عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 12-12-2007, 07:41 AM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الدرس الثالث والعشرون : إنزال الناس منازلهم
في حديث المسلم مع الناس، ولقائه بهم ينبغي أن ينزل الناس منازلهم، ويعاملهم بما هو أليق بهم ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أحمد (( ليس منا من لا يُجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه )).
وورد في صحيح مسلم قول عائشة رضي الله عنها : (( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم )) إذ الناس طبقات، فيهم الغني والفقير، وفيهم الكبير والصغير، وفيهم الراعي والرعية. ومن أدب المسلم تجاه الجميع أن يعطي كل ذي حق حقه، فيوقر الكبير وذي السلطان والشيبة ويرحم الصغير ويخاطب الناس على قدر عقولهم ولما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن داعياً ومعلماً وقاضياً، أوصاه (( إنك تأتي قوماً أهل كتابِ ..)) الحديث رواه البخاري ويدل على مراعاة المخاطب والحديث معه بما يناسب معتقد هو منزلته. قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : (( يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لنقضت الكعبة وجعلت لها بابين باب يدخل الناس منه وباب يخرجون )) – رواه البخاري – فترك الرسول صلى الله عليه وسلم هذه المصلحة لأمن الوقوع في المفاسد.
ومن أجل الترفق بالناس ومخاطبتهم على ما هم عليه من منزلة كانت تسمية القرآن الكريم لكبار القوم (( بالملأ )) قال الله تعالى ذاكراً قصة نوح مع قومه ( فَقَالَ المَلَؤُا الَّذِينَ كَفَرَوا مِن قَومِهِ مَا هَذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثلُكُم يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّل عَلَيكُم ) قال المفسرون : الملأ هم أشراف القوم وقادتهم ورؤساؤهم وسادتهم، وإطلاق كلمة الملأ على هؤلاء بهذا المعنى هو من قبيل بيان الواقع لا من قبيل بيان استحقاقهم فعلاً للشرف والسيادة والقيادة والرئاسة ويشبه هذا الإطلاق ما ورد في رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى رؤساء فارس والروم ومصر، فقد جاء في بعض هذه الرسائل مخاطبة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى رئيس الروم بعبارة (( إلى عظيم الروم )).فإطلاق هذه العبارة على رئيس الروم من قبيل بيان واقعه وهو أنه عظيم في نظر الروم ارئاسته لهم، وليس بياناً لاستحقاقه هذا الوصف.. وهذا الأسلوب من حكمة الدعوة والخطاب.
ونظير ذلك التلطف في الخطاب عند مخاطبة كبير الناس. قال الله تعالى مخاطباً موسى وهارون ( اذهَبَآ إِلَى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغَى "43" فَقُلاَ لَهُ قَولاً لَّيَّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشَى "44" ) و كان من حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم الترفق مع الناس، ومراعاة المخاطب. ورد في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قال : دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك. قالت عائشة : ففهمتها ، فقلت : وعليكم السام، واللعنة. قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلاً يا عائشة إن اللع يحب الرفق في الأمر كله، فقلت يا رسول الله! أو لم تسمع ما قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قد قلت وعليكم )).
رد مع اقتباس