عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 11-03-2012, 09:42 PM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

أنبياء الله في القرآن العظيم
(إبراهيم عليه السلام)
وبعض آيات من سورة البقرة


وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ
– 124


وإبراهيم عليه السلام، هو أفضل الأنبياء كلهم بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي جعل الله في ذريته النبوة والكتاب، وهو الذي دعا الخلق إلى الله، وصبر على ما ناله من العذاب العظيم، فدعا القريب والبعيد، واجتهد في دعوة أبيه، بقدر ما أمكنه... ( السعدي )

ويجيء الحديث عن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ; والحديث عن البيت الحرام وبنائه وعمارته وشعائره . . في جوه المناسب , لتقرير الحقائق الخالصة في ادعاءات اليهود والنصارى والمشركين جميعا حول هذا النسب وهذه الصلات .

ولتقرير قضية القبلة التي ينبغي أن يتجه إليها المسلمون . . كذلك تجيء المناسبة لتقرير حقيقة دين إبراهيم - وهي التوحيد الخالص - وبعد ما بينها وبين العقائد المشوهة المنحرفة التي عليها أهل الكتاب والمشركون سواء ;

وقرب ما بين عقيدة إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب - وهو إسرائيل الذي ينتسبون إليه - وعقيدة الجماعة المسلمة بآخر دين .

ولتقرير وحدة دين الله , واطراده على أيدي رسله جميعا , ونفي فكرة احتكاره في أيدي أمة أو جنس . وبيان أن العقيدة تراث القلب المؤمن لا تراث العصبية العمياء .

وأن وراثة هذا التراث لا تقوم على قرابة الدم والجنس ولكن على قرابة الإيمان والعقيدة . فمن آمن بهذه العقيدة ورعاها في أي جيل ومن أي قبيل فهو أحق بها من أبناء الصلب واقرباء العصب...

فالدين دين الله . وليس بين الله وبين أحد من عباده نسب ولا صهر ...

هذه الحقائق التي تمثل شطرا من الخطوط الأساسية في التصور الإسلامي , يجلوها القرآن الكريم هنا في نسق من الأداء عجيب , وفي عرض من الترتيب والتعبير بديع . . يسير بنا خطوة خطوة من لدن إبراهيم - عليه السلام - منذ أن ابتلاه ربه واختبره فاستحق اختياره واصطفاءه , وتنصيبه للناس إماما . . إلى أن نشأت الأمة المسلمة المؤمنة برسالة محمد [ صلى الله عليه وسلم ] استجابة من الله لدعوة إبراهيم وإسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت الحرام ; فاستحقت وراثة هذه الأمانة دون ذرية إبراهيم جميعا ,

بذلك السبب الوحيد الذي تقوم عليه وراثة العقيدة . سبب الإيمان بالرسالة , وحسن القيام عليها , والاستقامة على تصورها الصحيح .


وفي ثنايا هذا العرض التاريخي يبرز السياق :

أن الإسلام - بمعنى إسلام الوجه لله وحده - كان هو الرسالة الأولى , وكان هو الرسالة الأخيرة . .

هكذا اعتقد إبراهيم , وهكذا اعتقد من بعده إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط , حتى أسلموا هذه العقيدة ذاتها إلى موسى وعيسى . . ثم آلت أخيرا إلى ورثة إبراهيم من المسلمين . .

فمن استقام على هذه العقيدة الواحدة فهو وريثها , ووريث عهودها وبشاراتها . ومن فسق عنها , ورغب بنفسه عن ملة إبراهيم , فقد فسق عن عهد الله , وقد فقد وراثته لهذا العهد وبشاراته .

عندئذ تسقط كل دعاوى اليهود والنصارى في اصطفائهم واجتبائهم , لمجرد أنهم أبناء إبراهيم وحفدته , وهم ورثته وخلفاؤه....

لقد سقطت عنهم الوراثة منذ ما انحرفوا عن هذه العقيدة . . وعندئذ تسقط كذلك كل دعاوى قريش في الاستئثار بالبيت الحرام وشرف القيام عليه وعمارته , لأنهم قد فقدوا حقهم في وراثة باني هذا البيت ورافع قواعده بانحرافهم عن عقيدته . .


ثم تسقط كل دعاوى اليهود فيما يختص بالقبلة التي ينبغي أن يتجه إليها المسلمون . فالكعبة هي قبلتهم وقبلة أبيهم إبراهيم . . ( في ظلال القرآن )


وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى,

وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
– 125


كل ذلك في نسق من العرض والأداء والتعبير المعجز ; حافل بالإشارات الموحية , والوقفات العميقة ...

نعيش معها وإياكم في اللقاءات القادمة إن شاء الله تعالى.

*******

دمتم في رعاية الله وأمنه
رد مع اقتباس