عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-01-2010, 04:46 AM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي من سورة الإسراء ..

 

" سبحان الذي أسرى بعبده " .. التسبيح هو تنزيه الرب القدوس عن كل عيب أو نقص فله الكمال كله والجلال ، سبحانه ، فإذا أنت تقول " سبحان الله " ، ينبغي أن تستحضر وتستشعر أنك تنزه ذا الجلال والعظمة ، وفكر في نفسك المخلوقة ، ونقصها ، وافتقارها إلى خالقها ، وحتمية عبوديتها له .

إنما العبودية شرف ، أما ترى الله يصف نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالعبودية له في أشرف المقامات ، كمقام تشريفه برحلة الإسراء " سبحان الذي أسرى بعبده " ، ومقام تكريمه بإنزال الكتاب عليه " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده " ؟! وكيف لا يتشرف الإنسان بعبادة ربه ، التي هي كمال محبته مع كمال الذل له ، والله تعالى ذو العظمة والكبرياء ، وله على خلقه ما لا يُحصى من النعم والآلاء ؟!
ولا خسارة شر من التمرد على حكم الله عز وجل ، ولما خرج بنو إسرائيل على حكم ربهم ، وأفسدوا في الأرض ، ونسوا أن العلو لله وحده فاستعلوا ، عاقبهم الله في الدنيا بأن سلط عليهم – تسليطا كونيا قدريا – عدوا يعذبهم به . ولله مشيئتان : كونية قدرية : وهي الحوادث والبلايا في العالم ، وشرعية : وهو ما أمر به عباده شرعا وفرضه عليهم . فذكر الله خبر بني إسرائيل بيانا للناس ولينذروا به ، فإن من أحسن وأصلح واتبع شرع الله إنما يصلح لنفسه " إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم " ، ويصلح الله له " فلنحيينه حياة طيبة " ، ومن خالف وأفسد في الأرض ، واتبع هواه وأعرض عن الكتاب والسنة ، يسلط الله عليه في الدنيا من العقوبة والبلاء ، وهذه سنة الله التي لا تتبدل ، " وإن عدتم عدنا " ، ثم يكون يومَ القيامة العذاب " وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا " .

ولنا آية في انتهاك حرمات المسلمين في معظم بلادهم ، وتسلط أعدائهم عليهم ، والغلاء المفزع الذي أصابهم ، وتهديد مصادر مياههم ، وتحكم ولاة أمورهم فيهم بظلم وإفساد . فإن اتقوا ربهم وأطاعوه ، وحكّموا كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فـ " عسى ربكم أن يرحمكم " ، وهذه سنة الله الكونية في خلقه أنه " لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " . ولذلك كان همُّ الدعاة إلى الله ومنهجهم في الإصلاح هو دعوة الفرد والمجتمع إلى الإيمان والعمل الصالح ، وأن يكونوا عبادا لله حقا ، فإنما صلاح أمورهم ورفع البلاءات عنهم بصلاح دينهم ونقاء عقيدتهم ، أما طلب الإصلاح بطرق أخرى تتبعها بعض التيارات الفكرية الإسلامية ، والتي تكون كثيرا مخالفة للمنهاج الإسلامي في إصلاح الأفراد والمجتمعات , وتُقتبس من أنظمة الكفار ومناهجهم ، فهذه لا خير فيها ، ولا نزداد بها إلا ضلالا ومشقة.

فإن كتاب الله " يهدي للتي هي أقوم " من العقائد والأعمال والأخلاق ، ولا خير إلا في تحكيم نصوصه والعمل به " إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه " ، ولا اعتبار لما لا يعتبره الشرع .
والله أعلم .
رد مع اقتباس