الموضوع: عالمية الرسالة
عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 01-13-2016, 11:19 PM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


عالمية الرسالة


يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ - 40
وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ - 41
وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ – 42
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ – 43 سورة البقرة



واستكمالا لموضوع عالمية الرسالة نواصل الحديث عن مخاطبة أهل الكتاب للإيمان بالرسالة الخاتمة لرسالات السماء, حيث كان من المفترض أن يكونوا أول المؤمنين به...
إن رسالات الله تعالى - منذ أدم عليه السلام إلى خاتم الأنبياء صلوات ربي وسلامه عليه - نزلت لإنتشال البشرية من الضلال والظلمات إلى نور الإسلام لله تعالى الخالق البارئ المصور الرزاق المحي المميت مالك الملك الرحمن الرحيم .


*******


﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ المراد بإسرائيل : يعقوب عليه السلام، والخطاب لجميع أبنائه..
أمرهم بأمر عام،
فقال : ﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ﴾ وهو يشمل سائر النعم ، والمراد بذكرها بالقلب اعترافا, وباللسان ثناء, وبالجوارح باستعمالها فيما يحبه ويرضيه.
﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي ﴾ وهو ما عهده إليهم من الإيمان به, وبرسله وإقامة شرعه.
﴿ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ وهو المجازاة على ذلك.


ثم أمرهم بالسبب الحامل لهم على الوفاء بعهده, وهو الرهبة منه تعالى, وخشيته وحده, فإن مَنْ خشِيَه أوجبت له خشيته امتثال أمره واجتناب نهيه.
ثم أمرهم بالأمر الخاص, الذي لا يتم إيمانهم, ولا يصح إلا به,
فقال : ﴿ وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ ﴾ وهو القرآن الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالإيمان به, واتباعه, ويستلزم ذلك, الإيمان بمن أنزل عليه، وذكر الداعي لإيمانهم به،
فقال: ﴿ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ
أي: موافقا له لا مخالفا ولا مناقضا، فإذا كان موافقا لما معكم من الكتب, غير مخالف لها; فلا مانع لكم من الإيمان به, لأنه جاء بما جاءت به المرسلون, فأنتم أولى من آمن به وصدق به, لكونكم أهل الكتب والعلم.
وأيضا فإن في قوله : ﴿ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ ﴾ إشارة إلى أنكم إن لم تؤمنوا به, عاد ذلك عليكم, بتكذيب ما معكم, لأن ما جاء به هو الذي جاء به موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء، فتكذيبكم له تكذيب لما معكم.
وأيضا, فإن في الكتب التي بأيدكم, صفة هذا النبي الذي جاء بهذا القرآن والبشارة به، فإن لم تؤمنوا به, كذبتم ببعض ما أنزل إليكم, ومن كذب ببعض ما أنزل إليه, فقد كذب بجميعه، كما أن من كفر برسول, فقد كذب الرسل جميعهم.


فلما أمرهم بالإيمان به, نهاهم وحذرهم من ضده وهو الكفر به فقال: ﴿ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ﴾ أي: بالرسول والقرآن.
ثم ذكر المانع لهم من الإيمان, وهو اختيار العرض الأدنى على السعادة الأبدية، فقال : ﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ وهو ما يحصل لهم من المناصب والمآكل, التي يتوهمون انقطاعها, إن آمنوا بالله ورسوله, فاشتروها بآيات الله واستحبوها, وآثروها.


********


وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ


ومن لبس الحق بالباطل, فلم يميز هذا من هذا, مع علمه بذلك, وكتم الحق الذي يعلمه, وأمر بإظهاره, فهو من دعاة جهنم, لأن الناس لا يقتدون في أمر دينهم بغير علمائهم, فاختاروا لأنفسكم إحدى الحالتين.


*******


وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ


ثم قال : ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ أي : ظاهرا وباطنا
﴿ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ مستحقيها، ﴿ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ أي : صلوا مع المصلين، فإنكم إذا فعلتم ذلك مع الإيمان برسل الله وآيات الله, فقد جمعتم بين الأعمال الظاهرة والباطنة, وبين الإخلاص للمعبود, والإحسان إلى عبيده، وبين العبادات القلبية البدنية والمالية.
وقوله : ﴿ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ أي : صلوا مع المصلين, ففيه الأمر بالجماعة للصلاة ووجوبها..(تفسير السعدي)


******


اللهم أهدنا واهد بنا يارب العالمين..


******


وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى
دمتم في رعاية الله وأمنه
رد مع اقتباس