[الشيخ مازن السرساوى]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:

فقوله صلى الله عليه وسلم : (خير الصدقة عن ظهر غنى) معناه -كما يقول النووي رحمه الله تعالى-: " أَفْضَل الصَّدَقَة مَا بَقِيَ صَاحِبهَا بَعْدهَا مُسْتَغْنِيًا بِمَا بَقِيَ مَعَهُ ، وَتَقْدِيره : أَفْضَل الصَّدَقَة مَا أَبْقَتْ بَعْدهَا غِنًى يَعْتَمِدُهُ صَاحِبهَا وَيَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى مَصَالِحه وَحَوَائِجه ، وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ أَفْضَل الصَّدَقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَاله ؛ لِأَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ يَنْدَم غَالِبًا أَوْ قَدْ يَنْدَم إِذَا اِحْتَاجَ ، وَيَوَدّ أَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّق ، بِخِلَافِ مَنْ بَقِيَ بَعْدهَا مُسْتَغْنِيًا فَإِنَّهُ لَا يَنْدَم عَلَيْهَا ، بَلْ يُسَرُّ بِهَا "ا.هـ .
وكذا الفقير إذا تصدق بما يحتاجه ولا يمكنه الاستغناء عنه؛ فإنه قد يصيبه ما يصيب المتصدق بجميع ماله من الندم وما يشبهه، مما يقلل أجره أو يمحقه، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (خير الصدقة...)، وعليه يمكن أن يقال إن وجه التفاضل بين المتصدق الفقير والغني، ما قد يحدث للفقير من الندم والاستثقال عند التصدق بما يحتاجه لخوفه أو خوف من يعول مما وراء ذلك، بخلاف الغني فإنه لا يقع له ما يقع للفقير عادة، فإذا لم يقع من الفقير هذا الخوف والندم، وكان من أهل الإيثار واليقين، فلا يشمله الحديث،إن شاء الله تعالى، والأعمال بالنيات، والله أعلم.