عرض مشاركة واحدة
  #150  
قديم 03-20-2011, 11:36 PM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الجزء الثامن و العشرون
(21)
وبعض آيات من سورة الطلاق

حقوق الطفل

نستكمل إن شاء الله تعالى بعض من أحكام الأحوال الشخصية التي جاءت مفصلة ومحكمة وذلك لأنها من الأمور التي لا تتغير بتغير الزمان أو المكان ...فالأسرة هي الكيان الشرعي والوحيد للعلاقة بين الرجل والمرأة, والحرص على إدامة هذا الكيان هو الأصل في الإسلام.
وقد رأينا في اللقاءات السابقة كيف وضعت الحلول للمشكلات التي تعتري الحياة الزوجية ...ورأينا الشروط التي وضعت عند العزم على الطلاق...وكلها كفيلة- لو فعلها الإنسان – بأن تحول دون وقوع الطلاق, حتى تنشأ أجيال بين أحضان أبوين متحابين في الله تعالى. رضيا بالصبر من أجل أولادهما.

*****

ونتكلم اليوم إن شاء الله تعالى عن حماية الطفل حال وقوع الطلاق.


أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ, فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ, وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى – 6
لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ, لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً – 7


ما يترتب على الطلاق
من نفقة وسكن ورضاع


أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ

هذا هو البيان الأخير لتفصيل مسألة الإقامة في البيوت , والإنفاق في فترة العدة - على اختلاف مدتها . فالمأمور به هو أن يسكنوهن مما يجدون هم من سكنى . لا أقل مما هم عليه في سكناهم , وما يستطيعونه حسب مقدرتهم وغناهم . غير عامدين إلى مضارتهم سواء بالتضييق عليهن في فسحة المسكن أو مستواه أو في المعاملة فيه .
وخص ذوات الأحمال بذكر النفقة - مع وجوب النفقة لكل معتدة .
فأوجب النفقة حتى الوضع , وهو موعد انتهاء العدة لزيادة الإيضاح التشريعي...
ثم فصل مسألة الرضاعة فلم يجعلها واجبا على الأم بلا مقابل . فما دامت ترضع الطفل المشترك بينهما , فمن حقها أن تنال أجرا على رضاعته تستعين به على حياتها وعلى إدرار اللبن للصغير , وهذا منتهى المراعاة للأم في هذه الشريعة .
وفي الوقت ذاته أمر الأب والأم أن يأتمرا بينهما بالمعروف في شأن هذا الوليد , ويتشاورا في أمره ورائدهما مصلحته , وهو أمانة بينهما , فلا يكون فشلهما نكبة على الصغير البريء .
وهذه هي المياسرة التي يدعوهما الله إليها . فأما إذا تعاسرا ولم يتفقا بشأن الرضاعة وأجرها , فالطفل مكفول الحقوق: ( فسترضع له أخرى ). دون اعتراض من الأم ودون تعطيل لحق الطفل في الرضاعة , بسبب تعاسرهما بعد فشلهما...
ثم يفصل الأمر في قدر النفقة . فهو اليسر والتعاون والعدل . لا يجور هو , ولا تتعنت هي .
فمن وسع الله عليه رزقه فلينفق عن سعة . سواء في السكن أو في نفقة المعيشة أو في أجر الرضاعة . ومن ضيق عليه في الرزق , فليس عليه من حرج .
فالله لا يطالب أحدا أن ينفق إلا في حدود ما آتاه . فهو المعطي , ولا يملك أحد أن يحصل على غير ما أعطاه الله تعالى .
فليس هناك مصدر آخر للعطاء غير هذا المصدر , وليست هناك خزانة غير هذه الخزانة: ( لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها )
ثم لمسة الإرضاء , وإفساح الرجاء , للاثنين على السواء

سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً

فالأمر منوط بالله في الفرج بعد الضيق , واليسر بعد العسر . فأولى لهما إذن أن يعقدا به الأمر كله , وأن يتجها إليه بالأمر كله , وأن يراقباه ويتقياه والأمر كله إليه . وهو المانح المانع . القابض الباسط . وبيده الضيق والفرج , والعسر واليسر , والشدة والرخاء.

وهذا العلاج الشامل الكامل , وهذه اللمسات المؤثرة العميقة , وهذا التوكيد الوثيق المتكرر . . هذه كلها هي الضمانات الوحيدة في هذه المسألة لتنفيذ الشريعة المقررة . فليس هناك ضابط إلا حساسية الضمائر وتقوى القلوب .
وإن كلا الزوجين ليملك مكايدة صاحبه حتى تنفقئ مرارته إذا كانت الحواجز هي فقط حواجز القانون .

وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ

فالأمر بعدم المضارة يشمل النهي عن ألوان من العنت لا يحصرها نص قانوني مهما اتسع .
فالأمر هنا أكبر من القانون الذي يحكم الظواهر, إنما هو الخوف من الله
المطلع على السرائر , المحيط بكل شيء علما . وإلى التعويض الذي يعده الله للمتقين في الدنيا والآخرة .
وإن الزوجين ليفارقان - في ظل تلك الأحكام والتوجيهات - وفي قلوبهما بذور للود والرحمة تعود على حياتهما وحياة أولادهما في الدنيا والأخرة.

*******

وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس