عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 09-20-2012, 01:02 AM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

أنبياء الله في القرآن العظيم
(أدم عليه السلام)
وبعض آيات من سورة الأعراف

كيف أقنعهما الشيطان بمخالفة أمر الله تعالى ؟؟

هذا ما نراه اليوم إن شاء الله تبارك تعالى.

وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ – 21 فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ – 22
قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ – 23


ونسي آدم وزوجه - تحت تأثير الشهوة الدافعة والقسم المخدر - أنه عدوهما الذي لا يمكن أن يدلهما على خير .. وأن الله أمرهما أمراً عليهما طاعته سواء عرفا علته أم لم يعرفاها ! وأنه لا يكون شيء إلا بقدر من الله , فإذا كان لم يقدر لهما الخلود والملك الذي لا يبلى فلن ينالاه ..

نسيا هذا كله , واندفعا يستجيبان للإغراء..
تحت تأثير القسم والخديعة بالنصيحة ونسيا أن ذلك الشيطان عدو لئيم ..استغل نقاء الفطرة الطاهرة التي لا تتصور أن يقسم مخلوق بالله تعالى وفي نفس الوقت هو كاذب أثيم..
قال تعالى في سورة ن :
وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ...

أي: كثير الحلف، فإنه لا يكون كذلك إلا وهو كذاب، ولا يكون كذابًا إلا وهو ﴿ مُهِينٌ ﴾ أي : خسيس النفس ، ناقص الهمة ، ليس له همة في الخير، بل إرادته في شهوات نفسه الخسيسة.

*******

فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ..


لقد تمت الخدعة وآتت ثمرتها المرة . لقد أنزلهما الشيطان بهذا الغرور من طاعة الله إلى معصيته , فأنزلهما إلى مرتبة دنيا : ( فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ )

ولقد شعرا الآن أن لهما سوآت , تكشفت لهما بعد أن كانت مواراة عنهما .

( فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ )

فراحا يجمعان من ورق الجنة ويشبكانه بعضه في بعض ( يخصفان ) ويضعان هذا الورق المشبك على سوآتهما - مما يوحي بأنها العورات الجسدية التي يخجل الإنسان بفطرته من كشفها , ولا يتعرى ويتكشف إلا بفساد في هذه الفطرة التي تصنعها شياطين الإنس والجن في كل عصر منذ النشأة الأولى للإنسان ...

وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ..

وسمعا هذا العتاب والتأنيب من ربهما على المعصية وعلى إغفال النصيحة .
وأمام النداء العلوي يتكشف الجانب الآخر في طبيعة هذا الكائن المتفرد . .

إنه ينسى ويخطئ . إن فيه ضعفاً يدخل منه الشيطان . إنه لا يلتزم دائماً ولا يستقيم دائماً . .
ولكنه يدرك خطأه ; ويعرف زلته ; ويندم ويطلب العون من ربه والمغفرة . . إنه يثوب ويتوب , ولا يلح كالشيطان في المعصية , ولا يكون طلبه من ربه هو العون على المعصية...كما فعل إبليس..

*******

قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ – 24
قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ – 25

وهبطوا جميعا . . هبطوا إلى هذه الأرض
هبطوا ليصارع بعضهم بعضاً , وليعادي بعضهم بعضاً ; ولتدور المعركة بين طبيعتين وخليقتين : إحداهما ممحضة للشر , والأخرى مزدوجة الاستعداد للخير والشر ; وليتم الابتلاء ويجري قدر الله تعالى بما شاء .

********

وتتبين لنا من الآيات السابقة عدة حقائق..

الحقيقة الأولى
الإنسان وعلاقته بالكون

نحن - بحمد الله وبهداه - ننظر إلى هذا الكون الهائل فلا نشعر بالذعر والهلع الذي يقول عنه بعض فلاسفة الغرب..
إنما نشعر بالرهبة والإجلال لبارىء هذا الكون ; ونشعر بالعظمة والجمال المتجليين في خلقه ; ونشعر بالطمأنينة والأنس , لهذا الكون الصديق , الذي أنشأه الله وأنشأنا فيه عن توافق وتنسيق . . وتروعنا ضخامته كما تروعنا دقته , ولكننا لانفزع ولا نجزع , ولا نشعر بالضياع , ولا نتوقع الهلاك . . فإن ربنا وربه الله . .
ونتعامل معه في يسر ومودة وأنس وثقة ; ونتوقع أن نجد فيه أرزاقنا وأقواتنا ومعايشنا ومتاعنا . . ونرجو أن نكون من الشاكرين..

قال تعالى في سورة الأعراف

( ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش . قليلا ما تشكرون -10 ). .

********
الحقيقة الثانية
تكريم الإنسان في هذا الكون

لقد أُعلن ميلاد هذا الكائن المتفرد الميلاد في حفل كوني كان شهوده الملأ الأعلى .
وأعلن ميلاده الجليل العظيم في هذا الملأ وفي الوجود كله . .
وفي الآية الأخرى في سورة البقرة أنه أعلن كذلك خلافته في الأرض منذ خلقه ; وكان الابتلاء الأول له في الجنة تمهيداً وإعداداً لهذه الخلافة . كما تعلن الآيات القرآنية في سور متعددة , أن الله جعل هذا الكون - لا الأرض وحدها - عوناً له في هذه الخلافة . وسخر له ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه . .

وكذلك تظهر ضخامة الدور الذي أعطاه بارئه له . فإن عمارة كوكب وسيادته بخلافة الله فيه - أياً كان حجم هذا الكوكب - إنها لأمر عظيم..

والذي يتضح من القصة ومن مجموعة النصوص القرآنية أنه كذلك خلق متفرد لا في الأرض وحدها , ولكن في الكون كله .

فالعوالم الأخرى من ملائكة وجن وما لايعلمه إلا الله من الخلق ; لها وظائف أخرى , كما أنها خلقت من طبائع أخرى تناسب هذه الوظائف .

وتفرد الإنسان وحده بخصائصه هذه ووظائفه .

يدل على ذلك قول الله تعالى :
( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها , وحملها الإنسان , إنه كان ظلوماً جهولا – 72 الأحزاب ). .


**********

الحقيقة الثاثة
ضعف الإنسان في بعض جوانبه

أن هذا الكائن - على كل تفرده هذا - ضعيف في بعض جوانب تكوينه , حتى ليمكن قيادته إلى الشر والارتكاس إلى الدرك الأسفل , من خطام شهواته . .

وفي أولها ضعفه تجاه حبِّ البقاء , وضعفه تجاه حب الملك . .
وهو يكون في أشد حالات ضعفه وأدناها حين يبعد عن هدى الله , ويستسلم لهواه , أو يستسلم لعدوه العنيد الذي أخذ على عاتقه إغواءه , في جهد ناصب , لايكل ولا يدع وسيلة من الوسائل ..

وقد اقتضت رحمة الله به - من ثم - ألا يتركه لفطرته وحدها , ولا لعقله وحده , وأن يرسل إليه الرسل للإنذار والتذكير - كما سيجيء في آية تالية ...
وهذا هو حبل النجاة بالنسبة له . . . النجاة من شهواته بالتخلص من هواه والفرار إلى الله . والنجاة من عدوه الذي يخنس ويتوارى عند ذكره لربه , وتذكر رحمته وغضبه , وثوابه وعقابه . .

وهذه كلها مقويات لإرادته , حتى يستعلي على ضعفه وشهواته . . وقد كان أول تدريب له في الجنة هو فرض "المحظور" عليه ; لتقوية هذه الإرادة وإبرازها في مواجهة الإغراء والضعف .

وإذا كان قد فشل في التجربة الأولى , فقد كانت هذه التجربة رصيداً له فيما سيأتي ...

ومن رحمة الله به كذلك أن جعل باب التوبة مفتوحاً له في كل لحظة .

فإذا نسي ثم تذكر ; وإذا عثر ثم نهض ; وإذا غوى ثم تاب . . وجد الباب مفتوحاً له , وقبل الله توبته , وأقال عثرته .

فإذا استقام على طريقه بدل الله سيئاته حسنات , وضاعف له ما شاء . ولم يجعل خطيئته الأولى لعنة مكتوبة عليه وعلى ذريته .
فليست هنالك خطيئة أبدية . وليست هنالك خطيئة موروثة - ولا تزر وازرة وزر أخرى .

وهذه الحقيقة في التصور الإسلامي تنقذ كاهل البشرية من أسطورة الخطيئة الموروثة التي تقوم عليها التصورات الكنسية في المسيحية ..

إن الأمر في التصور الإسلامي أيسر من هذا بكثير . .

لقد نسي آدم وأخطأ . . ولقد تاب واستغفر . ولقد قبل الله توبته وغفر له . . وانتهى أمر تلك الخطيئة الأولى . ولم يبق منها إلا رصيد التجربة الذي يعين الجنس البشري في صراعه الطويل المدى . .

أية بساطة ! وأي وضوح ! وأي يسر في هذه العقيدة ! ؟؟؟

عقيدة الإسلام الواضحة


********

دمتم في رعاية الله وأمنه
وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس