عرض مشاركة واحدة
  #136  
قديم 01-07-2011, 02:29 AM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الجزء الثامن و العشرون
(8)
وبعض آيات من سورة الحشر

التقوى أساس جميع المعاملات
في الإسلام


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ – 18 وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ – 19 لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ – 20

الدعوة إلى التقوى والتحذير من النسيان وعدم استواء أصحاب النار وأصحاب الجنة.


( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) نداء إلى كل مؤمن , دخل قلبه الإيمان وصدقه العمل , فالمؤمن من أمنه الناس على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم..
يتجه إليهم ربهم ليدعوهم إلى التقوى . والنظر فيما أعدوه للآخرة , واليقظة الدائمة , والحذر من نسيان الله كالذين نسوه من قبل , ممن رأوا مصير فريق منهم , وممن كتب عليهم أنهم من أصحاب النار..

والتقوى خوف من الله تعالى داخل القلب ينعكس على كل تصرفات الإنسان في جميع معاملاته وسلوكياته بحيث تجعل القلب يقظا حساسا شاعرا بالله في كل حالة . خائفا متحرجا مستحييا أن يطلع عليه الله في حالة يكرهها . وعين الله على كل قلب في كل لحظة . فمتى يأمن أن لا يراه ..

وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ .

الرصيد الدائم في دار الخلد يتم تنميته والمحافظة عليه من الضياع بالعمل الصالح وعدم الإضرار بالغير..
وجاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون من المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : إن المفلس من أمتي ، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا . فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته . فإن فنيت حسناته ، قبل أن يقضى ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه . ثم طرح في النار..
الراوي: أبو هريرة المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2581
خلاصة حكم المحدث: صحيح

فيجب مراقبة ذلك الرصيد بصفة مستمرة ومراجعته .. وهذا التأمل كفيل بأن يوقظ المؤمن إلى مواضع ضعف ومواضع نقص ومواضع تقصير , مهما يكن قد أسلف من خير وبذل من جهد . فكيف إذا كان رصيده من الخير قليلا , ونصيبه من البر ضئيلا ? إنها لمسة لا ينام بعدها القلب أبدا , ولا يكف عن النظر والتقليب.

وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ .

فجميع أعمال الإنسان مراقبة رقابة دائمة ومدونة , فليحرص المؤمن على تقوى الله تعالى , ولتكن كل معاملاته وفق شرع الله تعالى التي أساسها الحق والعدل والخير والحب ..

وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .

فالمؤمن دائم اليقظة يدرك تمام الأدراك أنه يتعامل مع الله تعالى أولا وأخيرا, وأن هذا الأختبار له في الدنيا محدود بزمن , فيجب أن يستثمره في كل خير , ولا ينسى تلك الرقابة والهيمنة الإلهية كما نساها أولئك الفاسقون الذين خرجوا عن طاعة الله تعالى ويسعون في الأرض فسادا وظلما وجورا وكراهية..

فالذي ينسى الله يهيم في هذه الحياة بلا رابطة تشده إلى أفق أعلى , وبلا هدف لهذه الحياة . وفي هذا نسيان لإنسانيته . وهذه الحقيقة تضاف إليها أو تنشأ عنها حقيقة أخرى , وهي نسيان هذا المخلوق لنفسه فلا يدخر لها زادا للحياة الطويلة الباقية , ولا ينظر فيما قدم لها في الغداة من رصيد..

لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ,
أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ .

*******

وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس