عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-16-2009, 01:23 AM
أبو الحارث الشافعي أبو الحارث الشافعي غير متواجد حالياً
.:: عفا الله عنه ::.
 




افتراضي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد ...
فاعلم رحمني الله وإياك أن هذه الحالة فيها مسائل :
المسألة الأولى : هي تحريمك لزوجتك على نفسك
والمسالة الثانية : هي طلاقك لها في حالة غضبك
والمسألة الثالثة : هي طلاقك لها وهي حائض
فأما تحريمك لامرأتك على نفسك فللفقهاء فيه عشرون قولا
نقلها ابن القيم رحمه الله في " إعلام الموقعين "
وكان مما قال رحمه الله في سياق تحريرها وبيان أدلتها :
( المذهب التاسع : أن فيه كفارة الظهار
وصح ذلك عن ابن عباس أيضا وأبي قلابة وسعيد بن جبير ووهب بن منبة وعثمان التيمي
وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد
وحجة هذا القول إن الله تعالى جعل تشبيه المرأة بأمه المحرمة عليه ظهارا وجعله منكرا من القول وزورا
فإن كان التشبيه بالمحرمة يجعله مظاهرا فإذا صرح بتحريمها كان أولى بالظهار
وهذا أقيس الاقوال وافقهها
ويؤيده أن الله لم يجعل للمكلف التحريم والتحليل ، وإنما ذلك إليه تعالى
وإنما جعل له مباشرة الأفعال والأقوال التي يترتب عليها التحريم والتحليل
فالسبب إلى العبد وحكمه إلى الله تعالى
فإذا قال (أنت على كظهر أمي) أو قال (أنت على حرام) فقد قال المنكر من القول والزور وكذب
فإن الله لم يجعلها كظهر أمه ولا جعلها عليه حراما
فأوجب عليه بهذا القول من المنكر والزور أغلظ الكفارتين وهي كفارة الظهار.) اهـ
وقال رحمه الله في خاتمة بحثه :
( وفي المسألة مذهب آخر وراء هذا كله
وهو أنه إن أوقع التحريم كان ظهارا ولو نوى به الطلاق ، وإن حلف به كان يمينا مكفرَة
وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية ، وعليه يدل النص والقياس
فإنه إذا أوقعه كان قد أتى منكرا من القول وزورا وكان أولى بكفارة الظهار ممن شبه امرأته بالمحرمة
وإذا حلف به كان يمينا من الايمان كما لو حلف بالتزام العتق والحج والصدقة
وهذا محض القياس والفقه )
قال الفقير إلى عفو ربه :
وحاصل كلام ابن قيم الجوزية رحمه الله أن الرجل إذا قال لامرأته :
( أنت حرام عليَّ كأمي ) على جهة التحريم فهو ظهار ولو نوى به الطلاق
وعليه كفارة الظهار
وإذا قال لامرأته : ( أنت حرام عليَّ كأمي إن فعلتِ كذا ) على جهة اليمين فهو يمين
وعليه كفارة اليمين
وأما طلاقك لزوجتك في حال غضبك ، فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله في وقوعه
وحلاصة التحرير في هذه المسألة أن الغضب كما قال ابن القيم في " زاد المعاد " على ثلاثة أقسام :
أحدها : ما يُزيل العقل، فلا يشعُرُ صاحبُه بما قال ، هذا لا يقعُ طلاقه بلا نزاع.
الثانى : ما يكون فى مباديه بحيث لا يمنع صاحِبَه مِن تصور ما يقولُ وقصده، فهذا يقع طلاقُه.
الثالث : أن يستحكِمَ ويشتدَّ به ، فلا يُزيل عقله بالكلية ، ولكن يحولُ بينه وبين نيته
بحيث يندَمُ على ما فرط منه إذا زال ، فهذا محلُّ نظر، وعدمُ الوقوع فى هذه الحالة قوى متجه. )
انتهى كلامه رحمه الله
والظاهر من السؤال أن السائل سلمه الله كان من أصحاب الحالة الثالثة
وعليه فإن طلاقه لا يقع لسببين :
فأما الأول فلشدة غضبه واستحكامه منه ،
وأما الثاني فلكونه طلقها وهي حائض ، وهذه هي المسألة الثالثة
فاعلم رحمك الله أن الطلاق نوعان :
سني مشروع ، وبدعي ممنوع
فأما السني فهو أن يطلق الرجل امرأته في طهر لم يجامعها فيه أو وهي حامل
وهذا جائز بالإجماع ، ويقع بالإجماع
وأما البدعي فهو أن يطلقها في طهر جامعها فيه ، أو وهي حائض
وهو حرام بالإجماع ، واختلفوا في وقوعه على الحائض

قال ابن قدامة رحمه الله في " المغني " :
" فأما الطلاق المحظور، فالطلاق في الحيض ، أو في طهر جامعها فيه ،
قال: وقد أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريمه ، ويسمى طلاق البدعة؛
لأن المطلِّق خالف السنة وترك أمر الله تعالى حيث يقول: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}
فإن طلق للبدعة - وهو أن يطلقها حائضاً أو في طهر أصابها فيه –
أَثِمَ ووقع طلاقه في قول عامة أهل العلم ".اهـ
ولم يخالف في وقوع الطلاق البدعي إلا الظاهرية رحمهم الله
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم رحمه الله
والظاهر والله تعالى أعلى وأعلم أن طلاقك البدعي لامرأتك في حال كونك غاضبا لا يقع
لما سبق من بيان أقسام الغضب الذي يتلبس به المطلق
وما عليك والحالة هذه إلا كفارة الظهار ،
وهي صيام شهرين متتابعين ، أو اطعام ستين مسكينا إن لم تقدر على الصيام .
هذا والله تعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .