عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 03-03-2009, 04:06 AM
أبو مصعب السلفي أبو مصعب السلفي غير متواجد حالياً
الراجي سِتْر وعفو ربه
 




افتراضي

المبحث الأول
الهدوء وترك الإستعجال

...ويكفي أن سيد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام- قد حذّر من التسرع والعجلة, وذمّ من يفعل هذا الفعل, وقد كان من فعله -عليه الصلاة والسلام- تجاه ترك العجلة والتسرع التحلي بالحلم وحُسن الأخلاق, حتى مع مخالفيه! مما أعطى مثلاً أعلى للدعاة, بل لعامة المسلمين أن تتصف أعمالهم بهذه الصفة; وهي: التأنّي والتثبت والهدوء وترك العجلة والتسرع
ومن الأمور التي نأخذ منها الأمثلة على هذا الأمر من أخلاق النبي -عليه الصلاة والسلام- وتعامله مع الأحداث ما يلي:

1- حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: لما كان يوم حنين آثر النبي -عليه الصلاة والسلام- أناساً من القسمة. فأعطى أناساً من أشراف العرب..., فقال رجل: والله إن هذه القسمة ما عدل فيها, وما أريد فيه وجه الله!,... قال: فتغيّر وجهه -عليه الصلاة والسلام- حتى كان كالصّرف ثم قال: "فمن يعدل إن لم يعدل الله ورسوله؟" قال: ثم قال "رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر" متفق عليه.

في هذا الحديث دلالة على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد تعامل بهدوء بعد غضبه(1), ولم يعاقب ذلك الرجل القائل... حتى استأذن عمر وخالد النبي -عليه الصلاة والسلام- في قتله, فقال -عليه الصلاة والسلام-: معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه, فهذه هي العلة.. لكنه صبر استيفاءً لانقيادهم, وتأليفاً لغيرهم. شرح مسلم للنووي (2/129)
والنبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يعاقبه على ذلك, فدّل ذلك على كمال حلمه -عليه الصلاة والسلام-, حيث التأليف بالعفو مكان الإنتقام من أهم الوسائل الدعوية.
قال ابن حجر -رحمه الله- "وقد ارتكب الرجل المذكور إثماً عظيماً فلم يكن له حرمه, وفيه أن أهل الفضل قد يغضبهم ما يُقال فيهم مما ليس فيهم, ومع ذلك فيتلقون ذلك بالصبر والحلم كما صنع النبي -عليه الصلاة والسلام- إقتداءً بموسى عليه السلام. الفتح (10/529)

إذن حلمُ النبي -عليه الصلاة والسلام- على ذلك الرجل وعدم تعجيله العقوبة له يدل دلالة عظيمة على الخلق العظيم الذي أوتيه -عليه الصلاة والسلام- وحلمه وصبره على من آذاه, وهدوئه في معالجة هذا الخطأ.

2- قصة الأعرابي الذي جذب رداء النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى أثَّر في عاتقه -عليه الصلاة والسلام-.
حيث عفا عنه -عليه الصلاة والسلام- فلم يعاقبه وصفح عنه, فأزال ما في نفسه عليه, فضحك النبي -عليه الصلاة والسلام-.
والنبي -عليه الصلاة والسلام- قد تألفه بالعفو مكان الانتقام, وذلك امتثالاً لقوله -عز وجل- "فاصفَحْ عَنْهُم وقُل سلامٌ فسوف يعلمون"

3- حديث الأعرابي الذي بال في المسجد, حيث عامل النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الأعرابي باللين ومنع أصحابه من تعنيفه, ولم يؤنبه, ولم يسبّه, بل أدّبه وعلّمه برفق وهدوء.
قال النووي -رحمه الله- "وفيه الرفق بالجاهل, وتعليمه ما يلزم من غير تعنيفٍ ولا إيذاء" شرح مسلم (1/525)

4- حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: أُتي رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بصبي فبال على ثوبه, فدعا بماء فأتبعه إياه" متفق عليه.
وفي رواية "فلم يزد على أن نضح بالماء", فالرسول -عليه الصلاة والسلام- قد تعامل مع هذا الخطأ -غير المقصود-(2) من هذا الطفل بكل هدوء ورويّة وتأنٍّ, فهو عليه الصلاة والسلام لم يُعَنِّف هذا الطفل ولا أهله على هذا الفعل, ولم يستعجل ويقذفه جانباً عنه, بل لم يزد على أن دعا بالماء ونضح هذا البول.

قال النووي -رحمه الله- "وفيه: الندب إلى حُسن المعاشرة واللين والتواضع والرفق بالصغار وغيرهم. واللين يتضمن عدم الإسراع بالمؤاخذة, وترك الاستعجال بالعقوبة"

يقول الدكتور فضل إلهي "إن اللين يتضمن: لين الجانب, وحسن الخلق, وكثرة الإحتمال, وعدم الإسراع بالغضب والتعنيف إذا بدر من المسلمين خطأ"


------
(1)فيه أن المرء قد يغضبه ما يُقال فيه مما ليس فيه, ومع ذلك يتلقى ذلك بالصبر والحلم كما صنع النبي -عليه الصلاة والسلام-.
(2)فإن كثيراً مما يصنعه الكبار -أيضاً- من تصرفات خاطئة يكون عن غير قصد أيضاً, فحينها يَحسُن التحلي بنفس هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي تعامل به مع الصبي.
التوقيع

قال الشاطبي في "الموافقات":
المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبداً لله اختيارًا, كما هو عبد لله اضطراراً .
اللـــه !! .. كلام يعجز اللسان من التعقيب عليه ويُكتفى بنقله وحسب .
===
الذي لا شك فيه: أن محاولة مزاوجة الإسلام بالديموقراطية هى معركة يحارب الغرب من أجلها بلا هوادة، بعد أن تبين له أن النصر على الجهاديين أمر بعيد المنال.
د/ أحمد خضر
===
الطريقان مختلفان بلا شك، إسلام يسمونه بالمعتدل: يرضى عنه الغرب، محوره ديموقراطيته الليبرالية، ويُكتفى فيه بالشعائر التعبدية، والأخلاق الفاضلة،
وإسلام حقيقي: محوره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأساسه شريعة الله عز وجل، وسنامه الجهاد في سبيل الله.
فأي الطريقين تختاره مصر بعد مبارك؟!
د/أحمد خضر

من مقال

التعديل الأخير تم بواسطة أبو مصعب السلفي ; 03-04-2009 الساعة 02:49 AM
رد مع اقتباس