عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-27-2009, 09:58 PM
نسيم الفجر نسيم الفجر غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي تفريغ العقيدة 7 للفرقة 3 و 4

 




بسم الله الرحمن الرحيم


تفريغ العقيدة 7 للفرقة 3و4 بفضل الله .

من أول المحاضرة إلى الدقيقة 37:30

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .


كنا قد ختمنا الدرس السابق بالكلام عن الثمرات الأخلاقية والنفسية بالنسبة للإيمان بالقدر . وقلنا بأننا بإذن الله تعالى سنتعرض لإشكالات حول مسألة القدر ، والفرق التي ضلت في هذا الباب .
ولن نعرج كثيرا في ذكر الفِرَق التي خالفت في باب القدر . ولكن سنتعرض لذكر عموم الفريقين المشهورين وهما الجبرية والقدرية وما تفرع منهما . ولكن قبل البدء في هاتين المسألتين ، نتكلم عن نقطة كنا قد وعدنا بالحديث عنها ، ألا وهي نقطة " إذا جاء ذكر القدر فأمسكوا " .
هل هذه العبارة على إطلاقها صحيحة أم لا ؟ . وهي تنسب إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو لا يصح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . ونقول بأن " إذا ذُكر القدر فأمسكوا " هذه ليست عبارة مطلقة . إن صحت لفظة العبارة . ومعناها أي : إذا دخلت المسألة في مسألة الجدال والمِراء فلابد أن نُمسك . فيأتي إنسان يتكلم في مسألة من مسائل القدر فيخلط . ولا يحسن الكلام فيها ، فلابد من الإمساك عن الكلام .
أما الكلام عموما عن القدر ، فالصحابة رضوان الله عليهم قد سألوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ذلك . وأجابهم عليه الصلاة والسلام . فقال : إعملوا ، فكل مُيسر لما خُلق له . وتلا قول الله تعالى {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى }الليل5 {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى }الليل6 {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى }الليل7 {وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى }الليل8 {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى }الليل10

وسنتكلم عن هذه العبارة في نقاط :
ـ النقطة الأولى وهي أن الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان . إذن لابد من الحديث عنه . فحتى تكون مؤمنا بالله تبارك وتعالى لابد أن تكون مؤمنا بالقدر . لذلك عبد الله ابن عمر ـ رضي الله عنه وعن أبيه ـ يقول : لو أن لأحدهم مثل أحُد ذهبا ، فأنفقه ، ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر .

ـ النقطة الثانية أن القرآن الكريم فيه آيات كثيرة في الحديث عن القدر . وكذا أحاديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . فلابد أن تكون هذه الآيات بالنسبة لنا بمثابة بيان واضح يبين أنه لابد من الحديث عن القدر حتى نؤمن به حقا . لقول الله تعالى {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }القمر49 .
وكذلك ورد في حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غيرما حديث مثل الأحاديث التي ذكرناها عن عبد الله ابن عمر وغيره .
كذلك في حديث جبريل المشهور ، الذي هوحديث عمر ـ رضي الله عنه ـ في آخر الحديث يقول النبي عليه الصلاة والسلام " هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم " .
إذن القدر من أمور الدين . وأمور الدين لابد أن تُبيَّن وتوضَّح . بجانب أن الصحابة ، وهم أسلم طريقة {فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ}البقرة137 ... أي يا صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وهم قد سألوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ذلك . لذلك ما جاء في حديث سُراقة ابن مالك ، كما في صحيح مسلم ، من أنه قال : يا رسول الله ، بين لنا ديننا كأنا خُلقنا الآن .
فيم العمل اليوم ؟ .. أفيما جَفَّت الأقلام وجرت المقادير أم فيما يُستقبل ؟ .
فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : لا . بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير . قال : ففيم العمل؟
قال : اعملوا ، فكل ميسر لما خُلق له . ( وفي رواية : اعملوا ، فكل مُيسر لعمله ) .

وهذا النهج الذي نهج به الصحابة . وما كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يحصل الخطأ ويقف عن التنبيه عليه . وهذا يسمى في السنة التقريرية . السنة إما قول أو فعل أو تقرير أو صفة . فهذه من السنة التقريرية . سواء كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شاهدا لحادثة أو غير شاهد .( موجود أو غير موجود ) ما دامت أنها في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فالصواب أنها من سنته . سواء رآها ـ صلى الله عليه وسلم ـ أم لم يرها ، في أمور العقائد أو في غير أمور العقائد ، كأمور الفقه مثلا .
فعندنا مثلا حديث في الصحيحين ، حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مر بأثان فتركها ترتع بين الصفوف . ثم دخل في الصف . والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ
كما في صحيح مسلم ، من حديث عبد الله ابن الصامت عن أبي ذر ، فيه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر بطلان صلاة من مر أمامه الكلب الأسود والحمار والمرأة . قال : فإنه يقطع صلاتك الكلب الأسود والحمار والمرأة .( وفي رواية : الحائض ) .
الإمام البخاري بوبه " سترة الإمام سترة المأمومين " . الشاهد في المسألة أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان موجودا في هذه الحادثة ، لكن لم يرها . ونجعل هذا من سنة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ

ثم كذلك الصحابة نهجوا على هذا النهج . وعلموا التابعين الإيمان بالقدر والكلام عن القدر . فهذا أيضا من نهج الصحابة ومن تبعهم إلى يوم الدين .
لذلك جاء في صحيح مسلم أن أبا الأسود الدؤلي واسمه ظالم ابن عمرو قال : قال لي عمران ابن الحصين : أرأيت ما يعمل الناس اليوم ؟ . ويكدحون فيه . أشيء قُضي عليهم . ومضى عليهم من قدَرٍ ما سبق ؟ أو فيم يُستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم ؟ .
فقلت ( أي عمران ابن حصين ) : بل شيء قُضي عليهم .
قال : فقال : أفلا يكون ظلما ؟ .(أليس أمر انتهى ؟ ) .
قال : ففزعت من ذلك فزعا شديدا . قلت : كل شيء خلْق الله . ( أو خلَق الله) ومِلْك يده . فلا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون .
فقال لي : يرحمك الله . إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزر عقلك . ( لأعرف مدى تقديرك لهذا الأمر . فكأنه يريد أن يختبر قدرة عقل عمران ابن الحصين . وهو الصحابي الجليل الذي تخرج من مدرسة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي أعظم مدرسة على الإطلاق .
وطبعا هذا الأثر موجود في صحيح مسلم في باب القدر .

العلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ نهجوا هذا النهج أيضا . وبدؤوا يعلمون الناس الإيمان بالقدر . فهم في ذلك لم يمسكوا وإنما بينوا .
الأمر الذي يليه هو أننا لو تركنا الناس هكذا يمشون على عقيدة بعض المشركين وبعض المنحرفين عن العقيدة ، ونقول : نحن نمسك عن الكلام في القدر . هذا ليس بصحيح . لابد من تعليم الناس دينهم .

وأما ما جاء من حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : إذا ذُكر القدر فأمسكوا ... هذا من كلامه هو . لقد تكلم فيه أهل العلم ـ رحمهم الله ـ . وعلى فرض الصحة ، فالمقصود في حال الجدال والمراء ، لابد من السكوت . وهذا الذي سبق وتكلمنا عليه . أن الإنسان لا يجر نفسه إلى المناظرات والمناقشات . لكن إن تهيأ لك المكان لتبين وتوضح عقيدة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ
فلابد أن تبين وتوضح . وإذا رأيت الخطأ واستطعت أن تبين ، فلتبين لزوما ووجوبا عليك .
وهذا الأثر رواه بعضهم رفعا ووقفا من كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وبعضهم رواه من كلام ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ .
لكن الصواب أنه لا يصح مرفوعا ولا موقوفا . لكن بعضهم صححه وقفا عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ . والذي حسنه مثل العراقي وحسنه بعض المعاصرين كالشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ بشواهده .
لكن الصواب فيه أنه لا يصح عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سواء من حديث عبد الله ابن مسعود أو من حديث ثوبان .

جاء عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه غضب غضبا شديدا عندما خرج على أصحابه يوما وهم يتنازعون في القدر . هذا الحديث هو الذي يوضح المعنى . " إذا ذكر القدر فأمسكوا " على فرض الصحة .
.. قال : حتى احمر وجهه ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى كأنما فُقِئ في وجنتيه حب الرمان .
فقال : أبهذا أمِرتم ؟ . أم بهذا أرسِلتُ إليكم ؟ . إنما أهلَك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر . عزمتُ عليكم ألا تنازعوا فيه .
فهذا الحديث أوضح المعنى من أنه " إذا ذُكر القدر .. " على فرض الصحة . هذا عند الترمذي .

فجاء عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ من حديث عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لا تُجالسوا أهل القدر . ولا تفاتحوهم " .

أنا أقول بمجموع الطريقين ، الحديث صحيحا لغيره ، إنما يكون حسنا لغيره . وهو عند أبي داوود والإمام أحمد . لكنه من حديث عمر كما ذكرت .

إذن يتبين لنا على فرض صحة حديث ابن مسعود ، سواء صح موقوفا أو مرفوعا ، أن المعنى يفسره الحديث الآخر . وأنه محمول على الجدال والمِراء والتنازع . فإذا ذكر القدر بهذه الحالة ، فلابد من الوقوف .

إذن فالخوض بلا علم ولا دليل ، الإنسان منهي عنه . حيث قال الله تعالى :
{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }الإسراء36

وكذلك قال الله تعالى للمجرمين :
{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ }المدثر42 قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ{43} وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ{44} وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ{45} وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ{46}
هذا يدخل في الخوض والمراء والجدل .

الأمر الأول قلنا أن هذا يعتبر خوضا بلا دليل .
الأمر الثاني الذي نستنتجه أيضا من الجمع بين الحديثين أنك منهي عن الخوض في شيء بعقلك المجرد . وهي تابعة للنقطة الأولى . فالإنسان عندما يتكلم بعقله منفردا فكانه يتكلم بغير علم .

والأمر الثالث وهو الذي يُفهم أيضا من الحديث هو التسليم بقدر الله تعالى . فإذا جاءك إنسان يتكلم ويقول : لماذا يبتليني الله عز وجل دائما وأنا كذا .. ؟ .. فأنت تبين له الصواب في هذه المسألة . لكن أنك تحاول أن تتكلم معه بدون علم في هذه المسألة ، فهنا لابد أن تمسك وأن تقف حتى لا تقع في المصيدة . تقول له : تعالى نسأل أهل العلم .

الأمر الذي يليه وهو أن القدر سر الله عز وجل في خلقه . الله عز وجل يعلم عنك أنك ستفعل كذا وكذا وكذا . وأنت لا تعلم ماذا ستفعل أو ماذا سيحصل لك . إذن حينما تتكلم عن شيء مستقبل ، هذا لا ينفع . فلابد أن تمسك عن مثل هذا الأمر .
وكذلك أن تعاتب فيما مضى ، كأن تقول : لو وليت وما إلى ذلك ، هذا أيضا لابد من الإمساك عنه .

الأمر الآخر وهو الأسئلة الاعتراضية مثلا التي تُقال بأنها إستفزازية . فيستخدمها البعض ربما بعلم أو بدون علم ليسأل في مسألة معينة من حول مسائل القدر . فقد يؤدي إلى إلقاء شبهة في متحدث ومُلقي . فلا تتكلم ولا تسأل سؤالا إلا أيض بعلم . إلا إذا أشكل عليك ، وأنت واقع في مشكلة ، فلا مانع من أن تتكلم . لكن شيئا لست واقعا فيه ، فلا تسأل .
وكذلك أيضا إذا حصل هذا الخطأ في بعض أقرانك مثلا . فتسأل ، لا إشكال .
لكن الافتراض العقلي ، لربما حصل له كذا .. لربما جرى له كذا .. هذا أنت منهي عنه أيضا .
وكذلك لا سيما في أفعال الله عز وجل : تخيل أن الله تعالى فعل كذا ! .. إذن أنت الآن تتكلم عن شيء من الغيبيات .
ويُفهَم منه أيضا التنازع في القدر . بدأت المسألة تشتد وخرجت عن نقاش علمي إلى تنازع بتراشق السباب والشتائم ، فلابد من الوقوف . أما النقاش مع بعض الفرق الضالة إذا كان عالما يتقن ويستطيع أن يحاججهم ودعت الضرورة لذلك وعلم ولو بنسبة بسيطة أنه قد يكون لكلامه حلاوة في قلوبهم وسببا في هدايتهم .
هذه المسألة هي التي أحببت في البداية أن أشير إليها على أني قد وعدت بالحديث عنها .

س/ ..... ؟
ج/ المسألة ليست بالتوسع . فقط أنت تريد أن يؤمن الناس بالقضاء والقدر . فما هو السبيل لذلك؟ .. السبيل بالبيان الشافي الواضح بدون استطرادات . إذا سأل مستفهم عن مسألة تحصل له أو لبعض أقرانه أو أقاربه مثلا ، فتجيبه وتتكلم معه وتناقشه حتى يصل إلى الطريق الصواب.
ولا بأس أن تناقش بعض الفرق الضالة لبيان المذهب الصحيح . لكن يجب أن تكون عالما بالمسألة لا تخرج إلى حد المنازعة والسباب والشتائم ، كما يحصل الآن، لا سيما في المسائل البسيطة .
وإن كان الدين كله مسائل كبيرة لكن هذا في نظر العموم .
على العموم ، يجب على الإنسان أن يزن الأمور بموازينها وقدرها . أنت تنظر إلى المفسدة والمصلحة . فأنت مثلا في مسجد كلهم على هذا النهج . إن أشرت فقط إشارة بخطئهم فسيشيرون إشارة بهلاكك ! .. المهم أن الأمور توزن بموازينها . ودائما الذي ينجيك هو قربك من الله عز وجل في هذه الأمور .
هو يريد أن يغير . ليس ليقول لهم أنتم خطأ . أنت تريد أن تبين لهم ما هو الصواب . لكن لا تقل لهم هذا خطأ أو هذا صواب ، هذا لا يهمك . المهم أن يكونوا على النهج . وهذا كل داعية يشعر به . يجد الشر يتألم ويحمل الهم . نحن نتكلم عموما . نقيس المفاسد والمصالح . لكن أحيانا يجري الله على لسانك الخير في مواطن يكون الظاهر فيها أنك ستهلك . وغلام الأخدود كان بهلاكه نجاة أمة . طبعا نجاتهم من نار الآخرة . فأنت قس المفاسد والمصالح واقترب من الله عز وجل ستجد أنه تعالى يجري على لسانك الخير . ودائما يكون مع العلم والدعوة خشية الله عز وجل .
قال الله تعالى :
{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً }الأحزاب39
قورن بين تبليغ الرسالة وخشية الله عز وجل . وهذه فيها فائدة عظيمة جدا . فحتى تكون داعية ناجحا ، لابد أن تكون ممن يخشى الله تبارك وتعالى إلى جانب أنك تعبد وتدعو على بصيرة .

إنما الأعمال بالخواتيم . مثلا إنسان مسلم في حياته . لكنه ، نسأل الله السلامة والعافية ، كفرقبل أن يموت ، هل يُعامَل على أنه مسلم ؟ .
واحد في الدراسة مجتهد جدا . وجاء في الامتحان وأخطأ في الإجابة ، هل تكتب له ناجح ؟ . ولربما أنت تعلم عنه أنه إنسان ذكي مجتهد ومذاكر ، لكن لا محاباة . أنا أصلا أقومك على الاختبار الذي أمامي . " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس ... "
إنما الأعمال بالخواتيم ، هذه رواية تفرد بها البخاري .
لكن "فيما يبدو .. " في الصحيحين من حديث سهل ابن سعد .
الشاهد في المسألة أن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة ، لو تحذف عبارة " فيما يبدو للناس " مثلا تقرأ حديث أبي مسعود " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيصدق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها " .

إذن أنت الآن في حيرة .الآن هذا الرجل يعمل بعمل أهل الجنة . إذن الآن الله عز وجل قلب قلبه ، فكان على الشر والعياذ بالله . فيتبادر إلى ذهب الجبري ، وليس المسلم الموحد ، بأن هذا ظلم . أو هذا أمر جبره الله عز وجل عليهم .

س/ .... ؟
ج/ لأنك تعلم أنك مفتقر إلى الله عز وجل . ولو شاء الله لجعلكم على الهدى . ولو شاء الله لجعلكم على الضلالة . سواء كنت مهتديا أو غير مهتدي . يستطيع الله عز وجل أن يفعل ذلك أم لا ؟ .. يستطيع . لذلك أنت تدعو الله تعالى . وهو من عدله سبحانه وتعالى أنه يضعك في أي حالة . فالإنسان بفقره وذله لا نقول أنه يدخل الجنة إلا برحمة من الله عز وجل .
الله تعالى يتفضل علينا . يمن علينا بأن يجعل من عبادة من هم في أهل الجنة . هذا يظهر في حديث آخر من يدخل الجنة من المسلمين . ففيه تفضُّل من الله تبارك وتعالى عليه . هذا هنا الشاهد
في حديث : يا مقلب القلوب .. أو يا مصرف القلوب على خلاف الروايتين .
فلأنك تعلم أن الله عز وجل هو الذي يملك قلبك . والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقول : إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن ، في حديث ك يا مصرف القلوب .
ويقول أيضا في حديثه الآخر " القلوب كريشة في فلاة . يقلبها الله تبارك وتعالى كما يشاء " .

إذن ، الله تبارك وتعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو سبحانه على كل شيء قدير .

لذلك أنت تتوسل إلى الله تبارك وتعالى أن يبقيك على الإيمان ... فهل هذا توسل محض بدون عمل ؟ .. لا أنت تبين وتُظهر ما يدل على صدقك لله تبارك وتعالى . أنا أدعو وكذلك أبذل .
سنتكلم عن هذه المسألة في الاحتجاج بالقدر التي معنا الآن . لذلك شيخ الإسلام ابن تيمية يقول:
وليس لأحد أن يحتج بالقدر على الذنب .
طيب ، لو أتى واحد مثلا ، واستدل بالحديث في الصحيحين ، حديث محاججة آدم لموسى . فحاج آدم موسى . ( دائما يكون عدم فهم النصوص هو الذي يؤدي إلى الانحراف والضلال نسأل الله العافية ) .. أنت لابد أن تقرأ الحديث كاملا .
الشاهد في الحديث أن موسى عليه السلام يقول لآدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام :
ـ أنت الذي أخرجتنا من الجنة . ( ولم يقل له أنت الذي فعلت معصية كذا وكذا . وإلا لو قال له أنت الذي فعلت معصية كذا وكذا ، لقيل له : وأنت الذي فعلت معصية كذا وكذا . فالكلام ليس في المعاصي ) .. فنقول هنا أنه لم يتكلم معه في مسألة الذنب إنما تكلم معه في الإخراج من الجنة .
والإخراج من الجنة من فعل من ؟ .. هل آدم هو الذي أخرجنا من الجنة ؟ .. فقال :
ـ أتلومني على أمر قد قدره الله علي ؟ . ( الذي هو الخروج من الجنة . وليس الذنب ) . فحج آدم موسى . ( نكمل بعد الصلاة ) .
التوقيع

كروت أمنا هجرة تغمدها الله برحمته