عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 09-30-2010, 03:32 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

هذا المطر في المستدرك الحاكم أن النبي- صلي الله عليه وسلم- " ذكر لنا أن الله- عز وجل- إذا غضب على قوم فرق المطر في البحر " ، الكمية التي تنزل واحدة إنما ينزل المطر في البحر ولا ينزل على الأرض حيث يحتاجه الناس ، بن الجوزي يقول هنا في نهاية الخاطرة .يقول: ( فَمَتَى رَأَيتَ مُعًاقَبًا فَاعلَم أِنَّه لِذِنُوب .)وطبعًا هذه العقوبات متنوعة ، أعظم العقوبات ، أو من أعظم آثار العقوبات أن تذهب حرارة الغيرة من القلب ، إذا ذهبت حرارة الغيرة من القلب ترتب عليها آثار أخري ، مثل: ترك استقباح القلب للقبائح ، فإذا ترك القلب استقباح القبائح نزع منه الحياء ، أنا عندي الغيرة ، إذا ذهبت الغيرة من القلي سيترتب عليها آثار ، ونأخذ أولا ً ذهاب الغيرة من القلب .
الْغَيْرَةِ فِيْ الْأَصْلِ :هي حرارة تنبعث من القلب وهي للقلب كحرارة البدن الذاتية ، مثل الإنسان لا يستطيع أن يعيش من غير حرارة ، دون أن يكون الجسم يكن فيه حرارة لذلك الإنسان لما يموت يصبح جسمه كالثلج ، تنزع الروح فتبدأ أطرافه تبرد ، يقول لك حرارة الحياة وبرودة الموت ، فالحرارة الذاتية في البدن التي لا يعيش البدن إلا بها يقابلها الغيرة في القلب ، والغيرة حرارة ، ويشعر بهذه المسألة المرأة إذا غارت ، لأنها إذا غارت كأن فيه نار تمشي في العروق ، وهذا يختلف من واحدة لواحدة على حسب شدة الغيرة ، والغيرة أيضًا من الغل ، لأن الغل نار أيضًا .فهذه الغيرة التي هي حياة القلب والتي هي تسبب للعبد المنافسة ، المنافسة تكون بسبب الغيرة حتى في الطاعات ، وليس أن يلزم أن تكون المنافسة في الدنيا حتى في الطاعات ، لما واحد ينظر إلى واحد أعلم منه أو أعبد منه تدركه الغيرة ، فهذه الغيرة هي التي تطلع به إلى أعلى ، هذه الغيرة هي الوقود الحقيقي الذي يدفع القلب إلى السير إلى الله- عز وجل- .تأمل الرسول- - لما تكلم عن غيرة الرب- تبارك وتعالي- قال: " لا أحد أغير من الله- عز وجل- لأجل هذا حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه العذر من الله لأجل هذا أرسل الرسل ، ولا أحد أحب إليه المدح من الله لأجل هذا أثنى على نفسه " ، فانظر هذه الثلاثة مرتبة على بعض" لا أحد أحب إليه العذر من الله ، لا أحد أغير من الله- عز وجل- لأجل هذا حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن " خذ هذا الحديث مع ما رواه الشيخان في قصة سعد بن عبادة ، لأن أنا قلت لك أن هذه الثلاثة مرتبين علي بعض (، الغيرة ، والعذر ، والمدح )، هذا في حق الله- عز وجل- الحديث الذي أنتم سمعتموه .حديث واقعة سعد بن عبادة في الصحيحين لما جاء هلال بن أمية الواقفي وقال "يا رسول الله وجدت رجلاً مع امرأتي ، فقال: يا هلال أربعة شهداء أو حد في ظهرك "، هذا قبل لأن تنزل آية الملاعنة بين الرجل وامرأته حفظًا للأعراض ، فقال:" سعد بن عبادة أدعه معها لا أهيجه وألتمس له أربعة شهداء والله ما أعطيه إلا السيف غير مصفح "، أي أضربه بحده لا أضربه بصفحه ، وأنت تعرف السيف له حد وصفح ، هذا السيف ، هذا حده وهذا صفح وهذا صفح ، لما تضربه بالصفح تقتله ، لا ، لن تقتله ، إنما تقتله إذا ضربته بالحد ، فيقول:" إنما أضربه بالسيف غير مصفح ".أي لا أضربه بصفحه إنما أضربه بحده ، فقال النبي- عليه الصلاة والسلام-" أنظروا ماذا يقول سيدكم ،" لأنه يعارض ، وهذا الكلام فيه معارضة لما أنزل الله من وجوب الإتيان بأربعة شهداء لإثبات واقعة الزنا ،" قالوا يا رسول الله إنه غيور ، في بعض طرق الحديث قالوا والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرًا وما طلق امرأة فجرأ أحدنا أن يتزوجها بعده" من شدة غيرته ، أنت طلقتها فهي حرة ، لا ليست حرة طالما أنها تزوجت سعد بن عبادة تظل طوال عمرها مطلقة وهذا من شدة غيرته .فقال النبي- تعليقًا على هذا:" إن سعدًا يغار وأنا أغير من سعد وإن الله أغير مني "الشاهد من هذا الكلام: أنه ليس معني الغيرة أنك تتجاوز حدود الله ، لا تقول غيور وتمر ، لا ، ولا تتهم غيرك ممن وقف على حدود الله- عز وجل- أنه بارد ، ليس عنده حرارة ، وليس عنده غيرة ما هذه الحرارة والحمية ضيعت كثير من المسلمين ، لا يحتمل أن يرى منكرًا من المناكير ويدخل مباشرة ويغير المنكر بطريقته الخاصة فيتسبب عنه منكر أكبر منه ، ليس معنى أنني أقف أرى هذا المنكر وساكت إن أنا بارد ، وأنت دخلت قطعت رقبتهم لأن أنت الذي غيور ، لا .سعد- رضي الله عنه- لم يحتمل هذا لذلك النبي قال: ليس معني أني أقول له:" أربعة شهداء أو حد في ظهرك أنه أغير مني "، لا ، أنا واقف على حدود الله وأنا أغير منه ، والله- عز وجل- الذي أنزل هذا أغير مني ، لأن فيه بعض الناس قد تدفعه الغيرة إلى تجاوز حدود الله- تبارك وتعالي- لذلك جاء العذر بعد ذكر الغيرة في الحديث ، لا أحد أغير من الله- عز وجل- لذلك حرم القتل ، ولا أحد أحب إليه العذر من الله ، لذلك جاءت بعد الغيرة ، أن الله- عز وجل- برغم شدة غيرته- تبارك وتعالى- على تجاوز حدوده إلا أنه يعذر ، ولذلك أرسل الرسل ، فلا يعذب تبارك وتعالي أحدًا إلا بعد وصول بلاغ الرسول إليه .والجماعة الذين يقولون لا يوجد عذر بالجهل وغير ذلك ، يقول لك هو أرسل الرسول ، لما تقول له:﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا ﴾ (الإسراء:15) ، يقول لك قد بعث الرسول ، نعم أرسل الرسول ، لكن القصد من بعثة الرسول: إنما هو وصول كلام الله إلى الخلق ، وليس بعث الرسول أي رسول بشخصه ، لا ، ولذلك قال الله- عز وجل- فيما يتعلق بالقرءان ﴿ لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾(الأنعام:19) ، فلابد أن تصل الحجة لذلك ربنا- عز وجل- لا يعذب أحدًا إلا بعد وصول البلاغ ، إذا لم يصله البلاغ فهو معذور ، قد يعاقب على تقصيره مثلاً ، لكن لا يقال أنه كافر أو أنه لا يقبل منه ، لا .
ذكر العذر بعد الغيرة يستحق صاحبه المدح :، لذلك جاء المدح في النهاية" ولا أحد أحب إليه المدح من الله لأجل " ، وهذا هو كمال الإحسان كَمَالِ الْإِحْسَانِ: أن تنصف الناس من نفسك ، هذا فيما يتعلق بالعبد ، أن تنصف الناس من نفسك ، لعل له عذرًا وأنت تلومه ، أنت ممكن تؤاخذه بما له فيه عذر ، لو افترضنا جدلاً أن رجلاً له عند رجل حق ، وهذا الرجل جحد هذا الحق ، فهل يجوز لك أن تأخذ من ماله ما يعادل حقك ، نعم يجوز لكن لابد أن يثبت حق لا شبهة فيه ، وهذا الكلام بعض الناس ربما يفهمه خطأ ، أنا أحضرت واحد واتفقنا على أنه سيقوم بهذا العمل بمبلغ من المال ألف جنيه وقلت له أنا أريدك أن تعمل ، وبدأ العمل ، قال لا ، هذا العمل أنا بعدما حسبتها في رأسي وجدته لا يساوي إلا سبعمائة فقط ، ولن تأخذ إلا سبعمائة فقط ، هل يجوز لهذا الرجل أن يأخذ من ماله رغمًا عنه ما يوازي ثلاثمائة جنيه أم لا يجوز ؟ يجوز ، هذا يجوز ، لماذا ، وما دليله ؟ .حديث هند بنت عتبة في الصحيحين" لما قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح فهل علي أن آخذ من ماله بغير إذنه ، قال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " ، أبو الحسين البغوي في شرح السنة كان له تعليق تحت هذا الحديث ، وهو جواز أن يستوفي المرء حقه ممن جحده ، وهذا لا يعارض قوله- صلي الله عليه وسلم-:" أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك " هذا ليس داخلاً في ضرب الخيانة ، هند بنت عتبة لما أخذت من مال أبو سفيان من غير علمه هل هذه خيانة ؟ .طبعًا أبو سفيان لا يأذن بمثل هذا ، ولذلك تأخذ من وراءه ، واشترط النبي أن تأخذ من ماله بالمعروف ، ولا تأخذ بقصد إتلاف المال ، أو إنها التي تستطيع أن تحصل عليه تأخذه ، لا ، إنما تأخذ بقدر حاجتها هي وأولادها ، فالعلماء قالوا هذه حقها في النفقة ، فمن كان له حق معين كحقها في النفقة جاز له أن يستوفيه . بشرط أن يكون حقًا معينًا معلومًا ، غير أن واحد عمل عقد كما يحدث في بعض البلاد العربية ، يقول لك تعالي بألف ريال أ, ألف درهم أو ألفين أو ثلاثة أو غير ذلك ، أول ما تصل إلى هناك قال لك، نحن سنعطيك سبعمائة لأن الحالة ليست منضبطة والحكاية وغير ذلك ، فإذا كنت ستواصل معي في هذا العقد أهلاً وسهلاً ، وإن كنت لن تواصل فعد إلى بلدك ، يجوز له أن يستوفي النفقة التي أنفقها حتى وصل إليه في بلاده ، لأن هو الذي جعلني أغرم وجعلني أنتقل من بلدي وأذهب إليه بمقتضى عقد بيني وبينه ، فأنا أستوفي الغرامة التي أنا غرمتها حتى وصلت إليه .إنما أواصل العمل علي العقد الجديد وأقول له أنا موافق على التعديلد الجديد أو التعديل الجديد ، ثم كل شهر يعطيني سبعمائة أسرق منه ثلاثمائة ، لأن هذا كان مقتضى العقد ، هذا لا ، إنما أنت ستأخذ إذا كنت أنفقت في هذه المسألة خمسة ، ستة ، أربعة ، هو الذي جاء بك وهو الذي غرر بك بعد ثبوت العقد فأنت لا توافقه علي أن تأخذ سبعمائة ، ثم تأخذ أنت من ورائه ثلاثمائة ولذلك نحن ننبه لأن بعض الناس يفهم هذه المسألة خطأ .فأبن الجوزي - رحمه الله - يقول: هنا ويتكلم عن النصائح وأنه لا يجوز للمرء أن يحكم بادئ الرأي دون أن ينظر إلي هؤلاء لا تنظر إلي ظاهر الصراخ ولا ظاهر الشكوى ولا ظاهر الشكوى ولكن أنظر إلي فعل العبد وهذه مسألة داخلة في باب القضاء والقدر كما سنتكلم عنها غدًا إن شاء الله ، مسألة القضاء والقدر . يقول بن الجوزي: ( خَطَرَت لِي فِكرَةٌ فيمَا يجرِي علَى كَثيرٍ مِن العَالَمِ من المَصائبِ الشَّدِيدةِ و البَلَايَا العَظِيمَةِ التي تَتَنَاهَى إلى نِهَايةِ الصِعٌوبَةِ فقُلتُ: سُبحَانَ الله ، إن الله أَكرَمُ الأَكرَمِين والكَرمُ يُوجِبُ المُسَامَحة فَما وَجهُ هَذِهِ المُعَاقَبة ؟ )﴿ يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ( الانفطار:6_7) الكلام معناه:﴿ يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ألا أنه﴿ خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، أي أن هذا وجه اقترانك به ، أنه أمرك فلم تقف عند حدود الأمر ، نهاك فتجاوزت ما الذي غرك به ؟ حلمه ، هناك بعض المفسرين قالوا: أن الله لقن العصاة الحجة بهذه الآية .وأنا أستغرب كيف يقول هذا الكلام ؟ طبعًا نحن نعرف الجماعة المفسرون فيهم ناس لهم شطحات تستغرب أنه ممكن إنسان عاقل أن يكتب هذا بقلم ، بالأخص التفسيرات الإشارية ؟، سوف تجد هذا الكلام في التفسيرات الإشارية ، الذي هو يقول لك ، يعتمد علي الإشارة في التفسير يهمل جانب اللغة لا يعتبرها ، بل يهمل ظاهر الألفاظ مع أن العلماء كما قال الشافعي - رحمه الله - : لا يجوز لأحدٍ أن يتجاوز ظاهر اللفظ .لا هم لا ينظرون إلي اللفظ ، ولا ينظرون إلي العربية ، وينزل تحت يأخذ أي معني من المعاني الغريبة مثل المعني الذي أنا أقوله هذا ، إن الله لقن العصاة الحجة بهذه الآية ، لما ربنا- عز وجل يسأل الرجل يوم القيامة ﴿ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ، يقول كرمك يارب ، كرمك هو الذي غرني ، وهناك رد ثاني ، ﴿ يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ أل أنه ﴿ خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فهذا موجب الاغترار ولا يوجب أن يكون المرء في مقام الشكر ، لا يغتر بهذا إلا لئيم ، فهو هنا يقول أن الكرم يوجب المسامحة ، لكن كما أن الله- عز وجل- كريم فهو جبار وهو منتقم وهو قوي وهو عزيز هذه الصفات ، فلا ينفع واحد يركن على صفة من الصفات ثم يهمل الصفات الأخرى حتى بعض صفات الرحمة التي قد ترد في سياق العذاب ، كما قال إبراهيم- عليه السلام- لأبيه ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (مريم:44) ، المناسب أن يمسك عذاب من المنتقم من الجبار ، من العزيز ، من القهار ، لكن من الرحمن ، الرحمن يعذب ؟ ما وجه ذكر الرحمن في الآية ؟ قال: هذا ليدلك على عظم جرم والد إبراهيم كيف هذا ؟قال: ولله المثل الأعلى ، لو تصورنا إنسانًا حليمًا يضرب به المثل في الحلم ، بحيث أن يستطيع أحدًا أن يهيجه مهما فعل ، وأنت تمشي وجدت هذا الحليم يمسك برجل وضربه ويضربه بقدمه ويفعل به كل الأذى ، فأنت ماذا تقول ، فستقول هذا الرجل ماذا فعل ، أكيد أنه فعل جناية ليس لها مثيل ، لكي يستفز هذا الحليم ويضربه كل هذا الضرب فكيف تكون هذه الجناية التي فعلها هذا الرجل ، وهذا هو المعني الوارد في الآية ، ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ ، فانظر إلى جرم والد إبراهيم كيف يكون شكله . فتكون هذه الصفة إنما جاءت في الآية لتبرز جرم والد إبراهيم ، وأعظم الجرم على الإطلاق هو الشرك بالله الذي لا يقبل الله فيه شفاعة أحد مطلقًا كما في الصحيحين حديث أبي هريرة:" لما لقي أزر ابنه إبراهيم فقال: يا إبراهيم اشفع لي ؟ ، ألم يعدك الله ألا يخزيك ، لا أخالفك اليوم يا إبراهيم فإبراهيم- عليه السلام- يدعوا ربه- تبارك وتعالي- أنه يغفر لأبيه ،والده ويقول: يارب إنك وعدتني ألا تخزني يوم يبعثون ، وأي خزي من أعظم أبي الأبعد ، والأبعد: كأنك تقول البعيد عمل كذا ، فقال: يا إبراهيم إني حرمت الجنة على الكافرين " . أنظر مع ما لإبراهيم- عليه السلام- من المكانة ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا ﴾ (النساء:125)مع ما له من المكانةالكلام قاطع ونهائي﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ(النساء : 48)إني حرمت الجنة علي الكافرين ولأجل أن تخف المسألة علي إبراهيم- عليه السلام - حولَّ الله - عز وجل - والد إبراهيم إلي ضبع ، كما في الحديث فأُلقي هذا الضبع في النار هذا أيضًا من باب التخفيف علي إبراهيم- عليه السلام ، لأن هذا الإنسان لما يتحول لضبع ويلقي الضبع في النار غير أن ولد يري والده يلقي في النار ، فليست هناك جناية أعظم من الشرك ، ولذلك يقول الله- عز وجل- لبعض هؤلاء المشركين يقول له:" لو كان لك ملء الأرض ذهبًا أكنت تفتدي به ؟ يقول: إي وعزتك ، يقول الله- عز وجل- أردت منك أهون من ذلك ، أردت منك ألا تشرك بي شيئًا فأبيت إلا الشرك " .فأعظم شيء مطلقًا أن يشرك المرء بالله- تبارك وتعالي- ، فلما ننظر في صفات الله- تبارك وتعالى- أهل الغرور يأخذون الصفات الرحمة والكرم والعفو وغير ذلك ، لا .كما قال الحسن:( ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل )، فالذي يقول أن الله لقن العصاة الحجة بهذه الآية هذا مغرق في الإرجاء .وأنت تعرف أنه كان فيه جماعة من المرجئة ، والحمد لله أظن أنهم غير موجودين الآن ، الذين هم غلاة المرجئة الذين يقولون أن من قال الكلمة فهوة مؤمن وإن أتي بأي فعل كان ، حتى وصل بهم الحال أنهم أفتوا بإيمان فرعون ، لماذا ؟ لأن فرعون قال الكلمة ، قال:﴿ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾(يونس:90) ، حتى الكذب واضح في الكلمة التي قالها ، لا يريد أن يقول ءامنت بالله ، لا ، يقول:﴿ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾ . فالذي ءامنت به بنو إسرائيل ما هو ، حتى وهو يغرق أيضًا مغرور ومتكبر ولا يريد أن يذل .
مَاحَكَمَ إِيْمَانٍ الْمُعَايِنُ؟ومع ذلك إيمان المعاين لا قيمة له عند جمهور العلماء عاين الملائكة والروح ستخرج فليس لإيمانه أي قيمة .وصل الحال بأناس ينتسبون إلى القبلة يقولون مثل هذا الكلام ، وطبعًا هذا الكلام بخلاف قول مرجئة الفقهاء ، لا ، هؤلاء كلام غلاة المرجئة ، وكان منهم عبد الغني النابلسي أحد متفقه الحنفية في الجماعة المتأخرين ، له كتاب عجيب اسمه كشف الأستار في المقطوع لهم بالجنة والمقطوع لهم بالنار ، فوضع فرعون في المقطوع لهم بالجنة ، أنا أريد أن تطلع لي غير إبليس من المقطوع له بالنار باستثناء إبليس ، لا تجد احد ، إذا كان فرعون مقطوع له بالجنة فلم يعد أحد سيدخل النار .فهذا سببه النظر في جانب من الأسماء الحسنى وترك الجانب الأخر ، النظر في صفات العفو والغفور والودود والرحيم والرحمن ، هذا كله مما أوجب غرور هؤلاء .
انْتَهَي الْدَّرْس الْسَّابِع
الْمُحَاضَرَة الْثَّامِنَة
قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-: (خَطَرَت لِي فِكرَةٌ فيمَا يجرِي علَى كَثيرٍ مِن العَالَمِ من المَصائبِ الشَّدِيدةِ و البَلَايَا العَظِيمَةِ التي تَتَنَاهَى إلى نِهَايةِ الصِعٌوبَةِ فقُلتُ: سُبحَانَ الله ، إن الله أَكرَمُ الأَكرَمِين والكَرمُ يُوجِبُ المُسَامَحة فَما وَجهُ هَذِهِ المُعَاقَبة ؟ فَتفَكرتُ فَرأيتُ كَثِيرًا من النَّاسِ في وجُودِهِم كالعَدم لا يَتَصَفَحُونَ أدِلَةِ الوِحدَانِية ولَا يَنظُرُونَ في أَوامِرِ الله تَعالَى ونَواهِيهِ بَل يَجرُونَ على عَادَاتِهِم كَالبَهَائِم ، فإِن وَافَقَ الشَّرعُ مُرَادَهُم وإِلَّا فَمُعَولَهُم عَلى أغرَاضِهِم ، وبَعدُ حِصُولِ الدينَارِ لا يُبَالُونَ أَمِن حَلَالٍ كانَ أَم مِن حَرَام ، وَإن سَهُلَت عَليهِم الصَّلاةِ فَعَلُوهَا وَإن لَم تَسهُل تَرَكُوهَا ، وفِيهِم مَن يُبَارِزُ بالذِنوبِ العَظِيمة مَع نَوعِ مَعرِفَةِ النَّاهِي ، ورُبمَا قَويَت مَعرِفَةِ عَالِمٍ مِنهُم وتَفَاقَمَت ذِنُوبَه ، فَعَلِمتُ أن العِقُوبَاتِ وإِن عَظُمَت دُونَ إِجرَامِهِم ، فَإِذا وقَعَت عُقُوبَةٌ لِتُمَحِصَ ذَنبًا صَاحَ مُستَغِيثُهُم: تُرَى هَذَا بِأَي ذَنب ؟ وَيَنسَى مَا قَد كَانَ مِمَا تَتَزَلزَلُ الأَرضَ لِبَعضِه وقَد يُهَانُ الشَّيخُ في كِبَرِهِ حَتَى تَرحًمَُه القُلُوب ، وَلَا يُدرَي أِنَّ ذَلِكَ لِإِهمَالِهِ حَقَّ الله تَعَالَى في شَبَابِهِ فَمَتَى رَأَيتَ مُعًاقَبًا فَاعلَم أِنَّه لِذِنُوب ).
بن الجوزي- رحمه الله تعالي- لا يقصدخصوص المسلمين بهذا الكلام ، إنما يقصد الناس جميعًا ولذلك فهو يقول: ( لا يَتَصَفَحُونَ أدِلَةِ الوِحدَانِية ) ، وهذا الكلام إنما يصلح أن يقال بالنسبة للكافرين ، ولا يقال بالنسبة للمسلمين كثيرٌ من الناس حتى المسلمين لا يعلم لماذا خُلق ؟ لأنه لو علم لماذا خلق لنظر تحت قدميه قبل أن يضع قدمه فلينظر أمأذون له أم لا ، قبل أن يرفع قدمه ويضعها في مكان آخر فلينظر أمأذون له في ذلك أم لا ؟ ، لأن هذا هو رسم العبودية . العبد له سيد آمر ، والعبد لا يتحرك عادة من تلقاء نفسه لو حقق العبودية ، فكثيرٌ من الناس حياتهم كالعدم ، إن قصدنا الكافرين فالكلام معلوم والله - تبارك وتعالي - قال عن هؤلاء:﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا ﴾(الفرقان :44) ، لأنه ما من شيء علي وجه الأرض إلا وهو يذكر الله- تبارك وتعالي - ، والغفلة لا تدرك إلا الثقلين الإنس والجن ، اللذان نزل التكليف من أجلهم ، أما فيما عدا ذلك فالكل يسبح والكل لا يفتر سواء كان يابسًا ، أو كان أخضرًا كله يسبح لله - تبارك وتعالي - .
فهؤلاء الكافرون وصفهم الله عز وجل أنهم أضل من الأنعام ، الأنعام أهدي سبيلًا لأنها تسبح الله - تبارك وتعالي- وقال الله - عز وجل-:﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾(الأعراف:179) .ولعلكم تذكرون أننا في مرة سابقة ذكرنا أن القلب أو الفؤاد يكون ملاصقًا دائمًا للعين ، أي يقرن القلب مع العين أيضًا كما في هذه الآية:﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ لأن العين والأذن هما أوسع طريقين إلي القلب أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْسَّمْعَ أَمْ الْبَصَرُ ؟ حتى فاضل العلماء بين السمع والبصر أيهما أفضل ؟ فقال بعض العلماء: السمع أفضل لأنه لا يرد إلا مقدمًا ، السمع دائمًا يرد مقدمًا علي البصر إذا قرن في كتاب الله تعالي ، قالوا والسبب في ذلك أن السمع هو أسبق الحواس عندما يولد المرء إنما يسمع قبل أن يبصر . الشيء الثاني: أنه بالسمع يدرك كلام الله ورسوله . الإنسان لو كان كفيفًا فيسمع ونحن لدينا الأدلة النصية كلها بتسمي بالدليل السمعي, الدليل السمعي: أي الذي آتانا عن
رد مع اقتباس