عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 12-18-2011, 12:26 PM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

***تنفير قلب الطفل من الشرور والشياطين***

نرى أناسا في حياتنا يحبون الشرور .. أحياء بيننا وقلوبهم في القبور
فيتعجب الطاهرون من أحوالهم .. ويشفق الصالحون على مصيرهم ومآلهم
ثم يزول التعجب غالبا بعد النظر في تربيتهم .. ومعاملة آبائهم لهم في زمن طفولتهم وصغرهم

كثير من الآباء والأمهات في زماننا عندهم قدرات [خارقة]
على زرع الطبائع الخبيثة في قلوب أطفالهم الطاهرة النظيفة
فيفسدون قلوبهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا

والسر في ذلك مبدأ منطقي معروف المآل .. وهو الإحلال والإبدال لإخفاء النقص والانحلال
فلو أن أبا متكبرا ربى ولده على التواضع لافتضح أمره وظهر عيبه أمام ولده وأمام الناس
فيتجه هذا الأب بطريقة تلقائية إلى تربية ولده على الكبر .. إما تصريحا بمقاله وإما تلميحا بردود فعله وأحواله
وهذا هو الإحلال والإبدال لإخفاء النقص والانحلال
أبدل طهر التواضع وجماله الفطري في قلب ولده بكبر خبيث ... ليخفي بذلك كبره ونقصه
لأنه لا يحب أن يرى في ولده ما يعكر عليه صفو طبعه !
كصديق السوء .. يوهم من يغويه بحسن المعصية .. ويزينها له أيما تزيين .. لأنه يشعر في عمق نفسه بتميزهم عنه ببعدهم عن دنس المعاصي وقبح الآثام .. وفي الوقت نفسه لا يملك القوة النفسية للتشبه بهم .. فيتجه إلى إغوائهم وصدهم عن سبيل ربهم ليتساوى معهم في المنزلة !
ولذا نسمع هذا الرد المشهور بين الشباب على من تاب من رفقتهم وعمل بطاعة الله
يقولون له : [انته هتعملنا فيها شيخ ! ... انته مش كنت لسه بتعمل معانا كذا وكذا]
التحليل النفسي لهذه الجملة يدل على ما قدمت من الرغبة في إخفاء النقص والانحلال بالإحلال والإبدال
ذلك أن الإنسان المتزن السوي إذا تاب صديقه فرح بذلك .. وتمنى بينه وبين نفسه أن يكون مثله .. وهذا واقع في كثير من الشباب الذين لم يفقدوا هذا الاتزان النفسي
أما شياطين الإنس منهم فلا يكفون عن السخرية والاستهزاء ... وتلقيبهم بأبشع الألقاب والأسماء

فهكذا يكون الأبوان مع الأطفال
ولكن الفارق بين أصدقاء السوء والآباء أن أصدقاء السوء غالبا ما يفعلون ذلك بوعي وتعمد
أما الآباء فيفعلون ذلك غالبا بغير وعي وتعمد .. ولكن النتيجة واحدة في النهاية

ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :
ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه أو يمجسانه

ولئن قدر الأبوان على التنصير والتهويد فإنهما على زرع الطبائع الخبيثة أقدر !
فكم من طفل اكتسب سوء الخلق من أبيه .. لسوء خلقه مع زوجه وبنيه
وكم من طفلة اكتسبت سوء الخلق من أمها .. لسوء خلقها مع زوجها وأهلها

وهنا تظهر أهمية التعليق الإيجابي
ودونكم رعاكم الله مشهدان في هذا الباب
طفل يلعب بجوار أبيه وهو يقلب القنوات الفضائية
وفجأة ينظر الأب ويحدق وتلتمع عينه ويكف عن التقليب
فينظر الطفل ببراءة ملائكية إلى ما أخذ بلب أبيه
فإذا بامرأة متكشفة .. تتمايل أمام السكارى غير متعففة
فكلما ازدادت في تمايلها .. ازداد الأب فرحا وطربا وأنسا بها
فحينها يقول الطفل البريء مستفهما : [مين دي يا بابا؟!]
فيقول هذا الغافل السفيه : [روح العب بعيد يا حبيبي عشان اعرف اتفرج!]

هذا التعليق لا يمر على الطفل مرور الكرام مهما صغر سنه .. بل يخزنه ويستصحبه معه في حياته
فيتأمل فيه ويحكم على أبيه .. وربما تعامل من خلاله في حياته مع أهله وذويه
ذلك أن هذا التعليق يترجم في عقله تحت مسميات وقواعد حياتية مختلفة ...
كاللامبالاة .. والسعي وراء الأهواء .. والأنانية لتحقيق الأغراض الشخصية ..
وعدم الالتفات لنظر رب العالمين والحرص على إرضائه .. وغيرها كثير

وأما المشهد الآخر ، فأب رأى ما رآه الأب الآخر ..
فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم .. وذكر الله التواب الرحيم
فقال له الطفل متعجبا : [ليه بتقول كده؟]
فقال مربيا ومعلما : رأيت ما لا يحبه الله .. وأنا أحب الله .. ولا أحب أن أرى ما لا يحبه ..
لأنه يراني ويراك .. ويسمع ما أقوله ويسمعك

كثير من الناس يستقل عقول الأطفال ويستصغر فهمهم
والذي يتعامل مع الأطفال من هذا المنطلق أولى بضعف العقل من الطفل
ذلك أن الأطفال يشعرون ويتأملون .. ويراقبون ويفهمون .. ويتسائلون ويفكرون
ومن هذا المنطلق فتمرير المشاهد الخبيثة أو المواقف الفاسدة أو الكلمات النابية على الأطفال من غير تعقيب وتعليق أمر مضر للطفل جدا .. لأنه يترجم سكوت الأب أو الأم إلى إقرار ..

ولا يشترط أن يكون التعليق في كل مرة بالتوجيه المباشر للطفل
بل الأولى والأفضل ألا يوجه التعليق في كل مرة للطفل نفسه إلا إذا سأل
فتارة يكون التعليق موجها للأب .. وتارة يصدر في صورة جملة تنفيرية .. تكون كالعلامة على قبح هذا الأمر
كقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. أو الحمد لله الذي عافانا
أو بالثناء على نقيض هذا الأمر .. كقول : [ما أجمل الصادق ]في سياق الكذب
أو [ما أروع المتواضع ]في سياق الكبر ..
وهنا لم أقل [ما أجمل التواضع ] بل [المتواضع]
لأن الثناء على المتواضع يشمل الثناء على التواضع وعلى فاعل التواضع
بخلاف الثناء على التواضع

وهذا يدفع الطفل ويحثه على التلبس بالتواضع ليكون من المتواضعين فيظفر بهذا الثناء
ذلك أن الأطفال يحبون الثناء ويسعون بشدة في جذب الانتباه ..
سواء بأفعالهم السلبية [كالعند] أو الإيجابية [كحسن الخلق]
فلابد من استغلال هذه المسألة على هذا النحو
وللحديث بقية إن شاء الله
والله الموفق
التوقيع

[C

رد مع اقتباس