أحدها:قراءة القرآن بالتدبر،والتفهم لمعانيه،وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد، ويشرحه،ليتفهم مراد صاحبه منه.
الثاني:التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض،فإنها توصله إلى درجة المحبوبية بعد المحبة.
الثالث:دوام ذكره على كل حال باللسان،والقلب،والعمل،والحال،فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.
الرابع: إيثار محابه على محابك عند غلبة الهوى،والتسنم إلى محابه،وإن صعب المرتقى.
االخامس: مطالعة القلب لأسمائه ،وصفاته،ومشاهدتها،ومعرفتها،وتقلبها في رياض هذة المعرفة، وميادينها،فمن عرف الله بأسمائة وصفاتة وأفعالة ، أحبه لا محالة، ولهذا كانت المعطلة،والفرعونية، والجهمية قطاع الطريق على القلوب بينها وبين الوصول إلى المحبوب.
السادس: مشاهدة بره،وإحسانه، وآلائه،ونعمه الظاهرة والباطنه، فإنها داعية إلى محبته.
السابع: وهو من أعجبها:انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى.
الثامن: الخلوة به وقت النزول الإلهي،لمناجاته,وتلاوة كلامه،والوقوف بالقلب،والتأدب لأدب العبودية بين يديه،ثم ختم ذلك بالاستغفار ، والتوبة .
التاسع: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم، كما ينتقى أطايب الثمر، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام،وعلمت أن فيه مزيدا لحالك،ومنفعة لغيرك.
العاشر: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل.
فمن هذة الأسباب العشرة : وصل المحبوب إلى منازل المحبة ، ودخلوا على الحبيب.
وملاك ذلك كله أمران:
1-استعداد الروح لهذا الشأن
2-انفتاح عين البصيرة وبالله التوفيق.اهـ
وقال أيضا في المد ارج(3/8)-في علامات المحبة-:"
تالله، ماهزلت فيستامها المفلسون، ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون، لقد أقيمت للعرض في سوق من يزيد،فلم يرض لها بثمن دون بذل النفوس، فتأخر البطالون،وقام المحبون ينظرون أيهم يصلح أن يكون ثمنا،فدارت السلعة بينهم ووقعت في يد ( أذلة على المؤمنين على الكافرين ) المائدة :54
لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوة،فتنوع المدعون في الشهود،فقيل : لا تقبل إلا ببينة (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) آل عمران: 31
فتأخر الخلق كلهم،وثبت أتباع الحبيب صلى الله عليه وسلم في أفعاله،وأقواله،وأخلاقه،فطولبوا بعدالة البينة بتزكية (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) المائدة : 54
فتأخر أكثر المحبين،وقام المجاهدين،فقيل لهم: إن نفوس المحبين،وأموالهم ليست لهم فهلموا إلى بيعة: (إن الله إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) التوبة :111
فلما عرفوا عظمة المشتري ،وفصل الثمن، وجلالة من جرى على يدية عقد التبايع ، عرفوا قدر السلعة،وأن لها شأنا،فرأوا من أعظم الغبن أن يبيعوها لغيره بثمن بخس،فعقدوا معه بيعة الرضوان بالتراضي ،من غير ثبوت خيار،وقالوا :"والله لا نقيلك ولا نستقيلك"،فلما تم العقد وسلموا المبيع قيل لهم : مذ صارت نفوسكم وأموالكم لنا رددناها عليكم أوفر ما كانت ،وأضعافها معاًً (ولا تحسبن اللذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون * فرحين بما أتاهم الله من فضله ) آل عمران: 169-170
إذا غرست شجرة المحبة في القلب،وسقيت بماء الإخلاص،ومتابعة الحبيب ،أثمرت أنواع الثمار،واتت أكلها كل حين بإذن ربها،أصلها ثابت في قرار القلب،وفرعها متصل بسدرة المنتهى" اهـ
فالمحبة حقيقة العبودية ، وإنما تمكن الأعمال الأخرى-من الحمد،والشكر،والخوف ،والرجاء، والصبر، والزهد، والحياء، والفقر، والشوق، والإنابة- باستمرار المحبة في القلوب، وهي حقيقة الإخلاص ، بل حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله .
الشيخ / ياسر برهامي