عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 04-19-2009, 02:34 PM
أبو أنس الأنصاري أبو أنس الأنصاري غير متواجد حالياً
II كَانَ اللهُ لَهُ II
 




افتراضي




طارق بن زياد يتجه نحو الشمال

توجه طارق بن زياد بعد فتح أَشبيليّة إلى مدينة أَسْتُجّة ، و هي أيضا من مدن الجنوب ، وفي أستجة قاتل المسلمون قتالا عنيفا ، لكنه - بلا شك - أقل مما كان في وادي برباط ؛ فقد فَقَدَ النصارى معظم قواتهم في موقعة وادي برباط ، وقبل أن ينتصر المسلمون في آواخر المعركة فتح النصارى أبوابهم وقالوا قد صالحنا على الجزية .



وثمة فارق كبير جدا بين أن يصالح النصارى على الجزية ، وبين أن يفتح المسلمون المدينة فتحا ؛ لأنه لو فتح المسلمون هذه المدينة فتحا ( أي بالقتال ) لكان لهم أن يأخذوا كل ما فيها ، أمّا إن صالح النصارى على الجزية ، فإنهم يظلون يملكون ما يملكون ولا يدفعون إلا الجزية ، والتي كانت تقدّر آنذاك بدينار واحد في العام كما وضحنا سابقا .


ومن أستجة وبجيش لا يتعدى التسعة آلاف رجل يبدأ طارق بن زياد بإرسال السرايا لفتح المدن الجنوبية الأخرى، وينطلق هو بقوة الجيش الرئيسة في اتجاه الشمال حتى يصل إلى طُلَيْطِلة عاصمة الأندلس في ذلك الزمن، فقد بعث بسرية إلى قرطبة ، وسرية إلى غِرناطة ، وسرية إلى مَالْقة ، وسرية إلى مُرْسِيَه ، وهذه كلها من مدن الجنوب المنتشرة على ساحل البحر الأبيض المتوسط ، والمطلة على مضيق جبل طارق ، وكان كل من هذه السرايا لا يزيد عدد الرجال فيها عن سبعمائة رجل ، ومع ذلك فقد فُتحت قرطبة على قوتها وعظمتها بسرية من تلك التي لا تتعدى السبعمائة رجل [ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى ] {الأنفال:17} . ثم ظل طارق بن زياد رحمه الله متوجها ناحية الشمال حتى وصل إلى مدينة جَيّان وهي من مدن النصارى الحصينة جدا .




على أعتاب طُليطلة !!

وكان موسى بن نصير رحمه الله - الذي اتسم بالحكمة والأناة - قد أوصى طارق بن زياد ألا يتجاوز مدينة جَيّان أو لا يتجاوز مدينة قرطبة ، و أمره ألا يسرع في الفتح في طريقه إلى العاصمة طليطلة حتى لا يحوطه جيش النصارى.

لكن طارق بن زياد وجد أن الطريق أمامه مفتوحًا ، ووجد أن الطريق إلى طليطلة ليس فيه من الصعوبة شيء ؛ فاجتهد برأيه ، وعلى خلاف رأي الأمير موسى بن نصير وجد أن هذا هو الوقت المناسب لفتح طليطلة العاصمة، وقد كانت تعد أحصن مدن النصارى على الإطلاق ، فرأى أنه إن هاجمها في هذه الفترة التي يكتنف النصارى فيها ضعفا شديدا لا يستطيعون معه مقاومة جيش المسلمين فقد يتمكن من فتحها، الأمر الذي قد يتعذر بعد ذلك فلا يستطيع فتحها .

وكان الأفضل في هذا الأمر أن يستشير طارق بن زياد موسى بن نصير في المغرب ، وأن يرسل إليه ولو رسالة يشرح له فيها طبيعة الموقف ، وأن الطريق مهيأ أمامه لفتح طليطلة ، ويستوضح رأيه ورده في ذلك.

أما طارق بن زياد فقد أسرع في اتجاه طليطلة دون استئذان من موسى بن نصير، وكان موسى بن نصير قد علم بتقدم طارق لفتح طليطلة ، ولكن لطول المسافات لم يستطع أن يلحق به فيكون مددا له .

كانت مدينة طليطلة من أحصن مدن الأندلس ، بل هي أحصن مدينة في الأندلس ؛ فقد كانت محاطة بجبال من جهة الشمال والشرق والغرب ، أما الجهة المفتوحة وهي الجنوب فعليها حصن كبير جدا .

ومع ذلك فقد فتحت أبوابها لطارق بن زياد وصالحت على الجزية !!!




التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس الأنصاري ; 07-31-2009 الساعة 05:54 PM
رد مع اقتباس