عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 09-28-2012, 08:53 PM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

أنبياء الله في القرآن العظيم
(أدم عليه السلام)
وبعض آيات من سورة الأعراف


قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ - 23
قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ – 24


إنها خصيصة " الإنسان " التي تصله بربه , وتفتح له الأبواب إليه . . الاعتراف , والندم , والاستغفار , والشعور بالضعف , والاستعانة به , وطلب رحمته . مع اليقين بأنه لا حول له ولا قوة إلا بعون الله ورحمته . . وإلا كان من الخاسرين . .

وهنا تكون التجربة الأولى قد تمت . وتكشف خصائص الإنسان الكبرى . وعرفها هو وذاقها . واستعد - بهذا التنبيه لخصائصه الكامنة - لمزاولة اختصاصه في الخلافة ; وللدخول في المعركة التي لا تهدأ أبداً مع عدوه ..إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..

*********

قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ – 25


يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ – 26


أي: لما أهبط اللّه آدم وزوجته وذريتهما إلى الأرض، أخبرهما بحال إقامتهم فيها، وأنه جعل لهم فيها حياة يتلوها الموت،
مشحونة بالامتحان والابتلاء، وأنهم لا يزالون فيها، يرسل إليهم رسله، وينزل عليهم كتبه، حتى يأتيهم الموت، فيدفنون فيها،
ثم إذا استكملوا, بعثهم اللّه وأخرجهم منها إلى الدار التي هي دار الخلد والإقامة الحقيقية.

*******

يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا..


ثم امتن عليهم بما يسر لهم من اللباس الضروري، واللباس الذي المقصود منه الستر في الأساس والجمال في المظهر..
فإن الذي ترتب على المعصية كشف العورات والمنظر السئ للإنسان بدون كساء..
ولكن بعد التوبة من أدم وزوجه إمتن الله تعالى بقبول تلك التوبة وأنزل عليهم لباسا يواري سوآتهم وذريتهم إلى يوم القيامة..

وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ – 26


و لباس التقوى يستر المعاصي ويستر سوء الأخلاق ولباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح.

********

وهكذا تتركز المعركة الكبرى الطويلة الضارية في المعركة مع الشيطان ذاته ومع أوليائه .
بين العفة والستر والأخلاق الفاضلة وبين الفساد والعري وسوء الأخلاق..

ويشعر المسلم وهو يخوض المعركة مع هواه وشهواته ; وهو يخوضها كذلك مع أولياء الشيطان من الطواغيت في الأرض وأتباعهم وأذنابهم ; وهو يخوضها مع الشر والفساد والانحلال الذي ينشئونه في الأرض من حولهم . .
ويستمر هذا الصراع لأن عدوه فيها مصرٌّ ماض في طريقه . . وأن جهاد الفساد والإنحلال ماض إلى يوم القيامة . في كل صوره ومجالاته .

******

يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ – 27

يقول تعالى، محذرا لبني آدم أن يفعل بهم الشيطان كما فعل بأبيهم : ﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ ﴾ بأن يزين لكم العصيان، ويدعوكم إليه، ويرغبكم فيه، فتنقادون له ﴿ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ﴾ وأنزلهما من المحل العالي إلى أنزل منه ،
فأنتم يريد أن يفعل بكم كذلك، ولا يألو جهده عنكم، حتى يفتنكم، إن استطاع، فعليكم أن تجعلوا الحذر منه في بالكم، وأن لا تغفُلوا عن المواضع التي يدخل منها إليكم....

﴿ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا
إن العري فطرة حيوانية . ولا يميل الإنسان إليه إلا وهو يرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان .
وإن رؤية العري جمالاً هو انتكاس في الذوق البشري قطعاً .
والمتخلفون في أواسط إفريقية عراة . والإسلام حين يدخل بحضارته إلى هذه المناطق يكون أول مظاهر الحضارة اكتساء العراة...

والذين يحاولون تعرية الجسم من اللباس , وتعرية النفس من التقوى , ومن الحياء من الله ومن الناس , والذين يطلقون ألسنتهم وأقلامهم وأجهزة التوجيه والإعلام كلها لتأصيل هذه المحاولة - في شتى الصور والأساليب الشيطانية الخبيثة - هم الذين يريدون سلب " الإنسان " خصائص فطرته , وخصائص " إنسانيته " التي بها صار إنساناً .
وهم الذين يريدون إخضاع الإنسان لعدوه الشيطان وما يريده به من نزع لباسه وكشف سوآته..

فـ ﴿ إِنَّهُ ﴾ أي الشيطان يراقبكم على الدوام، و ﴿ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ ﴾ من شياطين الجن ﴿ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ
فعدم الإيمان هو الموجب لعقد الولاية بين الإنسان والشيطان.

هل أدركنا أن التجربة العظيمة التي مر بها أبينا أدم وزوجه تعد درسا لنا وإلى بني أدم إلى يوم القيامة ؟؟؟

********
دمتم في رعاية الله وأمنه
وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى

رد مع اقتباس