عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 11-21-2011, 02:12 PM
أبو مسلم التونسي أبو مسلم التونسي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي الخلط بين المصطلحات و الاستسهال في الشرح

أختي الفاضلة أمّ عبد الله وددت لو أنّك قدّمت مثالا حيّا حول الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الذي يشير إليهما الحديث مع أنّه لم يرد فيه التنصيص صراحة على ذينك الأمرين حيث وقع الافتتاح بـ{مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا..}
فالحديث يمثّل بين القائم على حدود الله و بين الواقع فيها فكان على الشارح أن يقدّم أمثلة من الحاضر أو من التاريخ تجعل القارئ يميّز بوضح و دون التباس الفرق بينهما عوض أن يرادف حدود الله بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر خاصّة و أنّ المصطلحين وردا في القرآن مستقلّيْن..
لا أدري هل الخلط بين المصطلحات هو استسهال متعمّد من طرف البعض للتنصّل من مسؤولية محاربة البدع و التحريفات تجنّبا للصّدام مع المتزمّتين أم هو جهل موروث أدّى بنا إلى عدم التّحيين أو التحقيق في ما ساد و شاع و ما جرى على الألسن فأفضى إلى الانحطاط و التخلّف؟
فكم هي المصطلحات الشرعية التي وقع تغييبها أو حجبها بمصطلحات بديلة و كأنّي بهذا الفعل يدخل في باب تحريف الكلم من بعد مواضعه.
ضمن أحاديث رسول الله عبارات لا تتطابق مع القرآن و الأغلب على الظنّ أنّها من تحريف الرواة كون الرسولمأمورا باتّباع الوحي و بإبلاغه باللسان العربي المبين و بتأصيل المصطلح زد على ذلك أنّ المأثور عنه الفصاحة و دقّة التعبير و جوامع الكلم و الظاهر أنّ أثر هذا التحريف امتدّ إلى كتب الفقه أين توجد عناوين لا تتطابق مع القرآن و لعلّ واضعيها كانوا على حسن نيّة و حتّى لو كانوا كذلك فشيء من الإثم يلحقهم كونهم انساقوا وراء لغة المستعربين فلم يحقّقوا بالقدر الكافي في ما يسمعون صارفين جلّ الجهد في علوم الجرح و التعديل همّهم الأوحد وصل الحديث رأسا برسول الله مسجّلين ضعفا في التحقيق في عبارته و ذاك انعكاس عدم أخذ الكتاب بقوّة فسنّوا سنّة التساهل في تقبّل العبارة الشيء الذي جرّأ البعض الخلف على تفسير القرآن بالمرادف الشيء المعدوم في جميع لغات الشعوب فلا (الله) تفسّرها (الرب) و لا (الشيطان) تفسّرها (إبلبس) و لا (الرسول) تفسّرها (النبي) و لا (البغيّ) تفسّرها (الزانية) و لا {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} تفسّرها {طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} و لا (ركل) تفسّرها (لكم)..
كما امتدّ ذلك التساهل إلى الاستخفاف به و معاملته كنصّ بشريّ حتّى صار ينشر برسم الإملاء غير الموقوف على رسول الله الذي شاعت تسميته بالرسم "العثماني" بدعوى التيسير على المتعلّمين من صبيان و أعاجم إلاّ أنّه فاتهم أنّ ذلك الرسم هو الذي أملاه الرسول على كتبة الوحي و الذي يعبّر عنه بالرسم "التوقيفي" كونه يتضمّن أبعادا من البيان يغني عن تعدّد التفاسير و يقطع الطريق على تعدّد القراءات المؤدّية إلى تحريف الكلام عن مواضعه..
إنّ مبرّرات ذلك النشر سخيفة و ساذجة إن كانت عن حسن نيّة و مخادعة إن كانت عن غيرها فأيّهما أيسر:
· تعليم الصبيان و الأعاجم تهجّي الرسم العثماني كونهم قادرين على تعلّم كتابات معقّدة و مشفّرة كالصينية أو اليابانية أو العبرية أو الروسية أو غيرها...؟
· أم تعمّد تحريف ذلك الرّسم بدعوى تيسير القراءة و تقريب المصحف من المتعلّمين و من المؤلفة قلوبهم؟
كيف أجاز العلماء و أولو الأمر ذلك النشر و من هم الدهاة الذين أقنعوهم بذلك؟ أم سيرفع العلم بموت الراسخين فيه؟
هل عندما نقرأ، على سبيل المثال، في مطلع سورة البقرة:
· بالرسم الإملائي: {ذَلِكَ الْكِتَابُلَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ }
· بالرسم العثماني: {ذَلِكَ الْكِتَـ اـبُلَا رَيْبَu فِيهِu هُدًى لِلْمُتَّقِينَ }
ألا نلاحظ فرقا بين الرسمين:
1. على مستوى رسم{ الْكِتَـ اـبÜ}
2. على مستوى التنغيم { رَيْبَu فِيهِu} ؟
فرسم { الْكِتَـ اـبُ } بتلك الصورة (فصل الإشباع عن التاء مع تثبيته في محلّه مصغّرا) له مغزى حيث يتيح قراءة اللفظ بصيغتين:
1. الكتاب
2. الكتب
و بالتالي الجمع بين القراءتين يؤدّي إلى أنّ القرآن هو صنو للكتب السابقة و مصدّق لها خاصّة و أنّه أشير إليه باسم الإشارة الدّال على البعد {ذَلِكَ}.
و وجود النقاط الثلاث في شكل مثلث قبل {فِيهِ} و بعده تتيح الوقف بعد {فِيهِ} ثمّ استئناف القراءة نظريا منه دون التلفّظ بذلك حتّى يدرك القارئ أنّ القرآن {لَا رَيْبَ فِيهِ} أنّه كلام الله و ليس من تأليف محمّد و أنّ {فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}..
فالرسم الإملائي يجرّد القرآن من تلك الجزئيات الهامّة و التي لها أبعاد خطيرة يستخفّ بها غير الراسخين في العلم ظنّا منهم، إن أحسنا الظنّ بهم، أنها مجرّد زخرفة لا تأثير لها على المضمون.
فهل يمكن لقصير النظر الاستغناء على النظّارات الطبّية؟
ألا يكون ذلك تحريف لكلام الله{مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ
رد مع اقتباس