عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 06-22-2009, 01:33 AM
حفيدة الحميراء حفيدة الحميراء غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


زوجها غيور جدّاً يمنعها من الخروج من المنزل، ومن زيارة أهلها، فماذا تصنع؟

السؤال : أنا متزوجة من سنة ونصف تقريباً ، وعندي بنت عمرها 6 شهور ، مشكلتي مع زوجي هو أنه غيور جدّا جدّا , في أول زواجنا ألبسني النقاب , والحمد لله التزمت به , ومع ذلك يغار عليَّ لدرجة أني لم أعد قادرة على الاحتمال ؛ فمثلاً : لا يوافق أبداً أن أخرج خارج البيت حتى عند أمي ، إلا نادراً , وكنت قبل الولادة أخرج أشترى طلبات البيت ، والآن لا يسمح لي أبداً أن أخرج أشتري أي حاجة للبيت ، حتى ولو كانت ضرورية , وقد سبب لي مشاكل كثيرة جدّا بسبب غيرته هذه , وأحياناً لسبب تافه جدّا , يعمل عليه مشكلة كبيرة جدّا ، فأتمنى من حضرتك أن تخبرني ما العمل ؟ فأنا متعبة جدّا , وقد حاولت مناقشته ، لكن بدون أي فائدة , وإضافة لذلك هو عصبي جدّاً , ولم أستطع إقناعه بأي حاجة ؛ فهل أطلب الطلاق منه ، أم ماذا أصنع ؟ .

الجواب :
الحمد لله
أولاً :
طاعة الزوج حسنة تثاب عليها الزوجة , وطاعته في المباح هو استجابة لأمر الله ، ومن سؤالك - أختنا السائلة - يظهر أنك مطيعة لزوجك ، ويظهر ذلك في طاعتك له في لبس النقاب ، وغيره ؛ فنسأل الله أن يثيبك , وأن يجزيك خير الجزاء .
ثانياً :
لا شك أن للزوجة على زوجها حقوقا وواجبات , ومنها : حسن العشرة ، والمعاملة الحسَنة ، كما قال تعالى : ( وَعَاشرُوهُنَّ بالمَعْرُوف ) النساء/ 19 .
قال ابن كثير رحمه الله :
أي : طيِّبوا أقوالَكم لهنَّ ، وحسِّنوا أفعالَكم وهيئاتكم حسب قدرتكم ، كما تحبُّ ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله ، كما قال تعالى : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة/228 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى) – رواه الترمذي وصححه - .
"تفسير ابن كثير" (1/477) .
وكذلك للزوج على زوجته حقوق وواجبات , وللوقوف على بعض من هذه الحقوق المتبادلة ينظر جواب السؤال رقم : (10680) .
ثالثاً :
غيْرة الرجل على أهله ، ومحارمه : من الصفات التي يمدح عليها الإنسان ، وقد أكدها الإسلام ، وحث عليها , وقد تعجب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من شدة غيْرة سعد بن عبادة رضي الله عنه ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟! لَأَنَا َغْيَرُ مِنْهُ ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي) رواه البخاري (6846) مسلم (1499) .
والمطلوب من الزوج : أن يعتدل في هذه الغيرة ، فلا يبالغ بها حتى يصل إلى إساءة الظن بزوجه , أو يسرف في تقصي كل حركاتها ، وسكناتها ، وتتبع أقوالها ، ويغوص في معانيها ؛ فإن ذلك يفسد العلاقة الزوجية ، ويكون مدخلاً للشيطان لإفساد الود ، والمحبة بينهما .
فعن جابر بن عتيك الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنّ َمِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ) .
رواه أبو داود (2659) والنسائي (2558) ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وعن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان بن داود عليهما السلام لابنه : يا بُني ! لا تكثر الغيرة على أهلك ولم تر منها سوءً ، فترمي بالشر من أهلك ، وإن كانت بريئة .
"شُعَب الإيمان" للبيهقي (1/499) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
وغيرة العبد على محبوبه نوعان : غيرة ممدوحة يحبها الله , وغيرة مذمومة يكرهها الله ، فالتي يحبها الله : أن يغار عند قيام الرِّيبة , والتي يكرهها : أن يغار من غيْرِ رِيبة ، بل من مجرد سوء الظن ، وهذه الغيْرة تفسد المحبة ، وتوقع العداوة بين المحب ومحبوبه .
"روضة المحبين" (ص 296) .
ومن الغيرة المحمودة : غيرة الزوج على امرأته من اختلاطها بالرجال الأجانب ، أو من رؤيتهم لها .
قال الشيخ محمد بن أحمد السفاريني رحمه الله :
"والمحمود من الغيْرة : صون المرأة عن اختلاطها بالرجال" انتهى .
" غذاء الألباب شرح منظومة الآداب " ( 2 / 313 ، 314 ) .
رابعاً :
الأفضل للمرأة أن تلزم بيتها ؛ لقوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) الأحزاب/33 .
قال ابن كثير رحمه الله :
أي : الزمنَ بيوتكن ، فلا تخرجن لغير حاجة .
"تفسير ابن كثير" (6/409) .
وليس للمرأة أن تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها ، فإذا لم يأذن لم تخرج ، حتى لو أمرها أهلها بزيارتهم ، فحق الزوج مقدَّم على حقِّ أهلها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه ، سواء أمرها أبوها ، أو أمها ، أو غير أبويها ، باتفاق الأئمة" انتهى .
"الفتاوى الكبرى" (3/148) .
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
"لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه ، لا لوالديها ، ولا لغيرهم ؛ لأن ذلك من حقوقه عليها ، إلا إذا كان هناك مسوغ شرعي يضطرها للخروج" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (19/165) .
وانظري جواب السؤال رقم : (83360) .
ولكن ينبغي على الزوج أن لا يمنعها من زيارة أهلها ، بل يعينها على صلة الرحم ، وهذا من حسن عشرتها .
فالأولى للزوج أن يسمح لزوجته من وقت لآخر بالزيارة ، والتواصل بين زوجته وأهلها ؛ لما في زيارة والديها من تطييبٍ لخاطرها ، وإدخالٍ السرور عليها ، وعلى أولادها ، وهذا مطلب شرعي .
وإن كان للمرأة من يكفيها شراء ما تحتاج إليه ، فالأفضل لها أن لا تخرج هي للشراء بل تبقى في بيتها .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"تمنع النساء من الخروج من البيوت ؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما نهى عن منعهن من الذهاب إلى المساجد ، وأما إلى الأسواق : فالرجل حرٌّ ، له أن يمنعها ، تُمنع من الخروج من البيت إلا لحاجة لا يمكن أن يقضيها أحد سواها ، وهذا الاستثناء أقوله من باب الاحتراز ، وإلا فلا أظن أن حاجة لا يمكن أن يقضيها إلا النساء ، لأن بإمكان كل امرأة أن تقول لأخيها : "يا أخي اشتر لي الحاجة الفلانية" ، لكننا ذكرنا هذا الاستثناء احتياطاً ، وأن يكون الرجل كما جعله الله عز وجل قوَّاماً على المرأة ، لا أن تكون المرأة هي التي تديره ؛ لأن الله يقول : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/34 ، فليكن قائماً حقيقة ، وليمنعها ، ولكن لا بعنف ، بل بهدوء ، وشرح للمفاسد ، وبيان للثواب والأجر إذا لزمن البيوت ؛ لأن الله تعالى قال : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الأحزاب/ 33 ، أي : نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهنَّ أكمل النساء عفة ، وأقومهن في دين الله ، ومع ذلك : قال الله لهن : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الأحزاب/ 33" انتهى .
"اللقاء الشهري" (24/السؤال رقم 10) .
فالنصيحة للأخت السائلة : أن تصبر على طاعة زوجها ، وأن تكون لبيبة حكيمة في تعاملها معه ، فالإنسان تأسره الكلمة الطيبة ، وتقيِّده المعاملة الحسنة ، وخصوصا ممن يحب ويود ، فكل شخص لا بد أن يكون له مفتاح يلج الإنسان من خلاله إلى قلبه , ويكون ذلك من الأمر الذي يحب ويرغب ، مع بيان أن الزوج الصالح والمستقيم نعمة عظيمة ، تُغبط عليه المرأة .
والنصيحة للزوج : أن يتقي الله في أهله , وأن يحسن صحبتهم ومعاملتهم ؛ وأن يرفق بها ، ويطيب خاطرها , ولا يؤذها ، وأن يهذِّب غيرته بما يتوافق مع الشرع ، وأن لا يمنعها من الخروج إن كانت ستخرج لحاجة وهي ملتزمة بالحجاب الشرعي ، والبعد عن مخالطة الرجال.


والله أعلم


الإسلام سؤال وجواب


رد مع اقتباس