عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 09-29-2008, 12:51 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




New

وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ(51)ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(52) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(53
يقول تعالى : واذكروا نعمتى عليكم فى عفوى عنكم لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه ،/ عند انقضاء امد المواعدةوكانت اربعين يوما {وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} أي معتدون في تلك العبادة ظالمون لأنفسكم وقوله تعالى : " وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ " يعنى التوراة والْفُرْقَانَ هو ما يفرقبين الحق والباطل والهدى والضلالة {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي لكي تهتدوا بالتدبر فيها والعمل بما فيها من أحكام.
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(54)}
يا قوم لقد ظلمتم أنفسكم {بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} أي بعبادتكم للعجل {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} أي توبوا إِلى من خلقكم بريئاً من العيب والنقصان
{فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} أي ليقتل البريء منكم المجرم واخبر الذين عبدوا العجل فجلسوا وقام الذين لم يعكفوا على العجل {ذَلِكُمْ} أي القتل {خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ} أي رضاكم بحكم الله ونزولكم عند أمره خير لكم عند الخالق العظيم {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} أي قبل توبتكم {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} أي عظيم المغفرة واسع التوبة.. فجعل يقتل بعضهم بعضا فانجلت الظلمة عنهم وقد جلوا عن سبعين الف قتيل كل من قتل كان له توبة وكل من بقى كانت له تقوى
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ(55)ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(56)
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى} أي اذكروا يا بني إِسرائيل حين خرجتم مع موسى لتعتذروا إِلى الله من عبادة العجل فقلتم { لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ} أي لن نصدّق لك بأنَّك رسول من عند الله {حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} أي حتى نرى الله علانية.يقول تعالى : اذكروا نعمتى عليكم فى بعثى لكم بعد الصعق اذ سالتمرؤيتى عيانا جهارا مما لا يستطاع لكم ولا لامثالكم والصاعقة هى صيحة من السماء او النار
ثم لما ماتوا قام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: ربّ ماذا أقول لبني إِسرائيل وقد أهلكت خيارهم، ومازال يدعو ربه حتى أحياهم قال تعالى {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} أي أحييناكم بعد أن مكثتم ميتين يوماً وليلة، فقُاموا وعاشوا ينظر بعضهم إِلى بعض كيف يحيون {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي لتشكروا الله على إِنعامه عليكم بالبعث بعد الموت
وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(57
لما ذكر الله تعالى ما دفعه عنهم من النقم شرع يذكرهم ايذا بما اسبغ عليهم من النعم فقال : " وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ" } أي سترناكم بالسحاب من حر الشمس وجعلناه عليكم كالظُلَّة ظللوا به فى
التيه ليقيهم حر الشمس
وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ اى نزلنا عليكم الطعام والشراب وغير ذلك مما من الله به عليهم مما ليس لهم فيه عمل ولا كدا، والسلوى: طير يشبه السماني كانوا يأكلون منه
كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ : امر اباحة وارشاد وامتنان بأكل ما انزل الله
"وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ("57
اى أنهم إذ كفروا هذه النعم الجليلة، ما ظلمونا ولكن ظلموا أنفسهم، لأن وبال العصيان راجع عليهم
اى امرناهم بالاكل مما رزقناهم وان يعبدوا ، كما قال : " كلوا من رزق ربكم واشكروا له" سبأ 15
فخالفوا وكفروا فظلموا انفسهم هذا مع ما شاهدوه من الايات البينات والمعجزات القاطعات وخوارق العادات
وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ(58)فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ(59)
يقول تعالى لائما لهم على نكولهم عن الجهاد ودخولهم الارض المقدسة لما قدموا من بر مصر صحبة موسى عليه السلام فأمروا بدخول الارض المقدسة التى هى ميراث لهم عن ابيهم اسرائيلوقتال من فيها من العماليق الكفرة فنكلوا عن قتالهم وضعفوا واستحسروا فرماهم الله فى التيه عقوبة لهم وهذه البلده هى بيت المقدس
سُجَّدًا : اى شكر لله تعالى على ما انعم به عليهم من الفتح والنصر ورد بلدهم عليهم وانقاذهم من التيه والضلال
وَقُولُوا حِطَّةٌ: مغفرة استغفروا
نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ : اى اذا فعلتم ما امرناكم غفرنا لكم الخطيئات وضاعفنا لكم الحسنات وحاصل الامر : انهم امروا ان يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول وان يعترفوا بذنوبهم ويستغفروا منها والشكر على النعمة عندها والمبادرة الى ذلك من المحبوب عند الله
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ: وحاصل ما ذكره المفسرون : انهم بدلوا امر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل فأمروا ان يدخلوا سجدا فدخلوا يزحفون على ادبارهم رافعى رؤسهم وامروا ان يقولوا حطة اى احطط عنا ذنوبنا وخطايانا فاستهزءوا فقالوا : حنطة فى شعيرة وهذا فى غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ولهذا انزل الله بهم بأسه وعذابه بفسقهم وهو خروجهم عن طاعته ولهذا قال : فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ(59) وكل شىء فى كتاب الله من الرجز يعنى به العذاب، أي أنزلنا عليهم طاعوناً وبلاءً {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} أي بسبب عصيانهم وخروجهم عن طاعة الله،
وَإِذْ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ(60)}
{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ} أي اذكروا يا بني إِسرائيل حين طلب موسى السقيا لقومه وقد عطشوا في التيه {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} أي اضرب أيّ حجر كان تتفجر بقدرتنا العيون منه {فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} أي فضرب فتدفق الماء منه بقوة وخرجت منه اثنتا عشرة عيناً بقدر قبائلهم.
وهنا ينبغي أن نقف وقفة، فالإنسان حين يستسقي الله يطلب منه أن ينزل عليه ماء من السماء، والحق جل جلاله كان قادراً على إنزاله من السماء، ولكنه تعالى أرادها معجزة لبني إسرائيل فسقاهم من الحجر التي تحت أرجلهم، ليعلموا أنه يستطيع أن يأتي بالماء من الحجر الصلب، وأن نبع الماء من متعلقات "كُنْ فيكون" وإن اقتضت حكمته تعالى ربط الأسباب بمسبباتها.
وصح هذا فقد تعنت بنو إسرائيل وقالوا لموسى عليه السلام: هب أننا في مكان لا حجر فيه، من أين ينبع الماء؟ فلا بد أن نأخذ معنا الحجر حتى عطشنا ضربت الحجر وشربنا. وقد نسوا أن سقوا بكلمة "كُنْ" لا بالحجر، ولكنهم قوم لا يؤمنون إلا بما يرونه بأُمِّ أعينهم.
{قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} أي علمت كل قبيلة مكان شربها لئلا يتنازعوا {كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ} أي قلنا لهم: كلوا من المنّ والسلوى، واشربوا من هذا الماء، من غير كدّ منكم ولا تعب، بل هو من خالص إِنعام الله {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} أي ولا تطغوا في الأرض بأنواع البغي والفساد
رد مع اقتباس