عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-25-2010, 12:30 AM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي الذهاب إلى الكنيسة وطلب الرقية من الأب ؟

 

الإسلام سؤال وجواب - فتوى 147094

عرض علي الذهاب إلى الكنيسة ، وأن يقرا علي الأب لاني أعاني من مشاكل لها علاقة بالسحر مع العلم بأنني ذهبت إلى الكثير من المشايخ ؟



الجواب :

الحمد لله

ينبغي أن يعلم أن الرقية هي من أنواع العلاج الشرعية ، غير أن لها شروطا لنفعها ، وشروطا لقبولها ، كما أن للأدوية الحسية شروطا تناسبها .

قَالَ ابن التِّين رحمه الله :

" الرُّقَى بِالْمُعَوِّذَاتِ وَغَيْرهَا مِنْ أَسْمَاء اللَّه هُوَ الطِّبّ الرُّوحَانِيّ , إِذَا كَانَ عَلَى لِسَان الْأَبْرَار مِنْ الْخَلْق حَصَلَ الشِّفَاء بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى , فَلَمَّا عَزَّ هَذَا النَّوْع فَزِعَ النَّاس إِلَى الطِّبّ الْجُسْمَانِيّ وَتِلْكَ الرُّقَى الْمَنْهِيّ عَنْهَا الَّتِي يَسْتَعْمِلهَا الْمُعَزِّم وَغَيْره مِمَّنْ يَدَّعِي تَسْخِير الْجِنّ لَهُ ، فَيَأْتِي بِأُمُورٍ مُشْتَبِهَة مُرَكَّبَة مِنْ حَقٍّ وَبَاطِل ، يَجْمَع إِلَى ذِكْر اللَّه وَأَسْمَائِهِ مَا يَشُوبهُ مِنْ ذِكْر الشَّيَاطِين ، وَالِاسْتِعَانَة بِهِمْ وَالتَّعَوُّذ بِمَرَدَتِهِمْ , وَيُقَال : إِنَّ الْحَيَّة لِعَدَاوَتِهَا لِلْإِنْسَانِ بِالطَّبْعِ تُصَادِق الشَّيَاطِين لِكَوْنِهِمْ أَعْدَاء بَنِي آدَم , فَإِذَا عَزَّمَ عَلَى الْحَيَّة بِأَسْمَاءِ الشَّيَاطِين أَجَابَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ مَكَانهَا , وَكَذَا اللَّدِيغ إِذَا رُقِيَ بِتِلْكَ الْأَسْمَاء سَالَتْ سَمُومهَا مِنْ بَدَن الْإِنْسَان , فَلِذَلِكَ كُرِهَ مِنْ الرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ بِذِكْرِ اللَّه وَأَسْمَائِهِ خَاصَّة ، وَبِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ الَّذِي يَعْرِف مَعْنَاهُ لِيَكُونَ بَرِيئًا مِنْ الشِّرْك , وَعَلَى كَرَاهَة الرُّقَى بِغَيْرِ كِتَاب اللَّه عُلَمَاء الْأَمَة " .انتهى .

نقله الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز الرُّقَى عِنْد اِجْتِمَاع ثَلَاثَة شُرُوط : أَنْ يَكُون بِكَلَامِ اللَّه تَعَالَى أَوْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاته , وَبِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ أَوْ بِمَا يُعْرَف مَعْنَاهُ مِنْ غَيْره , وَأَنْ يَعْتَقِد أَنَّ الرُّقْيَة لَا تُؤْثَر بِذَاتِهَا بَلْ بِذَاتِ اللَّه تَعَالَى " انتهى . من " فتح الباري " .

والحاصل أنه ليست كل رقية نافعة ، وليس كل ما نفع من الرقى مقبول شرعا ؛ بل لا بد من توفر الشروط السابق ذكرها فيها ، أيا كان الراقي .

وإذا كان أهل العلم قد اشترطوا أن تكون الرقية باللسان العربي ، أو بما يعرف ، خشية أن يقع في كلام الراقي ما يكون شركا ، أو سببا من أسبابه ، من غير أن ينتبه المرقي ؛ فإن المشكلة تكون أعقد إذا كان الراقي من أهل الكتاب ، وهم أهل شرك ، والأصل فيهم أن يرقوا بما يوافق دينهم ، لا سيما إذا كانوا يرقون بلسان لا يعرفه المرقي ، ولا سيما ـ أيضا ـ إذا كان المرقي هو الذي ذهب إليهم في كنائسهم ، وبيعهم .

وهذا هو عمدة من منع من رقية أهل الكتاب للمسلمين ، من أهل العلم .

قال ابن عبد البر رحمه الله :

" كان مالك يكره رقية أهل الكتاب وذلك - والله عز وجل أعلم - بأنه لا يدري أيرقون بكتاب الله تعالى أو بما يضاهي السحر من الرقى المكروهة " انتهى . من " الاستذكار " (9/376) .

وَقَالَ الْمَازِرِيّ رحمه الله :

" اُخْتُلِفَ فِي اِسْتِرْقَاء أَهْل الْكِتَاب فَأَجَازَهَا قَوْم وَكَرِهَهَا مَالِك لِئَلَّا يَكُون مِمَّا بَدَّلُوهُ . وَأَجَابَ مَنْ أَجَازَ بِأَنَّ مِثْل هَذَا يَبْعُد أَنْ يَقُولُوهُ , وَهُوَ كَالطِّبِّ سَوَاء كَانَ غَيْر الْحَاذِق لَا يُحْسِن أَنْ يَقُول وَالْحَاذِق يَأْنَف أَنْ يُبَدِّل حِرْصًا عَلَى اِسْتِمْرَار وَصْفه بِالْحِذْقِ لِتَرْوِيج صِنَاعَته . وَالْحَقّ أَنَّهُ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال " انتهى . من " فتح الباري " .

ولأجل ذلك المأخذ ، فإن من رخص في رقى أهل الكتاب ، من أهل العلم ، قد شرط فيه أن تكون الرقية بما يعرف من كلام الله وذكره .

قال الربيع بن سليمان ، تلميذ الشافعي :

" سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عن الرُّقْيَةِ ؟ فقال : لاَ بَأْسَ أَنْ يرقى الرَّجُلُ بِكِتَابِ اللَّهِ ، وما يَعْرِفُ من ذِكْرِ اللَّهِ .

قُلْت : أيرقى أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُسْلِمِينَ ؟

فقال : نعم ؛ إذَا رَقُوا بِمَا يُعْرَفُ من كِتَابِ اللَّهِ ، أو ذِكْرِ اللَّهِ .

فَقُلْت : وما الْحُجَّةُ في ذلك ؟

قال : غَيْرُ حُجَّةٍ ؛ فَأَمَّا رِوَايَةُ صَاحِبِنَا وَصَاحِبِك ـ يعني : الإمام مالكا رحمه الله ـ ؛ فإن مَالِكًا أخبرنا عن يحيى بن سَعِيدٍ عن عَمْرَةَ بِنْتِ عبد الرحمن أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دخل على عَائِشَةَ وَهِيَ تَشْتَكِي وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا فقال أبو بَكْرٍ أرقيها بِكِتَابِ اللَّهِ " انتهى .

"الأم" للشافعي (7/228) .

ولا شك أن الأحوط للدين ، والأبرأ للذمة البعد التام عن استرقاء أهل الكتاب ، لا سيما وقد علم غشهم للمسلمين ، بل علم ـ أيضا ـ أنهم إما يستعينون بالجن والشياطين في علمهم ، بحيث تكون رقاهم هذه من جنس السحر ، أو يقربون الصليب إلى المريض ، ويستعينون بإخوانهم من الشياطين على ذلك ، على ما سبق شيء منه في كلام ابن التين رحمه الله .

وأمر الرقية ميسور إن شاء الله ، كثير من يحسنه من المسلمين والصالحين ، ولا أنفع من أن يرقي الإنسان نفسه ، بكلام الله ، أو ما صح من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم .

ولذلك أفتى علماء اللجنة الدائمة بمنع ذلك ، حيث سئلت :

علاج الصرع عندنا في مصر هو الذهاب إلى الكنيسة خاصة كنيسة (ماري جرجس) ، أو الذهاب إلى السحرة والدجالين الذين ينتشرون في القرى ، وأحيانا يأتي بفائدة ، فهل هذا يجوز فعله ؟ مع العلم بأن الشخص المصروع إذا لم يسرعوا بعلاجه فإنه يهلك ويموت ؟

ثم ما العلاج الذي شرعه الله لهذا الداء ، حيث إن لكل داء دواء إلا الهرم ؟ " .

فأجاب علماء اللجنة :

" لا يجوز الذهاب إلى الكنيسة لعلاج الصرع ، ولا إلى السحرة ولا إلى الدجالين ؛ أما طرق العلاج المباح فيعالج بالرقي المشروعة ، مثل قراءة القرآن؛ كسورة (الفاتحة) و (قل هو الله أحد) و (المعوذتين) و (آية الكرسي) ، وما ورد من الأذكار والأدعية الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم . وبالله التوفيق " انتهى .

"فتاوى اللجنة" (1/292-293) .

على أن دخول الكنائس ممنوع أيضا ، سواء كان للرقية أو غيرها ، إذا كان ذلك في يوم عيد من أعيادهم ، أو كان في تلك الكنيسة صورة من صورهم .

روى ابن أبي شيبة في المصنف (8/291) : لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الدَّهَّاقِينَ ، فَقَالَ : إِنِّي قَدْ صَنَعْت لَكَ طَعَامًا فَأُحِبَّ أَنْ تَجِيءَ ، فَيَرَى أَهْلُ عَمَلِي كَرَامَتِي عَلَيْك ، وَمَنْزِلَتِي عِنْدَكَ ، أَوْ كَمَا قَالَ ، فَقَالَ : إِنَّا لاَ نَدْخُلُ هَذِهِ الْكَنَائِسَ ، أَوْ قَالَ : هَذِهِ الْبِيَعَ ، الَّتِي فِيهَا هذه الصُّوَرُ.

والله أعلم .

( كتب : عبد الملك ) ..

تجوز الرقية بثلاثة شروط :
الأول : أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته .
الثاني : أن تكون بالعربية أو بلغة مفهومة .
الثالث : أن يُعتقد أنها لا تؤثر بذاتها ، بل بالله .

قال ابن عبد البر : ( كان مالك يكره رقية أهل الكتاب ... ) ، والكراهة عند المتقدمين - كمالك وغيره - معناها التحريم .


قال الألباني رحمه الله في الصحيحة [6/1167] : ثم وقفت على ما هو أنكر عندي من استرقاء امرأة ابن مسعود باليهودي ، و هو ما روى يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة و هي تشتكي ، و يهودية ترقيها ، فقال أبو بكر : " ارقيها بكتاب الله " . أخرجه مالك في " الموطأ " ( 3 / 121 ) و ابن أبي شيبة ( 8 / 50 / 3663 ) و الخرائطي في " مكارم الأخلاق " ( 2 / 977 / 1105 ) و البيهقي ( 9 / 349 ) من طرق عنه . قلت : و هذا إسناد رواته ثقات لكنه منقطع ، فإن عمرة هذه لم تدرك أبا بكر رضي الله عنه ، فإنها ولدت بعد وفاته بثلاث عشرة سنة . نعم في رواية للبيهقي من طريق محمد بن يوسف قال : ذكر سفيان
عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل أبو بكر و عندها يهودية .. إلخ . كذا قال : " عن عائشة " ، فوصله عنها ، و أظن أنه من محمد بن يوسف ، و هو الفريابي . و هو ثقة فاضل ملازم لسفيان ، و هو الثوري ، و مع ذلك فقد تكلم ابن عدي و غيره في بعض حديثه عنه ، فأخشى أن يكون وصله لهذا الإسناد مما تكلموا فيه ، فيكون شاذا لمخالفته لتلك الطرق التي أرسلته ، أو يكون الخطأ ممن دونه ، فإنهم دونه في الرواية . بعد هذا البيان و التحقيق لا أرى من الصواب قول ابن عبد البر في " التمهيد " ( 5 / 278 ) جازما بنسبته إلى الصديق : " و قد جاء عن أبي بكر الصديق كراهية الرقية بغير كتاب الله ، و على ذلك العلماء ، و أباح لليهودية أن ترقي عائشة بكتاب الله " ! ثم إنه من غير المعقول أن يطلب الصديق من يهودية أن ترقي عائشة ، كما لا يعقل أن يطلب منها الدعاء لها ، و الرقية من الدعاء بلا شك ، فإن الله عز وجل يقول : *( و ما دعاء الكافرين إلا في ضلال )* . و يزداد الأمر نكارة إذا لوحظ أن المقصود بـ " كتاب الله " القرآن الكريم ، فإنها لا تؤمن به و لا بأدعيته . و إن كان المقصود التوراة ، فذلك مما لا يصدر من الصديق ، لأنه يعلم يقينا أن اليهود قد حرفوا فيه ، و غيروا و بدلوا .
ا.هـ

والله أعلم .
رد مع اقتباس