عرض مشاركة واحدة
  #212  
قديم 03-09-2012, 11:22 PM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الجزء الثلاثون
(44)
وبعض آيات من سورة الفلق


قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ – 1 مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ – 2 وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ – 3 وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ – 4 وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ – 5

﴿ قل ﴾ متعوذًا ﴿ أَعُوذُ ﴾ أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم ﴿ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ أي : فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.


قال تعالى في سورة الأنعام :


إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ -95
فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ -96



*******


قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ – 1 مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ – 2



هذا توجيه من الله تعالى للمؤمنين للعياذ بكنفه , واللياذ بحماه , من كل مخوف : خاف وظاهر , مجهول ومعلوم , على وجه الإجمال وعلى وجه التفصيل . . وكأنما يفتح الله - سبحانه - لهم حماه , ويبسط لهم كنفه , ويقول لهم , في مودة وعطف : تعالوا إلى هنا . تعالوا إلى الحمى . تعالوا إلى مأمنكم الذي تطمئنون فيه . تعالوا فأنا أعلم أنكم ضعاف وأن لكم أعداء وأن حولكم مخاوف , وهنا الأمن والطمأنينة والسلام في ظل شريعة الله وكلام الله القرآن العظيم. .

﴿ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها ، من الشر الذي تحدثه تجاهك ، ثم خص بعد ما عم، فقال : ﴿ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴾ أي : من شر ما يكون في الليل ، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه شلل الإجرام والفساد يعتدون على الأمنين وتنتشر كثير من الأرواح الشريرة ، والحيوانات المؤذية.


فإذا لجأت إلى خالق الكون كفاك تلك الشرور وأمنك..


﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ أي : ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد ، التي يعقدنها على السحر.


فالحمد لله على نعمة الإسلام ونعمة القرآن العظيم كلام الله .

نعوذ بكلمات الله التامة من شر كل شيطان وهامة ومن شر كل عين لامة..
نعوذ بكلمات التامات من شر ما خلق ..

******


مواجهة الحسد

﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب. فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شر ذلك الحاسد ، وإبطال كيده .

وأمة الإسلام تتعرض للحسد من أول يوم بدأت فيه العوة, إلى يومنا هذا , فكل ذي نعمة محسود.

وقد بدأ الحسد من "إبليس اللعين" على أبينا أدم عليه السلام, يوم أن رفض السجود لإدم وقال أنا خير منه.
وقد دب الحسد في بعض قلوب أهل الكتاب على الخير المنزل على المؤمنين من الله تعالى , فكان من المفترض أن يؤمنوا وينعموا مع المؤمنين بنور الهداية ولكنهم حاولوا رد المؤمنين عن الإيمان حسدا من عند أنفسهم..

قال تعالى في سورة البقرة :



وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا - حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ - مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - 109

وقال تعالى في سورة النساء :



أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا - 51 أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا – 52 أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا - 53


أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ


فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا - 54


وهذا من قبائح بعض أهل الكتاب وحسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، أن أخلاقهم الرذيلة وطبعهم الخبيث، حملهم على ترك الإيمان بالله ورسوله، والتعوض عنه بالإيمان بالجبت والطاغوت، وهو الإيمان بكل عبادة لغير الله، أو حكم بغير شرع الله.
فدخل في ذلك السحر والكهانة، وعباده غير الله، وطاعة الشيطان، كل هذا من الجبت والطاغوت، وكذلك حَمَلهم الكفر والحسد على أن فضلوا طريقة الكافرين بالله -عبدة الأصنام- على طريق المؤمنين ...

وإلى اليوم نواجه هذه الصدمات من الحسد نراها في الإعتداءات على الشعوب الإسلامية سواء بالإحتلال كما حدث في فلسطين والقدس. ونراها بالتهجم على الشريعة الإسلامية العملاقة. ونراها في الهجوم على خير البرية نبينا صلوات ربي وسلامه عليه..



وهكذا نرى نفسية الحاسد النكدة حيث لا يحب الخير للناس وبالتالي يعترض على قضاء الله تعالى .
ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع ، خبيث النفس.
فالحسد كالنار تأكل بعضها بعضا إن لم تجد ما تأكله , والحسد إعتراض على قدر الله في مخلوقاته , لا يليق بالمؤمن أن يقع في مثل هذا المرض الخطير ,

فإن وجدت نعمة على إنسان ادعو الله أن يبارك له فيها.. وبذلك تكون محب لقدر الله تعالى .. وإن روادتك نفسك أن يكون لك مثله ..ادعو الله أن يعطيك فهو الرزاق الذي لا تنفد خزائنه ..



قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث أيام
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح
وفي الحديث الذي رواه أبو هريرة :



إياكم و الحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات، كما تأكل النار الحطب.
الراوي: أبو هريرة المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير

وإن ما نجده اليوم من مشاكل إجتماعية وجرائم سواء جنائية أو مدنية ما هي إلا نتيجة للحسد الأعمى والحقد والفساد . ونتيجة لنسيان المنعم الذي بيده خزائن كل شئ ويعطي من يشاء بغير حساب.

وإن المتأمل في جميع المخلوقات يجد أمرا عظيما مبهرا الا وهو التكامل بين جميع الكائنات فالكل يحتاج إلى الكل, وما خلق الله شيئا عبثا أبدا.


أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ – 115 فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ - 116 المؤمنون

فلو أنك طبيب تحتاج إلى مهندس لتصميم عيادتك ولو أنك صانع تحتاج إلى مزارع ليحصد لك ما تأكله . فالكل ميسر لما خلق له ,


ولا يكون الحسد أو التنافس إلا في طلب الخير..

ففي الحديث الشريف :
الحسد في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن فقام به ، و أحل حلاله ، و حرم حرامه ، و رجل آتاه الله مالا فوصل به أقرباءه و رحمه ، و عمل بطاعة الله. تمنى أن يكون مثله..
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص - المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير
أي يتمنى أن يحفظ القرآن ويعمل بحلاله ويحرم حرامه. ويتمنى أن يكون له مال فينفقه في وجوه الخير وصلة الرحم. فهو محب للخير, ولعله بتمنيه تلك أن يدرك الدركات العالية في الجنة.

وبعيدا عن هذا الإدراك يصاب الإنسان بعدم الرضا والحسد والبغض لمن حوله وينشأ الصراع الذي لا جدوى منه , حيث لا يغير من قدر الله شيئا.

فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.

********


قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ – 1 مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ – 2 وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ – 3 وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ – 4 وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ – 5


**********


وإلى ختام الجزء إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس