التحية لكن كانت عنوان الإسلام وأيضاً قالوا : أ ن النبى صلى الله عليه وسلم قال : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة فإن هم فعلوا عصموا منى دمائهم وأموالهم وحسابهم على الله "0
وإن كان النص نفسه فيه قرينة ترد ما عندهم وهى قول وحسابهم على الله إلا أنهم غفلوا عن هذه القرينة وقالوا : لم يقاتل النبى صلى الله عليه وسلم الآخرين إلا على الكلمة وبالتالى فالإيمان هو الكلمة 0 وأشياء أخر أريدك أن تفهمها ما لذى يجعل الجهمية يقولون بما قالوه والكرامية يقولوا بما قالوه والخوارج يقولوا بما قالوه ؟ فى القرآن عمومات وفى القرآن مخصصات وفى القرآن إطلاقات وفى القرآن مقيدات فمن أخذ بالعمومات دون المخصصات وقع فى شطط بعيد ، كنت فى الماضى عندما كنت أتعلم وأسمع هذا الكلام كنت أتعجب وأقول لماذا قالوا بهذا والقرآن أمامهم خاصة أن الإنسان قبل أن يتعلم ويُخالط المتعلمين يستقر عنده قول الحق ولو إجمالاً 0 فأنت قبل أن تحضر هذا الدرس عقيدتك صحيحة ولو إجمالاً صحيح أنك فى التفضل والعلم لا يوجد لكن إجمالا تعرف أن الإيمان اعتقاد وقول وعمل وأن الكبائر لا يكفر صاحبها كلام بالإجمال لكن لما تقرأ فى أى كتاب أو تتعلم وتعرف أن الجهمية قالوا كذا والكرامية قالوا كذا 000 يحدث عندك نوع من الاستفهام الشديد لماذا قالوا بهذا والقرآن موجود والآيات موجودة ، أنت تتعجب لأنك فاهم الحق لكن هو لما تعامل لم يتعامل بعد أن تعلم الحق 0 هو تعامل مع المسألة من الأول بهوى فوقف بنظرته الضالة على بعض العمومات مثل ما نقول فى الكرامية يقف على بعض العمومات ويعتبرها الأصل ويقول هذا هو الدليل مثل الجهمية " وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين " هل هم عموا عن باقى الآيات ؟ لماذا هذه الآية فقط ؟ والآية طبعاً لا شىء فيها لكن هم قالوا :" وما أنت بمؤمن " أى بمصدق فالإيمان هو التصديق ، والكرامية : مسكوا فى هذه الآية وغيرها والحديث وقالوا : الإيمان هو الكلمة 0 وعموم المرجئة :
وبالذات قول أبى حنيفة وهذه سوف يأت لها تفصيل بعد ذلك والماتردية : ما الذى جعلهم
قالوا : إن الإيمان هو التصديق والقول ولم يُدخلوا العمل ؟ قالوا : مامن موطن إلا ويقول الله تعالى : [ الذين آمنوا وعملوا الصالحات ] فجعل الإيمان غير العمل( شبهة ) فظنــــــوا أن الإيمان هو التصديق والإقرار والعمل شىء آخر فلم يجعلوه من الإيمان 0 هــذا هــــــــو ســببها 0

الخوارج : قالوا : إن الله تعالى سمى هذه الأعمال " إيمان " والإيمان ضده كفر ، ومن ترك الإيمان كفر 0 قالوا : عندنا أمرين :
1) أن الله تعالى سمى هذه الأعمال "إيمان" [ إنما المؤمنون الذين إذا ُذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تـُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون 0 الذين يُقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا ً ] فضلاً عن النصوص الأخرى التى نفت الإيمان عن مخالف العمل كقول النبى عليه الصلاة والسلام: { لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ، لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن } فقالوا نفى عنه الإيمان وســماها إيمان والإيمان ضد الكفر ومن ترك الإيمان كفر ولما خاصموهم قالوا : هذا هو أى معصية كفر قال تعالى : ( بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) 0 بلى من كسب سيئة إذن من يعمل سيئة أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون0
ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده فإن له نار جهنم خالداً فيها 0 يعصى أى يفعل معصية فالجهمية لهم حجتهم والكرامية لهم حجتهم 0 سائل يقول : طيب هو فعلاً كلامهم صحيح بالمناقشة0 هذا الكلام مضبوط بغمضة عين لكن حين تفتح عينيك تجده باطل 0 كيف ؟ هذه عمومات إذا أنزلتها على مخصصها مثل قوله تعالى :{ إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء } عُرف أن السيئة فى الآية والمعصية فى الآية الثانية متى يكون الخلود فى النار ؟ الشرك وأن مادون الشرك لا يستوجب الخلود فى النار وحتى ما استدلوا به من وصف الأشياء بالإيمان عرف أنها مكملة بدليل أن العقوبات والمخالفات حتى مثلا حديث " لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن " فى الحديث من حديث أبو هريرة عند البخارى أتانى آت فبشرنى وفى لفظ أخبرنى أن من شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه دخل الجنة 0 قال : يا رسول الله وإن زنا وإن سرق ؟ قال وإن زنى وإن سرق ، قال :
وإن زنى وإن سرق ؟ قال : وإن زنا وإن سرق 0 وكان المعارض له أبو ذر فقال له : رغم أنف أبو ذر ، لكن فى رواية البخارى من رواية أبو هريرة 0
المهم : إن هذا يهدم بالخصوص فالنصوص الأخرى تبين 0 والجهمية فى التصديق عرفنا أن لفظ الإيمان يدخل فيه الأعمال وأنه هناك آمنت به وآمنت له ، وأنه ليس مجرد تصديق بل هو أعم من التصديق وجعله الشرع يدخل فيه الأقوال والأعمال وسمى الأعمال إيماناً وسمى الدين كله عمل كما فى قوله تعالى : [ تلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون ] .
فائدة : - الرد على الكرامية وإثبات مذهب أهل السنة :

• أننا لما نرد على الكرامية أو الجهمية أو الخوارج هل هذا ما نريد أن نتعلمه الرد على الخوارج والكرامية والجهمية أم نريد أن نتعلم مذهب أهل الحق ؟ نتعلم مذهب الحق 0
• وبالطبع وبالضبط تظهر أشياء وإبطال المخالف إقامة للموافق نحن نبطل مذاهب الباطل بدليل الشرع لتعميق مذهب أهل السنة 0
• قال القرطبى عند بيان آية البقرة 8 عند قوله تعالى :{ ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين } قوله وما هم بمؤمنين فيه رد على الكرامية حيث قالوا أن الإيمان قول باللسان وإن لم يعتقد بالقلب واحتجوا بقوله تعالى : { فأثابهم الله بما قالوا } المائدة 85 قالوا : ربنا بيقول فأثابهم الله بما قالوا إذن المطلوب هو الكلام فقط ولم يقل بما قالوا وأضمروا أى اعتقدوا ، واستدلوا أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم 00 } وهذا منهم قصور وجمود أى الاستدلال بالآية والحديث وما فى معناها وترك نظر أى ترك التفكر والفهم لما نطق به القرآن والسنة من العمل مع القول والاعتقاد أنتبه هو يرد عليهم بالآية { ومن الناس من يقولوا آمنا } لو كان الإيمان هو القول فلا يقال وما هم بمؤمنين كيف أنهم أتوا بحد الإيمان وكيف وما هم بمؤمنين ؟ لإذن هذا هدم بيـــّـــن لمذهبهم لأنهم أتوا بالكلمة لكنهم لم يأتوا معها ببقية الشروط فإنهدم 0

" ومن الناس من يقولوا آمنا بالله واليوم الآخر " إذن هم قالوا أشهد أن لا إله إلا الله وأؤمن باليوم الآخر والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم إنتهى قالوا وخلاص 00
ورغم أنهم بيقولوا قال الله تعالى وماهم بمؤمنين ، لم يقل لأنهم إمتنعوا عن القول إذن نفى عنهم الإيمان مع قولهم إذن هذا دليل قاطع على أن الإيمان ليس كلمة فما ذهب إليه 00
"ما" هنا موصولة بمعنى الذى أى فالذى ذهب إليه حتى لا يعتقد أحد أنها نفى فيختلط عليه الكلام فما ذهب إليه محمد بن كرام السجستانى الذى هو إمام الكرامية وأصحابه هو النفاق وعين الشقاق ونعوذ بالله من الخزلان وسوء الاعتقاد 0 وقال الطبرى فى آية البقرة 45
بدلاً من ذكر الصفحات لأن الطبعات تختلف فالإحالة لها طرق : -
أ - إما بذكر الجزء والصفحة 0
ب - وإما مع كتب السنة ذكر الباب وبالتالى اختلاف الطبعة لا يضر لأن الأبواب لن تختلف قال عند بيان الآية 45 من سورة البقرة وذلك أن الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح فمن لم يصبر على العمل بجوارحه لم يستحق الإيمان بالإطلاق ( بالكمال) وهذه مناسبة أن نعرف عبارة دائما يذكرونها فى العقيدة ، يذكرونها فى كل قضاياها سواء فى الكفر ، الإيمان ، فى الشرك ، عبارة مشهورة الإيمان المطلق ومطلق الإيمان 0
ما الفرق بين الشيء المطلق ومطلق الشيء ؟
مطلق الشيء : جنسه والشيء المطلق : الكامل

• مثال : إذا قلت لك احضر لى أى طعام فهذا أسمه مطلق الطعام فلو قطعة خبز بدون أدم تسمى مطلق الطعام لأنها من جنس الطعام ، لكن لو قلت احضر لى أكمل الطعام وأحسنه فيكون هذا الطعام المطلق الذى جمع كل صفات الكمال فى الطعام ، فلما يقال مطلق الإيمان يكون أى شيء من الإيمان : تسبيحة ، تهليلة ، سجدة ، هذا يسمى مطلق الإيمان 0 لما نقول الإيمان المطلق أى الإيمان الكامل لو شخص ترك الأعمال لم يكن مستحق الإيمان بالإطلاق فلا يقال عليه مؤمن كامل 0

• فالصبر على العمل بالشرائع نظير الرأس من الجسد للإنسان 0 بمعنى لو نزعت رأس الإنسان من جسده والذراعين موجودة والجسد موجود سيموت بالطبع ، ولذلك يقول : لو تركتم الأعمال ويقصد أعمال القلوب والجوارح فهم دائماً يعرفون الإيمان يقولون : الإيمان قول وعمل وهذا كلام السلف القدامى ، أما المتأخرون فهم يُعرفون الإيمان بالعبارة المشهورة عندنا : الإيمان اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان ، والبخارى يقول قابلت فى الأمصار أكثر من ألف رجل كلهم لا يختلف أحد منهم على أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص 0 أين الاعتقاد ؟ كل القدامى كانوا يقولون قول وعمل ولم يكونوا يقولون اعتقاد وقول وعمل ، يقصدوا بالقول : قول القلب واللسان ، ويقصدوا بالعمل : عمل القلب واللسان ، ونحن قلنا فيما سبق أن القلب له قول وعمل :
* قول : وهو القبول تصديق المعرفة
* عمل : وهو انفعال القلب
* اللسان له قول ، الجوارح لها عمل

• فكانوا يغطوا المعنى باللفظين ولذلك لا تتعجب عندما تسمع هذه العبارة ، والبخارى بـّوب أول باب فى الإيمان باب ( بُنى الإسلام على خمس والإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) هذه مقولة السلف لكن نظراً لقلة فهمنا وضحوا لنا العبارة وقالوا مبينين : اعتقاد وقول وعمل حتى لا نقول قولوا عمل إذن لا يوجد اعتقاد 0 لأنهم لما قالوا : الإيمان قول وعمل أدخلوا الاعتقاد مرتين بالقول والعمل قالوا قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح0 قال الأصفهانى فى مفردات ألفاظ القرآن : ويقال لكل واحد من الاعتقاد والقول الصدق والعمل الصالح إيمان 0

• وهذه فائدة جميلة جداً ، نادرة ، هامة ، ما معنى ذلك ؟ القرآن والسنة ســمُّوا كل جزء من الإيمان إيمان وإن كان الإيمان الشرعى لا يقوم إلا بالثلاثة عما عرفنا ، لكن هنا لطيفة جميلة وهى بيان كيف أن الاعتقاد يسمى إيمان فى القرآن والقول يسمى إيمان والعمل يسمى إيمان : قال تعالى { وما كان الله ليضيع إيمانكم } البقرة 143 - أى صلاتكم إذن الشرع سمى العمل إيمان وهذه الآية مجمع على تفسيرها أن الإيمان فى هذه الآية هى الصلاة ، وهذه الآية لها قصة وهى باختصار شديد : كان المسلمون يصلون فى أول الأمر إلى بيت المقدس موافقة ً لليهود ثم شرع الله سبحانه وتعالى التميز للمسلمين فى كل شأنهم حتى ميـّزهم بقبلتهم فأمرهم أن يصلوا إلى البيت الحرام ، فقال بعض الصحابة : كيف بإخواننا الذين صلوا ببيت المقدس ؟ فأنزل الله تبارك وتعالى :" ما كان الله ليضيع إيمانكم " أى صلاتكم إلى بيت المقدس 0 وجعل الحياء وإماطة الأذى من الإيمان ، طيب الحياء شيء فى النفس وإماطة الأذى شيء محسوس عملى كما قال عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه مسلم وغيره { الإيمان بضع وسبعون شعبة وأفضلها قول لا إله إلا الله 0 وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان } هكذا سمى الاعتقاد والعمل 0 طيب والتصديق ؟ أيضاً يُسمى إيمان 0 وقال تعالى { وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين } قيل معناه بمصدق لنا أهـ .

فائدة :
• وهذا بين فى أن كل مكونات الإيمان تُسمى بدليل الشرع إيمان وفى ذلك أبلغ الرد على المرجئة بطوائفها ( الجهمية - الكرامية - عموم المرجئة ) نقرأ من صــ 136 فى الكتاب هو جمعهم فى صفحتين ما قلناه نحن فى درسين فقد أجملهم ونحن قد فصلناهم فيقول :
تلك هى الأمور التى يجب أن نؤمن بها ، يُشير هنا إلى الأركان حيث أنه بدأ بها ، ووصلاً للكلام قال تلك هى الأمور التى يجب أن نؤمن بها 0 ولكن ما معنى الإيمان بها ؟ إذن سيذكر فى الصفحتين القادمتين معنى الإيمان التى كتبنا فيها هذه المقدمات وكيف يكون ؟ وما الشيء الذى يصدق عليه هذا الاسم ؟ طبعاً معنى الإيمان عرفناه أليس كذلك ؟


..........يتبع.....تابعوا معنا.......

رد مع اقتباس