عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-20-2007, 07:29 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




أثر القرآن فى لغتنا العربية

 

أثر القرآن المجيد فى لغتنا العربية *********************
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أحبائى فى الله جل وعلا :
ماسيأتى من الكلمات بالطبع هو أقل قليل فى حق كتاب الله المجيد ، ولكن يكفينا أن نقول أن اللغة التى نتعلمها اليوم جميعنا وكل ماوصل إلينا من علومها المختلفة ما استقى إلا من لغة القرآن و قوة ألفاظه وحسن بيانه ، مشتملا ذلك على كل علوم النحو والصرف وعلوم البلاغة والبيان والعروض والبحور والأدب .
فقد كان القرآن الكريم المصدر الأول الذى اعتمد عليه النحاة ( علماء النحو ) وعلماء اللغة والصرف فى وضع قواعد هذه العلوم النفيسة . وأخذوا يستشهدون عليها بآيات الله .
فكان القرآن إمامهم فى كل ماوضعوا من قواعد وما قدموا من آراء .
فكان للقرآن أكبر الأثر فى حفظ لغة العرب من الضياع ، حيث أن كثيرا من الأمم التى أسلمت فى مصر والعراق والشام وغيرها ، هجرت لغتها التى تتحدث بها من رومية وفارسية وقبطية وأقبلوا على العربية يتدارسونها لكونها الوسيلة لفهم الإسلام والقرآن .

وأيضا قد انتزع الأسلوب القرآنى عقول العرب فعاشت بين سهولة ألفاظه وعذوبتها وروعة معانيه ، فانعكست صورته اللفظية والمعنوية والبيانية على العرب وبلاغتهم فى الخطابة والكتابة والشعر وغيرها ، فلم يكد العرب وهم الفصحاء الذين حفظوا تراث الأدب العربى يسمعون القرآن حتى بهرتهم بلاغته فأقبلوا عليه يحفظونه ويستلهموا من معانيه وأساليبه قوة يعبرون بها فى كتابتهم شعرهم ونثرهم .
وكيف لا ؟ وهو الملىء بالآيات الإعجازية كآيات ضرب الأمثال . كقوله تعالى :
[يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالمَطْلُوبُ] {الحج:73}

*** وفيه من الصور التشبيهية الرائعة الكثير والكثير .
كتصويره الحياة الدنيا فى قوله تعالى :
[إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] {يونس:24}

**** وفيه مافيه من الإيجاز المعجز . كقول الله تبارك وتعالى :
[وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ] {البقرة:179}
وكقوله تعالى :
[خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ] {الأعراف:199}

**** أما عن الكنايات فى كتاب الله فهى أكثر من أن تحصى أو تعد .
فمثلا . قول الله تعالى : [أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ] {النساء:43}

وكقوله تعالى : [وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا] {النساء:21}

**** وفيه مافيه من المجاز الذى هز قلوب الفصحاء .
كقوله تعالى :
[إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا] {النساء:10}
وكقول الله تعالى :
[وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ] {نوح:7} وغير ذلك مما جاء فى القرآن المجيد ، فكان المعين الذى لاينضب والذى نهلت منه الأجيال من أهل اللغة والبيان .
ومازال القرآن وسيبقى إن شاء الله الينبوع الذى يرتوى منه رواد الفصاحة والبلاغة ، ولن يستطيع أن ينكر بلاغته إلا من عميت أبصارهم وبصائرهم ، وسيظل كتاب الله بمثابة حافظ اللغة حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
** منقول بتصرف من كتاب فى اللغة والأدب من كتب التعليم الأزهرى..
*******************************************
رد مع اقتباس