عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-05-2009, 05:50 PM
نسيم الفجر نسيم الفجر غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


تفريغ الجزء الثالث من العقيدة 9 للفرقة 3 و4 (حصة الأخت الراجية رحمة الله)

من الدقيقة 55:00 إلى 01:20


كيف قابلت هؤلاء المذكورين بهذا الغضب البيلغ ، ولم تعذرهم حين اعتذروا بالقدر ؟ بل زاد هذا الاعتذار في جرمهم عندك وأنت مع ربك في أحوالك المخجلة قد سلكت مسلكهم وحذوت حذوهم.
فإن كان لك عذر ، فهم من باب أولى أعْذر وأعْذر . وإن كانت أعذارهم تشبه التهكم والاستهزاء فكيف ترضى أن تكون مع ربك هكذا ؟ .

فانتبه الجبري حينئذ وصحى بعدما كان غارقا في غلوه وقال : الحمد لله الذي أنقدني مما كنت فيه وجعل لي موعظة وتذكرة من هذه الوقائع التي وقعت لي ولمست فيها غِلَظي الفاحش . والآن أعتقد ما حصل لي من نعمة الهداية إلى الحق أعظم عندي من هذه المصائب الكبيرة كما تحققت في قوله تعالى :
{وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة216

هذا هو مجمل الكلام . وفي الباقي إن شاء الله بعد الصلاة . الآن انتهينا .


إن شاء عرض سريع للباب . باب إن شاء الله يسير وسهل .
أول شيء في القضاء والقدر ، تكلمنا أولا في تعريفه . في كلام أهل العلم عن القضاء وفي كلام أهل العلم عن القدر . وقلنا أن الصواب ، كما ذكرنا في مسألة الإسلام والإيمان ، أنهما إذا اجتمعا افرقا وإذا افترقا اجتمعا . هذه في الخلاصة السريعة . هذا بالنسبة للتعريف . وبعد ذلك الإيمان به . أدلته :
ـ الكتاب . قال الله تعالى :
{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }القمر49

ـ السنة . فجاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وفي صحيح مسلم من حديث عمر ـ رضي الله عنه ـ في قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " وأن تؤمن بالقدر خيره وشره .

ـ الإجماع . ونقصد به إجماع أهل السنة والجماعة . هم أجمعوا على الإيمان بالقضاء والقدر .
لكن نقول أن الفِرَق ، كل الفِرَق ، آمنت أو قالت أنها تؤمن بالقضاء والقدر . لكن إيمانها يختلف.

ـ أركان الإيمان بالقضاء والقدر وهي علم كتابة مولانا مشيئته وخلقه وهو إيجاد وتكوين .
وهي العلم . والكتابة . والمشيئة . والخلق .
هذه هي الأركان . فالله عز وجل يعلم كل شيء وعلمه أزلي لا أول له . وما علمه الله تبارك وتعالى كتبه سبحانه . وخلق للعبد مشيئة . ولله عز وجل المشيئة . ومشيئة العبد لا تكون إلا إن شاء الله رب العالمين {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } .
وخلقه ، أي هو الذي سبحانه وتعالى الذي خلق كل شيء . ومن هذه الأشياء أفعال العباد . قال الله تعالى :
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }الصافات96

إذن الإيمان بهذه المراتب يعلمنا كيفية الإيمان بالقضاء والقدر . فكلهم يقولون بأن الله تبارك وتعالى يعلم كل شيء . لكن على تفصيل عندهم . فهم بعضهم يقولون أن الله عز وجل لا يعلم بالفعل إلا بعد حدوثه . هؤلاء من ؟ ... القدرية . إذن ، ونحن نكرر، القدرية أي نسبوا إلى أنفسهم التحكم في أفعالهم وفي القدر . إذن الله تعالى لا يعلم بفعلهم إلا بعد ما يحصل هذا الفعل . والله تبارك وتعالى يقول :{ ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ }العنكبوت2 {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }العنكبوت3
فليعلمنَّ . هنا هذه يستدلون بها أيضا : فليعلمن الله ... إذن ، الله عز وجل ، وطبعا هذا كلها تكلمنا عنه قبل ذلك ، ما علم إلا بعد ما حصل منهم . فهو الله تبارك وتعالى يختبرهم هل كذا أو كذا.. إذن ، لا يعلم إلا بعد حصول هذا الفعل . وهذا باطل . وقلنا أن هذا العلم سميناه بعلم الظهور. فمعناه أي يعلم أنه سيكون موجودا . لكنه يعلم أنه سيحدث . فوقتما يحصل عُلِم أنه موجود . فالله تبارك وتعالى يعلم من سيكون صادقا ومن سيكون كاذبا . لكن حين يظهر صدقه فعُلم هذا الصدق موجودا . لذلك سمي بعلم الوجود أو علم الظهور .
(... ج/ على مداخلة من أحد الطلبة .. تمام ، لكن قد لا يعلمه الآخرون . وقد يكون هذا الصادق لا يعرف . لكن هنا الشاهد والمعنى أن هذا علم ظهور وعلم وجود . لكن الله تبارك وتعالى يعلم هل سيكون صادقا أم سيكون كاذبا ).

والذي عُلم هذا كتبه الله تبارك وتعالى . العلم أزلي . وأما الكتابة فوقتها . وذُكرت في حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . قال له : اكتب . إذن معلوم وقت الكتابة . أما العلم فأزلي لا أول له . والمشيئة ، الله تبارك وتعالى له المشيئة .
قلنا أن المشيئة ترد في كتاب الله عز وجل بمعنى المشيئة الكونية . وقلنا بأن المشيئة أو الإرادة تنقسم إلى شرعية وكونية . طيب ، الله تبارك وتعالى يقول : {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ....} هذه شرعية . {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } هذه كونية . لذلك هم خلطوا بين الشرعية والكونية فحصل عندهم اضطراب . قالوا : والله يريد أن يتوب عليكم . فكيف يوقعك في المعصية ؟ .. لأنه خلط الآن بين الشرعية والكونية .
فنقول :{وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ....} هذه إرادة كونية . ولا يرضى لعباده الكفر . { وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ } .
ثم بعد ذلك قلنا الخلق . ما معنى ذلك ؟ .. نقول أن الله تبارك وتعالى خلق فعلك الذي أنت أردته.
{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }الصافات96
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً }الإنسان3
إذن العبد في دنياه ، المفترض أنه سيقوم بأفعال . الله عز وجل علم هذه الأفعال . وكتبها . وقلنا الكتابة إما في اللوح المحفوظ (" إما" ليست على التخيير . تعني في الإثنين ) . و صحف الملائكة .
في اللوح المحفوظ ، هذه لا تُمحى . وفي صحف الملائكة يحصل فيها التغيير والتبديل . وهذا الوارد في كتاب الله تعالى : {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }الرعد39 ... هي اللوح المحفوظ .
يمحو الله ما يشاء في صحف الملائكة ويثبت ما يشاء . وعنده أم الكتاب التي لا يتغير فيها شيء ولا يتبدل .
ففي صحف الملائكة مثلا ، يُكتب أن هذا ، مثلا ، سيكون عمره 40 عاما . ثم بعد ذلك يأتي هذا الرجل ويصل رحمه فيزيد الله في عمره فيصير مثلا 60 . وهو في اللوح المحفوظ مكتوب أن عمره 40 . فوصل رحمه فأصبح 60 . كل هذا مكتوب مسَطَّر .
أما هذا الذي يحصل فيه التتابع ، لأنه أول ما يكون في المائة وعشرين يوم الملائكة تقول : شقي أم سعيد . وتسأل عن رزقه وأجله وعمله . فمن رزقه ، يكون رزقه كذا . وعمره يكون كذا.
وشقي أو سعيد . فهذا في المجمل . طبعا كل هذا مر معنا . وكنا نتكلم بذكر الأدلة وكنا نمشي عليها سريعا .

( الشيخ يكلم أحد الطلبة : الأصل أنه في أم الكتاب . هذا لا يتغير ولا يتبدل . أما في صحف الملائكة فهذا جائز . ولو كان الله عز وجل أراد أن يجعل إنسانا من المهتدين كان كتب في اللوح المحفوظ أنه سيكون في النهاية مؤمنا صادقا ) .

هذا بالنسبة للعلم والكتابة والمشيئة . ولابد أن نفرق بين الشرعية والكونية حتى لا يحصل عندنا اضطراب مثل ما حصل مع هؤلاء .

والخلق . فنقول : الله خالق كل شيء . من يتفق معنا في هذا من الفِرق الأخرى ؟ .. الجبرية .
على خلاف مع القدرية . فنقول نحن : الله خالق كل شيء .
طيب ، نحن مع هذا نثبت أن الفاعل للفعل حقيقة هو العبد . لكن الخالق للفعل هو الله . ومثلنا بمثال النار . قلنا أن النار من صفاتها الإحراق . فإذا قلنا من الذي أحرق ؟.. نقول النار . من الذي خلق الإحراق ؟ .. الله تبارك وتعالى . فنحن نقول : الله خالق كل شيء . كل شيء لا يخرج عن خلق الله عز وجل .
قال : وهو إيجاد وتكوين . فما يفعله البعض ، ممن يدَّعون مثلا في مسألة الاستنساخ وغيرهم أن هذا يسمى خلق . هذا لا يُعتبَر خلْقا . لأن الخلق يكون خلقا من عدم لذلك قال " إيجاد " ويتبعه التكوين .

هذه كانت بالنسبة للأركان . وبالنسبة للفِرَق التي تكلمت في القضاء والقدر ، الأصل أننا سنسمي فرقتين : قدرية و جبرية .
ـ قدرية ، الذين هم المعتزلة . وهنا القدرية ، أي نسبوا القدر إلى أنفسهم . وتكلمنا عن نشأة القول بهذا . وقلنا أول ما ظهر القدر على يد سوسن النصراني .
الذي قيل في حديث عبد الله ابن عمر من قول يحيى ابن يعمر أن أول من قال بالقدر بالبصرة معبد الجُهني .
( أحد الطلبة يستفسر . ويجيبه الشيخ : فهو قال لا قدر وأن الأمر أنُف . الجمع بين الأقوال ، لأن القول هذا من سبيل الأوزاعي كما ذكرنا أن أول من قال هو سوسن . الجمع بين الأقوال أن سوسن هذا هو الذي قال هذه المقالة . لكنها لم تشتهر على لسانه . وتلقفها منه معبد الجهني . وهو أول من ظهر بهذه العبارة ).

وكذلك الجبرية فهم الذين قالوا بأن نسبوا الجبر إليهم . فهم مجبورون . فؤلاء المجبورون يقولون الله خلق أفعالنا . هذه النقطة الأولى عندهم .
الثانية ، لا قدرة للعبد .

المعتزلة القدرية يقولون ، لم يخلق الله أفعالنا بل نحن خلقناها . لا يفرقون بين الفعل والخلق .
الثانية إثبات القدرة للعبد .
فجاءت فرَق . وتفرعت منها الأشاعرة . وأرادوا أن يتوسطوا في هذه المسألة . فماذا فعلوا ؟ .
قالوا : لا نقول أن الله لم يخلق أفعالنا . لا نقول هذا . ولا نقول أنه لا قدرة للعبد .
فالخطأ عند هؤلاء هنا . وهذه نوافق عليها وهذه نوافق عليها .
نريد أن نجمع بين الأمرين . فنقول : خلق أفعالنا . هذه النقطة الأولى .
ونثبت للعبد قدرة . لكنها " إسمية " .
( نحن نقلنا النصوص عنهم في كلامهم أنها إسمية ) .

يجيب الشيخ على تدخل أحد الطلبة :
نحن حينما تكلمنا قلنا بأن مذهب المعتزلة أسلم . لأن مذهب الجبرية أصلا باطل . لكن مذهب هؤلاء ، طبعا مش حنقول يمشي ، نقول أن فيه بعض المحاولة للفهم . لكن هؤلاء ماذا فعلوا ؟ .
قالوا :نأخذ أن الله خلق أفعالنا . ونزيد أن للعبد قدرة . هم يقولون لكن إحنا مبنقدرش . نقول إن كده يبقى فيه مخالفة . نحن نجمع بين الاثنين دول . إن العبد يكون له قدرة والله يكون خالقا لأفعالنا . حيبقه فيه تعارض) .

.. فتكون القدرة هذه صورية أو اسمية شكلية . مثل ما فعلوا في الأسماء والصفات ومر معنا .
في مسألة التفويض . فهؤلاء يقولون مثلا يد ، فيُجَسِّموا المُجسِّمة ، المُشبِّهة . والآخرون ، الجهمية المعطلة يقولون : قدرة مثلا . أو ينفونها أصلا .
فأرادوا أن يتوسطوا . فماذا يفعلون في التفويض ؟ . ـ وشيخ الإسلام ابن تيمية يتكلم عن التفويض فيقول الذي يقول بهم أهل التجهيل . هذا يدل على جهلهم ـ فماذا يقولون ؟ .
نحن لا كهؤلاء ولا كهؤلاء . نحن نثبت لله يد .( يقول لك الله أكبر مذهب السنة والجماعة!! ) .
لكن يثبت لليد ياء ودال ... فقط . ليس لها معنى .... هذا الذي تثبته لله عز وجل .

س/ ........ ؟
ج/ أنت تتكلم عن مذهب السنة والجماعة ؟ .. خلينا مع الأشاعرة دلوقت . لكن نحن قلنا بأن مذهب أهل السنة والجماعة أن ما ورد في كتاب الله وفي سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نثبته كما هو وكما جاء وأنه له حقيقة وله كيفيه . لكن لا نعلم هذه الكيفية . {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الأنعام103
فهنا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .

إذن هؤلاء أرادوا أن يخرجوا ، فخرجوا بنظرية تسمى نظرية الكسب . النظرية المعقدة .
مما يُقال ولا حقيقة تحته .. معلومة تدنو من الأفهام ، الكسب عند الأشعري . يعني لا حقيقة تحت هذا الكلام الذي ذكروه ، لا حقيقة تُعلَم . هم في أنفسهم اضطربوا في تفسير الكسب . وقد ذكرنا ذلك وتعريفاتهم . إذن لا حقيقة تحت هذا الكلام. فلما يُذكر الكسب ، يقولون إذن العبد لما يكون له طاعة نقول أنه إكتسبها . لقول الله تعالى {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} .
فقالوا الطاعة هذه الله عز وجل خلق له هذه الطاعة . والعبد له قدرة .لكن قدرته ليست هي التي فعلت . وإنما الفاعل حقيقة هو الله تبارك وتعالى . ومثلنا بمثال . وهو الحجر . فعندنا مثلا رجل قوي . ورجل ضعيف . وعندنا حجر كبير . هذا القوي يستطيع أن يقوم بحمل هذا الحجر . والضعيف بمفرده لا يستطيع أن يحمله . فيأتي هذا القوي ويحمل هذا الحجر . ويكون معه الضعيف كصورة فقط أنه يحمل معه لكن الحامل في الحقيقة هو القوي . هو يستطيع بكل سهولة أن يحمل هذا الحجر . والضعيف لا يستطيع أصلا . فنقول هنا مثلنا بالحجر الذي هو الطاعة مثلا.
طبعا لله المثل الأعلى . والله عز وجل نقول أنه خلق الطاعة . ويوجد معاون لا يفعل شيئا . لكن وجوده وجود صوري وهو الضعيف الذي هو قدرة العبد لتقوم بالمساعدة ورفع الحجر ( أو العمل الصالح ) .
التوقيع

كروت أمنا هجرة تغمدها الله برحمته