عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-30-2010, 05:17 AM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي حقا يا عمرو ، " وتلك الأيام " !!

 


ـ
(1)


الحمدُ لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى ، وآله وصحبه ومن أثره اقتفى ، أما بعدُ

فقد شاهدتُ تسجيلا للقاء على قناة " أزهري " في حلقة أولى من برنامج " وتلك الأيام " الذي يقدمه الإعلامي " محمود سعد " ، استضاف فيها " عمرو خالد " ، أو كما بدأ يناديه " محمود " بـ " الدكتور عمرو خالد " .

قال الله تعالى : " إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ " [1] .

فقد بين الله جل وعلا في هذه الآية أن سنته في عباده أن يبتليهم ، ليتبين بالبلاء الصادق من الكاذب ، والمتيقن من المرتاب ، والمؤمن من المنافق .

قال السعدي : { وليعلم الله الذين آمنوا } هذا أيضا من الحكم أنه يبتلي الله عباده بالهزيمة والابتلاء، ليتبين المؤمن من المنافق؛ لأنه لو استمر النصر للمؤمنين في جميع الوقائع لدخل في الإسلام من لا يريده، فإذا حصل في بعض الوقائع بعض أنواع الابتلاء، تبين المؤمن حقيقة الذي يرغب في الإسلام، في الضراء والسراء، واليسر والعسر، ممن ليس كذلك. ا.هـ [2]

وقال ابن كثير : قال ابن عباس: في مثل هذا لنَرَى، أي: من يَصبر على مناجزة الأعداء . ا.هـ [3]

نزلت هذه الآية في شأن يوم أحد الذي أصاب فيه المسلمون ما أصابهم ، وأن من حكمة الله في ذاك التمحيصَ . ونحن في هذا اليوم الذي ضعُف فيه المسلمون وذلوا ، وتكالب عليهم أعداؤهم ؛ لبُعد المسلمين عن دينهم ، فكان هذا البلاء العميم من الله على هذه الأمة ، الذي يُمحص به ، وتظهر فيه بُطون قد تختبئ منا دونه .

ومن الاتجاهات التي ظهرت ونحن في واقعنا وبلائنا ، أن يخرج دعاة إلى تضييع البراء من المشركين ، وإلى المذهب الإنساني الذي لا يهتم لشأن تمايز الأفراد بدينهم إلا في أضيق الحدود . وبينما أحدهم مُسرف في دعوته إلى اللين المطلق مع ( الآخر ) ، والانفتاح عليهم ، لا يتورع عن الافتراء على إخوانه ، أعني بهم دعاة السنة ، ورميهم بالافتراء ، يتلوه مثله أو فوقه أو دونه ، بصورة تنفر عنهم كل أحد .

هذا " عمرو خالد " الذي تكلم في هذا اللقاء بما يسوؤُه في صحيفته يومَ يلقى ربه ، وهي خاطرة خطرت لي وأنا أتأمل اسم البرنامج ، المأخوذ من آية من كتاب الله .

لماذا سعى " د.عمرو خالد " للحصول على الدكتوراة ؟! [4]

عمرو : لأني عشتُ برّه ، فأتيح لي أن الآخر يسمع لي ، فيقى عندي الحمد لله من فضل ربنا قدر على التعامل مع الشاب الذي عنده 15 سنة والبنت التي عندها 20 سنة ، وقدرة على التعامل مع ذلك الشخص الغربي ، الللي فاكر صرتنا مشوهة . وفاكر صورتنا إن إحنا دين الإرهاب ودين القتل ..
محمود : ( يقاطعه ) حسب ما بتوصل له الصورة ، من الدعاية من الإعلام .
عمرو : ( يتابع ) فعندي فرصة سهلة لأن الإعلام والآخر بيسمعني ، طب ليه ما أستفيدش من الفرصة دي ، تبقى مؤيدة ..
محمود : ( يقاطعه ) يسمعكم إزاي يا دكتور ، إزاي الإعلام الغربي حيسمعك ؟!
عمرو : لأنه محطوط في كل الجرائد والميديا الغربية إن في عشرين ثلاين شخص ، لما تكون تسأل عن حاجة بتخص المسلمين أو الشباب العربي بتروح لهم
محمود : أنا شفت حاجة زي كده .
عمرو : فبقيت بفضل الله عبر السنين واحدة ورا واحدة ، من الناس دول ، مش أهم واحد ، بس واحد منهم ، العشرين أو الثلاثين معرفش الرقم بالظبط ، إن أي صحافة أو ميديا غربية عايزة تعرف حاجة عن الشباب العربي أو المسلم أو رأي المسلمين أو رأي الإسلام بترجع لهؤلاء . من أنا عشان أتكلم برأي الإسلام قبل أن أكون مسلحا بعلم صحيح وشهادة ، فعشان كده بقولك هي مسألة هي فتحت أبواب .

هذا هو السبب الذي ذكره عمرو خالد ، هو أنه صار يُشار إليه بالبنان في بلاد الغرب بأنه متحدث ممثل لللإسلام والمسلمين ، فأراد أن يحصل على شهادة ليتكلم ، فاتجه إلى جامعة أوروبية [5] ، وعمل دراسة في موضوع خطير !

وتأمل كيف ينظر الغرب إلى الممثل للعرب أو المسلمين أو المتحدث باسم الدين الإسلامي ، وحاول أن تستنبط معاييره التي يبني عليها ؛ لترتاب جدا في الغرض من اختيار عمرو لمثل هذا ، واستحضر وأنت تتأمل هذا تلك الجائزة العالمية التي حصل عليها قبل سنوات ، في أمريكا ، وما صاحب هذا من تنازلات قدمها أثناء الرحلة [6] !

إنهم اختاروا داعية يتكلم باللغة العامية ، ببساطة ، وأحيانا سطحية [7] ، ليس عالما من علماء المسلمين ، ولا شخصية دينية لها ثقلها ، وليست معه شهادة من جامعة دينية مثلا ، ولا مؤهلَ أبدأ ، فأختير ليتكلم إلى الغرب باسم الإسلام !

تجاوز هذا ، وتفرج على ردة الفعل من " عمرو " لهذا الذي وضعوه فيه ، حيث تطلب هذا أن يتأهل ، فلم يفزع إلى كتب العقيدة والفقه وغيرها ، ويثني الركب عند طلبة العلم والعلماء ، إنما قصد السبيل الأرخص ، وهو أخذ شهادة في دين الإسلام من غير دار الإسلام ، وهي شهادة " دكتوراة " تضيف تلك الدال إلى الاسم ، تلك الدال التي تستعمل لتأهيل أي " دوكـ " [8] يحملها ليتكلم في دين الله كما يحلو له .

الفتوى : لا أفتي ، ولن أفتي !

محمود : كنتَ تفضل اختيار لفظ ( الأستاذ عمرو خالد )
عمرو : آده ده صحيح .
محمود : ما كنت تحب يُقال عليك شيخ مع أنك تمارس كل مهام الشيخ بكل صفاتها
عمرو : لأ ، أنا لا أفتي !
محمود : هل الدكتوراة تنقذك من هذا اللقب ( يقصد لقب شيخ ) .
عمرو : لا مش مسألة إنقاذ يعني أنا مش حروح أدرس خمس سنين ، عشان أنقَذ من لقب شيخ ! لأن أنا سهل أوي أقول لك : لو سمحتم أنا داعية ممكن تقول بيحاول يصلح مصلح على خفيف كده ، لكن أنا مش شيخ . ومش بفتي . وخلي بالك شيخ تودي للفتوى ..
محمود : ( مقاطعا ) يعني أنت مبتفتيش خالص .
عمرو : وأنا حريص أنه أنا أبعد عن هذا اللقب مش عيبا فيه .
محمود : هل الفتوى حتكون مرحلة قادمة في حياتك ؟
عمرو : ( يجيب مسرعا ) لا لا لا مستحيل !
محمود : لا خالص ؟ خالص ؟
عمرو : خالص . تؤ تؤ تؤ . خالص .
محمود : أنت حتظل داعية
عمرو : ( مبادرا ) داعية بيحاول الإصلاح ، للشباب
محمود : بترقيق القلوب
عمرو : وبتوجيههم لمشروعات خيرية ونهضوية
محمود : هو ده حيكون عمرو خالد ، لن يتجاوز الأمر ده اللي هو بدأ بيه
عمرو : لا لن يتجاوز الأمر ده .... .

قلت : لا مرحبا بكذب !
فإنه لا يفتُر يُفتي في كل حين ، وكم من فتوى أفتى بها للشباب الذين يسألونه ، أم يعتبر تلك الأجوبة ، والآراء التي يقدمها من تلقاء نفسه في حلقاته وبرامج التي بدأت – فيما أعلم- قبل إحدى عشرة سنة ، يعتبرها ليست فتوى ؟! [9]
وكيف يرضي لنفسه أن يكون إحدى الشخصيات المعدودة التي ستتكلم إلى الغرب باسم الإسلام ، واختاروه ليسألوه حين يريدون معرفة شيء عن الإسلام ، أليس هذا تصدر فتوى ؟!

وفد نصارى نجران في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

عمرو : طب والإسلام بقى نبيه بيقول إيه ؟ لما تيجي في الآخر وتقول تعالَ أحكي لكم بقى وتدخل بقى في الشريعة الإسلامية ، ونظرة الإسلام للتعامل مع الآخر ، إزاي النبي صلى الله عليه وسلم استقبل وفد نصارى نجران في المسجد النبوي ، طب ما كان يحط لهم خيم بره ... طب لما جم يصلوا وجم الصحابة يطردوهم ، قال لهم لا دعوهم ... وإزاي أنه لجأ لفكرة الحوار ، نقعد نتناقش ، وبعدين قالوا له ابعت لنا حد معانا يفهمنا بس يكون أمين ، فقال لهم سأرسل لكم أمين الأمة ، قم يا أبو عبيدة بن الجراح . راح ... الخ

لا مرحبا بكذب أفحش !

فإن نصارى نجران دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، وقرأ عليهم من القرآن ، ثم كلمهم في شأن عيسى عليه السلام : " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ " [10] ، فلما أصبحوا وقد أبوا عن قبول ما عرض عليهم من قوله في عيسي، وأبوا عن الإسلام دعاهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة : " فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ " [11] ! فامتنعوا ، وأبوا أن يباهلوا ، فصالحهم روس الله صلى الله عليه وسلم على أن يدفعوا الجزية . وأرسل أبو عبيدة أمينا ليقبض مال الصلح .

أما صلاتهم في المسجد ، فقال ابن رجب في الفتح : هذا منقطع ضعيف ، لا يحتاج بمثله . ولو صح فإنه يحمل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تألفهم بذلك في ذلك الوقت استجلابا لقلوبهم ، وخشية لنفورهم عن الإسلام ، ولما زالت الحاجة إلى مثل ذلك لم يجز الإقرار على مثله .
ولهذا شرط عليهم عمر - رضي الله عنه - عند عقد الذمة إخفاء دينهم ، ومن جملة إلا يرفعوا أصواتهم في الصلاة ، ولا القراءة في صلاتهم فيما يحضره المسلمون . ا.هـ [12]

فالخبر لا يصح ، وهو محمول – إن صح – على كون ذلك للمصلحة ، وليس يكون عادة . جاء في فتاى الشبكة الإسلامية [13] :
السؤال
هل يجوز للكفار الصلاة مع المسلمين في المسجد؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 4041 خلاف العلماء في دخول الكافر إلى المسجد، وأما الإذن له بالصلاة فيه فجائز إذا رجيت من ذلك مصلحة كترغيبهم في الدخول في الإسلام وتعريفهم بالعبادة، كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في أحكام أهل الذمة: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنزل وفد نصارى نجران في مسجده، وحانت صلاتهم فصلوا فيه، وذلك عام الوفود بعد نزول قوله تعالى: إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا. فلم تتناول الآية حرم المدينة ولا مسجدها.والله أعلم.

فاستقبال الكفار في المسجد ليس محل اتفاق بين المسلمين ، وليس لهم أن يصلوا صلاتهم التي فيها الكفر برب العالمين بمساجد الله ، وقد ذكرت السير أن اسم أحد الوفد ( عبد المسيح ) !

والنبي صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى الإسلام ، لم يجلس معهم جلسة انفتاحية حضارية ...الخ ، بل استضافهم يدعوهم أن يسلموا ، وحدثهم في شأن المسيح عليه السلام بكلام واضح قوي . فلما امتنعوا دعاهم إلى المباهلة ، ونهايتها أن تكون لعنة الله على الكاذب !

فهل هذا المنهج النبوي هو الذي يرضاه " عمرو خالد " [14] ، أم أن فضيلة الدكتور البحاثة ينتقي من السنة ما يشتهي ويخدم مذهب الذي أشرنا إليه في مقدمة المقال ؟! بل قل : إنه انتقى من واقعة واحدة ما يحلو له ، ودلس بإخفاء ما ينقض ما يدعو إليه . فـ ( من يستدل بقصة وفد نصارى نجران ، الذين بدأهم النبي صلى الله عليه وسلم بدعوتهم إلى دين التوحيد ، وإقامة الحجة عليهم ، وإبطال كفرهم ، ثم دعا إلى مباهلتهم بأنْ لعنة الله على الكاذبين ، ليهلكهم دعاؤُه ، ثم انتهى إلى دخولهم في حُكم الجزية ، من يستدل بهذه القصة على ما يُسمى ( حوار الأديان ) أعني المشروع السياسي المعروف ، فهو أضـل من حمار أهله ، نسأل الله العافية ، من مضلاّت الفتن ، وزيغ القـلوب ، وأن يثبَّتنا على التوحيد حتى نلقاه. ) [15] .

[1] آل عمران 140 .
[2] تفسير السعدي .
[3] تفسير ابن كثير .
[4] في انتظار ظهور ترجمة هذه الرسالة من الإنكليزية إلى العربية للاطلاع عليها . وفكره فيها يمكن تبينه من كلامه في هذا اللقاء ، وكذا من محاضرتين في كندا ، أسأل الله أن يعين على كتابة مقال عن محتواهما ، لما سمعتُ بهما من مصائب خطيرة ، لا تخرج من آحاد المسلمين .
[5] يعني قعد بين يدي المستشرقين وغيرهم يتعلم منهم !
[6] كأن تضع امرأة يدها على كتفه في الاحتفال ، وهو ضاحك ! والسفاهات التي حصلت حينها كثيرة جدا .
[7] هو الغالب ! وابحث عن محاضرة في العقيدة له ، أو في فقه تأصيلي للعبادة ، أو تزكية للنفس على منهج السلف في التزكية . فضلا عن الأخطاء العلمية التي لا تُحصى .
[8] دلع " دكتور " . وللأخ ( خليل الفائدة ) وفقه الله مقالة جميلة ، تسحق القراءة : ما ألذ ثناء الناس .
[9] ومنها فتاواه في المعازف والفن والغناء والحجاب الغير شرعي الذي شرعه هو ، وغيره من الطوام المعروفة . [*] من هو [الآخر] ؟! هي البديل العصري لكلمة الكافر ، فإن الناس مؤمنون وكفار ، وليس في كتاب الله أو السنة أو كلام الصحابة أو لغة أئمة الدين والعلم هذا المصطلح [الآخر] . والمقصود به إخفاء حقيقة ذاك [الآخر] وتهيئة النفوس بهذا الاسم لقبول التنازلات المختلفة .
[10] آل عمران 59 .
[11] آل عمران 61 .
[12] فتح الباري لابن رجب 2/ 439 .
[13] فتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 10 / ص 2571)- رقم الفتوى 72906 حكم الإذن للكافر بالصلاة في المسجد -تاريخ الفتوى : 28 صفر 1427
[14] وعدم رضاه هو الهوى ، قال تعالى : " ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون " ، وقال : " فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم " ، وغيرها من الآيات التي تجعل ترك اتباع الشريعة – هدي النبي صلى الله عليه وسلم – هو الأهواء ، فالوحي في مقابل الهوى دوما في كتاب الله .
[15] ما بين القوسين مقتبس من فتوى للشيخ حامد العلي حفظه الله سُئل فيها عن صلاة وفد نصارى نجران في المسجد .
رد مع اقتباس