عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 02-11-2009, 05:15 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي



وثانيًا: لأنَّ هذه مشروعة فكيف تكونُ بدعة؟!

يعني الذي قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ-
: «إِنِّي أخشى أنْ تُفْرَضَ عليكم»، هو الذي قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ-
«كُلُّ بدعةٍ ضلالة», فلا تناقضَ بين قولِ النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ في الحالتين.

النّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ إنما قَرَّرَ ذلك سُنَّةً مِنْ سُنَنِهِ،
وإنما امتنعَ عن الإتيانِ بها لِعِلَّةٍ بَيَّنَها الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فلما انتفى المانعُ نعودُ إلى الأصل الذي أصَّلَهُ لنا نبيُّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ.


فإذا قال عمر: «نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ»
يعني: أنها لم تكن مستفيضةً على عهدِ النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
ولم تكن في خلافةِ أبي بكر رضوان الله عليه, فأَتَى بالمعنى اللُّغوي للبدعة،
والبدعةُ في اللغة تَعُمُّ كلَّ ما فُعِلَ ابتداءً من غير مثالٍ سابق،
وأمَّا البدعة الشرعية: فما لم يدل عليه دليلٌ شرعيٌ مِنْ كتابِ اللهِ
ولا مِنْ سُنَّةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ.
إذا كان ذلك كذلك فقولُ عمر رضوان الله عليه
من قَبِيلِ الأخذِ بالأخذ اللُّغوي الأول على شُمُولِهِ.

وإطلاق معنى البدعة بالمعنى اللغوي أشملُ وأعم من إطلاقها بالمعنى الشرعي،
قال ابن رجب رحمه الله : «ما وقع في كلام السَّلف من استحسان بعض البدع,
فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية». «في البدع اللغوية»
يعني: بالمعنى اللغوي لا في المعنى الشرعي.


بعضُ البدع تشبه ما يسمى عند العلماء بـ (المصالح المُرْسَلَة)،

وشتّان ما بينهما، المصلحة المرسلة: هي المعنى الملائم لتصرفاتِ الشرعِ
الذي لم يأتِ دليلٌ معينٌ باعتبارِهِ ولا بإلغائِهِ، ولذلك سُمِّيت - هي موافقةٌ لمقاصد الشرع,
ولم يأتِ دليلٌ بالإلغاء ولم يأتِ دليل بالإثبات، ومن هنا قيل لها - (مُرْسَلَة)،
يعني: لا هي مَلْغِيَّة ولا هي مُثْبَتَة, وإنما هي مُرْسلة.


مثل: جمعُ الأصحابِ رضوان الله عليهم لكتابِ اللهِ تبارك وتعالى
بعد موتِ النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فهذه لا يُقال إنها بدعة،
ولكنها من قَبِيلِ ما يُسَمَّى بـ (المصالح المرسلة).


قد يُقال في المسائل المتعلقة بعيد ميلاد النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
هل تمنعون ذكرَ اللهِ وقراءةَ سيرةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
والجواب:
ذكرُ اللهِ ومعرفةُ سيرة النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أعظمِ القُرُبَاتِ وأفضلِ الطاعاتِ،
وذلك يُحَضُّ عليه ويُرَغَّبُ فيه, وموطنُ النزاع إنما هو تخصيصُ ذلك بيومٍ في السَّنَةِ
من غير ما مُخَصِّص، مع الكيفيةِ المُحْدَثَةِ والمخالفاتِ المبتدعة.

وقد يُقال : قال ابن الجزري: «رُئِيَ أبو لهب في المنام فقيل له: كيف حالُك؟
قال في النار، ولكنه يُخفف عنه كل ليلة اثنين؛ لأنه فَرِح بِمَولِدِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وأعتقَ جاريتَهُ ثُوَيْبَة», فيقولون: مادام هذا حال الكافر استفاد
بسبب فَرَحِهِ برسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فكيف حالُ من يفرح ويحتفلُ بعيدِ ميلادِهِ
كلَّ عام وهو مسلمٌ يعبدُ اللهَ تبارك وتعالى؟

الجواب:
هذا الدليلُ أوهنُ من بيت العنكبوت، بل هو هباء، الرائي الذي حَكَى عنه
ابنُ الجزري مجهول! والمرويُّ عنه كافر! فأيُّ إسناد هذا؟!
ومتى كانت الأحلامُ دليلًا على إثباتِ حكمٍ شرعي؟!

وأيضًا: هذا الفرح الذي أتى من أبي لهب فَرَحٌ جِبِلِّي؛
لأنه فَرِحَ بأن رُزِقَ أخوه - الذي مات وترك امرأته حاملًا أنْ رزق -
بمولودٍ ذَكَر، فهذا فَرَحٌ جِبِلِّي، ولذلك لم يَفرح بِبَعْثَةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
بل حاربَهُ أشدَّ المحاربة, وعانده أشدَّ المعاندة -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ-.


رد مع اقتباس